كيف نحافظ على شعور الزوج وهو حق من حقوقه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على صاحب الحوض المورود ، والمقام المحمود ، والمكان المشهود ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

       فالمحافظة على شعور الزوج أمر يحتاج إلى دراسة لنفسية الزوج ولتعرف الزوجة طباعه ، وتقف على ما يسره ويسيئه ، يجب عليها أن توفر له (1) الراحة ، (2)والهدوء، (3) وتتجنب ما يثير أعصابه ويمس شعوره.  ويظهر ذلك فى الوصية التى أوصت بها الإعرابية إبنتها عند زفافها (أ) من تفقد موضع عينه وأنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، (ب) وتفقد وقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة. (ج) وعدم الفرح أمامه إن كان مهتماً ، وعدم الكآبة إن كان فرحاً.

       وكذلك قال عامر بن الظرب – وهو من حكماء العرب لامرأته:  (1) مُرى أبنتك أن تُكثر من استعمال الماء فإنه أطيب الطيب ، (2) ولا تكثر من مضاجعة زوجها ، فإن الجسد إذ ملٌ مل القلب ولتخبئ سوأتها منه.

       لو عرفت الزوجة خطر التقصير فى مراعاة شعور زوجها لعملت كل وسيلة لجلب رضاه وإتقاء غضبه مهما كان قدر هذا الغضب ، فإن إغضاب الزوجة لزوجها يضيع كثير مما قدمته من الخير.

الحديث:  حديث رسول الله:

       (هُن حاملات والدات مرضعات – رحيمات بأولادهن ، لولا ما يأتين إلى زواجهن لدخل مصلياتُهن الجنة)  رواه بن ماجه والحاكم.

من أهم الأشياء التى تقوم بها المرأة لتحافظ على شعور زوجها:

(1)التجميل:  والتجميل له حد أدنى هو ألا تقع عين الزوج على قبيح فى المرأة – هو أيضاً التخلص من الأقذار والروائح الكريهة وحد أقصى –وهو ظهور المرأة فى شكل جذاب وفتنة مرغوبة ، والأول بمثابة التخلية والثانى بمثابة التحلية. وهى جماع النصيحة العربية لا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم إلإ أطيب ريح – والماء عامل مهم فى هذه الناحية أوصى به الحكيم العربى أبنته.  ألا تنزل مفازة إلا ومعها مآء فإنه للأعلى جلاء ، وللأسفل نقاء ، (2) ولا تكثر مضاجعته فإنه إذا ملٌ البدن ملٌ القلب.

       وقد نبه الإسلام على العناية بنظافة الأماكن التى تجمع العرق – وكذلك به على (1)نظافة الآباط وثنيات الفخذين والركبتين والأُذنين ، ومما يجدر ذكره (2) العناية البالغة بنظافة المحيضوالتخلص من الروائح المتخلفة عن هذا الأذى.

       كما فَهَمَ الرسول – صلى الله عليه وسلم – أسمآء – وهو يتلخص فى الغسل بالمآء والسدرة ،( نبت كالصابون) مع العناية بالتدليك وتوصيل المآء إلى أُصول الشعر ، وإتباع الطهر بقطعة قماش (قطن) معطرة بالمسك وتضع موضع الدم ، (كل ذلك تخلية).

(1)وأما التحلية:  (أ) العناية بشعر الرأسترجيلاًتصفيفاً– وتهذيباً وتطيباً (الترجيل: التمشيط) ، (ب) التصفيف:  هو التنظيم فى ضفائر أو دوائر وهو ما يُسمى العرف الحاضر بالتسريحة ، وتهذيباً:  يوم بتقصيره أو تطويله تلميعه بالأدهان.  وتطيبه بالروائح والمعجونات المعطرة.

(2)استعمال الطيب وهو أمر بدهى  الجواز بل الإستحباب – فالناس من قديم الزمان يلجئون إليه (أ) تطيباً للنفس ، (ب) وطرد للهم ، (ج) وجذباً للقلب فهو محمود شرعاً طبعاً وطباً.

       والنبى – صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب كثيراً ويكره الرائحة الكريهة ، وكان  نسآء العرب يحرصن على الطيب جذباً لقلب الزوج ، وبخاصة إذا كن ضرائر – فقد ذكرت أم عاصم أمرأة عُتبة بن فرقد السُلمى أنها كانت رابعة أربع نسوة عند عُتبة ، وقالت: فما منا امرأة إلا وهى تجتهد فى الطيب لتكون أطيب من صاحبتها.  (ذكره الطبرانى فى معجمه الصغير).

