حقوق الزوجة على زوجها (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

          فنحن بإذن الله نتحدث عن حقوق الزوجة على زوجها وهى كثيرة ومنها:  (1)المهر ،  (2) الإنفاق عليها ،   (3) العدل ،   (4) الإرشاد والتعليم ،    (5) تأديبها ، (6) تسليتها ،  (7) إعفافها ،  (8)  الوفاء لها – وإمتداد الوفاء لها إلى ما بعد الموت.  (9) الإحسان فى تطليقها ،  (10) الغيرة عليها ،  (11) المحافظة على مالها.  (12)مشاورتها ،  (13)  عدم تطليقها بغير سبب معقول.  (14) المحافظة على شعورها.

          أما حقوق الزوج على زوجته فهم سبعة حقوق فقط:  (1) طاعة الزوج ،  (2)المحافظة على شرفه ، (3) المحافظة على شعوره ،  (4) تدبير المنزل ،  (5) تربية الأولاد ،  (6)  الوفاء ،  (7)  الإحداد.

          انظرى معى كيف أعطى الله لك 14 حق وأعطى له 7 حقوق ، ومع ذلك دفع الجنون بكثير منهن وممن يشجعونهن إلى التهجم على النصوص الدينية والإلحاد فى تفسيرها لتتفق وأغراضها.

          مع أن المرأة لو ترى إلى حد بلغ تكريم الإسلام لها ، والمرأة فى حسن إدارتها للمنزل لا تقل شأناً عن الرجل فى الجهاد فهى تُشيع الأمن والإستقرار والسعادة فى هذا البيت الذى يسكن إليه الرجل.

          إن الغرض الظاهر للرجل من زواجه هو المتعة ، وهذا ما جعله يسعى راضياً مشوقاً يطلب يدها من أهلها باذلاً عن طيب خاطر كل ما يفرض عليه من أجلها – وبهذا يجب أن تكون رهن إشارته فى هذه الناحية بالذات – وتكون فى حسن هيئة وظرف حديث وسمو أدب.

          ولتعلم المرأة أن الرجل الذى وهبها قلبه – يجب أن تهبه قلبها وتقصر نظرها عليه وحده ، وتسلم إليها روحها فتبادله حباً بحب ووفاء بوفاء – بهذا ينير البيت كله بتيار السعادة.

          الحق الأول من حقوق الزوجة على زوجها هو المهر:

أولاًالمهر:  هو مال يُقدم للمرأة من الزوج عند الإقتران بها.

فائدة المهر:  (1) توثيق الصلات ،  (2) إيجاد أسباب المودة والرحمة.

(3)     إثبات صدق الزوج وإثبات أن المرأة تمثل عنده شيئاً عظيماً فى عينيه إذ هو يقدم لها أعز ما يملك بعد النفس وهو المال ، لأن المال شقيق الروح.

(4)     والمرأة تشعر بالعاطفة والإنتماء نحو من قدم لها هذا المال.

(5)     المهر يطيب نفس المرأة ويرضيها بقوامة الرجل عليها.

الدليل على المهر من الكتاب:   سورة النسآء الآية (4):

(وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا).

          نحلة:  وهى فريضة واجبة على الأزواج (عطية من الله للمرأة).

          الخطاب فى هذه الآية للأزواج.

          هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة.

          (فإن طبن لكم عن شئ منهُ)  مخاطبة للأزواج –  ويدل على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكراً كانت أو ثيباً جائزة.

          (هنيئاً مريئاً) الهنئُ الطيب الذى لا ينغصه شئ.

          المرئ:  المحمود العاقبة التام الهضم الذى لا يضر ولا يؤذى.

          هنيئاً:  ما يستلذ به عند أكله –  المرئ:  ما تحسن عاقبته بأن لا يعقب آثاراً سيئة.

          يأمر الله تعالى المؤمنين بأن يعطوا النسآء مهورهن فريضة من الله تعالى فرضها على الرجل لأمرأته – فلا يحل له ولا لغيره أن يأخذ منها شيئاً إلا برضى الزوجة – فإن هى رضيت فلا حرج فى الأكل من الصداق.

الدليل على المهر من السنة:  إن النبى – صلى الله عليه وسلم – دفع صداقاً لنسآئه وأمر الصحابة أن يقتدوا به.

الحديث الأول:  (إن أعظم النكاح بركة أيسرهُ مؤنة)  التكلفة والمصاريف والمقصود هنــــا

المهر.  (هذا الحديث لعائشة – رضى الله عنها – رواه أحمد بن حنبل).

الحديث الثانى:  (خيرُ الصداقُ أيسره).

          ما هو المقابل الذى تقدمه المرأة مقابل المهر؟؟

(1)            الإحتباس لحق الزوج ولا تخرج إلا بإذنه.

