(وصايا فى الزواج)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبى الأمى سيدنا محمد المختار ، وعلى آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار.

أما بعد:

فنريد اليوم أن نطوف حول كعبة الزواج من (1) حيث أثارة ومن ، (2) حيث العشرة فى حوالى أربعة أحداث فيها ترويح للنفس وفى الوقت نفسه فيها عبرة.

أما الحدث الأول:  فهو ما رُوى عن سعيد بن المسيب – رحمه الله تعالى وهو (1) من خيار التابعين، وكان رجلُ عالماً فاضلاً – ولد فى القرن الأول الذى شهد له الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالخيرية حيث قال: (خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).

       فكان سعيد بن المسيب على نظام الحسن البصرى وعلى نظام سفيان الثوري وهؤلاء الكرام الذى نعتز بهم كسلف صالح.  وهم الذين تلقوا علمهم عن الصحابة مباشرة– كان هذا الرجل سعيد فقيه فى الدين وهو من جملة الائمة الذين أخذوا منه العلم الصافى . (2)وله آراءه الصائبة ، (3) وكان يفقه أولاده ويعلمهم أحكام الدين ذكوراً وإناثاً وكان من جملة عياله بنت مُتعلمة عرفت عن أبيها الكثير ، حتى بلغ من فقه هذه البنت أن جاريتها المملوكة (الخادمة المملوكة لها) ذهبت مرة ومعها بعض الطعام تستبدلُ به طعاماً آخر.  وكان هذا أمراً متعارف به فى الزمن القديم – يأخذ ذرة يستبدل به قمح – يأخذ خضار يستبدل به عيش (بدل الفلوس).

       وذهبت جارية بنت سعيد بن المسيب إلى البائع وقالت له خذ هذا الخبز وأعطنى بدله كذا ..  فأخذ منها الخبز وقال لها إذا كان بعد ساعة تعالى يكون الطعام جآء.

قالت الجارية:  هذا لا يحل؟  قال لها:  لماذا؟  قالت:  هذا يعتبر ربا – ربا الأجل _ إذا بيع الطعام بالطعام لابد أن يكون يد بيد.  بمعـنى:  أن يكون مقبوض فى المجلس.  وكونك تأخذ منى الخبز وتُأخر يبقى ربا وقد نهى عنه الإسلام.  قال البائع:  والله لقد علمت ياجارية ما لم أعلم أنا– وأصبتى وأنا أخطأت.  وهو لا يعلم من هى؟  فسأل الناس من هذه الجارية؟  قالوا:  هذه جارية بنت سعيد بن المسيب.  فقال: سبحان الله ، إذا كان هذا هو فقه الجارية المملوكة فكيف يكون فقه سيدتُها وكيف يكونُ فقهُ والد سيدتُها سعيد بن المسيب رحمه الله.

       هكذا (1) كانوا يُعنون بتعليم البيوت ، (2) وكان الأطفال ينشأون فى بيوتاً فقيه مُتعلمة – وها أنتم رأيتم أن جارية أحرجت بائعاً وأعلمتهُ حكم الله فى وجوب المبادلة المثلية الفورية.  هذا نص الحديث:

(طعام بطعام مثل بمثل يد بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربا).

.  وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها منه كثير من العربهو ينتظر ويتربص حتى يستخير الله ويرزق الله البنت بشاب صالح لا يُخزيها ولا يؤذيها ، وكان أعظم ملوك العرب يتمنون هذه البنت من أجل فقهها ومن أجل فقه أبيها العالمُ الجليل.

وذات يوم تغيب تلميذ من تلاميذ سعيد فى حلقة الدرس.  فسأل سعيد أين فلان؟ قالوا: أُدعُ الله له بالمعونة لأن زوجته قد ماتت وهو مشغول بما يلزم لأطفاله من شراب وطعام.

قال سعيد:  سبحان الله يموت بعض الناس لبعض إخواننا ثم لا نعلم حتى نؤدى الواجب لهم.  قالوا: يا سيدنا الشيخ أنت مشغول ونحن نعذرك.  قال سعيد: هذا لا يحل ، إذا مات لكم ميت فأعلمُنا.

