سبب هزيمة المسلمين في غزوة أُحد .

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

          كان أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – يُعلمون أولادهم مغازي النبى – صلى الله عليه وسلم – وحروبه كما يعلمونهم السورة من القرآن – هذا مما يدل على أهمية تعليم السيرة للناشئ والشباب – حتى يعلموا كيف كان يعيش المصطفى – صلى الله عليه وسلم.

وأهم أيامه عيشته الكريمة أيام المدينة المنورة بعد الهجرة حيث (1) ترعرع هناك الإسلام  (2) وانطلقت الدعوة في سبيل الله ، وانسابت في كل البلاد بعد أن كانت محجوزة ومحشورة بين شعاب مكة والمسلمون هناك في اضطهاد وفي ظلم وفي عنت وإرهاق.

          حتى لم يزد عددهم عن الثمانين مسلماً في خلال 13 سنة ، ولكنه لما هاجر فتح الله له الأبواب – وجآء الله بالرخاء بعد الشدة ، وبالفرج بعد الضيق ، وباليسر بعد العسر.

          وجآءت الغزوات بينه وبين أعدائه سواء كانوا من الكفار أو من اليهود وفي النهاية كان النصر لكلمة الله العليا – ولا نزال نعيش إلى يومنا هذا في رحاب جهادهم وإجتهادهم وقد قطعنا ثمرة عملهم.

          ولقد أستلمنا الإسلام منهم جاهزاً – نحن أبداً لم نبذل أى مجهود بل كما قال صلى الله عليه وسلم:  (الله الله في أصحابي – (اتقوا الله) فلو أنفق أحدكم مثل جبل أُحد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم).

بمعـــني:

          لو واحد منا يمتلك مثل جبل أُحد ذهب وانفقه في سبيل الله لم يبلغ في الثواب مثل 4/1  قدح من نفقة الصحابة لماذا؟

          لأنهم ضحوا وقدموا الأرواح والأموال والأولاد – وهاجروا وتركوا أموالهم وأولادهم.

          أما نحن فقد ورثنا الإسلام ابن عن أب عن جد –  عن جد جد فرق كبير جداً بين إسلامنا وإسلام الصحابة.

إذا كنا نتكلم عن سيرتهم العطرة فى سلمهم وحربهم فهذا من أهم الأمور.  فنحن لا نتكلم عن الحرب أو قتال ، إنما نتبع سرد الأحداث بحكمها وموعظتها وما نستفيده منها من عبر في حياتنا الحاضرة.

كما وقد وصلنا في أحداث العام الثالث الهجرى غزوة أُحد ، التى كان فيها من البلاء والتمحيص للصحابة من الله بعد أن من الله عليهم بسنة واحدة بالنصر ورفع الجباه وبياض الوجه (غزوة بدر الكبرى).

وابتلاهم في هذه الغزوة بالإنكسار والهزيمة والإستشهاد ما يزيد عن السبعين وعلى رأسهم سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ، فسبحان من أنعم في عام وابتلى في عام.

إنما هو تدبير من العليم الحكيم بناء على أحداث منا نحن – لما كانوا في يوم بدر على مستوى (1) الإيمان ، (2) والفدائية ، (3) وحب الآخرة نصرهم الله ومدهم بالملائكة ولما خالفوا الأمر يوم أُحد – طمعاً في الغنيمة – الرماة فوق جبل أُحد عصوا أوامر النبى – صلى الله عليه وسلم.

أما أن تحب الله وإما أن تحب الدنيا – والإثنان لا يجتمعان وسماهم الله عز وجل مريدي الدنيا (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة).

بعد هزيمة أُحد بـ 24 ساعة بعد صلاة الفجر – خرج النبى – صلى الله عليه وسلم لملاحقة العدو – هذه مرحلة – ولو درس العرب هذه السيرة ودرس القواد والضباط العظام والجنود ينزل الإيمان في قلوبهم.

خرج العصابة بما فيهم من جراحات وإصابات – بما فيهم من قرح كما سماه الله القرح مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران الآية (172):

(الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ).

          كل جسمهم قروح وإصابات وتشويه عين.