       وعن أنس – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:

       (حُبب إلىٌ من دنياكم الطيب والنسآء وجُعلت قرة عينى فى الصلاة) رواه النسآئى فى سننه.

       وذكر أن كيلوباترا كانت تستخدم أغلى العطور وهى المسمى (كيفى) وفى كل مرة تسعتمل منه فى تعطير يديها ما قيمته 400 دينار ذهبى.

وقال جالينوس فى أهمية العطور:

       المسك يقوى القلب – والعنبر يقوى الدماغ – الكافور يقوى الرئة – الصندل يحل الأورام.  جريدة القبس 1975.

ثالثاًلبس الملابس الجذابةفإن لونها ونظافتها وتنسيقها وحسن حياكتها من اسباب البهجة اللازمة لسعادة الحياة الزوجية.  وأُريد أن انبه إلى أن ظهور الزوجة بالمظهر اللائق أمام زوجها لا تلزمه الملابس الغالية ، بل النظافة والتنسيق. حتى لو كانت رخيصة.

       سُئلت إحدى السيدات أى أنواع الزينة تسعملين؟  وخصوصاً عما علموا أنها أسعد زوجة لم تمر بسمآء حياتها سحابة تحجب شمس البهجة والإنسجام أجابت بقولها:

       (1)أُزين لسانى بالذكر ، (2) وشفتى بالحق ، (3) وعينى بالرحمة ، (4) ويدى بالعطاء ، (5) وقوامى بالإستقامة.

       ثم ألقى إلىٌ سمعك أيتها الزوجة – لماذا كنت تهتمى أشد الإهمام بالأناقة والتجميل (1) كنت بكراً وتريدين زوجاً ، (2) وعندما كنت مخطوبة – كنت تُضيعى وقتاً كبيراً فى ملبسك والتجميل بما فى وسعك – وتستمر عنايتك بهذه الناحية ، (3) فترة الإستعداد للزفاف ، وفى الايام الحلوة الأولى بعده ثم تجئ بعد ذلك فترة علاقتك بزوجك وتظنين أن الرحلة قد انتهت إلى هذا الحد ، لا  يا أيتها الزوجة.

       إنك بعد زواجك قد ابتدأت الرحلة فى الحقيقة ولم تنته منها ابتدأت رحلة طويلة لا تنتهى إلا بأحد أمرين كلاهما شاق الموت أو الطلاق ، والفترة التى قبل الزفاف كانت فترة (1) تمهيد ، (2) وإعداد لهذه الرحلة.

       إن (1) المنظر الجميل ، (2) والكلمة الطيبة ، (3) والخلق النبيل أنشط للحياة الزوجية فى رحلتها.

       ومن الامثلة لمحافظة الزوجة على شعور زوجها:

(1)                       تنسيق البيت وتعهده بالنظام بحيث يوحى إلى الزوج بالبهجة والسرور وذلك:

(أ‌)   بمثل تغيير الأثاث ، (ب) أو تبديل مواضعه ، (ج) أو إضافة زينات تجذب الإنتباه وتجدد الشعور بالحياة.

(2)                       توفير الجو الهادى له ليستريح ويستأنف عمله بنشاط وبخاصة فى أيام الإجازات وأوقات الراحة ، وينبغى التحكم فى مرح الأطفال.

(3)                       كذلك من المحافظة على شعوره مشاركته وجدانياً فى أفراحه وأحزانه ، ومحاولة إبعاد الهم عنه ما أمكن.

كما فعلت السيدة خديجة – رضى الله عنها – مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم حين جآءه الوحى لأول مرة حيث طمأنته بأن الله لا يخزيه أبداً ، أنك تصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكرم الضيف وتعين على نوائب الدهر – ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ، وذلك كله حتى يبتعد الهم عنه وتسكن قلبه …

(4)                       معرفة مواعيد الزوج فى الأكل ، النوم ، والخروج ، حتى تعمل لكل حسابه.  كما قالت الأعرابية:  بأن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة .

(5)                       عدم الإشمئزاز منه لعيب موجود فيه

 

 (والحمد لله رب العالمين)

 

 

 

اترك تعليقاً