وبعد ساعة واحدة كان سعيد بن المسيب تتبعه زوجته ماشية وراءه وتحمل سلة من الطعام ، وفى يده ما شآء الله من النقود.  ودخلوا على الرجل.  فدخلت زوجة سعيد على الأطفال لكى تصلح من شأنهم وقد أشترت لهم ملابس جديدة ولبستهم وأطعمتهم.  والشيخ نفسه مع التلميذ ، والتلميذ فى غاية الحرج – يقول:  ياسيدنا الشيخ ده حاجات نحن لا نرتفع إلى شأنها ولا إلى مقامها.

قال الشيخ:  هذا لا يحل ، الإسلام ليس فيه فوق وتحت – الإسلام فيه مواساة وفيه عزاء،(ومن عزى مصاباً فله مثل أجره) إذا كنا نحن لا نعمل بالأحاديث من الذى يعمل بها؟ وبعد الأطفال ما ناموا – زوجته خرجت والشيخ تبعها.

صلى الشيخ بالناس المغرب وأخذ منهم عشر أنفار على قدر مساحة بيت التلميذ ، قال لهم: تعالوا نزور فلان.  وهم جالسين فى بيت التلميذ.  قال سعيد: يا فلان هل تقبل أن تكون زوجاً لأبنتى؟  فوجم التلميذ وتحير كيف يرد؟ أنا –قال له سعيد: نعم أنت.

قال التلميذ:  كيف وقد خطبها عظماء الناس وملوك الناس وأنت قد أبيت ثم تقبل ضعيفاً مثلى وفقيراً مثلى.  قال سعيد:  هل تقبل أن تكون زوجاً لها؟  قال التلميذ: أعتقد أن نعلها يشرفنى وليس هى.  وهذه من نعم الله.

قال سعيد: انطق بالصيغة الشرعية ، وقل قبلتُ زواجها.  قال التلميذ: قبلتُ زواجها. قال سعيد: وأنا زوجتُك إياها.  أيها الإخوان إشهدوا على العقد (عشرة أنفار) خذ يا بنى هذا الصداق وأعطاه سُرة فيها نقود هذا تبرع منى أدفعه للبنت مهراً ثم قال للخادم:  أذهب ونادى على البنت وأُمها لتدخل بيت زوجها. ياالله ولا تعقيد ولا حاجة.

وبعد ساعة جآءت البنت معقود عقدها دخلت.  قال سعيد لزوج أبنته: يا بنى إن الله يكره أن تمسى عازب وأنا حملت همك.  وقال ابن مسعود: (إن لم يبقى من أجلى عشر أيام لتزوجت) لأن الإنسان لما يمسى عازب هذه ألعن حاجة عند الله بعد المعاصى ، وأنا لا أحبُ أن أُساعدك على المعصية زوجتك والزواج تم شرعاً أولم = أكل إخوانك بسرعة.  (فإذا طعمتم فانتشروا).    تركوا العريس مع عروسته.

جآء التلميذ وهو يشكر الله على هذه النعمة المفاجئة الهابطة يمد يده كعريس وأمامه عروسته وفرحان فرح لا يعلمه ولا يقدره إلا الله.  فقالت له: أيها الزوج الكريم مهلاً إن زوجتك أمامك وشهوتك مُلكك لن تفلت منك حتى نعمل أولاً بالسنة – ونقوم ونجدد الوضوء ونصلى ركعتى الزفاف– قال: والله هذا شئ تعلمناه من أبيك إنما الفرحة نستنى العلم كله.  أولاً:  لا اعترضت وإزاى الأمراء والملوك لم تعطينى لهم وتُعطينى للتلميذ لك غلبان .. وأبداً .. كان طلب مرضات الله عندهم أهم من أى شئ.  لم تكن البنات أذونها مفتوحة وعينها مفتوحة (العيون الجريئة) كلهم مُسلمين لله وكان ربنا يسعدهم.  قاما وتوضأ وصلا ركعتى الزفاف هو الإمام وهى وراءه (سُنة الزفاف) أن الله جمعهما فى الحلال مع بعض وأغناهما عن الحرام والزنا

