القاعدة الإقتصادية والقاعدة التشريعية في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

تابع/غزوة بني النضير:

          وبعد أن سردنا لكم القصة تاريخياً وعلقنا عليها في سورة الحشر وصلنا إلى قاعدتين مهمتين:  قاعدة اقتصادية إسلامية وقاعدة تشريعية تكلفية.

القاعدة الأولى:  الإقتصادية:

          قوله تعالى:  (لكي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم).

          إن الله عز وجل من أجل عدم إحتكار الأغنياء للمال وحرمان الفقراء منه أوجب الزكاة وجعلها ركن من أركان الإسلام.  بنصابها المعروف وبمقاديرها المحددة.  (2) كما شرع أيضاً الفئ.  (3) والغنيمة ، (4) وزكاة الركائز (وهي مدفون الجاهلية وكنوزها) كما أوجب الله الكفارات لكي يمنح الفقراء فرصة للإطعام. ، ورفع الآلام والحرمان عنهم وشرع الدين أيضاً المزارعة – ببعض المحصول – وأباح للحاكم أن يوظف أموال الأغنياء إذا قل مال بيت المال ، وأباح للحاكم المسلم العادل أن يستولى على فضول أموال الأغنياء السائلة لكي يعطي منها المحرومين.

          ومع كل ذلك قد أباح الله الملكية الفردية ولو بلغت ملايين الملايين بشرط أن (1)يكون المالك نافع لأمته غير مقامر ولا محتكر ولا مرابي

والقاعدة الثانية:  القاعدة التشريعية:

          وكما أن الإسلام بنى اقتصاده على عدم إحتكار الأغنياء للمال وحرمان الفقراء منه بنى تشريعاته وتكاليفه على أى شئ؟؟

          بُني تشريعه على أن يكون التشريع بالحلال والحرام من منبع واحد لا شريك له وهو الله عز وجل – فليس قبل الله ولا مع الله ولا بعد الله مشرع أبداً يأخذ المسلم عنه تشريعاته.

          وكا ما ورد لنا من غير الله عز وجل فهو باطل لفقد السند.

          وهذه القاعدة أخذناها من قوله تعالى في سورة الحشر الآية (7):

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

          وهذا نص صريح لا لبس فيه ولا غموض.

          فلو سألك سائل علام اعتمدتم على ما تصنعون وممن أخذتم ما تعملون وما تقولون ومن أى منبع؟

          من آية  في كتاب الله – الله أمرنا بها وهي فى سورة الحشر:

          (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ…..)          وهى بعض آية – جملة أو قطعة من آية.

بمعنى:

          ما أمركم به من طاعة فافعلوه وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه ، وقد قيده النبى – صلى الله عليه وسلم بقوله:

          (إذا أمرتُكم بأمر فأتوا منه ما استطعتُم ، وإذا نهيتُكم عن شئ فأجتنبوه).

          مهما أمركم به فافعلوه ، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه ، فإنه إنما يأمر بخير ، وإنما ينهي عن شر.

          ءاتاكم:            بمعنى أعطاكم – العطاء – البذل – الدفع

            الذى أعطاكم هو الرسول – صلى الله عليه وسلم – من تكاليف وتعليمات وأوامر – تشريعات ، ونواهي خذوه  – لم يقل الله تأملوه أو إنظروا إليه بل قال: خذوه وما أعطاكم أو ما أتى به إليكم فخذوه اقبلوه خاضعين مُذعنين مُستسلمين ، وما نهاكم عنه:  إذا حذركم من شئ فاتركوه .

          الآية تريد أن توضح أن الشريعة قسمين:  (1) قسم أوامر أفعل.

                                                                   (2) قسم نواهي أترك.

          قسم الأوامر وهي الإيجابيات علينا تنفيذها – والسلبيات التي هي النواهي نتركها.

الإيجابيات:  (اقيموا الصلاة) (إذا قمتم إلى الصلاة فأغسلوا وجوهكم ..) (كتب عليكم الصيام) (ولله على الناس حج البيت لمن أستطاع إليه سبيلاً).

          لو فعلت ذلك  أطعت الله فيما أمر من إيجابيات.

          (أُصدق إذا حدثت)  لا أقول كلمة لم تحدث – علينا بالصدق.

          (أوفى إذا وعدت) كن أميناً كن شريفاً عند الخصومة لا تسب ولا تشتم ، إكرام الضيف – إكرام الجار – الجهاد في سبيل الله – قراءة القرآن – الذكر – الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – كلها أوامر – فالصلاة تقوم للصلاة – الزكاة سوف تدفع فلوس – الوضوء في الشتاء والبرد في منتصف الليل – بعكس جانب النواهي ليست متعبة – علينا البعد عنها.

          وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما أستطعتم ، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه).  (اتركوه).