          أى الذين أطاعوا الله وأطاعوا الرسول من بعد ما نالهم الجراح يوم أُحد – وذلك أن المشركين لما أصابوا المسلمين كروا راجعين إلى بلادهم ثم ندموا لما لا يقضوا على أهل المدينة – فلما بلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نادى المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجلداً – ولم يأذن لأحد سوى من حضر أحد.

          الله سبحانه وتعالى رد لهم أعتبارهم – وأشاع في العرب كلهم أن الكفار فروا من المسلمين – (والفرق يوم واحد) وبين حال المسلمين الآن مليار ومائة مليون مسلم لا يستطيعوا أن يرد أعتبارهم من إسرائيل.

          إسرائيل التى أخذت القدس – وأخذت الجولان – والضفة الغربية كلها ، نحن منتظرين أمريكا – أن تساعدنا .

يوم أُحد ، يوم ابتلاء – يوم أختبار – يوم أمتحان

          سآءت بدايته ولكن أشرقت نهايته (البداية الهزيمة والجرى والقتل) ونهايته رجوع النبى والصحابة وحصولهم على غنيمة كبيرة بعد أن خرجوا وراء العدو ليأخذوا بالثأر وهذا بعد 12 ساعة فقط

ومن ضمن دروس أُحد

إصابة الرسول – صلى الله عليه وسلم:

(1)كسرت الرباعية اليمنى – قسم من الأسنان.     (2) شفته السفلى.  (3) وشج وجهه.  رموه بالحجارة وجرحت وجنته ، (4) كسر الخوذة على رأسه ، (5) سقط في حفرة حفرها أبوعامر الفاسق – وكانت حفرة واسعة وراء المسلمين ، والرسول – صلى الله عليه وسلم لم يعلم أن وراءه حفرة – والوحي لم ينزل عليه ويحذره من الحفرة – لماذا؟  لأن الله سبحانه وتعالى قال:  أتركوه حتى تعلم أمته أنه بشرلا يعرف الغيب إلا إذا أعلمه الله.

          سقط في الحفرة وأحتضنه سيدنا (طلحة بن عبيد الله) أحد العشرة المبشرين بالجنة.

          ونشبت فيه حلقتين من الخوذة في خدوده – وأصبح إخراج الحلقتين مشكلة – من شدة حب الرسول – سيدنا طلحة وسيدنا مالك بن سنان أبو سعيد الخدري.  أو كما تقول الروايات أبوعبيدة بن الجراح أمين الأمة:

( أ )  طلحة ضغط بأسنانه على الحلقة حتى أنكسرت ثناياه.

(ب)  ومالك ضغط بأسنانه على الحلقة التى في الناحية الأخرى حتى أنكسرت ثناياه.

          فكان المفروض أن يكون المنظر بشع 2/1 سنة – 3/2 سنة.

          ولكن الله سبحانه وتعالى الذى كساهم الجمال كُله – بهذا الكسر – هذه الأسنان التى أنكسرت كانت في سبيل رسول الله فكان حقاً على الله أن يكرمهم بالجنة.  الدم يسيل بغزارة من وجه الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويمسح النبى وجهه ويقول:  (كيف يُفلح قومُ خضبوا وجه نبيهم بالدماء).

          وكان مالك بن سنان يلحس بفمه الدم من خد النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال النبى:  (يامالك لقد أختلط دمي بدمك فلن تمسك النار أبداً) ، ثم قال النبى: (الحمدلله أن دمي لم يقع على الأرض والله لو سقط دمي على الأرض ما أنبتت خيراً قط).

بمعنى:  أن الأرض لم تخرج لا قمح ولا ذرة.

ومن العبر والدروس والأحداث أيضاً (المجرم بن قمئه)

          أراد هذا الرجل ابن قمئه أن يقتل حامل العلم (الراية) لأن الجنود تتبع حامل الراية.  ابى قمئه قطع يد حامل الراية اليمنى فحملها مصعب بن عمير بيده اليسرى فقطعها ، حاول مصعب أن يمسك الراية بعضوضيه فضربه بن قمئه على رأسه حتى سقط – ومصعب هذا هو الذى نشر الإسلام في المدينة المنورة.

          وفي أثناء الحرب كان المقاتل يلبس المغفر فلا يظهر وجه ، فلما قتلوا مصعب ظنوا أنه الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأن يلبس مثله.

          قال ابن قمئه:  قتلت محمداً ، قتلت محمداً ، فصرخ إبليس بأعلى صوته (ياعباد الله قُتل محمداً) والخبر شاع في جيش المشركين وجيش المؤمنين.

          وبعد مدة من الوقت رأى ابن قمئه أُناس مجتمعين – قال من هناك؟  قالوا:  مجتمعين مع نبيهم.   قال:  نبي المسلمين مازال حي؟ من الذى قتلته؟  قالوا:  مصعب بن عمير.  ثم ذهب حيث يجلس النبي – صلى الله عليه وسلم.  الرسول قال:  أتركوه وأخذ الحربة وضرب وقال:  اللهم لا تقتله هكذا ولكن شُل حركته ثم عذبُه في دنياه – اللهم سلط عليه تيس من تيُسك.

          جآءت الحربة في مكان رئيسي في القلب ، فشل جميع جسمه – وصار مثل الطوبة ولكن فيه الروح.

          فسبحان الله حمله الكفار وساروا به من المدينة إلى مكة.  فجآءوا في الليل للراحة وتركوه فجآء وعل من وعول الجبل فنطحه فمزقه وهو لا يتكلم ولا يتحرك.

          فجآء الوعل يأكل في يده قطعة قطعة – ياسبحان الله التيس جآء له الأمر من الله كما فعل ابن قمئه مع مصعب – وهو فيه الروح.

(5) ومن دروس أُحد أيضاً غير ما سردنا من المعجزات والصبر والتحمل والرضا من الرسول وأصحابه الكرام.

كان هناك قتادة بن النعمان:   كان من ضمن الجنود في غزوة أُحد وهو يحارب جآءت له نبلة في عينه اليمنى وكان متزوج حديثاً – وكان قتادة مشهور بجماله.

          العين خرجت وأدلت على خده بعرق صغير – المعركة انتهت فذهب إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقال:  أرأيت المنظر –  قال النبى:  (أثابك الله) ، قال النبى: بسم الله وشال العين بالإبهام (الصابع الكبير) وشال الحبة من تحت لفوق – رويداً حتى أدخل العين مكانها ، وقال:  (بسم الله أذهب البأس رب الناس – اشفى أنت الشافى – لا شفاء إلا شفاءك شفاءً لا يُغادر سُقماً)  فزاده الله في عينه جمالاً – كانت أحسن من أختها.

من الأحداث التى حدثت في غزوة أُحد:

          كان لحمزة أخت اسمها صفية عمة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وكان له 12 عم ولم يسلم منهم إلا حمزة والعباس والعشرة ظلوا كفرة – فجآءها الخبر أن أخوك قد قتل قالت:  (اللهم إني أحتسب أخي عندك).

          فلما وصلت إلى أرض المعركة أستقبلها الرسول وقال لها:  ياعمة أرجوك أن ترجعي ، فقالت: ياابن أخي إذا كان هذا أمراً من الله أمتثل – أما إن كان اجتهاد منك – فأنا لم أُطاوعك – فأنا مؤمنة – قال النبى:  تتحملين؟  قالت:  أتحمل ولا تسمع منى كلمة تغضب الله.

          وعندما وقفت على جُثته قالت:  رحمك الله يا أخي ثلاث مرات ولا نقول أبداً بألسنتنا إلا ما يرضي ربنا – إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن.  فجآء الرسول وراءها فقال:  (ياعمي رحمك الله لقد كنت فعُلاً للخير وصولاً للرحم).

          فلما وقف النبى – صلى الله عليه وسلم – على جثة عمه وهو مشوة لأن من غيظ الكفار فتحوا البطون – وقطعوا المذاكير والأنوف والآذان.

          قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (والله ما وقفت موقفاً أوجع لقلبي مثل هذا ، ولكن ياعمي لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم).

          فنزل عليه الوحي بالآيات في سورة النحل الآية (126 : 128):

(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ(128)).

          أنت نبي العدالة

          إن عاقبتم أيها المؤمنون من ظلمكم واعتدى عليكم فعاملوه بالمثل ولا تزيدوا ولئن عفوتم وتركتم القصاص فهو خير لكم وأفضل ، وأصبر على ما عزمت عليه أيها الرسول من التمثيل بالمشركين جراء تمثيلهم بعمك حمزة.


اترك تعليقاً