ثم جاء يمد يده فقالت:  مهلاً لحظة واحدة.  قال: وماذا بعد؟قالت: حتى أعلم طباعك وتعلم طباعى أولاً نسم الله وتقول لى طباعك إيه؟ ما الذى تكره وما الذى تحب – نحن غُرب الآن فقط راينا بعضنا – لا أعرف طباعك أيه؟ ولا أعرف من أقاربك؟ وماذا تحب فى الأكل والشرب – ولا أنت تعرف طباعى – نعمل حفلة تعارف ولو لمدة عشر دقائق.  قال لها: هذا هو الفقه ، هذا هو الإسلام فعلاً.

قال: على كل حال الدين نصيحة ، وأنا أحب كذا وكذا وقال لها على الأصناف كلها وأُحب من الناس فلان وفلان –دول محارم عليٌ– هؤلاء يدخلوا وهؤلاء لا يدخلوا ، وقال لها على كل حاجة –عندما أرادت أن تتكلم قالت: (بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدلله رب العالمين ، وصلى اللهُ وسلم على محمد وعلى آله والتابعين ، أما بعد:  قالت طباعى كذا وكذا وقالت له على ما تحب وما تكره – كم تحب أن يزور أصهارك؟ بمعـنى: تحب أُمى وأبى وأقاربى يزورك كل كم من الوقت؟  الرجال تختلف؟ فيه رجال لا يحب أن نسيبه يزوره أبداً – فيه ناس عندهم إتساع صدر – ويحب نسيبه قال الزوج: على كل حال كون أبوك وأُمك دول ملائكة يأتوا فى كل لحظة – فهذا تكريم وتبرع وتنازل منهم هم.

أنتهت الليلة على خير ما تنتهى به ليالى المؤمنين الصالحين الذين يُعطهم الله لذة الدنيا نعيم الآخرة.

وعند صلاة الفجر أخذ عباءته وطالع ليذهب إلى نسيبه سعيد فى المسجد لكي يلحقه ويصلى معه صلاة الفجر ثم يحضر معه درس الفقه ، زمان كان دروسهم تبدأ من بعد الفجر إلى قُبيل الظهر – حتى الأزهر كان زمان يبدأ بالتفسير بعد الفجر (إن قُرآن الفجر كان مشهوداً) لحد طلوع الشمس وبعد الضحى يبدأ الفقه ثم الحديث وهكذا

فقالت له: إلى أين أنت ذاهب؟ قال: لكى أُلحق درس سعيد والدك قالت: أنسيت أن للبكر سبعة أيام.  أنا بكر أم ثيب؟ قال: بكر.  قالت: (للبكر سبعة أيام وللثيب ثلاث) كما قال النبى – صلى الله عليه وسلم.  قال: أنا على كل حال يجوز الحرص على حضور درس الفقه هو الذى نسانى الحكم.  قالت: إذا كان الحرص على الفقه فإجلس معى هنا وأعطنى حقى وأنا أُعلمك علم سعيد.  قال: علمُ سعيد من؟ قالت: أبويا ، قالت: أى نوع من الدروس بتأخذوه؟  قال: إنت كل حاجة حفظاها.  قالت: إن كان تاريخ – تفسير – فقه – حديث – طب. قال: نحن كنا فى الفقه ، قالت: إلى أى باب وصلت فى العلم؟ قال: نحن كنا واقفين على أول باب الوضوء انتهينا من التوحيد –قالت: إجلس الآن كما تجلس أمام أبى ، خلاص موضوع الزواج والشهوة والكلام –هذا مجلس علم– هنا حقوق الزوجية ترتفع ، أنا الآن أستاذتك – تلميذ وشيخه –جلس مربع وهى آتت بالفروة واستقبلت القبلة وجلست كما يجلس أبوها.  وبدأت بحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله كما يفعل أبوها طبق الأصل.  ثم قالت أم بعد: (1) فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، (2) وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، (3) وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ، وبعد فقد حدثنى أبى سعيد بن المسيب عن شيخه على بن أبى طالب عن ابن عمه رسول الله – صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقبلُ اللهُ صدقة من غلُول ولا صلاة بغير طهور)..

