الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،

          فإن للإعجاز العلمي في القرآن الكريم صور كثيرة ، أن الله سبحانه وتعالى حينما حدثنا عن أهل الكهف الآية (18) فقال:  (وتقلبهم ذات اليمين وذات الشمال).

          ونحن قد لا ننتبه إلى أن في هذه الكلمات الخمس إعجازاً علمياً يفوق حد الخيال ، قال بعض الأطباء:  إن من الأمراض الخطيرة التى يعاني منها المرضى في المستشفيات (قرحة السرير) إسم المرض قرحة السرير ، فالمرضى الذين تضطرهم أمراضهم إلى البقاء طويلاً على السرير ككسر في الحوض مثلاً ، وككسر في العامود الفقرى ، وكالشلل ، وفي حالات السبات الطويلة ، هذه الحالات المرضية تستوجب أن يبقى المريض مستلقياً على ظهره أياماً ، بل شهوراً ، إن من مضاعفات هذا الاستلقاء مرضاً خطيراً اسمه قرحة السرير.

بمعنى:  الإنسان له وزن كلي ، لكن إذا استلقى على السرير هيكله العظمى مع ما فوقه من عضلات وأنسجة لها وزن ، يضغط على القسم الذى تحت الهيكل العظمي ، وإذا ضغطت العضلات والنسج ما الذي يحدث؟  الأوعية الدموية التى في هذه العضلات والنسج تضيق لمعتها ، فإذا ضاقت لمعتها قل الدم الذى يجرى فيها.

مثال1:  الإنسان إذا جلس على ركبتيه لمدة طويلة يشعر أن هناك تنميل ، هذا التنميل الذى في رجله ، بسبب ضيق لمعة الأوعية الدموية التى بسبب وزنه على رجليه إذا قعد عليهما مدة طويلة.

          إذاً الهيكل العظمي مع ما فوقه من عضلات ونسج يغضط على ما تحت الهيكل العظمي من عضلات ونسج ، فإذا بالأوعية الدموية التى في القسم السفلى تنضغط وتضيق لمعتها ، ويصاب الإنسان بما يشبه التنمل ، فيأتي تنبيه إلى الدماغ.

          الله جل جلاله لحكمة بالغة جعل في كل أنحاء الجسم مراكز ضغط هذه المراكز تتحسس الضغط ، فإذا ضغط الجسم الذى تحت الهيكل العظمي أعطى إشارات إلى الدماغ.

الدماغ ماذا يفعل؟  وأنت نائم ، وأنت غارق في النوم ، يعطي أمراً لهذا الجسم كي يتقلب على طرفه الآخر ، بهذا التقليب يستريح قسم من الضغط ومن ضيق لمعة الأوعية مصداقاً لقوله تعالى في سورة الكهف الآية (18):

          (وتقلبهم ذات اليمين وذات الشمال).

          لقد قام بعض العلماء الغربيين بوضع آلة تصوير أمام إنسان نائم فصورت تقلباته في الليل ، فكانت تقلباته تقترب من 38 مرة ، فكل إنسان نام تقلب من جنب إلى جنب ، لأن هذا التقليب يريح قسماً من عضلاته التى ضُغطت بفعل وزنه وينشط قسماً آخر.

          الآن المرضى الذين لابد من أن يبقوا على السرير مدة طويلة تزيد على بضعة أشهر لابد من تقليبهم باليد ، وإلا تقرحت أجسامهم ، وأنا أسمع من حين إلى آخر أن المريض إذا أُهمل ، وكان مستلقياً لمدة طويلة يكاد لحمه يتسلخ ، ويتقرح ، وقد يموت الإنسان بسبب هذا المرض.

          فلولا أن الله قلب أهل الكهف ، قلبهم ذات اليمين وذات الشمال لما بقوا 300 سنة.  إذاً هذه آية من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

          وقالوا أن هناك أسرة تهتز بشكل دائم بفعل محرك كهربائي من أجل أن تقى المريض قرحة السرير.

          هناك موضوع آخر والإنسان نائم ، غارق في غدده اللعابية تفرز اللعاب ، فإذا كثر اللعاب في الفم ما الذى يحصل؟  تذهب إشارة إلى الدماغ أن هذا اللعاب قد كثر ، فيأتي أمر من الدماغ فيغلق القصبة الهوائية ويفتح المرئ إلى المعدة ويبلع هذا النائم لعابه إلى معدته ، ويعود الطريق مغلقاً إلى المعدة مفتوحاً إلى الرئتين ، هذا كله يتم وأنت نائم ، فعناية الله عز وجل تصحب الإنسان في نومه ودون أن يشعر ، وكذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل بعض الأجهزة النبيلة الخطيرة تعمل آليا من دون إرادة الإنسان ، منها نبض القلب ، لو أن نبض القلب بيد الإنسان فأي إنسان يستطيع أن يميت نفسه في ثانية.

