بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام علي النبي المصطفي.
أما بعد,
فنحن العرب والمسلمين نأخذ من الحضارة الحديثة مساوئها وماأكثرها ونترك محاسنها . ولذلك يجب علينا أن نجدد الإيمان دائماً لأننا الآن نجد أن مقلدوا الحضارة المادية عندنا لأمع الشعر والنعل وحسن الهندام ، يتأنق في الحديث ، ويتلطف مع الأخرين ويفرق البسمات والتحيات بأدب جم .
إنه من الذين صنعتهم الحضارة الحديثة . بمعني أنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الأخر.
ياتري بماذا نصف هذا الرجل؟
الوصف الحقيقي له هو : إنه حيوان مستأنس
الوصف الذي أضفته عليه الحضارة هو الإستئناس وسيبقي حيواناً مابقي كافراً بالله ، فإذا آمن بالله فهو عندئذ إنسان كما قال الشيخ محمد الغزالي : إنه بهذه الطباع والشمائل بقي مستأنس كهذه القطط والكلاب التي نألفها ونسمح لها بالطواف علينا ، ولا نلقاها بالرصاص كما نلقي الذئاب والضباع .
مثالاً : أتري الخائن لوطنه عندما يجر إلي حبل المشنقة ؟
هذا الرجل قد يكون وسيم التقاطيع ، وربما كانت له أم يبرها أو زوجة يحبها أو رحم يصلها …… ألخ . ولكن شئ من هذا لايذكر أبداً عند سحبه إلي ساحة الموت.
تعليق علي هذا :
إن خيانة قطعة من الأرض تسمي الوطن ، جريمة أهون من خيانة رب الأرض كلها ، وأهون من الكفر بالله رب العالمين .
إن الحضارة المادية هونت من شأن الإيمان كثيراً .
نحن في ميادين الدعوة إلي الله نعذر الجاهلين ونتلطف مع غير المسلمين ، بل إننا مأمورون أن نبر أهل الذمة (اليهود والنصاري) ونقسط إليهم .
ولكن في ميدان التعليم والتربية لا خلط بين الإيمان والإلحاد ، ولا بين الشرك والتوحيد .
مثالاً : نري في عصرنا هذا رجالاً كباراً وصغاراً يزرون أوربا مثلا ويزورون قبر الجندي المجهول نحن لا نعرف من هذا الجندي ، ولا نجزم بمصيره فربما كان ممن لن تبلغهم الدعوة فمات جاهلاً ، ولكنه علي كل حال يمثل قومه الذين دفن بينهم . فإن كان من شرق أوربا يقولون : لا إله.
وإن كانوا من غرب أوربا فالآلهة ثلاثة.
هؤلاء الجنود في أغلب الظن معادين لنا نحن المستضعفين في الشرق، لولا أن شغل الله بعضهم ببعض . وقد روى الطبراني عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال“( حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار) “
وشرح المحدث الكبير الأستاذ / محمد ناصف الدين الألباني قال: في هذا الحديث مشروعية تبشر الكافر بالنار وإذا مر بقبره وهذا يجعل المؤمن يقظ ويذكره بخطورة جرم هذا الكافر حيث ارتكب ذنباً عظيماً يهون بجانبه الدنيا كلها ولو اجتمعت وهو الكفر بالله عز وجل والإشراك به .
والله تعالي بين شدة مقته للكافر حين استثناه من المغفرة مصداقاً لقوله تعالي في سورة النساء 116
“( إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء“)
وياللخسارة وياللحسرة نجد أن كثيراً من المسلمين يأتون إلي بلاد الكفرة لقضاء بعض المصالح العامة أو الخاصة ويزرون بعض قبور من يسمونهم بعظمآء الرجال من الكفار . ويضعون علي قبورهم الأزهار ويقفون أمامهم خاشعين مع أن الأسوة الحسنة يجب أن تكون بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام
مثالاً لذلك : الله سبحانه وتعالي يقول في سورة الممتحنة (” قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ“)
(والحمد لله رب العالمين)