نبذة عن حياة الحسن بن علي – رضي الله عنهما

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

 

أما بعد،،،،

          فولد الحسن – رضي الله عنه –  فى منتصف شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ففرح النبى – صلى الله عليه وسلم – بمولده فرحاً شديداً ، وهو أول مولود يولد لأبنته فاطمة – رضي الله عنها ، فدخل عليها وقال:  (أروني ابني …  ما سميتموه؟).  قال علي:  سميناه حرباً ، فقال:  (بل هو حسن) وهذا الاسم لم يعرف في الجاهلية.

          ولما ولد الحسين دخل عليهما وقال:  (أروني ابني …  ما سميتموه؟).  قال علي:  حرب ، فقال:  (بل هو حُسين)

          لقد رأى في الحسن والحسين ما كان يرجوه من النسل – إذ لم يعش له – صلى الله عليه وسلم – ولد من صلبه.

          وكان الحسن رضي الله عنه:  (1) سيداً ، (2) وسيماً ، (3) جميلاً ، (4) عاقلاً ، (5) رزيناً ، (6) جواداً ، (7) خيراً ، (8) ورعاً محتشماً ، (9) كبير الشأن ، (10) طاهراً مطهراً ، (11) لا يحمل في قلبه كرهاً لأحد ، (12) يميل إلى السلم واللين ولا يميل إلى الحرب والعنف ، (13) ويدعو إلى الله على بصيرة ، (14) وكان صواماً قواماً ، يكثر من الذكر وتلاوة القرآن.

          كما يقول الذهبي وغيره من أصحاب السير.

الدليل:  الحديث الأول:

          عن أم سلمة  –  رضي الله عنها:  أن النبى –  صلى الله عليه وسلم –   حلل حسناً

 وحسيناً وفاطمة بكساء ثم قال:  (اللهم إنهم أهل بيتي وخاصتى ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً).  رواه أحمد – الترمذي – الحاكم.

الحديث الثاني:

        عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  نظر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى علي وابنيه وفاطمة ، فقال:  (أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم).     رواه الترمذي – أحمد – وابن ماجه.

          فكيف يكون حال من أعلن الحرب عليهما وقتلهما واحداً بعد الآخر يوم القيامة ، وبأي وجه يلقى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهل مثله يطمع في دخول الجنة؟  نسأل الله السلامة والعافية.

          والحسن أقربهم شبهاً بالنبى – صلى الله عليه وسلم – في الخلق والخُلُق ، بهذا شهد كل من رآه.

          روي البخاري في صحيحه عن عقبة بن الحارث:  أن أبا بكر – رضي الله عنه – صلى بهم العصر بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بليال ، ثم خرج هو علي يمشيان ، فرأى الحسن يلعب مع الغلمان فأحتمله على عنقه وجعل يقول:  بأبي شبيه النبي ليس شبيهاً بعلي ، وكذلك فاطمة تداعبه بهذا.

          وروي عبدالرزاق وغيره عن مُعمر عن الزهري عن أنس قال:  كان الحسن بن علي أشبههم وجهاً برسول الله – صلى الله عليه وسلم.

          ويروي أن رجلاً قال لابن سيرين:  رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام، فقال:  كيف رأيته؟  قال:  رأيته اشبه ما يكون بالحسن – رضي الله عنه ، قال:  إذن فقد رأيته.

          وقد ثبت في الحديث أنه ، عليه الصلاة والسلام ، بينما هو يخطُب إذ رأى الحسن والحسين مُقبلين ، فنزل إليهما فاحتضنهما ، وأخذهما معه إلى المنبر ، وقال:  صدق اللهُ:  (إنما أموالُكُم وأولادُكم فتنة) ، (إني رأيت هذين يمشيان ويعثُران ، فلم أملك أن نزلتُ إليهما) أخرجه أحمد  ج 5  صــ 354.

          عن أسامة بن زيد قال:  (كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأخذني فيُقعدُني على فخذه ، ويُقعُد الحسنُ على فخذه الأخرى ، ثم يضمنُا) ، ثم يقول:  (اللهم ارحمهما فإني أرحمُهما).      حديث صحيح – أخرجه أحمد ج 5 صـ 205 (وأيضاً في صحيح البخاري).