(2)            أن تكون طوع أمره ما أطاع الله تعالى.

(3)            تراعى زوجها وأن تحاول أن توفر للبيت روح المودة والعطف.

مقدار المهر: 

الثابت فى السنة أن المهر لا حد له زيادة لا نقصاً ليس هناك نص فى الحديث أو قرآن يفيد أن المهر له حد زيادة أو نقصاً ، (إنما تُرك الأمر للعرف مع مراعاة التيسير والتخفيف على الناس فهذه رحمة من الله).

          على أن أحوال الناس تختلف من عصر إلى عصر من مكان إلى مكان ومن جماعة إلى جماعة ، ومن زمان إلى زمان.

          فمن قدم مهراً كبيراً فهو فضل ونعمة مادام يستطيع ذلك ، ومن قدم مهراً قليلاً فهذه هى استطاعته ولا تدخل للشرع فى هذه الأشياء ، إلا عندما يسوء إستخدام الناس لهذا الأمر ، كما نشاهد فى بعض الأحيان تكثر المطالب بمهر كبير.

          ويعجز الشباب عن تقديمه وتكون النتيجة عزوف الشباب عن الزواج.

(2)     وإنتشار العنوسة بين النسآء كما نشاهده الآن.

(3)     لجوء العصاه إلى الفواحش والزنا والسبب هو تحميل الناس من المهور بما لا يستطيعون.

          إن المهر الذى يدفعه الزوج لا يمثل وسيلة حفظ أو ضمان فى جميع الأحوال إنما يلزم معه (الخلق الحسن والدين عند الزوج).

          كما قال الحسن بن على لرجلاً يسألهُ إلى من يزوج إبنته؟

          قال:  (إلى تقى إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لا يظلمها) ، ولن ينفعها ماله – أما إن كان المال قليلاً وهو يخشى الله ويخافه ويؤدى ما عليه ويأخذ الذى له فإن المرأة تنعم بسعادة لا نهاية لها.

مثال (1) عن المهر القليل:

          عن أنس (أن أبا طلحة خطب أم سليم ، فقالت:  والله ما مثلك يرد ولكنك كافر وأنا مسلمة ، ولا يحل لى أن أتزوجك ، فإن تسلم فذلك (مهرى) – ولا أسألك غيره فكان ذلك مهرها).

الحديث الأول:   

(يُمن المرأة:  خفة مهرها ، ويُسر نكاحها وحُسن خُلقها ، وشؤمها: غلاء مهرها وعسر نكاحها – وسوء خلقها).

          يُمن المرأة:  بركة المرأة وحسن طالعها

          يُسر نكاحها:  يكون فى تسير المهر وقلته.

          وعُسر نكاحها:  يكون فى المغالاة فى المهور – وفى تنفير الناس من الزواج وهذا يساعد على نشر الرذيلة – ويساعد الشباب على ممارسة حقهم فى الزواج فيما يغضب الله.

          وكثير من الناس جهل هذه التعاليم – وحاد عنها – وسلك مسالك الجاهلية فى التغالى فى المهور جرياً وراء المظاهر الكاذبة ورفض أن يزوج أبنته لأى رجل مهما كانت مكانته العلمية والإجتماعية والدينية إلا إذا دفع مهراً كبيراً غير مبال بحاله.

مثال (2) المهر الكبير:

          أما من حيث الكثرة – فإنه لا حد لأكثره – فقد جآء أن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – نهى وهو على المنبر أن يُزاد فى الصداق على أربعمائة درهم – ثم نزل فأعترضته امرأة من قريش فقالت:  أما سمعت الله يقول:  (وءاتيتم إحداهن قنطاراً).  فقال:  اللهم عفواً – كل الناس أفقه من عمر – ثم رجع ، فركب المنبر – فقال:  (إنى كنتُ قد نهيتكم أن تزيدوا فى صدقاتهن على أربعمائة درهم – فمن شآء أن يعطى من ماله ما أحب).

متى تستحق المرأة المهر؟؟

( أ )عند الدخول بها (الجماع) ،    (ب) عند الطلاق ،   (ج) عند موت الزوج أو الزوجة.

أولاًعند الدخول بها: 

أنه لا يجب لها المهر كله إلا بالجماع، تقول له:(لا أمكنك منى إلا أعطيتنى مهرى).

ثانياًتستحق المرأة المهر كله عند الطلاق

إذا طلقت المرأة طلاقاً رجعياً أو بائناً فمن حقها أن تأخذ صداقها كامل

ثالثاًتستحق المرأة المهر عن موت الزوج أو الزوجة:

(1)إن مات الزوج تأخذ الزوجة مهرها من تركته قبل أى شئ كدين على الزوج والديون تستحق قبل توزيع التركة.

