كيف نقع فى الشرك بالله؟ وكيف نصون أنفسنا عن ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،،،

          فعدد الكبائر كما قال ابن عباس – رضى الله عنهما:  هى إلى السبعين أقرب منها إلى السبع  ونحن يجب أن نسلم أن بعض الكبائر أكبر من بعض.  والرسول قد أعد الشرك بالله من الكبائر فى حديثه الذى رواه أبو هريرة فى البخارى ومسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات ، الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا ، والتولى يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

          نرى أنه – صلى الله عليه وسلم – عد الشرك بالله من الكبائر ، مع أن مرتكبه مخلد فى النار ولا يغفر له أبداً مصداقاً لقوله تعالى:  (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشآء).

          والشرك بالله نوعان:  (1) أن يجعل لله نداً ويعبد غيره من حجر أو شمس أو قمر أو نبى أو شيخ أو نجم أو ملك وهذا يعتبر الشرك الأكبر.

          وقد تكون الأنداد فى صُور أخرى خفية (ب) قد تكون فى تعليق الرجاء بغير الله فى أى صورة – (ج) وفى الخوف من غير الله – (د) وفى الإعتقاد بنفع أو ضر فى غير الله.

وعن ابن عباس قال: الشرك أن نقول:

1.    والله وحياتك يافلان وحياتى.

2.    لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص أمس.

3.    وقول الرجل لصاحبه:  ماشآء الله وشئت.

4.    ولولا البط فى الدار لأتى اللصوص.

5.    قول الرجل:  لولا الله وفلان …  هذا كله شرك.

وفى الحديث:  أن رجلاً قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم:  ما شآء الله وشئت.  قال: (أجعلتنى لله نداً؟).

          وفى الصحيحين (البخارى ومسلم) عن عبدالله بن مسعود قال:  قلت يارسول الله:  أى الذنب أعظم؟   قال:  (أن تجعل لله نداً وهو خلقك).

          وقال تعالى فى سورة النسآء الآية (36):

(وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا).

          عبادة الله:  هى الخضوع له وتمكين هيبته وعظمته من النفس والخشوع لسلطانه فى السر والجهر ، وإمارة ذلك:  العمل بما أمر به وترك ما نهى عنه وبذلك تصلح جميع الأعمال من أقوال وأفعال.

          وهذه العبادة حق الله علينا كما فى الصحيحين عن معاذ بن جبل أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال له:  (يامعاذ! أتدرى ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله؟) قلتُ:  الله ورسوله أعلم.  قال:  (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.  وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً) ، والآيات فى ذلك (الشرك) كثيرة ونذكر منها:

          قال الله تعالى فى سورة النسآء الآية (48):

(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا).

          فمن أشرك بالله ثم مات مشركاً فهو من أصحاب النار قطعاً.

          وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة ، فلنذكر منها:

روى الحافظ أبوبكرالبزار فى مسنده بسنده عن أنس بن مالك عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (الظلم ثلاث ، فظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يترك الله منه شيئاً).

          فأما الظلم الذى لا يغفره الله فالشرك ، وقال:  (إن الشرك لظلم عظيم) ، وأما الظلم الذى يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ، وأما الظلم الذى لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضاً حتى يدين لبعضهم من بعض.

          الآية الثانية فى سورة لقمان الآية (13):

          (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).

          فالشرك أظلم الظلم والتوحيد أعدل العدل.

          وفى الصحيح (البخارى) أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  لا أنبئكم بأكبر الكبائر)(ثلاثاً مرات) قالوا:  بلى يارسول الله ، قال:  (الإشراك بالله وعقوق الوالدين) ، وكان متكئاً فجلس فقال:  (ألا  وقول الزور ، ألا وشهادة الزور) فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت.

النوع الثانى من الشرك:  الرياء بالأعمال:

          (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً).

          الأعمال التى عملوها لغير وجه الله تعالى أبطلنا ثوابها وجعلناها كالهباء المنثور (وهو الغبار الذى يرى فى شعاع الشمس).

          وعن أبى هريرة – رضى الله عنه أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال:(رُب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر) رواه ابن ماجه وأخرجه أحمد بن حنبل.

          إنه إذا لم يكن الصلاة والصوم لوجه الله تعالى فلا ثواب له.

          وروى عدى ابن حاتم الطائى – رضى الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يؤمر بفئام (جماعات) من الناس يوم القيامة إلى الجنة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ، ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها ، نودوا أن اصرفوهم عنها فإنهم لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها ، فيقولون:  ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك كان أهون علينا ، فيقول الله تعالى:  (ذلك ما أردت بكم كنتم إذا خلوتم بارزتمونى بالعظائم ، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين تراءون الناس بأعمالكم خلاف ما تعطونى من قلوبكم.  هبتم الناس ولم تهابونى وأجللتم الناس ولم تجلونى ، وتركتم للناس ولم تتركوا لى ، فاليوم أذيقكم أليم عقابى مع ما حرمتكم من جزيل ثوابى).

          أخرجه الطبرانى وأبو نعيم والبيهقى.

          سأل رجل رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  ما النجاة؟  فقال – صلى الله عليه وسلم: (أن لا تخادع الله) ، قال:  وكيف يخادع الله؟  قال:  أن تعمل عملاً أمرك الله ورسوله به وتريد به غير وجه الله.  أتق الرياء فإنه الشرك الأصغر ، وإن المرائى ينادى عليه يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء: يامرائى ، ياغادر ، يافاجر ، ياخاسر ضل عملك وبطل أجرك، فلا أجر لك عندنا ،(إذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له يامخادع).

          (أخرجه ابن أبى الدنيا من رواية جبلة اليحصبى (إسناده ضعيف).

          قال الحافظ شمس الدين الذهبى فى كتابه الكبائر:  (سُئل بعض الحكماء رحمهم الله من المخلص؟  فقال:  المخلص الذى يكتم حسناته كما يكتم سيئاته).

(  اللهم عافنا وأعف عنا  )

 

اترك تعليقاً