          عن البراء بن عازب قال:  رأيتُ النبي – صلى الله عليه وسلم – والحسنُ بنُ علي على عاتقه ، وهو يقول:  (اللهم إني أُحُبه فاحبه).    فزاد (وأحب من يُحبُه).      وكذلك قال أبوهريرة – رضي الله عنه.   صحيح أخرجه البخاري.

          وكان عليُ يكرمُ الحسن إكراماً زائداً ، ويُعظمُه ويُبجلهُ ، وقد قال يوماً:  يابني ، ألا تخُطُب حتى أسمعك؟  فقال:  إني استحي أن أخطُب وأنا أراك – فذهب عليُ فجلس حيث لا يراه الحسنُ ، ثم قام الحسنُ في الناس خطيباً وعليُ يسمعُ ، فأدى خطبة بليغة فصيحة ، فلما انصرف جعل عليُ يقول:  (ذرية بعضُها من بعض واللهُ سميع عليمُ). أل عمران 34.

(1)            وقد عرف أكثر الصحابة فضل الحسن والحسين ، فكان كل واحد يتسابق مع الآخر في إرضائهما والنظر إليهما والجلوس معهما ، وتقبيلهما في الموضع الذى كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقبلهما فيه.

الصديق:  كان الصديقُ يُجلهُ ويُعظمُه ويُكرمُه ويحبه

عمر:  أن عمر لما عمل الديوان فرض للحسن والحسين مع أهل بدر خمسة آلاف – إسناده ضعيف جداً (عن الوافدي).

عثمان:  وقد كان الحسنُ بنُ علي يوم الدار – وعثمان بن عفان محاصر- عنده ومعه السيف متقلداً به يُدافع عن عثمان ، فخشى عثمان عليه ، فأقسم عليه ليرجعن إلى منزلهم خوفاً عليه – رضى الله عنهم.

وكان ابن الزُبير يقول:  والله ما قامت النسآء عن مثل الحسن بن علي.

وكان ابن عباس:  يأخذ الركاب للحسن والحسين إذا ركبا – ويرى هذا من نعم الله عليه.

إخباره – صلى الله عليه وسلم – بسيادة ولده الحسن بن علي:

الحديث:  فقال الحسنُ:  ولقد سمعتُ أبابكرة يقول:  رأيتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المنبر والحسنُ بن علي إلى جنبه ، وهو يُقبلُ على الناس مرة عليه أخرى ويقول:  (إن ابني هذا سيدُ ، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

          رواه البخاري – أبوداود – النسائي – الترمذي.

          وهكذا وقع الأمر كما أخبر به النبى – صلى الله عليه وسلم.  فإن الحسن بن علي لما صار إليه الأمر بعد أبيه وركب في جيوش أهل العراق وسار إليه معاوية فتصافا بصفين على ما ذكره الحسن البصري ، فمال الحسن بنُ علي إلى الصلح ، وخطب الناس ، وخلع نفسه من الأمر وسلمه إلى معاوية ، وذلك في سنة 40 هـ – فبايع الأمراء من الجيشين معاوية ، وأستقل بأعباء الأمة ، فسُمى ذلك العام عام الجماعة لماذا؟  لاجتماع الكلمة فيه على رجل واحد.

          وقد شهد الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – للفرقتين بالإسلام فمن كفرهم أو واحداً منهم لمجرد ما وقع ، فقد أخطأ وخالف النص النبوى المحمدى الذى لا ينطُق عن الهوى ، (إن هذا إلا وحي يُوحى).

          وقد تكمل بهذه السنة المدة التى أشار إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما في الحديث:  (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكونُ مُلكاً) ، أبوبكر ثلاث سنوات ، عمر عشر سنوات ونصف ، عثمان إحدى عشر سنة ،وعلي ابن أبي طالب خمس سنوات ، الحسن ستة أشهر = 30 سنة.

          كما قال أبوهريرة – رضى الله عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (الخلافةُ بالمدينة ، والملكُ بالشام).

