بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, خالق السماوات والأرض علي غير مثال سابق ، وصلي وسلم على سيدنا
محمد خاتم النبين وسيد المرسلين وإمام المتقين ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين .
أما بعد,
فأبو طالب, فإن المرء يحار في أمره! وبقدر ماينحني الإنسان إعجاباً لنبله في كفالة محمد – صلى
الله عليه وسلم, ثم لبطولته في الدفاع عنه ، حتى أنذر عشيرته الأقربين .
وفي يوم من الأيام كان علي يصلي خلفاً لرسول الله في شعاب مني وهي تبعد 2 كيلو ونصف
تقريباً عن مكة، وأبو طالب ليس عنده علم مشغول بأولاده وسفره إلى بصرى ولكنه رأى علي يصلي
خلف النبي فسأله: ماهذا الدين الذي لجأت إليه؟
فرد النبي صلي الله عليه وسلم: ياعمي هذا هو دين الله الذي بثني به أن ءامن بالله وملائكته وكتبه
واليوم الآخر وأنت أول من أدعوك إليه .
وأنت أول من يحميني في تبليغ دعوة ربي .
قال أبو طالب: ياابن أخي إني أعلم أنك تدعو إلي خير وأنك ما كذبت قط ولكني أنا على دين
ءابآئي وأجدادي وأرجوك لاتحرجني في هذا. ثم ألتفت إلي ابنه علي وقال له: (أثبت مع ابن عمك ،
فهو على خير )
فنزل قوله تعالي” (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْئون عَنْهُ“)
بمعني: فهو ينهي قريش عن أذى محمد وهي عظمة كبيرة وفي نفس الوقت يبعد عن دينه .
ولقد عاش النبي عشر سنوات مع أبي طالب وكل يوم يقول له :
يا عماه أسلم ومن شدة تأثر النبي صلي الله عليه وسلم بموقف عمه من الدعوة نزل قوله تعالى :
(“لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ألَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ“)سورة الشعراء 3
(“إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ“) سورة النحل 37 “(إنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء)”
سورة القصص الآية 56
هذه الآية نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد كان يحوطه وينصره ويحبه حباً شديدا
فلما حضرته الوفاة دعاه رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الإيمان والدخول في الإسلام فوجد عنده
(أبو جهل بن هشام) و(عبد الله بن أبي أُمية بن المغيرة ) فقال رسول الله :
( ياعم قل لاإله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله).
فقال أبو جهل: ياأبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعمه أبي طالب ( قل لاإله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة )
قال أبو طالب :(لولا تعيرني قريش )
موقف عمه من الذين يؤذون رسول الله :
روي أهل السير قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم قد خرج إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلي ، فلما
دخل في الصلاة قال أبو جهل ، لعنه الله :
من يقوم إلي هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟
فقام عبد الله بن الزبعري فأخذ فرثاً ودماً فلطخ به وجه النبي صلى الله عليه وسلم خرج النبي من صلاته،
ثم أتى أبا طالب عمه فقال (ياعم ألا تري مافعل بي) ؟
فقام أبو طالب ووضع سيفه علي كتفه ومشي معه حتي أتي القوم .
وقال يابني من الفاعل بك هذا؟ فقال: عبد الله بن الزبعري .
فأخذ أبو طالب فرثاً ودماً فلطخ وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول .
فنزلت هذه الآية”( أهم ينهون عنه وينئؤن عنه”) سأل القوم فقالوا:
يارسول الله هل تنفع أبا طالب نصرته ؟
قال النبي صلي الله عليه وسلم (نعم إنما عذابه في نعلين من نارفي رجليه يغلي منهما دماغه في رأسه
وذلك أهون أهل النار عذاباً) أخرجه مسلم من كتاب الإيمان
فقد مات أبو طالب وهو علي دين ءابائه وأجداده وقد حزن رسول الله لموت أبي طالب حزناً شديداً .
ألم يكن الحصن الذي
ألم يكن الحصن الذي تحتمي به الدعوة من هجمات السفهاء؟ وها قد ولي الرجل الذي سخر جاهه
وسلطانه في الذود عن ابن أخيه.
(والحمد لله رب العالمين)