بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،،،
الإستخارة:
هي طلب الخير من الله تعالى فيما يُقصد من الأمور بالكيفية الواردة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي من الأمور المستحبة ، يلجأ إليها المؤمن إذا أهمه أمر من الأمور المباحة شرعاً ولم يُعرف وجه الخير فيه.
والإستخارة فيها مادة الخاء والراء الخاصة بالخير وهو طلب معرفة الخير – والرسول صلوات الله عليه يقول:
(لا خاب من أستخار ولا ندم من أستشار).
الشرع يقول لك! أن تشترى أرض – تتزوج – تسافر للعمل – سوف تشترى بيت – كل مشروع منهم – إذا أردت أن تشرع فيه وأردت ان تعرف العقبي أنه خير لك أو شر – عليك أن تستخير الله.
حديث سعد بن أبي وقاص أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:
(من سعادة ابن آدم إستخارته الله ، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله ، ومن شقوه ابن آدم تركه أستخارة الله ومن شقوه ابن آدم سخطه بما قضاه الله عز وجل).
رواه الترمذي وغيره – في سننه (سنن الترمذى)
هناك نوعان من الإستخارة:
أ – الإستخارة المشروعة.
ب – الإستخارة غير الشرعية.
أولاً: الإستخارة المشروعة: حكمها
يستحب لمن عزم على أمر لا يدري فيه وجه الصواب كسفر – وتجارة – زواج – شركة ، أن يشاور فيه من يعلم منه حسن النصيحة وكمال الشفقة والخبرة ويثق بدينه ، وإستشارة العلماء وغير ذلك فإن عجزت فتوجه إلى الله الذى لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السمآء وهو السميع العليم .
وقد كان النبى – صلى الله عليه وسلم – يأمر أصحابه بفعلها ويعلمهم دعاءها…
فعن جابر بن عبدالله – رضى الله عنه – قال: (كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يعلمنا الإستخارة في الأمو كلها ، كما يعلمنا السورة من القرآن. يقول: إذا هم أحدكم بالأمر (1) فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (2) اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، (3) اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى ، فأقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فأصرفه عني وأصرفني عنه وأقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به ويسمى حاجته). أخرجه البخاري.
تأملي دعاء الإستخارة الوارد عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – تجدي فيه من البلاغة والأسرار والفوائد ما لا يوجد في أي دعاء يختاره الإنسان لنفسه.
وإذا كنت لم تحفظ هذا الدعاء يكون دعاءك المختصر:
(اللهم إن كان هذا الأمر خير فأشرح صدري له ويسره لي ، ون كان شر إصرفه عني وإصرفني عنه).
وهناك رواية أخرى تقول: (اللهم خر لي وأختر لي).
الإستخارة المقبولة عند الله عز وجل:
أن تصلى ركعتين نفلاً كما أمر النبى – صلى الله عليه وسلم – بنية الإستخارة – تبدأ أولاً بالثناء على الله سبحانه وتعالى ثم يصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم – ثم يأخذ في دعاء الإستخارة المتقدم ثم يختمه بالصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم.
والمستحب أن تكون في الثلث الأخير من الليل ، لأن الدعاء في هذا الوقت يكون أقرب للإجابة.
والجمع بين الإستخارة والإستشارة من كمال الإمتثال للسُنة.
القراءة في صلاة الإستخارة:
يقرأ في الركعة الأولى: الفاتحة وسورة من القرآن الكريم ويستحب أن يقرأ فيها قول الله تعالى في سورة القصص الآية (68 ، 69):
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ)(69).
ويقرأ فيها أيضاً سورة الكافرون:
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(6).
ويقرأ في الركعة الثانية: بالفاتحة وسورة من القرآن الكريم والمستحب أن تقرأ فيها سورة الأحزاب الآية (36):
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا).
ويقرأ فيها أيضاً سورة الإخلاص:
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)(4).
وبعد أن يفرغ من صلاته يتوجه إلى الله بقلبه ، ويرفع يديه ويتضرع إليه بالدعاء المذكور (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك) – (بعد السلام بعد إنتهاء الصلاة).
ويستحب أن يُصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم – قبل الدعاء وبعده لكي يكون الدعاء أقرب للقبول.
فإن كان في الأمر خير – شرح الله صدرك إليه وقضاه لك ، وإن لم يكن فيه خير صرفه عنك بقدرته بما شآء وكيف شآء ، إنه على كل شئ قدير…
تنبيـــــه:
(إن النبى – صلى الله عليه وسلم – قد أمرنا بالإستخارة والإستشارة لا بما يُرى في المنام) ، ليس من الشرط أن يرى المستخير في منامه رؤيا يتبين له فيها الخير من الشر كما يعتقد بعض الناس – ولكن يحدث في القلب إنشراح للأمر إن كان خيراً وإنقباض إن كان شراً.
تكرر الإستخارة ثلاثاً ، هل تكرر الإستخارة؟
لأن النبى – صلى الله عليه وسلم – كان إذا دعا كرر الدعاء ثلاثاً وقيل: يكررها سبعاً.
لما روى عن أنس أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (إذا هممت بأمر فأستخر ربك فيه سبع مرات ، ثم أنظر الذى يسبق إلى قلبك فإن الخيرة فيه). والله أعلم.
إذا أستخرت الله فشرح صدرك لشئ ، فإمضي فيه بعزم وتصميم ولا تردد وكن متوكلاً على الله عز وجل ، فهو كفيل المتوكلين.
قال تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله ، إن الله يحب المتوكلين).