مثال2:  في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

          في سورة البقرة الآية (234):

          (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً).

          (أربعة أشهر وعشراً) هذا الرقم يتوافق مع أحدث البحوث العلمية قد يعجب الإنسان لهذا الرقم المحدد ، لم لم يقل الله مثلاً:  أربعة أشهر أو خمسة أشهر – ستة أشهر – أو شهرين ، قال علماء الطب:  تمر المرأة الحامل بثلاث مراحل:  أولاً:  مرحلة الشك ،   ثانياً:  مرحلة الظن ، ثالثاً:  اليقين.

المرحلة الأولى:  مرحلة الشك ، وفيها ينقطع دم الحيض ، إنقطاعه علامة على حمل المرأة ، ولكن هل هي علامة قاطعة؟  الجواب:  لا.  قد تتوقف هذه الدورة بسبب آخر غير الحمل كالإضطرابات النفسية ، أو الهرمونية ، أو الإختلال في بنية الجهاز التناسلي عند المرأة ، كل هذا يستدعى أن تنقطع الدورة الشهرية ، إذاً فإنقطاع الدورة الشهرية لا يعد دليلاً يقينياً على الحمل ، هذه مرحلة سماها علماء الطب مرحلة الشك.

المرحلة الثانية:  مرحلة الظن ، حيث تأتي المرأة أعراض نفسية كالشعور بالكآبة ، وأعراض هضمية كالإقياء والغثيان والميل إلى العزلة ، هذه الأعراض إصطلح الناس على تسميتها الوحم ، حيث أغلب الظن أنها في هذه المرحلة حامل ، ولكن هل تُعد هذه المرحلة دليلاً قاطعاً على الحمل؟  الجواب:  لا.  لذلك هذه الأعراض التى قد تكون في المرأة ولا حمل معها ، يسميها الأطباء أعراض الحمل الكاذب ، وقد تفاجأ المرأة بأن الدورة قد جآءتها وأُلغى الحمل.

          نجد في اليوم السادس والعشرين بعد المئة ، أي في اليوم العاشر بعد الأشهر الأربعة التى ذكرها القرآن الكريم في الآية الكريمة:

          (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً).

          هذا اليوم السادس والعشرين بعد المئة أي اليوم العاشر بعد الأشهر الأربعة التى ذكرها القرآن ينبض قلب الحنين – ومع نبض قلب الجنين يتحرك ، ومع الحركة تشعر المرأة يقيناً بالحمل ، وهذه المرحلة الثالثة التى سماها العلماء ، مرحلة اليقين.

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:

          في الآية الكريمة في سورة البقرة الآية (228) التى تبين الفترة اللازمة لبراءة الرحم.  ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر)).

          قد يعجب الإنسان ألا يكفى دورة واحدة لتأكد براءة الرحم من الحمل؟

          من المسلم به أنه لا حمل مع حيض ، ولا حيض مع حمل ، فلماذا أمر الله النسآء أن يتربصن ثلاثة قروء ، أفما كان يكفيهن قرء واحد تحيض فيهن؟  فإذا هي ليست بحامل؟ الجواب العلمي:  قيل: لا. ، لا بعد وجود الحيض وانقطاع الدم لمرة واحدة دليلاً على عدم وجود الحمل ، فإن هناك حالات نادرة تحيض فيها المرأة في بداية الحمل مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، لأسباب كثيرة ، فجآءت الآية الكريمة لتعطى براءة الرحم على نحو قطعي ، لا لبس فيه (يتربصن بأنفسهن ثلاث قروء).

          الحقيقة أن ملخص هذا الكلام أن الذى خلق الأكوان هو الذى أنزل هذا القرآن ، وأن الذى خلق الأرحام هو الذى أنزل هذا القرآن نجد أن  هناك توافقاً مذهلاً بين آيات القرآن الكريم وقوانين الكون ، وهذا يؤكد أيضاً أن الله سبحانه وتعالى هو الذى خلقنا ، وهو الذى أنزل على نبيه الكريم هذا الكتاب العظيم الذى هو منهج لنا ، وهذا هو محور الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة من أجل أن نعلم أن النبى عليه الصلاة والسلام جآء بمعجزة مستمرة ، لأنه آخر الأنبياء وخاتم المرسلين ، وأن معجزته ليست حسية كباقي الأنبياء ، بل هي معجزة عقلية علمية مستمرة إلى يوم القيامة.

          الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – د. محمد راتب النابلسي.

 

         

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً