الأخلاق من الدين والإيمان هو الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،

فأيتها الأخوات الكريمات:

          فموضوع اليوم مأخوذ عن إنسان أو إنسانة إن تكلمت في أمور الدين أخذت بالألباب ، أما إذا حاككتها وعاملتها ، وعاشرتها وجاورتها وجدت منها العجب العجاب.

السؤال الآن:  ما هذه المفارقة الحادة؟  (مثل محافظ مدينة في قضية فساد)

وما هذا التناقض المريع بين منطوق هذا الإنسان وسلوكه؟

          فموضوع اليوم هو (الإيمان هو الخلق).

          أول شئ أبدأ به ، كلمة جامعة مانعة لعالم من كبار أعلام العلماء هو الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – قال هذا العالم الجليل:

          (الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان).

          يؤكد هذا القول ، جواب الصحابي الجليل:  (جعفر بن أبي طالب) يوم كان في الحبشة ، والنجاشي يسأله عن حقيقة هذا الدين.

          فالآن عالم من أعلام الصحابة يعرف الدين فيقول:

          “أيها الملك ، كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونسئ الجوار ، ويأكل القوى منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه و صدقه و أمانته و وعفافه ، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان ، (1) وأمرنا بصدق الحديث ، (2) وأداء الأمانة (3) وصلة الرحم ، (4) وحسن الجوار ، (5) والكف عن المحارم والدماء.

          (أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده)

هذه هي الجاهلية ، وحينما قال الله عز وجل في سورة الأحزاب الآية (33):

          (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33))

          فكأن منطوق هذه الآية ، يشير إلى أن هناك جاهلية ثانية أدهى وأمر ، وهي التى نعيشها اليوم.

          أليس كل هذا الذى قاله سيدنا جعفر من مكارم الأخلاق؟

هذا هو الدين:    الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان ، ولكن يقصد الإمام ابن القيم أن المسلم الذى صحت عقيدته ، وأدى عباداته على تمامها ، ثم بعد ذلك الذى يميزه ، ويبعث الناس إلى الدخول في دين الله أفواجاً هو أخلاقه.

الدليل من السُنة النبوية المشرفة:

          وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:

          “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

(1)الخلق الحسن الميزة العظمى للحبيب المصطفى ، صلى الله عليه وسلم:

          الله سبحانه وتعالى أعطى هذا النبي الكريم – صفات لا تعد ولا تحصى من الكمالات:  أعطاه وحياً ، أعطاه معجزة ، نفى عنه النسيان ، سورة الأعلى الآية (6):

(سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6))

          وأعطاه ما أعطاه ، أما حينما أثني عليه ، قال تعالي في سورة القلم الآية (4):

          (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4))

(2)الدين عبادة للخالق ومعاملة حسنة للخلق:

          السيد المسيح في القرآن الكريم قال في سورة مريم الآية (31):

          (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31))

          وكأن هذه الآية تضغط الإسلام في حركتين ، حركة نحو الخالق ، وحركة نحو المخلوق.

          الإتجاه إلى الخالق إتجاه العبادة والتوكل والمحبة والثقة بالله والإعتماد عليه ، والإلتجاء إليه.

          الحركة نحو المخلوق هي الإحسان إليه.

          يكاد يكون الموقع الأول في الدين هو الخلق بعد (1) صحة العقيدة ، (2) وأداء العبادات ولا يخفى عليكم أن من تعريفات الدين أنه:  (عقائد – وعبادات وأخلاق).

الخلق الحسن (1) ما كان من ذات الإنسان إبتداء ، (2) ما كان مبادرة منه شخصياً ، (3) ما كان سلوكاً لا يرجو منه ثواباً ، ولا يخشى منه عقاباً.

أوامر الدين توافق الفطرة السليمة:

          لابد من ملاحظة شئ دقيق ، هي أن المنهج الذى جآء به وحي السماء ينطبق تمام الإنطباق مع فطرة الإنسان ، هذا ما دعا المفكرين أن يقولوا: (إن الإسلام دين الفطرة).