والحدث قسمين حدث أصغر: كالنوم – ومس العورة وخروج البول والغائط والدم من المحلين –الحدث الأكبر:  الجنابة – التقاء الختانين – والمنى – والزوج جالس يسمع ويقول: والله ما أدرى أهى أفصح أم أبيها من حيث سلامة اللغة العربية وقوة الإستشهاد وإستيعاب المعلومات أنا لا أجلس سبع أيام فقط بل أجلس سبع سنين.  العلم مضمون – سبحان الله الذى علمك هذا … هذا نموذج مشرف للبنت المتفقه فى الدين.

لكي أبين لكم إذا كان الزواج مؤسس على تقوى من الله ، (2) وعلى مرضات الله ، (3) وعلى الفقه والعلم يلذ ويسر أكثر من مئات الآلاف ياما ناس يتزوجون من أجل الفلوس ويصبحوا ثانى يوم يسبوُا بعض ويلعنوا بعض – لأن الزواج المؤسس على غير مرضات الله ربنا لا يتمه بخير. (من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذللاً أو لجمالها لم يزده الله إلا خسة أو لحسبها لم يزده الله إلا دناءة أما من تزوجها لم يرد إلا أن يغض بصره ويحفظ فرجه بارك الله لها فيه وبارك له فيها).  كما أعلمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

النموذج الثانىنوح بن مريم رحمه الله تعالى:

       وكان أيضاً (1) من علمآء السلف ، (2) وكان هو الآخر ممن فقهوا فى هذا الدين ، (3) وفقهوا أولادهم ، (4) وكان نوح رجلاً ثرياً وله أملاك وملكهُ منتشر ما بين عقار ومنقولات وأموال سائلة ، وكان من ضمن أملاكه بستان يدر عليه ما أكرمه الله لهذا الرجل . وعين على هذا البستان حارس اسمه مبارك– فى إحدى المرات ذهب نوح بن مريم وطلب من مبارك بعض الفاكهة – فمبارك أحضر له الفاكهة وفتش فيها نوح بن مريم فوجدها (1)مدودة ، قال: يا مبارك من ماله ولا يهنأ له (أعز الطعام لأهله) الملك ملكى.  قال مبارك: يا سيدى العفو أنا أبيع بالجملة وأبيع بالقطاعى ولا أسمع عن الدود.  وأحضر له واحدة أخرى فوجدها (2) معطبة واحضر واحدة ثالثة وجدها (3) مسوسة– فقال نوح: يامبارك دود وعطب وسوس ما هذا؟قال مبارك: يا سيدى أنا خائف إذا جلست ساعتين ثلاثة سوف تخسر البستان كُله ، ما الذى جرى؟ قد يكون هذا (1) قضاءً وقدراً للمصادفة ، وقد يكون (2) لله حكمة فى هذا ، والله هذه هى المرة الأولى التى اسمع أن فيه دود وسوس وعطب ، وأول واحد يشتكى أنت.