          ولما نزل الحسن لمُعاوية عن الخلافة من ورعه صيانة لدماء المسلمين ، وكان له على مُعاوية في كل عام جائزة ، فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم ، وراتبه في كُل سنة مائةُ ألف – وكان يفُد إليه – وجآء وقتُ الجائزة ، فاحتاج الحسنُ إليها – وكان من أكرم الناس – فأراد أن يكتُب إلى معاوية ليبعث بها إليه – فلما نام تلك الليلة رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في المنام فقال له:  (يابني ، أتكتُبُ إلى مخلوق بحاجتك؟  وعلمه دُعاء يدعو به ، فترك الحسن ما كان هم به من الكتابة – فذكره مُعاويةُ وقال:  ابعثوا إليه بمائتي الف ، فلعل له ضروُرة في تركه القُدوم علينا – وحُملت إليه من غير سؤال.

الدعاء الذى علمه النبى – صلى الله عليه وسلم:

        (اللهم اقذف في قلبي رجاءك، واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو أحد غيرك).

          (اللهم وما ضعفت عنه قوتي – وقصر عنه عملي ، ولم تنته إليه رغبتي ، ولم تبلغه مسألتي ، ولم يجر على لساني مما أعطيت أحداً من الأولين والآخرين من اليقين فخصني به يارب العالمين).

          قال الحسن:  فوالله ما ألححت به أُسبوعاً حتى بعث إلي معاوية بألف ألف وخمسمائة الف.

          فقلت الحمدلله الذى لا ينسى من ذكره ولا يخيب من دعاه ، فرأيت النبى – صلى الله عليه وسلم – في المنام ، فقال:  (ياحسن كيف أنت؟)  فقلت بخير يارسول الله ، وحدثته بحديتي فقال:  (يابني هكذا من رجا الخالق – ولم يرجُ للمخلوق).

من أعمال الحسن – رضي الله عنه:

وقالوا:  وكان يقرأُ كل ليلة سورة (الكهف) قبل أن ينام – رضي الله عنه – وقد كان من الكرم على جانب عظيم.

مثال:  سمع الحسنُ بنُ علي إلى جانبه رجلاً يدعوُ الله أن يمُلكه عشرة ألاف درهم ، فقام إلى منزله فبعث بها إليه.

مثال:  وذكروا أن الحسن رأى غلاماً أسود يأكلُ من رغيف لُقمة ويُطعم كلباً لقمة ، فقال له:  ما حملك على هذا؟  فقال:  إني أستحي منه أن أكل ولا أُطعمُه.  فقال له الحسن:  (لا تبرح من مكانك حتى أتيك).  فذهب إلى سيده ، فأشتراه واشترى الحائط الذى هو فيه ، فأعتقه وملكه الحائط ، فقال الغلام:  يامولاى ، قد وهبتُ الحائط للذى وهبتني له.

وقالوا:  وكان الحسن كثير التزوج ، وكان لا يُفارقُه أربعُ حرائر ، وكان مطلاقاً مصداقاً ، يقالُ:  إنه أحصن بسبعين امرأة  وذكروا أنه طلق إمرأتين في يوم ، واحدة من بني أسد وأخرى فزارية ، وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف وبزقاق من عسل ، وقال للغلام:  (اسمع ما تقولُ كلُ واحدة منهما) ، فأما الفزارية فقالت:  جزاه اللهُ خيراً ، ودعت له ، وأما الأسدية فقالت:  متاع قليل من حبيب مُفارق.  فرجع الغُلام إليه بذلك – فأرتجع الأسدية وترك الفزارية.

          وقد كان عليُ يقولُ لأهل الكوفة:  لا تُزوجوه فإنه مطلاقُ.

فيقولون:  والله يا أمير المؤمنين لو خطب إلينا كل يوم لزوجناه منا من شآء ، ابتغاءً في صهر رسول الله – صلى الله عليه وسلم

          وقال آخر:  (والله لنزوجنه ، فما رضى أمسك وما كره طلق).

وقالوا:  كان الحسن إذا صل الغداة في مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجلسُ في مُصلاة يذكُرُ الله حتى ترتفع الشمسُ ، ويجلسُ إليه من يجلس من سادات الناس يتحدثون عنده – ثم يقوم فيدخلُ على أُمهات المؤمنين فيُسلمُ عليهن ، ثم ينصرفُ إلى منزله.

وقال أبوجعفر الباقرُ:  جآء رجل إلى الحسين بن علي ، فاستعان به في حاجة ، فوجده مُعتكفاً فاعتذر إليه ، فذهب إلى الحسن فاستعان به ، فقضى حاجته وقال:

          (لقضاءُ حاجة أخ لي في الله أحبُ إلى من اعتكاف شهر

          وقال أبوبكر الخرائطى في كتاب (مكارم الأخلاق):

          عن محمد بن سيرين قال:  تزوج الحسنُ بنُ علي إمرأة ، فبعث إليها بمائة جارية مع كل جارية ألفُ درهم.

قال محمدُ بنُ سعد:  كان بين الحسن وبين مروان خُصومةُ ، فجعل مروانُ يُغلظُ للحسن ، وحسن ساكتُ ، فامتخط مروانُ بيمينه ، فقال له الحس

          (ويحك!  أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج؟!  أف لك)  فسكت مروانُ.   (نائب معاوية على المدينة).

أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى عن عمير بن إسحاق قال:

          كان مروان أميراً علينا ، فكان يسب علياً كل جمعة على المنبر ، وحسن يسمع فلا يرد شيئاً ، ثم أرسل إليه رجلاً يقول له:  بعلى وبعلي وبعلي وبك وبك ، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة.  يقال لها:  من أبوك؟  فتقول:  أمي الفرس – فقال الحسن:  (إرجع إليه فقل له:  إن والله لا أمحو عنك شيئاً مما قلت بأن أسبك ولكن موعدي موعدك الله فإن كنت صادقاً جزاك الله بصدقك وإن كنت كاذباً فالله أشد نقمة).

وقال أبو العباس محمدُ بنُ يزيد المبردًُ:

          قيل للحسن بن علي:  إن أبا ذر يقول:  الفقرُ أحبُ إلي من الغنى ، والسقمُ أحبُ إلي من الصحة.  فقال:  (رحم الله أباذر ، أما أنا فأقولُ:  من أتكل على حُسن أختيار الله له لم يتمن أن يكون في غير الحالة التى أختارها الله له).

من صفات الحسن:

          كان إذا جامع العلماء يكونُ على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إذا غُلب على الكلام لم يُغلب على الصمت – كان أكثر دهره صامتاً ، ولا يدخل في مراء (المجادلة) – وكان لا يغفُل عن إخوانه.

          قال الحسن بنُ علي لبنيه وبني أخيه:  (تعلموا فإنكم صغارُ قوم اليوم ، وتكونون كبارهم غداً ، فمن لم يحفظ منكم فليكتب).  رواه البيهقي عن الحاكم – إسناده ضعيف.

وقال الأصمعُي:  

          رأى الحسنُ بن علي في منامه أنه مكتوب بين عينيه:  (قُل هو اللهُ أحد) ففرح بذلك – فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال:  إن كان رأى هذه الرُؤيا فقل ما بقى من أجله.

          قال:  فلم يلبث الحسنُ بعد ذلك إلا أياماً حتى مات.

عن عُمير بن إسحاق قال:  دخلت أنا ورجلُ من قريش على الحسن بن علي فقام فدخل المخرج (الحمام) ثم خرج فقال:  السُم مراراً ، وما سُقيتُ مرة هي أشدُ من هذه.

          وجعل يقول لذلك الرجل:  سلني قبل أن لا تسألني.  قال:  يعافيك الله.  فخرجنا من عنده.

          فجآء حُسين قعد عند رأسه ، فقال أي أخي من صاحُبك؟  قال الحسن:  تُريدُ قتله؟  قال الحسين:  نعم.  قال:  لئن كان صاحبي الذى أظنُ.  فالله أشدُ بأساً واشدُ تنكيلا.  وإن لم تكنه ما أُحبُ أن تقتل بي بريئاً.        رواه محمد بنُ سعد.

قال الحسن:  إنما هذه الدنيا ليال فانية ، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله وأبى أن يُسميه.

من الذى وضع له السم في آخر مرة؟

          وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمى الحسن وأنا أتزوجك بعده – ففعلت.  فلما مات الحسنُ بعثت إليه ، فقال:  إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟  إن السُم قد قطع أمعائه – كما قال الطبيب.

          فقيل إنه سُقي ، ثم افلت ، ثم سُقى فأفلت ، ثم كانت الآخرة تُوفى فيها.

          والله ورسوله أعلم من الذى دس له السم.

