عشرة أشياء ضائعة لا تنتفع بها

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،

فكلمة قيمة لابن القيم ، وهو ممن كبار علماء المسلمين ، يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى:  “عشرة ضائعة لا ينتفع بها”.

بمعنى:   الإنسان يحب الربح وتؤلمه الخسارة ، يحب أن يربح ، لذلك من هذا المنطق قول الله عز وجل في سورة الصف الآية (10):

          (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10))

          الله عز وجل خاطبنا بمفهوم تجاري وخاطبنا بأسلوب الترغيب والتشويق ، هذه التجارة الرابحة أرباحاً طائلة رأس مالها:  تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)

الربح الطائل:  يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)” سورة الصف.

          أي تجارة لها رأس مال ولها مبيع ، فإذا كان الفرق كبيراً جداً بين الكلفة وبين المبيع فهذه تجارة رابحة ، أي في عالم التجارة اليوم يقدر الربح 30% ( بثلاثين بالمئة) وهو ربح كبير ، بينما أكبر الأرباح عند بعض التجار 8% (ثمانية بالمئة) ومع الإحتكارات الربح يصل إلى 100% (مئة بالمئة).

          فأنت إذا تاجرت مع الله فربحك ليس له حد ، اللانهاية ، فالعقل البشري يصعب عليه أن يتصور اللا نهاية أي رقم واحد في الأرض وأصفار متتالية إلى الشمس لمسافة 156 مليون كيلومتر – وبكل ميليمتر صفر ، عطاء الله مستمر ، خالدين فيها أبداً ، الدنيا محدودة ، ثمانون سنة أو سبعون أو ستون ، أو أكثر أو أقل ، كم صلاة صليتها؟ كم درساً حضرته؟ كم عمرة عملت؟ كم فقير ساعدته؟ كله محدود معدود ، لكن عطاء الله الجنة إلى أبد الأبدين.

          فالإنسان في الأصل يحب التجارة ويحب الربح ، فربنا عز وجل خاطبنا بمفهوم تجاري حيث قال:

          يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)

تجارة لها كلفة ، ولها ربح ، كلفتها محدودة ، وربحها غير محدود ، لذلك أذكى تاجر على الإطلاق هو الذى يتاجر مع الله ، والغني هو الذى يستغنى عن فضل الله ، ويطلب الأجر المادي.

مثال1:  إنسان مقطوع بسيارته مع أهله بطريق في أحد أيام الجمع نساؤه كلهن محجبات  وهو يحتاج إلى رافعة لإصلاح عجلة السيارة ، وقف ساعة ، ساعتين ولا أحد يقف وأخيراً وقف شخص ، فطلبوا منه رافعة ، فقدمها لهم وأخذ الأخ صاحب السيارة في مدح هذا الشخص ومروءته ورحمته ، وإيمانه ونجدته ، وأخلاقه العالية طيلة إصلاح السيارة لكن بعد ما أنتهى من إصلاح العجلة قال له:  إسمح لي بعشر جنيهات ، قال له صاحب السيارة والله لو طلبت مائة جنية لأعطيتك ، لكن ليتك لم تطلب هذا المبلغ ، وليتك كنت تتاجر مع الله عز وجل لكان ربحاً عظيما ، لكنه أخذ ربحه في الدنيا ، فهذه حماقة غباء.

مثال2:   ملك قال لمعلم:  درس ابني وأنا أحاسبك؟  فالملك لا يعطي أقل من بيت ، هذا أقل عطاء أو سيارة أو كلاهما ، فهذا المعلم قال له:  علمت ابنك ثمانية دروس والدرس بمائة جنية ، فقال له الملك تفضل 800 جنية ، ما عرف أن الذى سيكافئه ملكاً ، فحينما تتاجر مع أذكى تاجر شئ – وحينما تتاجر مع الناس خسارة محققة أو الربح ضئيل وقد يكون هناك أخطار كثيرة جداً.

الأشياء العشرة الضائعة التى لا ينتفع بها:

(1)علم لا يعمل به.             (2) عمل لا إخلاص فيه ولا إقتداء.

(3)مال وفير لا ينفق منه.     (4) قلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأُنس به.

(5)بدن معطل من خدمة الله وطاعته.   (6)محبة لا تتقيد برضا المحبوب وإمتثال أمره.

(7)وقت معطل عن إغتنام بره وقربه.  (8) فكر يجول فيما لا ينفع.

(9)خدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ولا تعود عليك بصلاح دنياك.

(10)خوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله.

أولاً: علم لا يعمل به

          لا قيمة له إطلاقاً ، إن حصلت العلم ، وجلست في مجالس العلم ، وكتبت وحفظت وأديت إمتحاناً ، لكن هذا العلم لم تطبقه ، إذاً هو علم ضائع لا قيمة له – كلما تعلمت شيئاً ولم تطبقه كان حجة عليك لا حجة لك.

          فالإنسان لا يُقيم بقدر ما يعرف ، ولكن يقيم بقدر ما يطبق مصداقاً لقوله تعالى في سورة الصف (2/3):

          (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3))

قال ابن كثير:

          هذا إنكار على من يعد وعداً ، أو يقول قولا لا يفي به عُظم فعلكم هذا بغضاً عند ربكم أن تقولوا شيئاً ثم لا تفعلونه وأن تعدوا بشئ ثم لا تفون به.

مثال1:  مدرس في أحدى المعاهد الشرعية ألقى درساً حول التواضع (1) ما ترك شيئاً من الآيات ، (2) والأحاديث ، (3) وأقوال الصحابة ، (4) والقصص الهادفة ، بلغة فصيحة ، وبمنهج واضح ، وتسلسل ، وترتيب ، ولكن هذا المدرس بعد الإنتهاء من الدرس جلس في غرفة المدرسين فجلس بكبر لا يحتمل ، وبعجرفة لا تطاق ، قد لا يرد السلام علماً بأن حديثه كان على التواضع ، هناك بعض الناس قوله في واد ، والذى يفعله في واد آخر ، كل إنسان يجد لذة في الحديث عن القيم حتى أقل الناس أخلاقاً.

          فعلينا أن لا نقيم الإنسان من كلامه ، فقد يكون أسوأ إنسان على الأرض ، ويتحدث عن القيم.

الدليل:  قول فرعون فى سورة غافر الآية (29):

          مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)

          فرعون الذى قال في سورة النازعات الآية (24):

          (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24))

          فرعون الذى ذبح أبناء بني إسرائيل واستحيا نساءهم ، وكان طاغية من أكبر الطغاة في العالم.

          لذلك قال العلماء:  (1) الورع حسن لكن في العلماء أحسن ، (2) التوبة شئ جميل ولكن في الشباب أحسن ، (3) والحياء حسن لكن في النساء أحسن ، (4) والعدل حسن لكن في الأمراء أحسن ، (5) والتواضع حسن لكن الأغنياء أحسن).

          أول شئ ضائع لا ننتفع به هو علم لا يعمل به.

ثانياً: عمل لا عمل لا إخلاص فيه ، فهو ضائع أيضاً

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة الإسراء الآية (18):

          مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)” مطروداً من رحمتنا.

بمعنى:  التى هي الجنة دار الأبرار المطيعين الصادقين.

من كان يريد بعمله الدنيا فقط ولها يعمل ويسعى ليس له هم إلا الدنيا عجلنا له فيها ما نشآء تعجيله من نعيمها لا كل ما يريد ثم جعل له في الآخرة جهنم يدخلها مهاناً حقيراً ذليلاً مطروداً من رحمة الله.

ليه هو مذموماً؟  على سوء تصرفه إذا إختار الفاني (الدنيا) على الباقي (الجنة).

الآن:  عمل لا إخلاص فيه ، قال ثوبان – رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (يؤتي يوم القيامة بأُناس لهم أعمال كالجبال ، فيجعلها الله عباءً منثوراً ، قالوا يارسول الله  صفهم لنا.  قال:  (إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) أخرجه ابن ماجه عن ثوبان.

معنى هذا الحديث:  إنه لا إخلاص عندهم ، بل مظاهر إنسان هدفه أن ينتزع من الآخرين إعجابهم عمل لا إخلاص فيه – جهد ضائع.

          عمل لا اقتداء فيه فهو ضائع ، كذلك العمل لا يقبله الله عز وجل إلا بشرطين:  إذا كان خالصاً وصواباً.

خالصاً:  ما ابتغي به وجه الله.                  صواباً:  ما وافق السنة النبوية الشريفة

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة الكهف الآية (110):

فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)

مثال1:  أعمل حفلة غنائية ساهرة حتى أجعل ريعها لدار الأيتام ، هذا العمل تبدو النية طيبة لكنه غير صواب.  إذاً هذا العمل لا قيمة له.  (الروتري)

 

 

 

ثالثاً:  مال وفير لا ينفق منه

          قال الله تعالى في سورة التوبة (34/35):

          وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)

قالوا:   هذا المال الذى لا ينفق منه ، لا يستمتع به جامعه في الدنيا لأنه بخيل ، عاش فقيراً ليموت غنياً ، ولا يقدمه أمامه إلى الآخرة إذاً هو لم ينتفع به في الدنيا لأنه كان بخيلاً ولم ينتفع به فى الآخرة لأنه ما قدم منه شيئاً لله عز وجل.

          فهذا المال الضخم قد يكون وبالاً على صاحبه ، والأغرب من ذلك قد يدخل ورثة غنى الجنة بمال مورثهم ، ويدخل صاحب هذا المال النار بماله ، لماذا؟

          لأنه جمعه من حرام وكدسه ولم ينفق منه (للصدقة والزكاة) والذى ورثه ورثه حلالاً فأنفقه في طاعة الله فدخل الجنة.

قالوا:  (أندم الناس رجلان):  (1) رجل غنى دخل ورثته بماله الجنة ودخل هو بماله النار. (2) وعالم دخل الناس بعلمه الجنة لماذا؟

          لأنهم طبقوا كلامه فأستفادوا فسعدوا ، فاستحقوا الجنة ودخل هو بعلمه النار لماذا؟

          لأنه اتخذ العلم حرفة (تجارة) ، علم ولم يعمل ، هو كفتيل الشمع احترقت وأضاءت للآخرين.

          إذاً علم لا يعمل به ضائع قيمته صقر

          عمل لا إخلاص فيه ضائع قيمته صفر

          مال وفير لا ينفق منه ضائع وقيمته صفر

رابعاً:  قلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأُنس به

          قلب مصحر ، بحياته كلها ما بكى ، بحياته كلها ما خشع ، بحياته كلها ما أقشعر جلده ، وما بكيت عيناه ، (1) محبة لله ، أو (2) خوفاً منه ، أو (3) شوقاً إلى لقائه أبداً عواطفه كلها أرضية يكون إعجابه (1) بلاعبي الكرة ، (2) بالممثلين والممثلات الأحياء منهم والأموات ، (3) لا يتلو قرآناً وإن تلاه فلا شعور ديني ، لا تأثر ولا خشية كأنه يقرأ كلام البشر ، يصلي ولا يتأثر ، يجلس فى مجلس علم بها بالله ، ليس له مع الله اتصال ابتهال ، مناجاة.

خامساً:  بدن معطل من خدمته وطاعته

          ماذا قدمت انت؟  إن كنت تقدر أن تساهم بشئ ساهم وإلا أسكت ، والله لا يحل مشكلات الناس إلا الله ، حاجات الناس كبيرة جداً ، لا يقوى إنسان على حلها وحده ، إلا الله تبارك وتعالى.

سادساً:  محبة لا تتقيد برضا المحبوب وإمتثال أمره

          فمن الممكن لإنسان أن يدعى المحبة ، ويتباهى بالحديث عن محبته ، ولكن خاضوا بحار الهوى دعوى وما ابتلوا ، لا تجده عند الأمر والنهي ، لا تجده أبداً ، ويدعي محبة الله مصداقاً لقوله تعالى فى سورة العمران الآية (31):

          (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)

          هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من أدعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية – قل لهم يا محمد إن كنتم حقاً تحبون الله فاتبعوني لأني رسوله يحبكم الله – بأتباعكم الرسول وطاعتكم لأمره يحبكم الله ويغفر لكم ما سلف من الذنوب.

          وروي مسلم في صحيحه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:

          “إن الله إذا أحب عبداً دا جبريل فقال:  إني أُحبُ فُلاناً فأحبهُ ، قال:  فيُحبُه جبريل ،

ثم ينادي في السماء فيقُول:  إن الله يُحب فُلاناً فأحبُوه فيحبُه أهل السماء ، قال:  ثم يوضعُ له القبولُ في الأرض ، (2) وإذا أبغض الله عبداً دعا جبريل فيقول:  إني أُبغض فُلاناً فأبغضُه ، فيبغضُه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء:  إن الله يبُغض فلاناً فأبغضوهُ ، قال: فيبغضُونه ، ثم يوُضع له البغضاءُ في الأرض”.

سابعاً:  وقت معطل عن إستدراك ما فرطت

          لاحظ الناس يقعدون بلقاء ساعتين أو ثلاثاً كله كلام فارغ قد يكون حديثهم غيبة ونميمة ، متابعة قصص سخيفة ، فالمؤمن وقته ثمين جداً ، وقته وعاء عمله ، أثمن شئ يملك هو الوقت على الإطلاق ، الوقت هو أنت ، أنت وقت ، أنت بضعة أيام كلما انقضى يوم إنقضى بضع منك.

          أنا أتمنى على كل أخت كريمة أن تنفق وقتها نا أتمنى على كل أخت كريمة أن تنفق وقتها إنفاقاً إستثمارياً لا إنفاقاً إستهلاكياً لمثل أكلنا ، نمنا ، ارتحنا ، عملنا نزهة ، سهرنا – إنبسطنا ، هذا كله إستهلاك ، ليس له مردود مستقبلي ، أما (1) طلبنا للعلم فقد تسجل لنا ، وإن (2) أنفقنا مالنا في سبيل الله تسجل لنا ، (3) أمرنا بالمعروف ، تسجل لنا ، (4)نهينا عن المنكر تسجل لنا ، كل عمل تنتفع به بعد الموت هو عمل طيب ، وكل عمل ينقضي أثره قبل الموت هو عمل ضائع.

ثامناً:  فكر يجول فيما لا ينفع

          النبي الكريم دخل إلى المسجد فرأي رجلاً تحلق الناس حوله قال من هذا؟ قالوا: نساب.  قال:  ما نساب؟  قالوا: رجل يعرف أنساب العرب ، قال:  ذلك علم لا ينفع من تعلمه ولا يضر من جهل به“.

مثال2:  رأيت الأمريكين بالطائرات يقرؤون كتباً سميكة جداً لأول وهلة أحسنت الظن بهم مثقفون ثقافة عالية ثم سألت ماذا يقرؤون – فعلمت أنها كلها قصص ، 800 صفحة قصص حوادث ، علاقات ، محبة خيانة زوجية ألخ – هذا فكر معطل – أنت ممكن بهذا

الفكر أن تسمو إلى الله ، ممكن أ، تصل إلى أعلى مرتبة.

          تجدي مثلاً دكتوراه في الشعر الجاهلي أو بالغزل (جميل وبثينة) بقى أثنا عشر عاماً في تحضيرها أو معقول؟  الآن هناك علم ممتع نافع مسعد ، هو العلم الديني علم ممتع مسعد في الدنيا والآخرة ، بالمناسبة إذا الله عز وجل شرف إنساناً تعلق قلبه (1)بالقرآن الكريم ، (2) وكلام سيد المرسلين ، (3) وقرأ قصص الصحابةب الكرام ، والله عندئذ لا يستطيع أحد أن ينال من مستواه إطلاقاً.

تاسعاً:  خدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ولا تعود عليك بصلاح دنياك

          وخدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ، ولا تعود عليك بصلاح دنياك ، أنت تخدم الجهة لا تعرف الله ، وخدمتك لها لا تنفعك عند الله ، ولا تنفعك في الدنيا ولا في الآخرة فأنت ألعوبة بيدها مسخر لخدمتها ، أضعت آخرتك في دنيا غيرك ، هذا أندم إنسان على الإطلاق.

          من ضيع آخرته بدنيا غيره خدمة بدون مردود.

          خدمة دون حمد ولا ثناء ولا شكر ، وخدمة من لا تقربك خدمته إلى الله عز وجل ، ممكن أن تخدم أخاً مؤمناً.

          يقول:  جزاك الله خيراً ، جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك هذا حسن ، ممكن أن تخدم مسجداً ، فتقوم بإصلاحات فيه يقولون لك:  جزاك الله خيراً ، إن شاء الله هذا الجهد يكون نوراً لك في قبرك.

          ممكن أن تخدم أخاً بحاجة إلى خدمة ، تحتسب هذا عند الله فهناك آلاف الخدمات التى ترتقي بها عند الله ، أما أن تخدم إنساناً بعيداً عن الله ، لا حمداً ولا ثناء ولا شكوراً استهلكك إستهلاكاً رخيصاً ، فهذه خدمة ضائعة وقالوا:  من أعان ظالماً سلطه الله عليه فلله يؤديه على ذلك ويكون أول ضحية من ضحايا الذى خدمه.

 

عاشراً:  خوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله

الآن:  وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله ، مرة كنت في إحتفال فألقى أحد الدعاة إلى الله كلمة أعجبتني ، قال:  إنسان على وشك الموت جوعاً ، وإنسان عظيم كريم ، محسن عطوف ، رحيم جاءه بطعام كان على وشك الموت ، أي مغمي عليه ، لقمه الطعام بيده بملعقة ثم إن هذا استيقظ ووجد أنه قد أكل طعاماً طيباً ، وجسمه شبع ، فنهض ووجد ملعقة أمامه ، قال لها:  شكراً لك أيتها الملعقة ، كيف تخاف من إنسان بقبضة الله حق من الله عز وجل ، وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله عز وجل وهو أسير في قبضته ، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

أخواتي الكريمات:  كلمات قيمات ، عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها علم لا يعمل به – عمل لا إخلاص فيه – (3) مال لا ينفق منه – (4) قلب فارغ من محبة الله – (5) بدن معطل من خدمة الله وطاعته – (6) فكر يجول فيما  لا ينفع – (7) خدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ، ولا تعود عليك بصلاح دنياك – (8) خوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله (9) محبة لا تتقيد برضا المحبوب وإمتثال أمره.

تنبيه:  أعظم الإضاعات إضاعتان:

( أ )إضاعة القلب وإضاعة الوقت ، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة ، وإضاعة الوقت من طول الأمل.

مثال1:  قال لي أستاذ:  أنوي أن أقدم طلب إعارة لبلد عربي كمدرس ، في حين أنه يدير مدرسة ثانوية ، وكنت أسمع له – قال:

          سأبقى في هذا البلد خمس سنوات ، عندما أعود سأتقاعد وتحسب مدة الإعارة من خدماتي ، قلت:  ممتاز ، ثم قال:  بعد أن أتقاعد أفتح محلاً لبيع الهدايا والتحف ، وهذا عمل لا علاقة له بالتموين – ويكون أولادي قد كبروا فيعملون بالمحل ، وأنا أشرف على المحل صباحاً كل يوم ساعة من الزمن والعصر كذلك – ثم انصرفت مودعاً ، وفي المساء سمعت أنه مات ، والله الذى لا إله إلا هو في اليوم نفسه.

          فما جآء المساء إلا كان تحت أطباق الثرى.  فهذا الذى يتلف القلب ، طول الأمل.

مثال2:  قال شخص:  لن أموت إلا بعد زمن طويل ، لم قال:  أنا أولاً (1) وزني قليل ، (2)ونحيف وأمشي كثيراً ، (3) ولا أدخن ، (4) وأكلي قليل ، (5) ولا أحمل نفسي هماً وهذه هي أهم واحدة.

          فبعد أسبوع كان ميتاً – إضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة.

          وإضاعة الوقت من طول الأمل.

          فالفساد كله في (1) إتباع الهوى ، (2) وطول الأمل.

          والصلاح كله في إتباع (1) الهدى ، (2) والإستعداد للقاء الله عز وجل.

أخواتي:   أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع بهذه المواعظ هي كليمات بليغات عناوينها علم وعمل ومال وقلب ، بدن ، محبة ، وقت ، فكر ، خدمة ، خوف.

          عشر أشياء ضائعة لا ينتفع بها ، ما هو العمل الآن؟  (1) والآن بالمقابل يجب أن يكون العلم معمولاً به ، أن نعمل بما علمنا ، (2)  وأن نخلص فيما عملنا ، (3) وأن ننفق من أموالنا ، (4) وأن يكون قلبنا مطعماً بمحبة الله ، (5) وأن يكون بدننا في خدمة الخلق (6) وأن يكون الوقت مملوءاً بالعبادات والأعمال الصالحة ، (7) والفكر في ذكر الرب ، (8) وخدمة أهل الإيمان ، (9) والخوف من الله وحده ، هذا ملخص الكلمات.

 

((والحمدلله رب العالمين))

اترك تعليقاً