مواعظ موجزة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وكفي , والصلاة والسلام علي النبي المصطفي.

أما بعد ,

 

فإن الله تعالي يريد في القرآن أن يوضح ويبين لنا في بعض آياته كرامة النبي صلي الله عليه وسلم ورقة أخلاقه وسمو طباعه وقال تعالي في جملة ماقال :” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 128فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)   129 سورة التوبة .

صدق مولانا العظيم وبلغه رسوله الكريم .

بمعنى: هاتان الآيتان يقال من ضمن ماقيل أنهم آخر آيات القرآن الكريم نزولاً مع الأقوال الأخري “( اتقوا يوماً ترجعون فيه الي الله )” فهاتان الآيتان يقال أقرب عهداً بالسمآء من غيرهما – وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحفظهما من رسول الله .

 ولما كتب كُتاب الوحي القرآن لم يجدهما عمر من ضمن المصحف ثم وجدهما مع أبي حذيفة بن ثابت وقال : الله أشهد أني سمعتهما أيضا من فم النبي ، ولو كان معهما آية ثالثة لجعلتهم سورة مستقلة ، ولكن انظروا إلي بعض السور القرآن فالحقهما بها – فوجدوا سورة التوبة والآية :” فإن تولوا فقل حسبي الله لاإله الا هو عليه “  فيها أيضا التحصين ضد المكاره – وشياطين الإنس والجن ، ولقد صح عن النبي ” من قال إذا أصبح و إذا أمسى فإن تولوا (فقل….) كفاه الله ما أهمه ”

من واظب علي هذه الأية 7 مرات إذا أصبح و7 مرات إذا أمسي كفاه الله ما أهمه ” أي شئ مهم عنده تشغله وتهمة الله يقضيها وييسرها – وقد جربنا هذا فوجدناه صحيحا وعمليا وهي حسبي الله لا إله إلا هو

فالنظر في هاتين الآيتين ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم “ (من أنفسكم ) منكم لا من الجن ولا من الملائكة , وكما قال الله عز وجل وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًاوَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ( سورة الأنعام) ولكنه أدمي جاء للأدمين ، وإذ جاء بلبسهم وبما يفهمونه وهو منكم عدناني – قرشي – هاشمي تعرفون نسبه وصدقه وأمانته , حتي أن إبراهيم خليل الله قبل الرسول بالألأف السنين طلب من الله واستجاب الله طلبه والآية رقم 129 البقرة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ“) إستجاب الله عز وجل وجآء بهذا الرسول القريشى , جاء منهم وجآء بلغتهم .

أرسل الرسول صلي الله جعفر بن أبي طالب إلي الحبشة وهناك سأله ملك الحبشة عن هذا الدين الجديد وعن هذا النبي الجديد فكان رد جعفر : أيها الملك إنا كنا قوم في جاهلية ونعبد الأصنام ما من معصية إلا فعلناها حتي أرسل الله فينا رسولاً كريماً عظيماً نعرف نسبه وصفته ونعرف مدخله ومخرجه ونعرف صدقة وأمانته فحرم علينا الحرام وأحل لنا الحلال ومكث جعفر يتكلم عن فضائل الدين الإسلامى , وهنا رفع النجاشى قشة من الأرض وقال:هذا لا يفرق عما جآء به عيسى بقدر هذه القشة. وقد وصفه الله تعالى فى كتابه الكريم

 

(“عزيز عليه ماعنتم”) يعز علي الرسول أن يري أي حاجه تتعب الأمة – تعز عليه جداً حتي ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم “( أن يصاب أحدكم بشوكة فما هو أقل منها إلا وجدت ألمها في قلبي )” لأنه بالمؤمنين رءوف رحيم .

لم يجمع الله لاحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي محمد صلي الله عليه وسلم فإن الله قال ” بالمؤمنين رءوف رحيم “ لايهم الرسول إلا شئنكم ، وهو القائم بالشفاعة لكم ، فإنه لايرضيه إلا دخولكم الجنة .

حريص علي المسلمين حريص علي مصلحتهم – حريص علي إيصال النفع الدنيوي والأخروي إليهم – أي خير أي نفع يصلح لهم في الدنيا يتمنه لهم – وأي خير وأي نفع يصلح لهم في الآخرة يتمنه لهم . وكان أبو ذر الغفاري يقول : “لقد تركنا رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وقد علمنا نبينا منه علماً”

بمعني : قبل أن يموت رسول الله علمنا كل شئ حتي الطيور في السمآء .

وهناك مثل أخر ضربه النبي صلي الله عليه وسلم لقوله تعالي ” حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ” هذا المثل مثلي ومثلكم كمثل رجل عنده ناقة فشردت ” هربت منه” فتبعها الناس ” والناس يريدون أن يساعدوه” فما زادها الإ نفوراً وهرباً فصرخ صاحبها دعوها لي فأنا صاحبها وأنا أرحم بها منكم فأخذ من حشيش الأرض حتي أقبلت عليه ووضع الخطام في عنقها .

لماذا قال الرسول هذا المثل ؟ جآءه واحد يستعين به في دفع الدية – الرجل عنده في القبيلة واحد قتل واحد، جآء يأخذ الدية من رسول الله , أعطاه والرجل طمعان فقال له : هل أحسنت إليك ياعربي ؟ قال : ما أحسنت ؟ الصحابة تريد أن تفتك بالرجل النبي قال للصحابة : دعوه وأخذه علي بيته وأعطاه نقوداً أخري حتي رضي الرجل . فقال النبي : هل أحسنت إليك ؟ قال الرجل : نعم , أحسنت ووفيت جزاك الله عني خيراً.

فقال النبي : أريد ان تقول هذا الكلام للصحابة لكي يذهب مافي نفوسهم عنك – جلس النبي وسط الصحابة وقال للرجل : هل رضيت ؟ قال رضيت رضي الله عنك ووفيت وأحسنت وأفضلت وذهب الرجل مبسوط فقال النبي : مثلي ومثل هذا الرجل كمثل الرجل الذي عنده ناقة لأني لو تركتكم قتلتم هذا الرجل ويدخل النار ولكن أنا أخذته البيت وأعطيته . ” فإن تولوا فقل حسبي الله “ فإن أعرضوا عن هديك وعن اتباعك وعن تمسكهم بدينك تقول يكفيني الله – لا إله إلا هو : أي لامعبود بحق سواه لذا فإني أعبده وأدعوا إلي عبادته “( عليه توكلت )” في شأني كله “( وهو رب العرش العظيم “)

 العرش: الجامع جميع المخلوقات تحته .

نسأل الله التوفيق من أقرب طريق .

اترك تعليقاً