وقال عبدُالرحمن بنُ مهدى:  لما أشتد بُسفيان الثورى المرض جزع جزعاً شديداً – فدخل

عليه مرحومُ بنث عبدالعزيز فقال:  ما هذا الجزعُ (الخوف) يا أبا عبدالله؟  تقدمُ على رب عبدته ستين سنة صُمت له ، صليت له ، حججت له. قال: فسُرى عن الثورى، قال أبونعيم:  لما أشتد بالحسن بن على الوجعُ جزع – فدخل عليه الحسين فقال له:(يا أبامحمد – ما هذا الجزعُ؟  ماهو إلا أن تُفارق رُوحُك جسدك فتقدم على ابويك على وفاطمة وعلى جديك النبى – صلى الله عليه وسلم – وخديجة – وعلى أعمامك حمزة – وجعفر وعلى أخوالك القاسم – الطيب – إبراهيم – وعلى خالاتك رُقية – وأم كلثوم وزينب.  قال: فسُرى عنه.

          وأن الحسن قال له:  يا أخي ، إني أدخُل في أمر من أمر الله لم أدخُل في مثله ، وأرى خلقاً من خلق الله لم أر مثله قط ، فبكى الحسينُ – رضي الله عنهما.

          ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين:  يا أخي ، إن أباك لما قُبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أستشرف لهذا الأمر (أمر الخلافة) ، فصرفه الله عنه ، فلما احتضر أبوبكر تشرف أيضاً لها – فصرفت عنه إلى عمر – فلما احتضر عمر – جعلها شورى – فصرفت عنه إلى عثمان – فلما قُتل عثمان بويع ، ثم نُوزع حتى جرد السيف وطلبها ، فما صفى له شئ منها وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا – أهل البيت النبوة والخلافة.

لم يرد بهذا القول:

          أن أباهم كان يتطلع إلى الخلافة لذاتها ، وإنما كان يرى أنه لها أهل وكفء ، وأنه يستطيع بتوفيق الله أن ينهض بها أحسن من غيره ، فلما رأى أبابكر وليها سكنت نفسه ، وأطمأن قلبه ، وعرف له فضله ومكانته ، وكذلك حين وليها عمر ، وحين وليها عثمان ، فلا أعرفنى ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك.

بمعنى:  لا تجعلني أسمع بذلك وأعرف أنك أطعتهم فخرجت إليهم.

دفن الحسن – رضي الله عنه:

          وقد كنتُ طلبت إلى عائشة – رضي الله عنهما – أن أُدفن في حجرتها فقالت:  نعم

فإذا ما متُ ، فاطلب ذلك إليها ، وما أظن القوم إلا سيمنعونك (معاوية ويزيد وأتباعه) فإن فعلوا ، فادفني في البقيع.

          فلما مات قالت عائشة:  نعم وكرامة ولكن القوم منعوه.

          عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال:

          حضرتُ موت الحسن بن علي فقلت للحسين:  اتق الله ولا تُثر فتنة ولا تسفك الدماء ، وادفن أخاك  إلى جنب أمه – فإن أخاك قد عهد بذلك إليك.  قال: ففعل الحسين.

          فلما مات الحسن لبس الحسينُ السلاح – وتسلح بنو أُمية ، وقالوا ..  لا ندعُ يُدفن مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أُيدفنُ عثمان بالبقيع ، ويُدفن الحسن في الحجرة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلما أخاف الناس وقوع الفتنة أشار سعدُ بن ابي وقاص وأبوهريرة وجابر وابن عمر على الحسين أن لا يقاتل ، فامتثل ودفن أخاه قريباً من قبر أُمه بالبقيع – رضي الله عنه.

          وكان ذلك في السنة 49 من الهجرة ، وقد ناهز السادسة والأربعين ، وكان له من الأولاد: (11 ولد) الحسن – زيد – طلحه – القاسم – أبوبكر – عبدالله – عمرو – عبدالرحمن – محمد – ويعقوب وإسماعيل.

          ولم يترك منهم عقباً سوى:  الحسن وزيد – فللحسن 5 أولاد ، ولزيد ابن وهو الحسن الأنور والد السيدة نفيسة.

          وبعد ، فهذه نبذة يسيرة من سيرة هذا الكوكب اللامع والنور الساطع شبيه النبى – صلى الله عليه وسلم – الحسن بن علي – رضي الله عنه.

          وأرجو الله أن يحشرني وإياكم في زمرته وزمرة أحبابه الأوفياء ، إنه سميع قريب مجيب

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

اترك تعليقاً