          جانب الأمر يخالف جانب النهي – الرسول يقول إذا أنا نهيتكم عن شئ فانتهوا.

          وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما أستطعتم لماذا؟  لأن الأمر هنا تكليف ، والتكليف أخبر الله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

مثال 1:  فلو ربنا قال حج – أنا يارب ليس عندي فلوس؟  فإذا مت تموت نظيفاً.

مثال 2:  فإذا قال الله تعالى (أقيموا الصلاة) جئت أصلي ولا أجد مآء – ربنا هنا قال: (فلم تجدوا مآءً فتيمموا).

          إذا أمر يؤمر حسب الإستطاعة – واحد محبوس في سجن وليس عنده تراب أو رمل – صلى بدون تيمم – ولا يستطيع يُصلى إلى القبلة.

          (ولله المشرقُ والمغربُ فأينما تُولُوُا فثم وجهُ الله) سورة البقرة (115).

          مش قادر أركع لأني مربوط لا تركع – إيماء برأسك = حرك الرأس ، إذا كانت الرأس لا تتحرك – الشرع قال عليه أن يجري أركان الصلاة على قلبك – ما معنى هذا؟  يخيل أنه وقف واستقبل حتى يسلم – هذا لم يتوضأ ولو يقوم بأركان الإسلام ولكن الله يكتبها عنده صلاة كاملة ولا يأمره أن يُعيدُها.

          لأن الله قال:  (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

مثال 1:  (( لا تأكلوا الربا ))  الربا ممنوع

          (إن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمُون ولا تُظلمُون).

          مالك الأصلى فقط إذا أخذت عليه مليم زيادة يبقى ربا (هذا جانب النهى).

مثال 2:   ( ولا تقربوا الزنا )

          القُبلة حرام – اللمس حرام – العناق كله – الله سبحانه لم يقل لا تزنوا ولكن قال:  (لا تقربوا الزنا) – فالله ينهاه عن الزنا من بعيد.

          (إن لكل ملك حماً وحمى الله محارمه).

          بدأ الله تعالى:  (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم).

الشرع هنا قال:

          نقفل العين من الأول – إذا أغلقنا العين لا تحدث فاحشة.

الحديث يقول:    (النظر بريد الزنا)

          فنظرة فإبتسامة فموعد فلقاء ففاحشة (لا تتبعوا خطوات الشيطان).

            نجد أن الله سبحانه رفيق وحليم في الأوامر ، مصداقاً لقوله تعالى:

          (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

أما في النواهي – فيها الزجر:

          اتركوها    فاجتنبوها.

العلماء استنبطوا منها عبرة:

          أنت إذا بادرت بالخير ربما لحقت منه أكبر كمية – وإذا بادرت بعلاج الشر ربما أزلت أقل كمية في علاجه.  إذا تأخرت في هذا أو ذاك فقد يحملك التأخر على الغرم الكبير. بمعنى:

مثال 1:  نادى المؤذن للصلاة (حي على الصلاة)

          باب خيرباب جنة أرسله الله إليك – (حي على الصلاة) بمعنى تعالوا صلوا.  فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله – الحول والقوة منك يارب. 

أنت بادرت بالصلاة سمعنا وأطعنا.

فالله سبحانه وتعالى يكتبك من أول السابقين ويجعلك في الآخرة أول الداخلين في الجنة ويقول لك:  (أنا لك كما كنت لي).

دخلت الصلاة في وقتها تكون أعلى من أصحاب اليمين – تكون من السابقين (السابقون السابقون) لأنك كنت في الدنيا سباق إلى الله.

والصلاة في أول وقتها تنال رضوان الله وهو أعلى من الرحمة والمغفرة والعفو.

تعالى على العكس المؤذن يقول:  حي على الصلاة – لسه بدرى مشغول بفيلم أو مسلسل أو بضيف أو نأكل أو نشرب – مشغول بشهوة سواء كانت حلال أم حرام.

لما فات نصف الوقت – ربنا لما يغضب من الإنسان يلخبط دماغه – ربنا يقول للملائكة سدوا الباب في وجهه – يرسل له ضيف أو يبعث له تلغراف أو تحدث حدثة لأحد أبنائه يتلخم ولا يفكر في الصلاة تروح عليه ويذهب وقتها.

أما من ناحية الغُرم:

        نفرض أن واحد عنده صداع – فبادر واشترى اسبرين وأخذ كوب شاي بالليمون – بعد ربع ساعة – ماشآء الله – صار نشيط لأنه بادر الشر وجسمه من أول الأمر.

          وإذا لم تذهب إلى الصيدلية وتأتي بالإسبرين كان يتفاقم المرض – تقلب بنزلة شُعبية.

                                       ( والحمد لله رب العالمين)    

         

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً