الجنة قريبة من من؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله وكفي ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.

 

أما بعد،،،

          فلقد أعد الله عز وجل للذين ءامنو وعملوا الصالحات جنة عرضها السموات والأرض وكذلك أعد لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

          فإن الله لا يأجر على مجرد العلم أو التعلم وإنما يأجر (يعطي الثواب) على العمل.

          إنما يأُجر على العمل مصداقاً لقوله تعالي في سورة الصف الآية (3):

(كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ).

          كبر مقتاً:       عظُم بُغضاً بالغ الأهمية.

          ولقد شاهد النبى – صلى الله عليه وسلم – قوماً من أصحابه في مسجده الكريم قال:  (ما الذى أجلسكم؟)  قالوا:  جلسنا نتفقه في ديننا.  قال صلى الله عليه وسلم: (تعلموا من العلم ما شئتم أن تتعلموا فوالله لن تُؤجروا حتى تعملوا).

          فالأجرُ من الله عز وجل على العمل والتطبيق ولأُمي من الفلاحين والأرياف عامل بكتاب الله عز وجل وبسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم خير عند الله من ألف دكتور ومن ألف مهندس ومن ألف محامي ومن ألف مدرس لا يعملون بدين الله ولا يخشون الله ، فالله عز وجل يحترم الناس ويوقرهم ويرضى عنهم ويجلُهم بعملهم لا بما يحملون من شهادات بل قد تكون المؤهلات حُجة على أصحابها ، لأن العلم علمان:

(1)علم في القلب يُورثُ خشية الله فذاك العلمُ النافع.  (2) وعلم على اللسان فذاك حجة الله على ابن آدم.  وهذا كلام خير الأنام ومصباح الظلام محمد صلى الله عليه وسلم.

          فأحرصوا على أن يكون علمكم علماً في القلب ترثُون منه خشية الله حتى تلين له جلودكم وقلوبكم وأبشاركم وأحذروا كل الحذر أن يكون علماً لمجرد التفكه والنقد والسماع.

          (ادخُلوها بسلام ذلك يومُ الخُلود)

          ادخلوها بسلامة من العذاب بسلام من الله وملائكته عليهم مسُلماً عليكم وسالمين من كل (1) مخوف كالموت ، (2) والمرض ، (3) والألم والحزن ، وذلك يوم الخلود أي في الجنة وفي النار فأهل الجنة خالدون فيها وأهل النار خالدون فيها.

          (لهُم ما يشاءُون فيها)

          يعني ما تشتهيه أنفهسم وتلذ أعينهم.

          (ولدينا مزيد) من النعم مما لم يخطر على بالهم.

          المزيد النظر إلى وجه الله تعالى بلا كيف.

          مصداقاً لقوله تعالي في سورة يونس الآية (26):

          (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).

          قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (الزيادة النظر إلى وجه الله).

         قال ابن مسعود:

          (تسارعوا إلى الجمعة فإن الله تعالى يبرز (يظهر) لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب).

          يقول الله تعالى في سورة العنكبوت الآية (58 ، 59):

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(59).

          (نعم أجرُ العاملين) من العاملين؟

          (هم الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) من الذى يسكن هذه الغرفة؟

          وهذه أوصاف جديدة لأهل الجنة أنهم صابرين ومتوكلين.  وهل يارب الصبر يعتبر عمل؟  نعم وأحسن عمل عندي ، ولهذا قدم الله تعالى الصبر على العمل :  (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) – لولا الصبرُ ما أطاع الطائعون ولا عبد العابدون.

          هناك ثلاث أنواع من الصبر؟  ومن أداها فهو الصابر

(1)الصبر على أداء الطاعات.    (2) الصبر عن المعصية.  (3) الصبر على البلاء.

         وكلمة الغرفة لها نظير في سورة الزُمر الآية (20):

(لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ).

         فلقد كان الصحابي الجليل وهو الأُمي يأتي راكب ناقته يقول يا رسول الله أخبرني عن الإسلام ؟ فيخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – في كلمات معدودات فيقول الأعرابي :

          (والله لا أُزيد على ذلك ولا أنقص).

          فبمجرد أن سمع أن الإسلام توحيد – وصلاة وصيام وحج وزكاة.

          يقول:  والذى بعثك بالحق نبياً لا أزيد على ذلك ولا أنقص.  ثم يُولى ويذهب إلى عمله ويقول النبى – صلى الله عليه وسلم:  (أفلح إن صدق ، من سرهُ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا).-

          فهذا رجل أناله الله الجنة ومنحه الجنة لأنه سمع كلمات معدودات (1) فقيهها ، (2)وعلمها وعاهد الله أن يعمل بها فأخذ الجنة في لحظات معدودات وكم هناك من أُناس لا يقضون لحظات بل ساعات بل أيام وشهور وسنين في تلقي العلم وعندهم من الفلسفة ما يغلبون به إبليس نفسه ولكنهم عن العمل والتطبيق ألعن من إبليس نفسه.

          فنسأل الله عز وجل أن ينفعنا بالفقه في الإسلام وبالعمل في الإسلام وأن يجعل هذه الدروس مُزكية للنفوس ومطهرة للأرواح وأن يجعلها عملاً وتطبيقاً لا قولا ولا مجرد كلام.

          في سورة الفرقان الآية (15):

(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا).

          وهذا تنظير ومقابلة لأهل النار قبل هذه الآية أهل النار الذين قال الله في شأنهم في الآية 12 ، 13 ، 14:

(إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا(12)وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا(13)لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا)(14).

