بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،
فما الحكمة من رحلة الإسراء والمعراج؟
يقول الله تعالى: (لنريهُ من ءاياتنا).
الآية الأولى: المجاهدين:
فرأى قوم يرعون فى يوم ويحصدون فى يوم ، وكلما حصدوا عاد كما كان ، فقال: ياجبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شئ فهو يُخلفه. (الذرة مدة زراعته 4 شهور ، القطن 6 شهور).
هو رأى المجاهدين – لم يوجد بعد جهاد – لأن الجهاد بدأ فى المدينة وكان الرسول وأصحابه ينضربوا ويتشتموا ولا حد يرد منهم.
لماذا رأى المجاهدين؟؟
لكى يفهمه الله أن هناك جهاد سوف يأتى أستعد أنت والصحابة ، الإسلام ليس أكل وشرب وينام مثل البهائم – لا المسلم عليه أن يُعلى كلمة الله ولو مات فى سبيلها.
الآية الثانية: الذين لا يصلون ما هو عقابهم ؟
ثم أتى على قوم ترضخ (تكسر) رءوسهم بالصخر – كلما رضخت عادت كما كانت قال: أعوذ بالله من هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة لم يصلوا.
الآية الثالثة: مانع الزكاة:
ثم أتى على قوم على أدبارهم رقاع وعلى أقبالهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام إلى الضريع والزقوم ورضف جهنم (حجارتها المحماة).
رأى ناس ماشين على أيديهم وأرجلهم كالبهائم والعورة ظاهرة إلا من خرقة بسيطة – والملائكة تأكلهم الأحجار المحمية فى جهنم.
كم من واحد وواحدة منعت الزكاة – لايطلع زكاة أموال ولا زكاة أموال زراعة عنده رز- قمح – وربنا سيبه. فإما أن يموت ويأخذ الوزر كله على ظهره والورثة يتمتعون بأمواله والحساب على دماغه هو ، وإما أن الله سوف يخرب بيته قبل الموت ويرى سوء المنظر فى الأهل والمال والولد.
مع أن الزكاة لم تشرع فى ذلك الوقت ، فرضت فى السنة الثانية من الهجرة فى المدينة ، فرضت فى مكة (وانفقوا) فقط.
(وما جاع الفقراء ولا عُروا إلا ببخل الأغنيآء)
فقال النبى: ما هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد.
الآية الرابعة: آكل أمانات الناس:
(إن الله يأمركم أن تُؤدوا الأمانات إلى أهلها)
ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يريد أن يزيد عليها (رجل أمامه حزمة كبيرة لا يستطيع أن يحملها ثم يأتى بأعواد أخرى ويربط ولا يستطيع فقال النبى: ياجبريل من هذا؟ قال جبريل: هذا الذى عنده أمانات الناس وهو آكلها – فبدل أن يتوب إلى الله من الأمانات يقبل غيرها. وهو بالع القديم والجديد. وهذا عذابه إلى يوم القيامة.
الآية الخامسة: الكلمة العيب والكلمة السوء:
ولقد رأى النبى الثور الذى خرج من الجحر الصغير – فيريد الثور أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع. فقال النبى: ما هذا ياجبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العيب الكلمة السوء فيندم عليها فيريد أن يردها فلا يستطيع. سمعها الناس وأخذوها عليه ..
الآية السادسة: قُطاع الطرق:
ورأى الناس الذين يمروا على أشواك فى الطريق مسامير فى خشب كل واحد يمر تنقطع حتة من جسمه أو تقطع حتة من ثوبة ، قال النبى: من هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء قُطاع الطرق.
الآية السابعة: صوت الجنة:
ثم أتى على واد فوجد ريحاً طيبة ووجد ريح مسك مع صوت ، فقال: ماهذا؟ قال جبريل: صوت الجنة تقول: يارب أئتنى بأهلى وبما وعدتنى فقد كثر غرسى وحريري وسندسى واستبرقى وعبقرى ومرجانى وفضى وذهبى وأكوابى وصحافى وأباريقى وفواكهى وعسلى وثيابى ولبنى وخمرى أئتنى بما وعدتنى. قال الله: لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ، ومن مات لم يشرك بى شيئاً ، ومن سألنى أعطيته ، ومن أقرضنى جزيته ، ومن يتوكل علي كفيته ، إنى أنا الله لا إله إلا أنا لا خلف لميعادى – قالت الجنة: قد أفلح المؤمنون ، تبارك الله أحسن الخالقين. فقالت: قد رضيت.
فقالت الملائكة: نعمة أنت دار الملوك … (الجنة).
ربنا يسمى كل واحد وواحدة تذهب إلى الجنة ملك كما جآء فى سورة الإنسان الآية(20):
(وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا).
بمعنى هنا فى الآخرة هناك فى الجنة الذى معه الملك الكبير يكون ملك.
إذا رأيت هناك ما فى الجنة.
من مظاهر الأنس والسرور – رأيت نعيماً لا يكاد يوصف وملكاً واسعاً عظيماً كما فى الحديث القدسى: (أعددتُ لعبادى الصالحين ، ما لاعين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر)
وقال ابن كثير: وثبت فى الصحيح أن (أقل أهل الجنة منزلة من له قدر الدنيا وعشرةُ أمثالها) فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لآدنى من يكون فى الجنة ، فما ظنك بمن هو أعلى منزلة. وأحظى عند الله تعالى.
الآية الثامنة: (ولا طعام إلا من غسلين)
ثم أتى على واد فوجد ريحاً منقرة وأصوات شديدة وسلاسل وأغلال – فقال: ياجبريل ما هذا الصوت؟ قال: هذا صوت جهنم تقول: يارب أئتنى بأهلى وبما وعدتنى فقد كثرت سلاسلى وأغلالى وسعيرى وحميمى وغساقى وغسلينى ، وقد بعد قعرى واشتد حرى أئتنى بما وعدتنى – قال الله: لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ومن مات يشرك بى شيئاً. فقالت: قد رضيت.
الآية التاسعة: (الماشطة لبنت فرعون)
جبريل قال له إنزل هنا وصلي ويدعى للأصحاب هذا القبر ، وكان القبر عبارة عن شوية رمل متجمعين والهواء يضرب فيه (هذا قبر مؤمنين بالله قدموا أرواحهم لله فاستحقوا أن يُحيوا منك).
كانت هذه السيدة تُمشط رأس بنت فرعون – وفجأة سقط المشط من يديها فقالت (بسم الله تعس الشيطان) مع أن موسى قال لها: لا تعلمى أحد بإيمانك. فقد نسيت – قالت بنت فرعون: بسم الله – الله ده مين؟ لك إله غير أبى.
قالت الماشطة: ربى وربك ورب أبويك ورب العالمين هو الله. جريت البنت على أبوها وقالت: الماشطة كافرة بك ومؤمنة بموسى سألها فرعون من ربك؟ قالت: ربى وربك ورب العالمين هو الله. (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) ثم أحضر زوجها فسأله فرعون من ربك؟ الرجل خاف يفشى سر إيمانه ويقول ربى الله – وخائف أن يكذب ويقول ربى فرعون – فقال: (ربى هو ربُها) ، قال فرعون: إنها تقول الله. قال زوجها: نعم هو الله. وأحضر أولاده ، بدأ بالزوج وضعوه فى مقلة البن والنار تحتها وسبحان من أعطاها الإيمان أقوى من الجبال ، والمرأة زوجها يتحرق أمامها وهى تقول له: فى حفظ الله وكنفه – أصبر حتى ألقاك على الإيمان.
ويأخذوا أولادها أمامها واحد واحد أربع أولاد – وجآء الدور على الطفل الرضيع وهو على كتفها وأنتم كما تعلمون أن أعز الأولاد( الصغير حتى يكبر ، والغائب حتى يعود ، والمريض حتى يشفى )– همت أن تقول ما ذنبه – ربنا أراد أن يثبت إيمانها ، جعل الولد الرضيع يضع فمه على أُذنها ويقول لها: ياأُماه قعى فى النار ولا تقعى فى الكفر ، فإنك على الحق). قالت: فى حفظ الله يابنى – فلما سمعت كلام ابنها علمت أن الله قد أنطق أبنها إعجازاً وإكراماً لها – وتثبيتاً لإيمانها – فحرقوه ، ثم جآء دورها هى: قال لها فرعون: نفسك فى إيه؟ وكان فرعون نيته أن تقول: إن تعفو عنى. قالت: نفسى أن تجمعوا عظامى مع عظام زوجى وأولادى فى قبر واحد.
قال فرعون: أنا كنت فاكر أنك سوف تطلبى منى العفو. قالت: (أنت عبد عاجز العفو منك غير جائز ، أنا لا أطلب العفو إلا لمن يملك العفو). قال: إيه يعنى لمايكون العظم فى قبر واحد؟ ما الحكمة فى وضع عظمك مع عظام زوجك وأولادك. قالت: حتى يبعثنا الله يوم القيامة أهل بيت كامل من قبر واحد كلهم قدموا أرواحهم فى سبيل الله. وقد تم هذا.
الآية العاشرة: عذاب الزناة
فإذا بنيت مبنى على بناء التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع ، يوقد تحته نار ، فيه رجال ونسآء عراة ، فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا ، فإذا أخمدت رجعوا فيها فقال من هؤلاء ياجبريل؟ هؤلاء الزناة والزوانى وهذا عذابهم لأن لذة الزنى تعُم الجسم كله فى أثناء خروج المنى والشهوة فالله يقول: كما ذاقوا لذة فى الحرام الجسم كله لازم أحرق هذا الجسم كله. وحدوا الله
الآية الحادية عشر: عذاب المرابين:
فإذا نهر من دم فيه رجل على شاطئ النهر ورجل بين يديه حجارة ، فيقبل الرجل الذى فى النهر ، فإذا دنا ليخرج رمى فى فيه حجراً فرجع إلى مكانه فى نهر الدم. فسأل النبى من هذا ياجبريل؟ قال: هؤلاء أكله الربا ، الربا: الدم – هو المرابى إيه؟ واحد مص دم الناس وأخذ أموالهم ، المرابية: وحدة أخذت 100 جنية عليها أن ترجعها 150 جنية الخمسين الزيادة ده من قوت الأولاد من دمها فتجمعت هذه الدماء وعملت نهر.
الآية الثانية عشرة: خطباء الفتنة:
ثم أتى على قوم تُقرض شفاههم وألسنتهم بمقابض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لايفتر عنهم من ذلك شئ ، قال: ياجبريل ما هؤلاء؟ قال: خطباء الفتنة. وخطباء الفتنة هم الذين يدلون الناس على الخير فى أقوالهم ثم يخالفون الله بأعمالهم.
الآية الثالثة عشرة: أكل مال اليتيم:
كما أراه الله عز وجل أقوام تجرى فى بطونهم الحيات والعقارب. قال: ياجبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وهذا عذابهم فى البرزخ من ساعة ما يمتون فى القبر إلى يوم القيامة.
الآية الرابعة عشرة: الهمزون اللمزون:
كما أراه الله أقوام تقطع أجسامهم بالسكاكين هم يقطعون من أجسامهم ويأكلون – قال: ياجبريل من هؤلاء؟ قال: الهمزون – اللمزون – المغتبون – كما أنهم يأكلون لحوم الناس بالغيبة ، فكان حق على الله أن يعطهم من نفس الجزاء.
الآية الخامسة عشرة:
رأى النبى – صلى الله عليه وسلم – القطة تنهش فى فرج امرأة وهى عارية ، فقال النبى: ياجبريل من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأة كانت حبست هرة فى بيتها لا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشائش الأرض ، فلما الهرة ماتت أحياها الله بعد أن ماتت هذه السيدة فسلطها عليها فهى كما عذبتها فى الدنيا عذبتها القطة فى الآخرة ، جزاءً وفاقاً – ولا يظلم ربك أحد.
الآية السادسة عشرة:
رأى رجل يتمرغ على أعشاب وحشائش خضراء فى الجنة حقيقة هذا النعيم لم تسمع عنه أًُذن ولم تراه عين – ولم يخطر على قلب بشر.
(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ) سورة السجدة الآية (17).
فقال: ياجبريل من هذا؟ قال: فلان. قال النبى: أليس هذا هو العاصى الذى كان مسرفاً على نفسه فى الذنوب؟ قال: نعم. قال النبى: ما الذى أتى به إلى الجنة.
هذا رجل مر ذات يوم فى طريق فرأى غصن شوك متدلى من شجرة لا يمرُ به أحد إلا خدش بدنه أو قطع ثوبه والمكان ضيق. جبريل يُفسر للنبى – صلى الله عليه وسلم – لماذا جآء هذا الرجل إلى الجنة. فقال فى نفسه: أعجز الناسُ أن يزحزحوا الأذى عن طريق الناس لا يوجد واحد يتبرع بخمس دقائق من وقته لكى يقطع هذا الغصن لكى يريح الناس – تبرع هو واستلف فاس من بعض الناس وقطع الغصن من أصله وشده بعيداً ونظف المكان من الشوك.
فقال الله عز وجل: ( كما أزلت الأذى عن طريق الناس – أزل أنا العذاب عن طريقك فقد غفرت لك.)
( والحمدلله رب العالمين )