       قال نوح: يا بنى أبعدها عن الناس حتى لا تعمل دعاية سيئة ضدنا – والأمكنة الحلوة تبيع منها –قال مبارك: والله ما حصل كل البستان فى منتهى الكمال ونبيع من الشرق والغرب والشمال والجنوب والوسط ولم يشتكى أحد.  قال نوح بن مريم: أنت لا تعرف النوع الجيد – قال مبارك:الناس بتأخذ الفاكهة الجيدة وهم مبسوطين ، وأنا مالى بها.  قال نوح: الذى يعجن السم يذوقه.  يا بنى أنت عندنا حوالى عشر سنوات لا تعرف الحلو من المر.  قال مبارك:  أنا لم أذقه.  باسم الذمة والأمانة الى سوف يسألنى الله عليها يوم القيامة أنا لا أعرف حلوة من مره.  قال نوح: كيف ؟؟  قال مبارك: أنت كلفتنى بأن أحرس الحديقة فأنا حرست وأحترصت. حرست الحديقة واحترصت من الحرام ، أنا بأكل وأشرب عندك وبأخذ أجرة ، لماذا أذق الفاكهة؟  أنا مكلف بالحراسة ولم أُكلف أن أذُق أنا حرست وأحترصت مما يغضب الله الخيانة.  ولو سألتنى عن طعم التفاح الذى أبيعه لا أعرفه أنا أبيع بالأوصاف.

       كان نوح بن مريم عنده بنت أشبه ما يكون ببنت سعيد بن المسيب وقد خطبها عظمآء العرب وأبوها قد امتنع – وكان الحسن البصرى قال له يانوح: (زوجها للصالح إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها).  رجع نوح إلى بيته فقال لزوجته: والله ما وجدت اصلح من مبارك للبنت بلا ملوك بلا عظمة بلا زعماء قبائل بلا غنى بلا غم ، إذا كان على الغنى فعندنا غنى.

       قالت زوجته: إن شئت هذه ابنتك وأنت حر فيها – وكان النسآء زمان لا يعارضن – ودخل نوح بن مريم على ابنته وقال لها: هناك زوج لك. قالت البنت: ليس للبنات مع آبائهم شئ – العريس: هو مبارك.  هو عبد مملوك والإسلام يقول الكفائة – أتعطى حرة للعبد؟.

       ذهب نوح إلى مبارك وقال: أشهدُ أنك حر لوجه الله وأشهد الله أن نصف ماأملك ملك لك، لكى أريحك – أعتقتك من العبودية فأصبحت حراً وأعتقتك من الفقر فأصبحت شريكى فى المال.  النصف بالضبط تمشى مرفوع الرأس – رأسك برأسى لا فرق – حرية وغنى..  قال مبارك:  الألفاظ والكلمات واللسان تعجز عن إيفاء حقك عن هذا الخير المفاجئ لى.  أصبحت فى لحظة واحدة حر من جهة رقبتى وحر من جهة جيبى فالله وحده هو الذى يتولى مثوبتك وأجرك على هذا.  وأحضر نوح بن مريم الناس وعقد العقد..

       ودخل مبارك على هذه البنت المؤمنة بنت نوح بن مريم وسبحان الله الذى عملته بنت سعيد بن المسيب مع التلميذ عملته هذه البنت لأنه هذا نظام معروف فى الفقة. (1)من جهة ركعتى الزفاف ، (2) ومن جهة إجلس أعلمك علم نوح بن مريم ، (3) ومن جهة للبكر سبعاً وللثيب ثلاثاً).

       ربنا سبحانه وتعالى عوض على مبارك بعد مُضى 9 شهور من زفافه رزقه الله عبدالله بن المبارك – هذا الرجل الذى قيل أنه عاش أكثر من 120 سنة ، كان يحج سنة ويجاهد فى سبيل الله سنة أُخرى – سنة غزوُ وسنة حج – سنة حرب وسنة سلم –وهو الذى يعتبر من عظماء التابعين– ونحن نصلى صلاة التسابيح ليلة العيد على مذهبه وعلى طريقته.  عبدالله بن المبارك الذى كان أبوه مبارك الذى يحرس الحديقة.  الله سبحانه وتعالى بارك فى الولد لصلاح أبوه.

النموذج الثالث:

يروى لنا التاريخ والبيهقى فى الشُعب والإمام الغزالى فى إحياء علوم الدين.  عن اسماء بن خارجة الفزارى واسمآء هنا ليس مؤنث ولكن مذكر –وكان من عظمآء العرب.  وكان عنده بنت وأمها ميتة والتى تموت أمها يسموها اللطيمة – والتى يموت أبوها تسمى اليتيمة.  فجآء يوم فرح هذه البنت.  استدعاها أبوها وقال لها:  يابنتى إذا كانت أمك حية لكانت هى الأولى بتأديبك (تقول لك كلمتين توصيك) ، أما وأمك ميتة فأنا أولى الناس بتأديبك من أى واحد غريب.

يا بنيه إنك (1) ستتركين البيت الذى فيه ولدت والعش الذى فيه درجت وتخرجين إلى قرين لم تألفيه وبيت لم تعرفيه ، (2) فكونى له أرضاً يكن لك سمآءً ، (3) وكونى له مهاداً يكن لك عماداً ، (4) وكونى له أمة يكن لك عبداً ، (5) لا تتباعدى عنه فينساك ، (6) ولا تُلحى عليه فيقلاك ، (7) إن دنا منك فدنى منه ، (8) وإن تبعد عنك فتباعدى – وكونى مع زوجك كما كنتُ أنا مع أُمك ليلة الزفاف معها.

خذى العفو منى تستديمى مودتى                ولا تنطقى فى ثورتى حين أغضبُ

ولا تنقُرينى نقرك الدف مرة                       فإنك لا تدرين أين المغيبُ

ولا تكثرى الشكوى فتذهبى بالهوىً                ويقلاقى قلبى والقلوب تقلبُ

فإنى رأيتُ الحب فى الصدور والأذى              إذا اجتمعا لم يلبث الحبُ يذهبُ

وكانت هذه الوصية من هذا الأبُ الرحيم بإبنته خير عوض لها عن موت أُمها وأسعدها الله فى حياة زوجها وفى بيت زوجها كنتيجة أو كأثر من آثار وصية أبيها الكريمة.   (تعليق على الوصية).

أمك كانت أولى بالنصيحة لك وحيث أن أمك ماتت أنا فى البركة وسوف أقول لك – يا أبنتى أنت سوف تطلعى من البيت الذى تربيت فيه ، راحة إلى بيت لم تعرفيه وزوج لم تألفيه – بيت جديد ورجل جديد –أحسن طريقة:  كونى له أرضاً يكن لك سمآء– وهذه نوع من الوصية الطيبة للبنت وأحسن ما يقال لها ليلة الزفاف) وأعملى له أرض و يعمل لك سماء ، ومن شأن الارض أنها تُمطر برحمات الله من السمآء لتواضع الأرض جآءها الغيث:  (وهو الذى ينزلُ الغيث من بعد ما قنطوا).

يريد أن يقول لها خليك متواضعة كما تواضعت الأرض فأمطر اللهُ عليها الخيرات –كونى له مهاداً (فرشاً) يكن لك عماداً كونى له أمةً يكن لك عبداً.

والواقع أن المعاشرة الزوجية لابد أن يكون فيها التواضع والتنازل بين الطرفين – إنما هو يمشى معها رسمى – وهى تمشى معه رسمى لا تكون حياة.  لما تدقق معه على كلمة قالها أو نظرة – وهو كذلك لما يدقق على كلمة أو على غلطة تبقى حياة جحيم.

(أُصيكي بالتعهد لموضوع عينه والتفقد لموضع أنفه) أما موضوع عينه فلا يرى منك غير مليح – وأما موضع أنفه فلا يشم منك إلا أطيب ريح – وإن تباعد عنك أوعى تلزقى له – لأن هناك بعض الرجال فى بعض الأوقات يحب أن يستريح لوحده ولا يريد أحد أن يضايقه (فلا تكثرى من اللصق به فيقلاكي) يكرهك – يبغضك (ولا تبعدى عنه فينساك) لا تأخذى جنب منه ، لما يكون طالبك تأتى له – يريد أن يستريح شوية وحده خليك عندك عزة نفس …  وكونى مع زوجك كما كنت مع أُمك ليلة الزفاف.