بمعنى:  الشئ الذى أمرك الله به ، نفسك تحبه ، والذى نهاك عنه نفسك تكرهه.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحجرات الآية (7):

          حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ(7))

          قواعد الفطرة رائعة جداً ، هي متطابقة تطابقاً تاماً مع أوامر الله ، فإذا استجبت إلى نداء الفطرة وجدت هذا النداء ينطبق تماماً مع أوامر الله عز وجل ، قال في سورة الروم الآية(30):

          (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ(30))

          وهذا من أعظم النعم على المسلمين ، أن الأمر النهي الذى ورد في القرآن ، وفي السُنة النبوية ينطبق إنطباقاً تاماً مع طبيعة النفس ومع حبها للرحمة ، العدل ، والإنصاف ، والإحسان والعفو والحلم ، فما أمرك الله بأمر إلا وعملت على تطبيقه ، وما نهاك عن شئ إلا وجبلت على تركه ، فلذلك الذى يستقيم على أمر الله يشعر براحة تفوق حد الخيال ، ما سبب هذه الراحة؟  أن النفس متوافقة تماماً مع الشرع العظيم الذى ورد في القرآن الكريم ، وبينه سيد المرسلين.

          لذلك الصحابة الكرام كانو يفرحون بما أُنزل إليهم ، لماذا؟  لأن الذى أنزل إليهم يوافق مع طبيعة نفسهم.

الدليل على ذلك:  أن الله سمى الشئ الذى ترتاح له النفس (المعروف) وسمى الذى تكره النفس (المنكر) ما معنى ذلك؟

معناه أن الفطرة السليمة تعرف الحق بفطرتها ، وأن الفطرة السليمة تنكر الباطل بفطرتها ، فسمى الله عز وجل المعروف معروفاً لماذا؟  لأن كل البشر يعرفونه ، وسمى المنكر منكراً ، لأن كل البشر يبغضونه.

الإنضباط بترك المحظور هو ثمن الجنة:

          إذا تحدثنا عن نوع من الفطرة ، كمثال أن الإنسان جبل على حب المرأة هذه الفطرة ، وتلك الغريزة ، وهذه الشهوة يمكن أن تتحرك في تطبيقها مئة وثمانين درجة ، ولكن الشرع الحنيف سمح لك بتسعين درجة ، اشتهيت المرأة فتزوجت ، لك أن تملأ عينيك من محاسن زوجتك دون أن تشعر بأنك خرجت عن منهج الله ، ولك أن تنظر إلى أمك وإلى أختك وإلى إبنتك وإلى عمتك وإلى خالتك نظراً مشروعاً بحسب درجة القرب.

          لكن أن تقيم علاقة آثمة تبدأ بنظرة ، وتنتهي بالفاحشة مع امرأة لا تحل لك ، فهذا هو الجانب المحظور مما فطرت عليه ، وهذا الحظر هو ثمن الجنة.  مصداقاً لقوله تعالى في سورة النازعات الآية(40 / 41):

          (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41))

          هذه الآيات الكريمة هي (الميزان الدقيق) لمعرفة الإنسان نفسه ، هل هو من أهل الجنة أم من أهل النار؟  وهل هو من السعداء أم من الأشقياء؟  فمن طغى وبغي ، وآثر شهوات الحياة على طاعة ربه فهو الشقي المعذب بالجحيم ، ومن أطاع الله وأتقاه وسارع إلى مرضاة مولاه ، ونهي النفس عما تهواه ، فهو السعيد المكرم في دار النعيم ، فليضع الإنسان نفسه في هذا الميزان.

وطبع الإنسان متناقضان:    أن الإنسان معه تكليف وقد فُطر فطرة عظيمة سليمة ، ومعه طبع والطبع أقرب إلى جسمه ، والفطرة أقرب إلى نفسه ، والتكليف موضوعي.

          ولحكمة أرادها الله جعل التكليف مناقضاً للطبع:

مثال1:  أنت تحب أن تنام ، والتكليف يأمرك أن تستيقظ للصلاة.

(2)أنت تحب أن تطلق البصر والتكليف يأمرك أن تغض البصر.

(3)أنت تحب أن تكنز المال والتكليف يأمرك أن تنفق المال في سبيل الله.

(4)أنت تحب أن تخوض في فضائح الناس والتكليف يأمرك أن تصمت.

          علاقة التكليف بالطبع علاقة تناقض

          ولكن علاقة التكليف بالفطرة علاقة توافق

          أنت حينما تؤدي واجبك ، حينما تغطي كل ذى حق حقه تشعر براحة نفسية لا توصف ، لذلك هذا المحسن ، وهذا المضحي ، وهذا العابد يشعر بمشاعر لا توصف من الراحة النفسية.

الفرق بين الفطرة والصيغة:  قال تعالى في سورة البقرة الآية (138):

          (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138))

          الصبغة أن تصطبغ بالكمال ، من خلال إتصالك برب الأرض والسماوات ، أما الفكرة ، فخلقت محباً للعدل ، خُلقت محباً للرحمة ، خُلقت محباً للإحسان ، فالفطرة أن تحب الكمال ، لكن الصبغة أن تكون كاملاً.

