المواريث

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على منقذ البشرية وهادى الإنسانية محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد،،،،

          فعن أبى هريرة – رضى الله عنه أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  ( تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم وهو أول شئ يُنسى وهو أول شئ ينتزع من أُمتى)  ج 4 ص 67  أخرجه الدار قطنى.

          تعلموا الفرائض:  تعلموا علم المواريث.

الحديث الثانى:

          عن عبدالله بن مسعود قال:  قال لى رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس ، وتعلموا العلم وعلموه الناس فإنى امرؤ مقبوض ، وإن هذا العلم سيقبض ، وتظهر الفتن ، حتى يختلف الإثنان فى الفريضة لا يجدان من يفصل بينهما).    أخرجه الدار قطنى ج 7 ص  67.

          وكان معظم علماء الصحابة وعظم مناظرتهم ، ولكن الخُلق ضيعوه ، وانتقلوا منه إلى الإجارات والسلم والبيوع الفاسدة والتدليس ، إما لدين نقاص أو علم قاصر ، أو غرض فى طلب الدنيا ظاهر ، وربُك يعلم ما تُكن صدورُهم وما يعلنون

آيات المواريث:

الآية الأولى فى سورة النسآء الآية (11):

(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).

(1)    أعلموا أن هذه الآية ركن من أركان الدين ، وعمدة من عُمد الأحكام ، وأم من أمهات الآيات ، فإن الفرائض عظيمة القدر حتى أنها ثلث العلم ، وقد قال – صلى الله عليه وسلم:  (العلم ثلاث ، آية محكمة يُسن تعالى فيها توارث الأبناء مع الآباء – إذا مات الرجل وترك أولادً ذكوراً وإناثاً فإن اتركة تقسم على أساس أن للذكر مثل نصيب الأنثيين).

(2)     وإن ترك بنات اثنتين أو أكثر ولم يترك معهن ذكراً فإن للبنتين فأكثر الثلثين من التركة.

(3)     وإن ترك بنت واحدة فإن لها النصف.

(4)     وإن كان الميت قد ترك أبويه (أمه وأباه وترك أولاداً ذكوراً وإناثاً فإن لكل واحد من أبويه السدس والباقى للأولاد).

(5)     فإن لم يكن للميت ولد ولا ولد ولد فلأمه الثلث وإن كان له أخوه إثنان فأكثر فلأمه السدس.

لا تقسم تركة الميت إلا بعد أن يخرج منها ما أوصى به إن كان الثلث فأقل – ثم بعد ذلك نخرج الدين الذى على الميت ، الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن ننفذ هذه الوصية المفروضة منه وبين لنا أننا لا نعلم بأن (الآبآء والأبناء) أيهم أقرب لنا نفعا فى الدنيا والآخرة فعليكم أيها المسلمون ان تقسموا التركة كما علمكم الله بلا محاباة فإن الله تعالى وهو القاسم والمعطى عليم بخلقه وبما ينفعهم.

لقد أوجب الله سبحانه وتعالى توريث النسآء والرجال ، ولم يُفرق بين صغير وكبير ، ولا بين ذكر وأنثى ، بل جعل للكل نصيباً فى الميراث.

لماذا كان نصيب الذكر ضعف الأنثى؟

          لحكم كثيرة نذكر منها:  (1) أن المرأة مكفية المؤن والحاجة ، فنفقتها واجبة على أبنها ، أو أبيها ، أو أخيها.

(2)     المرأة لا تكلف بالإنفاق على أحد ، بخلاف الرجل.

(3)     نفقات الرجل أكثر ، والتزاماته المالية أضخم ، فحاجته إلى المال أكبر من حاجة المرأة.

(4)     الرجل يدفع مهراً للزوجة ، ويكلف بنفقة السكنى ، وبالمطعم ، والملبس.

          والشريعة الإسلامية لا توجب على المرأة أن تنفق شيئاً من مالها على نفسها أو أولادها – مهما كانت غنية موسرة – مع وجود الزوج ، لأنه هو المكلف بالنفقة عليها.

مثال 1: 

إنسان توفى وخلف ولدين فقط (ذكراً وأنثى) وترك ميراثاً لهما ثلاثة آلاف جنية، تأخذ الأنثى (1000 جنية) ويأخذ الذكر (2000 جنية) ، وإذا كان على أبواب الزواج ، وأراد الشاب أن يتزوج ، فإنه يدفع المهر لزوجته ، ولنفرض أن المهر (2000جنية) فقط دفع كل ما ورثه من أبيه مهراً لزوجته ، فلم يبق معه شئ ، ثم يكلف بعد الزواج بكل النفقات ، السكنى ، والطعام والشرب ، البنت أخذت (1000 جنية) ثم هى لا تكلف بإنفاق شئ من مالها مهما كانت غنية – فمالُها زاد ومال أخيها نقص ، وما ورثته من أبيها بقى ونما ، وما ورثه من أبيه ذهب وضاع.

          من الذى تنعم وترفه أكثر ، الذكر أو الأنثى؟  هذا هو منطق العقل والدين ، فى ميراث البنات والبنين.

سبب نزول آية المواريث:

          رُوى فى سبب نزول آية المواريث ، وهى أن امرأة (سعد بن الربيع) جآءت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بابنتيها من سعد ، فقالت:  يارسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع ، قتل أبوهما سعد معك بأُحد شهيداً ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالاً ، ولا تُنكحان إلا بمال ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (يقضى الله فى ذلك) فنزلت آية المواريث.

          فأرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى عمهما أن أعط ابنتى سعد الثلثين وأمهما الثمن ، وما بقى فهو له

          وآيات المواريث هى قال تعالى فى سورة النسآء الآية (7):

(لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا).

        وقال الله تعالى فى سورة النسآء الآية (11 ، 12):      

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)(12).

          وقال الله تعالى فى سورة الأنفال الآية (75):

(وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

          وقال تعالى فى سورة الأحزاب الآية (6):

(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا).

          (ولما نزلت آيات المواريث ، كبر ذلك على العرب ، فكانوا يودون أن يُنسخ ذلك الحكم ، لأنه كان يخالف ما اعتادوه وألفوه).

          روى ابن جرير الطبرى:

          عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال:  لما نزلت الفرائض التى فرضها الله ، للولد الذكر ، والأنثى ، والأبوين ، كرهها بعض الناس وقالوا:  تعطى المرأة الربع ، والثمن ، وتعطى الأبنة النصف ، ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم (فرسان) ولا يحوز الغنيمة !!  أسكتوا عن هذا الحديث ، لعل رسول الله ينساه، أو نقل له فيغيره.

فقال بعضهم يارسول الله:  (أنعطى الصبى الميراث ، وليس يُغنى شيئاً ، أنعطى الجارية نصف ما ترك أبوها وليس تركب الفرس ولا تقاتل القوم؟).

هذا شأن الإسلام مع المرأة ، رفع عنها الظلم ، وورثها بعد أن لم تكن ترث ، وجعل لها نصيباً مفروضاً على كره من الرجال.

ظهرت فكرة خبيثة من المبتورين الغربيين:

يقولون: إن الإسلام بخس المرأة حقها فى الميراث ، وجعلها على النصف من حظ الرجل ، يريدون أن يرفعوا الظلم عنها.

          وهؤلاء يمكرون بالمرأة ويغررون بها من أجل أن تتمرد على تعاليم الإسلام – هؤلاء الغربيين الضالين هم أنفسهم الذين ضنوا عليها بلقمة العيش ، وبخلوا عليها بالنفقة ، وأجبروها على النزول إلى العمل لتتكسب وتنفق على نفسها من مالها الذى جمعته – هم أنفسهم الذين يحرمون المرأة من حرية التصرف ، حتى فى أموالها الخاصة ، إلا بإذن الرجل ويعرضونها للخطر فى نفسها وعرضها ثم يدعون أن الدين الإسلامى قد ظلمها وأن الشريعة قد بخستها حقها.

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

 

اترك تعليقاً