(2)وإن ماتت هى أُخذ المهر من مال الزوج ووزع على ورثة الزوجة (وهو وارث فيه كسائر الورثة).

          فهو دين لا يسقط إلابالعفو عنه من قبل الزوجة.

متى يجب للمرأة نصف المهر؟؟

          يجب للمرأة على زوجها نصف المهر الذى سماه لها – إن طلقها قبل الدخول عليها مصداقاً لقوله تعالى فى سورة البقرة الآية (237):

(وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

بمعــــنى:   

والأولى بالعفو من كان الصدود والإعراض من جهته فإن كانت المرأة هى التى طلبت الطلاق – كان من المستحب لها شرعاً أن تتنازل عن حقها.

          وإن كان الصدود والإعراض من جهة الزوج – كان من المستحب له شرعاً أن يتنازل لها عن نصف المهر متعة لها و تعويضاً لها عما لحقها من ضرر من إجراء حبسها على نفسه مدة من الزمان.

ثانياًالنفقة:   ومن حقوق الزوجة على زوجها أيضاً بعد المهر (الإنفاق عليها)

          هذا الحق الثابت لها على الزوج إن لم يكن حقاً دينياً تنزلت به الشريعة ، فهو حق إنسانى تقضى به الحياة الإجتماعية للبشر – أنت أيها الرجل أحضرت بنت الناس من عند أهلها فأنت أصبحت شرعاً ملزم بالنفقة عليها بالأكل والشرب والملبس والسكن حتى العلاج والدواء.

وجوب النفقة: 

أمر الله برعاية هذا الحق فى عدة مواطن من القرآن الكريم ، وأوصى به النبى – صلى الله عليه وسلم – فى عدة أحاديث.

فمن القرآن الكريم فى سورة البقرة الآية (233):

(وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). 

بمعــــنى: 

وعلى الأب نفقة الوالدات وكسوتهن بما هو متعارف بدون إسراف ولا تقتير لتقوم بخدمته حق القيام. 

وفى سورة الطلاق الآية (6 ، 7):

(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى(6) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)(7).

الشــرح:

(1)     اسكنوهن على قدر طاقتكم ومقدرتكم ، فإن كان موسراً وسع عليها فى المسكن والنفقة وإن كان فقيراً فعلى قدر الطاقة.

(2)     لينفق الزوج على زوجته وعلى ولده الصغير – على قدر وسعه وطاقته بحيث يكون الحال معتدلاً – أى ومن ضُيق عليه رزقُه فلينفق على مقدار طاقته – وعلى قدر ما آتاه الله من المال ، لا يكلف الله أحداً إلا بقدر طاقته واستطاعته.

          وبنص الحديث:

(1) (وما أنفقتهُ على أهلك فهو صدقة) ، قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (الذى تنفقه على أهل بيتك وأولادك وأمك وأبيك صدقة تأخذ ثوابها).

(2)عن جابر – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال فى خطبة الوداع:  (اتقوا الله فى النسآء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهُن وكسوتهُن بالمعروف).

(3)حديث عائشة – رضى الله عنها – قالت:  إن هند امرأة أبى سفيان أشتكت للنبى – صلى الله عليه وسلم – أن أبا سفيان لا يعطيها ما تحتاجه ، فقال لها النبى:  (خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف).

مثال عن النفقة يبين قدرها:

(4)جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال:  ( أ ) دينار أنفقته فى سبيل الله ، ( ب ) ودينار أنفقته فى رقبة ، ( ج ) ودينار تصدقت به على مسكين ،( د ) ودينار أنفقته على أهلى ، فأى هذه الدنانير أعظم أجراً؟  قال النبى:  (أعظم أجراً الذى أنفقته على أهلك).

          …  الإسلام (1) يبنى البيوت ، (2) ويتوصى بالأسر ، ولا يجعل الرجل يقصر فى حق أهل بيته.

          لو أن العبء فى تحمل المسئولية ورعاية البيت والإنفاق عليه قد أُلقى على عاتق المرأة لانصرف النسآء عن القيام بالمهمة الأساسية لهن بالبيت وهى (1) القيام على شئون البيت ، (2) وتربية الأبناء وحسن الرعاية فيه – وليس هناك ما يُعين المرأة على القيام بوظيفتها الشاقة فى بيتها إلا إذا أطمأنت إلى معونة الرجل وقيامه بمسئولية الإنفاق.

          وهذا أساس تستقيم به الأسر وترعى فى ظلها الأبناء ويوم أن أنقلبت المعاييرالأمور وموازينها وخرجت المرأة للعمل وتركت بيتها وأبناءها وجدنا بيوتاً لا تستقر لأنها فقدت ركيزة الأستقرار والطمأنينة لفقدها سكن المرأة فى بيتها.

 

( والحمدلله رب العالمين )

اترك تعليقاً