كيف تعرف الحسن من القبيح من الأفعال:

          الأعراف الإجتماعية الآن:  التفلت ، وأن تظهر المرأة كاسية عارية وفي معظم البلاد

الأعراف الإجتماعية أن تشرب الخمر متى شئت.

فعليك أيها المؤمن أن تدقق:  أي شئ ألفه في مجتمعه قد يكون مناقضاً للشرع ، فعليه أن ينبذه فما كل عرف نأخذ به هناك مئات الأعراف ينبغي أن نُركلها بأقدامنا ، والحسن ما حسنة الشرع  والقبيح ما قبحه الشرع.

          أما إذا استحسن مجتمع ما كهذا المجتمع ، أن تبدو المرأة كما خلقها الله بكل زينتها وفتنتها.  فهل هذا الذى استحسنه الناس وتراه في الطرقات ، وفي كل مكان هل هذا يُعد عملاً صحيحاً؟  لا ، أبداً لذلك المؤمن عنده مرجعية وهي الشرع.

أيتها الأخوات:  من دون شك أن الأمة حينما تفقد القيم الأخلاقية تكون قد أنتهت.

          وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت                           فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

          وإذا أصيب القوم في أخلاقهم …                فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

الله عز وجل مصدر الإلتزام الخلقي:   إن مصدر الإلتزام الخلقي الحقيقي هو الله عز وجل فأنت إما ان تخاف من عقابه ، وأما أن ترجو ما عنده هذان المحركان الحقيقان الفاعلان الواقعيان لكل سلوك أخلاقي كامل.

          قد تدعي أنك على خلق إذا كان الإغراء ضعيفاً ، لو عرض عليك مبلغ يسير مقابل أن تخالف قناعتك ترفض أشد الرفض وتقول:  معاذ الله أنا لا أبيع ضميري ، فإذا كان المبلغ بمئات الملايين ربما تفكر ، وقد تقبل ، فمعنى ذلك أن تقول:  ضمير وعقل وتربية وإنضباط إجتماعي كل ذلك كلام فارغ.

          الشئ الحقيقي ، هو أنك حينما تخاف الله أو حينما ترجو رحمته تنضبط ولا سبب للإنضباط إلا هذا السبب ، لماذا؟

(1)لأنك تجد من يدعي يقظة الضمير أحياناً ثم يبيع ضميره.

(2)ومن يدعي أنه عاقل ، ثم تجده غير عاقل.

          أما حينما (1) ينسى ربه ، (2) وينسى الدار الآخرة ، (3) وينسى الموت ، لا يعد هذا الذكي عاقلاً ، أن النبي عليه الصلاة والسلام رأي في الطريق مجنوناً فقال:  من هذا؟ قالوا:  هذا مجنون.  قال:  وما المجنون؟  أجابوه فقال:  “المجنون من أغضب الله”.

          الذى يعصي الله هو المجنون ، فلذلك لا نسمى الذكي عاقلاً إلا إذا عرف الله وعرف سر وجوده وغاية وجوده.  ((وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)).

أنواع الأخلاق:

(1)أخلاق ربانية:  الإخلاص لله ، والرضا بقضاء الله وقدره ، والشكر على نعم الله (نعمة الإيجاد والإمداد والهدى والرشاد ، الحياء من الله ، خشية عقاب الله ، التوكل على الله).  هذه أخلاق ولكنها أخلاق تنظم علاقتك بالله عز وجل.

أما في تعاملك مع الناس:    فهناك إنسانية ، الصدق ، الأمانة ، العفة ، الشجاعة ، الكرم ، التضحية.

(3)أخلاق فردية: (1) أن تفي بالوعد ، (2) أن تفي بالعهد ، وأن تنجز الوعد – (3) أن تكون صادقاً فيما تقول ، (4) وأن ترحم من حولك ، (5) وأن تحلم عليهم ، (6) وأن تعفو عنهم.

ترك الخلق الحسن وبال على الأمة:

          إذا ألغيت الأخلاق من حياة الإنسان صار الإنسان وحشاً.

مثال1:  أيعقل أن يطلق النار على عشرين مليون غنمة في بلد تجارته الأولى (استراليا) بيع الغنم ، من أجل الحفاظ على السعر؟

(2)أيعقل أن تُتلف المحاصيل الزراعية من أجل الحفاظ على السعر؟  وشعوب بأكملها تموت من الجوع.