عملت إستخارة ومع ذلك أصابك في الأمر ما تكره ، فلا تقلل من شأن الإستخارة ، فربما يكون الخير فيما تكره ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة النسآء:
(فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلُ اللهُ فيه خيراً كثيراً).
ولفظ (عسى) في القرآن الكريم تفيد التحقيق (هيحصل) ، وأعلم أخي المسلم أنك لو (1) أطلعت على الغيب ، (2) وكشفت لك الحُجب ، (3) ورأيت الأشياء على حقيقتها ، لما وسعك إلا أن تختار ما أختاره الله لك ، وترضى بما رضيه لك … (وحدوا الله)
ثانياً: الإستخارة غير الشرعية:
قد جهل كثير من الناس الإستخارة الشرعية وابتدعوا لها أنواعاً كثيرة لم يرد شئ منها في الكتاب ولا في السُنة.
هناك ناس يستخيرون الله بإستخارات بدع لا شأن لها في الدين ويجب أن ننبه عليها ….
الإستخارات المبتدعة كثيرة المذكور منها هنا ســبع:
أولاً: إستخارة النوم:
يقرأ الشخص شيئاً من القرآن ويدعو الله أن يريه في منامه ما نواه (1) يريه خضرة ، (2) أو بياضاً ، (3) أو ماء جاري ، إن كان ما يقصده خيراً (يبقى خير) – وإذا رأى حمرة أو سواداً أو منظر يطير الخميرة من البيت مثلاً (هذا يبقى شر).
مثال1:
(1) يقرأ الفاتحة عشر مرات أو 11 مرة ، ثم تهب ثواب ما قرأت إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – ثم تقول: (اللهم إن كان هذا الأمر (العريس) خيراً فأرني أبيض أو أخضر أو مآء جارياً ، وإن كان شراً (العريس) وتسمى الأمر فأرني أسود أو أحمر وتصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم – حتى يأخذها النوم.
(2) أو تتوضأ وتقرأ (هو الله أحد) 11 مرة ، أو تقرأ قبل النوم: (ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبير) 9 مرات.
ثانياً: إستخارة السبحة:
يمسك السبحة من الوسط أو من أي حتة ويقول محمد – على أبوجهل – إذا خلصت السبحة على محمد يكون خير وإذا وقفت السبحة على علي يقول نص نص وإذا وقفت على أبوجهل يقول: هذا شر (ملعون).
وهذا مثل ما كان يتبع في الجاهلية الأولى (كان العرب يستخير بشئ (اسمه إزعاج الطير) – يكون الطير في عشه يرمي عليه بحجر فيطير الغراب وإذا طار ناحية اليمين يكون خير ، وإن طار ناحية الشمال يكون شر .. وقد نهى عنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: إستخارة الفنجان:
بعد شرب القهوة تأتي خالتي خدوجة تقول أمامك سكة سفر – واحد شيخ بعمة مأذون – أى فنجان تجدي فيه هذه الخطوط ورسوماً وأشكالاً مختلفة ، وكل ذلك ليس من الدين ، وممكن الإنسان يطلع أشياء وألوان إذا أراد أن يألف تاريخ بحاله ..
أنت بمجرد صب الماء على أرض متربة يحدث بها صوراً وأشكالاً هندسية وجغرافية يعجز عنها أصحاب الفن.
رابعاً: إستخارة الورق (الكوتشينة):
يأخذ ورقتين مصور فيهما رجل وأمرأة فيُسرُ إليهما ما يريد ثم يأخذهما الدجال فيخلطهما فيخلطهما بباقي الأوراق ، ثم يأخذ في رصها بطريقة فنية فيصادف وجود رجل بجوار امرأة أو وجود واحد منهما بجوار أوراق يرمز إليها بالمال أو الفرح أو القضاء
فيأخذ في سرد ما يمليه عليه خياله – (وما هو إلا رجم بالغيب).
خامساً: إستخارة الرمل:
وطريقتها أن يخطط الشخص في الرمل خطوطاً متقطعة ثم يعدها بطريقة حسابية معروفة لديهم فينهي منها إلى إستخراج برج الشخص فيكشف عنه في كتاب أستحضره لهذا الغرض – فيحكى له حياته الماضية والمستقبلة.
سادساً: إستخارة الودع:
لا تقوم بها إلا امرأة وتسمى بالغجرية ، يخرج الإنسان من حافظته شيئاً من النقود ويسر بحاجته إلى ذكر الودع ثم نطرحه على الودع بيديها وتلقيه على الأرض بعد خلطه وهي في الغالب تكون امرأة ذكية نابهة ، لها فراسة خاصة فى ذوى الحاجات. فتسلك سبيلاً في الكلام يتفق مع مزاج الشخص.
فلا تقوم من عندها إلا وهى مقتنعة بصدقها – وبينها وبين الصدق كما بين السمآء والأرض.
سابعاً: إستخارة الكف:
يأخذ اليد ويرى ما فيها من خطوط ومستقبلك يكون أيه؟ والله يقول: (وما تدري نفس ماذا تكسُب غدا) ، وهي لا تخرج عن سابقتيها من جهة قوة فراسة قارئ الكف يساعده على ذلك إختلاف خطوط باطن الكف وما يستخلصه من ميول الشخص وموافقته له على بعض الأشياء.
ولا يخفى على العاقل أن جميع هذه الطرق من إستخارة الفنجان حتى النهاية لا تخرج عن أنها نوع من التعريف المنهي عنه والذى يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيه: (من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة). أخرجه أحمد ومسلم عن حفصه.
الحديث الثاني: يقول النبى – صلى الله عليه وسلم:
(من أتي عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد). أخرجه أحمد والحاكم عن أبي هريرة.
(( والحمدلله رب العالمين ))