          من يقول إن السعادة زي الشقاء – من يقول إن الراحة زي التعب – من يقول إن النعيم زي الجحيم.

          ونبحث عن أصحاب الجحيم الذين يصلون السعير ويلدغون بالثعابين والحيات والعقارب والحميم (حميماً آن).

          كل هذه المصائب علشان آية؟  (1)  علشان شهوات في لحظات معدودة ، (2)علشان لحظات قضوها في معصية الله ، وما نالوا منها شئ ونبحث عمن نالوا الجنة العالية الرفعية ما هو ثمن الجنة؟  الإستقامة

          والإستقامة عقل ورزانة ومحبة وألفة بين الناس.

          الطاعة التى توصل إلى الجنة الغالية التى فيها النظر إلى وجه الله الكريم ليس فيها غرامة أبداً.

مثال: 

(1)            درس العلم الذى نحضره ماذا غرمنا فيه آتينا المسجد وبعد ساعة أو ساعتين انصرفنا,

(2)            الصيام:  بل على العكس صُوموا تصحوا.

(3)            الصلاة:  تعارف وتآلف وتعاون ويأتون من كل مكان وياما مصاهرات وزواج يتم باللقاء في بيت الله تحت ظلال الله وتحت رعايته ما الذى يخسره المؤمن بإيمانه؟.

          ما الذى يخسره العابد بعبادته ، فسبحان الله النار غالية يبقي نار في الآخرة وغرامة في الدنيا والنعيم نعيم في الآخرة وصلاح وراحة في الدنيا وسيرة طيبة حتى بعد أن يموت بعد 40 سنة 100 سنة بل بعد ألف سنة.

          الشافعي لما تأتي سيرته يقول (رحمه الله) أبوحنيفة – مالك – أحمد بن حنبل – البخاري ومسلم والترمذي والخلفاء الراشدين أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – القُواد:  خالد ، أبوعبيدة بن الجراح وشراحبيل بن حسنه ويزيد بن أبي سفيان كل هؤلاء تتلقى أرواحهم الآلاف الهدايا في كل طرفة عين ماذا فعلوا؟  الصلاح

          بعد كل هذه البهدلة يقول الله تعالى:

          (أذلك خير أم جنةُ الخلد التى وُعد المتقون).

          التى وعد الله تعالى بها عباده الذين اتقوا عذابه بالإيمان به وبرسوله وبطاعة الله ورسوله قطعا جنة الخلد خير ولا مناسبة بينها وبين السعير وإنما هو التذكير لاغير.

وكان لهم في جنة الخلد ثواباً (ومصيراً) يصيرون إليه لا يفارقونه (لهم فيها مايشاءون) خالدين ، فيها من أنواع المطاعم والمشارب والملابس والمساكن ، لا يموتون فيها ولا يخرجون . سورة الفرقان الآية 16

(لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولا).

          يسأل عباد الله المتقين ربهم (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) والملائكة تقول:  (ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم أنك أنت العزيز الحكيم).

          وعد الله المؤمنين الجنة جزاء على أعمالهم فسألوه ذلك الوعد فقالوا:  (بنا آتنا ما وعدتنا على رسلك)  وكذلك الملائكة تسأل لهم الجنة.  (ربنا وأدخلهم …..) .      يقول الله تعالى في سورة الشعراء الآية (90):

(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ).

          قربت وأدنيت ليدخلوها – الله ربهم فلم يشركوا به في عبادته ولم يجاهروا بمعاصيه.

          وكما في سورة ( ق ) الآية (31 : 35):

(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ(34)لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)).

          أى قربت منهم وهي غير بعيد منهم.

          وقربت للمتقين وهم الذين اتقوا الله تعالى بترك الشرك والمعاصي فلا تركوا فريضة ولا عملوا كبيرة.

          ويقال لهم هذا ما توعدون من النعيم المقيم ، لكل أواب حفيظ أى رجاع إلى طاعة الله .

          حفيظ أيضاً لذنوبه لا ينساها كلما ذكرها استغفر الله تعالى بها.

          الأواب:  المسبح   مصداقاً لقوله تعالى:  (ياجبال أوبى معه) سبأ الآية (10).

          الأواب:  هو الذى يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها.

          الأواب:  وعن أبن مسعود قال:  كنا نحدث أن الأواب الحفيظ الذى إذا قام من مجلسه قال:  سبحان الله وبحمده – اللهم إنى استغفرك.

          وفى الحديث:

          (من قال إذا قام من مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر الله له ما كان في ذلك المجلس).

          وذكر الماوردي في تفسيره:

          عن أبي هريرة قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (من حافظ على أربع ركعات من أول النهار كان أواباً حفيظاً).

          (من خشي الرحمن)

          الخشية بالغيب أن تخافه ولم تره – في الخلوة حين لا يراه أحد وقال الحسن

البصري في تفسيره:  إذا أرخى الستر وأغلق الباب (وجاء بقلب مُنيب) إلى ربه (1) أي مقبل على طاعته ، (2) بذكر الله  (3) فلا ينساه ويطيعه فلا يعصيه.

          (إلا من أتى الله بقلب سليم)  لكل من أتي الله أى جاءه يوم القيامة وقلبه سليم من الاشرك والنفاق فهذا ينفعه عمله الصالح.

 

 (والحمد لله رب العالمين)

 

 

 

 

اترك تعليقاً