          الإنسان إذا (1) تخلى عن أخلاقه ، (2) وتخلى عن إيمانه ، (3) وتخلى عن الإيمان باليوم الآخر ، أصبح وحشاً لا كالوحوش.

          والله الذى لا إله إلا هو يستحي الإنسان أحياناً أ، ينتمي إلى الجنس البشري لكثرة ما ترى من الجرائم.  الآن تجدى الموت في كل مكان.  لا يدري القاتل لما يقتل ، ولا المقتول فيم قتل.  هكذا الإنسان بدون أخلاق.

          إن الإسلام واقعي لدرجة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  “كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون”      الترمذي

          لذلك شرع الله (التوبة)

(1)وما أمرنا الله أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا.

(2)وما أمرنا الله أن نستغفره إلا ليغفر لنا.

(3)وما أمرنا الله أن تقبل عليه إلا ليقبلنا.

(4)وما أمرنا الله أن نسأله إلا ليعطينا.

الدعوة بالأفعال (الدعوة الصامتة):

قال بعض المفكرين:  المؤمن داعية إلى الله شاء أم أبى ، وعن وعي أو عن غير وعي كيف؟

          المؤمن الصادق ، (1) الصدق وحده دعوة ، (2) المؤمن أمين ، الأمانة وحدها دعوة ، (3) المؤمن عفيف ، العفة وحدها دعوة ، (4) المؤمن ينجز وعده ، وإنجاز الوعد وحده دعوة (5) المؤمن يحسن إلى جاره ، والإحسان إلى الجار دعوة ، ما المعنى من ذلك؟

          إنك لن تستطيع أن تقنع الناس بعظمة هذا الذين بعباداتك ، هذه عباداتك بينك وبين الله ، والناس لا يتأثرون بها ولكنك تستطيع أن تشد الناس إليك ، وأن تجعلهم يتطلعون إلى هذا الدين العظيم من (1) معاملاتك ، من (2) صبرك ، من (3) حكمتك ، من (4) أمانتك ، من (5) عقلك من (6) صدقك ، من (7) إتقان عملك ، من (8) عفوك ، من (9) حلمك ، فلن تستطيع أن تنطق بكلمة تؤثر فيها فيمن حولك.

          أخلاق الأنبياء ينبغي أن نترسمها ، وأن نتلمس طريقها لأنها طريق توسيع دوائر الحق ، الحق لا يتوسع بإنسان يصلي فقط وله كلام قاس مع الآخرين.

(2)إنسان يؤدي العبادات ، ولكن في الإحتكاك معه مالنا لا نرى له ورعاً ولا ذمة ولا أمانة.

          فلذلك لما سيدنا عمر قال لواحد من الناس:  أتعرف فلاناً؟  قال:  أعرفه ، فسأله: هل سافرت معه؟  قال: لا ، قال له: هل جاورته؟ قال: لا ، قال له: هل حاككته بالدرهم والدينار؟ قال:لا ، قال: أنت لا تعرفه.

          فمعنى ذلك أنه حينما تكون متحلياً بمكارم الأخلاق ، فأنت داعية شئت أم أبيت ، بل إن دعوتك تسمى الآن (الدعوة الصامتة) ، وهي والله أبلغ ألف مرة من الدعوة الناطقة ، لماذا؟  لأن الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، والناس يعرفون الصالح من الطالح ، فإن أردت أن تكون داعية وهذا أعلى منصب تتسلمه ، فعليك بالأخلاق الحسنة مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت الآية (33):

          (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33))

بمعنى:  الآية عامة في كل من دعا إلى توحيد الله وطاعته بقوله وفعله وحاله ، وفعل الصالحات وجعل الإسلام دينه ومذهبه ، وهذه ثلاث شروط:  (1) دعوته إلى الله تعالى بأن يعبد فيطاع ولا يعصي ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر.

(2) وعمل صالحاً فأدى الفرائض واجتنب المحارم.

(3) وفاخر بالإسلام معتزاً به وقال إنني من المسلمين ، فلا أحد أحسن قولاً من هذا ، ويدخل في هذا أولاً الرسل والعلماء المجاهدون – (4) المؤذنون ، (5) الدعاة الهداه المديون.

          يمكن أن تكون دعوتك صامتة ، ولا تحتاج لا إلى (1) فصاحة ولا إلى (2) طلاقة ، ولا إلى (3) بيان ، وذلك بتطبيقك لمنهج الله عز وجل وتحليلك بالكمالات التى ينبغي أن يتحلى بها المؤمن.

 

((والحمدلله رب العالمين))

اترك تعليقاً