خذى العفو منى تستديمى مودتـى                ولا تنطقى فى ثورتى حين أغضبُ

نعامل بعض بالصفح والعفو – ولا ندقق على الكلمة لأنه لابد من الغلط فى البيوت – الذى يفهم أن البيوت تمر بدون غلط.  يقول لها: وأنا غضبان وأزعق أسكت خالص –اترك العاصفة تمر والسحابة تمرولما الدنيا تنور والسمآء تروق– تأخذى حقك تتكلمى وتعتبى على كيفك – وأنا ثائر لا تتكلمى لأنى سوف أكون غضبان وربما أخلاقى لا ترضى ولا أحب أن أحد يرد علىٌ ونخرب الدنيا مع بعض ويكون الضرب والطلاق والخراب.

ولا تنقرينى نقرك الدف مرة                فإنك لا تدرين كيف المغيبُ

بمعـنى:  أنا غلطت معك غلطة – خلاص ترمينى – مثل الذى معه قلم وخلص الحبر الذى فيه يرميه ، لا أنا زوج تطرحينى مرة واحدة ، وفى غمزة من غمزات إبليس تستغنى عن زوجك مرة واحدة (فإنك لا تدين أين المغيبُ).

       ممكن الزوج يطلع ثم لا يرجع إلى البيت فاعملى حسابك لقضاء الله المفاجئ – الواحد منا يمسى لا يُصبح وساعات تُصبح ولا تُمس مافيش داعى للنكد والزعل– لأن الحياة كلها أيام معدودة – يطلع منها نصفها نوم بالليل ونصفها نقار وخراب ماذا تبقى؟  كيف نقابل بعض يوم القيامة؟    البيت الثالث:

       ولا  تكثرى الشكوى فتذهبى بالهوى        ويقلاقى قلبى والقلوبُ نقلبُ

دائماً تقولين ولادك عملوا كذا وكذا – بطنى – ظهرى – عينى وأذنى ، أنا اتحمل إيه وألا إيه ، مثـال:  هناك رجل ذهب إلى الطبيب بزوجته ، قال لها الطبيب: مما تشتكى؟ قالت: جنبى يمغص علىٌ – وظهرى بيوجعنى ، ورجلى فيها إلتهاب – وأذنى لا أسمع بها، وعينى مزغللة ، قال لها الطبيب: انتظرى – ونظر إلى زوجها وقال له: ثمن ما تعالج به هذه السيدة – هات واحدة جديدة أحسن.

وأنتم كما تعلمون لا يوجد جسم يخلو من المتاعب.  فزوجها يقول لها: (لا تُكثرى الشكوى فتذهبى بالهوى) من كثرة الشكوى يكره الزوج زوجته ،عندما تقابل صديقك ويقول لك : زوجتى عيانة وعمل وعمل والأولاد وأنا مش لاقى أكل – يأتى عليك وقت تقول: فلان هذا وشه غم – لا يقابلنى إلا يحملنى الغُلب.  وهذا غلط – المؤمن لا يشكو إلا للخالق القادر الرافع – الخافض الذى يقدر أن يزيل شكواك ويسمع نجواك– أم بنى البشر من أهل أو أصدقاء إذا كان حبيب يزعل ويحزن من أجلك – وإن كان عدو يشمت فيك فأنت إما بين شامت وبين حزين (ويقلاقى قلبى والقلوبُ تقلبُ)

(فإنى رأيتُ الحب فى الصدر والأذى       إذا اجتمعا لم يلبث الحبُ يذهبُ)

النموذج الثالث:  عوف بن مُلحم الشيبانى ليلة زفاف ابنته.

زوجته كانت موجودة فهى التى تولت كلام بنتها ، قالت: لو كانت الوصية تترك من أجل فضل أدب إو مكرمة حسب لتركت من أجلك. أنت أول واحدة وأنا واثقة …  لأن أنت فيك العلم والفقه. وفيك العقل إن تعيش به سعيدة فى بيت زوجك من غير ما يوصيك أحد ، ولكن الوصية تذكرة للعاقل ، ومنبهة للغافل.

ثم قالت لها: إنك فارقت بيتك الذى منه خرجت وعشك الذى فيه درجت إلى بيت لم تعرفيه وقرين لم تألفيه – فكونى له أمة يكن لك عبداً ، وأحفظى له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.

الأولى و3الثانية:  (اصحبى زوجك بالقناعة وحسن السمع والطاعة) لماذا؟  لأن فى القناعة راحة القلب وفى حسن السمع والطاعة رضوان الرب.  والله هذا كلام عقلاء – كلام نسآء عاقلات – هناك بعض النسآء توصى ابنتها وصايا عكسية.

إذا قالت لك كلمة أعطيها سبعة. البنت تذهب إلى بيت زوجها وهى ملغمة ، ولذلك النكد يقابلها أمام البيت.

فالسيدة توصى ابنتها بالقناعة والذى يرضى بزاده ربنا يحلله.  ولما تسمعى كلام الزوج وطوعيه ربنا يرضى عنك –مادام ربك راضى عنك وقلبك مرتاح  ماذا نريد بعد ذلك؟؟

3فالتفقد لموضع عينه              4 وتعهدى لموضع أنفه

لا يرى منك إلا المليح ولا يشم منك إلا أطيب ريح.  الواقع أن هناك بعض السيدات لما تتزوج وبعد سنة أو سنتين وتخلف عيل لا تأخذ بالها من نفسها وهذه غلطة شنيعةالرجال تشعر بها.

قال الرسول – صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان) ، بنات جنسها ليسوا مريحين الدنيا – والراجل رايح جاى لما ينظر إلى النسآء فى الخارج بهذه الفتنة والجمال ويدخل البيت يجد مراته مبهدلة فى نفسها – فالمفروض أيضا أن لا تقع عينه إلا على نظافة بقدر الإمكان.

وهنا توصى المرأة أبنتها أوعى عينه ترى منك قبيح وأنفه لا يشم منك إلا أطيب ريح.  (خيرُ النسآء ما إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها طاعتك وإذا غبت عنها حفظتك فى نفسها وفى مالك).مصداقاً لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم .

لما ينظر إليها زوجها تسره من منظرها ووجهها بشوش – مهما كان عندها من أوجاع والآلام تختفى و لا تشتكى إلا للخالق – وإذا قال لها يا فلانة تقول: نعم حاضر وكلمة حاضر ترضى الخاطر (نعم ثلاث حروف) و (حاضر) أربع حروف = سبعة أحرف –كل حرف من الحروف السبعة تقفل باب من أبواب جهنم (لها سبعة أبواب)(صلوا على البشير النذير)(.5  -6

 فالتفقد لوقت طعامه ووقت منامه ، فإن حرارة الجوع مُلهبة وتنغيص النوم مُغضبة ساعة لما يأتى يأكل يكون الأكل جاهز – لا يأتى من الشغل وعصافير بطنه بتصوصو وتقول له: أنا لسة بخرط التقلية.

(وجعلنا نومكم سُباتا) إذا لم يعرف الزوج أن ينام يعود هذا على المرأة بالضرر يقوم وهو لم يشبع نوم ويسب ويلعن فى البيت كله نرفزة – الأم تقول لها خذى بالك من الأثنين شبعيه من الطعام والنوم.

يجب أن يكون الطعام جاهز والنوم يكون فيه هدوء.(7  – 8 )

خدى بالك من حشمه وعياله ومن ماله – ماله بالتوفير وحشمه وعياله بالتدبير.  أوعى ينسب لك شئ من الإهمال فى موضوع تربية العيال – العيل طول ما هو صغير ملزوم من أُمه – ليل نهار مع أمه.

(فلا تعصن له أمراً ، ولا تفشى له سراً).(9 – 10

فإنك إن خالفت أمره أوغرتي صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمنى غدره – 11 ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهموما( 12  والكآبة بين يديه إذا كان فرحاً ، وأعلمى أنك لن تبلغى رضاه حتى تؤثرى هواه على هواك.

 

( والحمدلله رب العالمين )

 

اترك تعليقاً