ماهو القرآن الكريم؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمدلله وكفى ، والصلاة السلام على النبى المصطفى.

أما بعد:

فلما كان الوحى الجلى هو القرآن الكريم ، لذلك حظى من الرعاية والعناية – أكان ذلك بالحفظ فى الصدور ، أم بالكتابة فى السطور.  فلم يلحق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالرفيق الأعلى ، إلا وقد جمع القرآن الكريم حفظاً فى الصدور وتدويناً فى الصحف – وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يراجعه على جبريل عليه السلام فى شهر رمضان فى كل عام.

تعريف القرآن الكريم فى اللغة:

معنى القرآن:الجمع الضم ، سمى بذلك لأنه: يجمع الآيات فيضمها فى سورة ويجمع السور فيضمها بعضها إلى بعض.

وقيل:  سمى بذلك لكونه جامعاً لثمرة الكتب السماوية السابقة أو لكونه جامعاً لثمرة كل العلوم مصداقاً لقوله تعالى: (ونزلنا عليك االكتاب تبياناً لكل شئ).

بعض أسماء القرآن:  للقرآن أسماء كثيرة أهمها:

(1)          القرآن:  (إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم) سورة الإسراء (9).

(2)          الكتاب:  قال تعالى: (ذلك الكتابُ لا ريب فيه هُدى للمتقين) البقرة (4).

(3)          الفرقان:(تبارك الذى نزل الفُرقان على عبده) الفرقان (1).

(4)          الذكر:  (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لهُ لحافظون) الحجر (9).

(5)          التنزيل: (إنه لتنزيلُ رب العالمين).

(6)          كلام الله:  (وإن أحدُ من المشركين استجارك فأجرهُ حتى يسمع كلام الله) التوبة (6).

أوصاف القرآن:

(1)                      (عربى – بشير – نذير) قال تعالى: (كِتَابٌ فصلت آياته قُرآناً عربياً لقوم يعلمون 3) بشيراً ونذيراً) 4) سورة فصلت

(2)                      (هدى – شفاء – رحمة – موعظة) قال تعالى: 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )سورة يونس 57

(3)                      أنه (نور) قال تعالى:  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ

جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) سورة

النساء (174).

(4)                      (بشرى) قال تعالى: (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) سورة البقرة (97).

عدد سوره وآياته:  وقد أجمع من يعتد به من أهل العلم بالقرآن على أن عدد سور القرآن (مائة وأربع عشرة سورة) 114 منها ستة وثمانون سورة مكية ، وثمان وعشرين سورة مدنية.

وأن مجموع عدد آيات القرآن:  ستة آلاف ومئتا آية وبضع عشرة 6207 وقيل 6600 آية ….

كيفية نزول القرآن الكريم:

      يرى الباحثون أن القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة إنما نزل فى حالتين اثنين:  (أ)  نزوله بحسب الوقائع والمناسبات.  (ب) نزوله منجماً (مفرقاً).

أولاً:  نزوله بحسب الوقائع والمناسبات:

قال تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكث ونزلناه تنزيلاً ) سورة الإسراء 106

مثال (1):  قوله تعالى:  (ولا تنكحُوا المشركات حتى يؤمن).

أول وآخر القرآن نزولا:

      نزل القرآن منجماً من نحو ثلاث وعشرين سنة وكان ابتداء نزوله – كما روى ابن سعد فى الطبقات– يوم الإثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة إحدى وأربعين من ميلاده صلى الله – وكان ذلك بغار حراء حين فاجأه الوحى ونزل عليه جبريل الأمين – وكان ما حدثنا به البخارى عن عائشة أم المؤمنين – من غطه صلى الله ثلاث مرات ، وقول جبريل له (اقرأ) وقوله – صلى الله – ما أنا بقارئ حتى قال فى الثالثة (اقرأ باسم ربك الذى خلق) وكانت هذه الآيات أول ما نزل من القرآن وهذا قول عائشة والجمهور.

آخر ما نزل:اختلف فى آخر ما نزل من القرآن على أقوال كثيرة منها:

الأول:  إن آخر ما نزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتى ورضيتُ لكم الإسلام دينا).  فقد نزلت هذه الآية بإتفاق العلماء يوم عرفه من حجة الوداع .. 

فقد قال السُدى:  إنه لم ينزل بعدها حلال ولا حرام.

الثانى:  وفى الصحيح عن البراء بن عازب أن آخر أية أُنزلت آية الكلالة. (176 النساء) (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ).

الثالث: وروى مسلم عن ابن عباس قال:  آخر سورة نزلت (إذا جاء نصر الله) ويقال إن هذه السورة نزلت فى أيام التشريق من حجة الوداع وفهم منها النبى صلى الله عليه وسلم ذلك النعى أيضاً…

الرابع:  ولعل أولى الأقوال بالإعتبار هو أن آخر ما أُنزل قوله تعالى: (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم تُوفى كُلُ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)  نزلت هذه الآية على النبى – صلى الله عليه وسلم – بعد ما فرغ من حجة الوداع.

ثانياًنزول القرآن منجماً

      وقد صح أنه نزل عليه بعض آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) سورة التوبة (28). 

ما الحكمة فى نزوله منجماً:

(1)          أن فى تفريقه رحمة بالعباد ، فإنهم كانوا قبل الإسلام فى إباحة مطلقة ، فلو نزل عليهم القرآن دفعة لثقلت عليهم التكاليف ..

(2)          اقتضت الحكمة أن يكون منه ما هو جواب لسؤال – وما هو بيان لحكم حادثة …

(3)          أنه أُنزل هكذا ليقوى به قلب الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيعيه ويحفظه ، فإنه صلى الله عليه وسلم أمى لا يقرأ ولا يكتب ، أما غيره من الرسل السابقين فقد كانوا كاتبين.

جمع القرآن الكريم وتاريخه:

      إن هذا العمل الجليل اتخذ وسيلتين متضافرتين:

الأولى:جمع القرآن  —-     بمعنى حفظه فى الصدور.

الثانية:جمع القرآن  —-    بمعنى كتابته فى السطور.

أولاًجمع القرآن الكريم بواسطة الحفظ فى الصدور:

     كان القرآن الكريم ينزل غضاً على النبى – صلى الله عليه وسلم – الآية والآيتين والثلاث فى جرس حلو النغمات وكانت همة النبى – صلى الله عليه وسلم منصرفة إلى حفظه واستظهاره وسرعة الإستظهار مخافة أن يتفلت منه حرف أو تفوته كلمة – فعلمه ربه الطمآنينة والتأنى وعدم استعجال الوحى بالقرآن.

(1)          (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) سورة طه (114).

(2)          لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16)إِنَّ عَلَيْنَا جمعهُ وقرآنهُ 1718 فإذا قرأناه فاتبع قُرآنه  ثم إن علينا بيانه  19 سورة القيامة

قال عبدالله بن مسعود:  (كان القرآن الكريم ينزل بالآيتين والثلاث والعشر فلا نحفظهما حتى نعمل بهما فحفظنا العلم والعمل معاً).

روى زيد بن ثابت:  وهو من مشاهير كتاب الوحى – قال: جُمع القرآن على عهد النبي– صلى الله عليه وسلم من الرقاع …

      وكان هذا الترتيب بتوقيف من جبريل عليه السلام – فقد ورد أن جبريل عليه السلام كان يقول: (ضعوا كذا فى موضوع كذا).

لم يكن المصحف مرتباً فى كتاب واحد متشابه القراطيس على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

(1)كانت الأمة حديثة عهد بالكتابة.  (2) وحديثة عهد بمعرفة الأدوات الكتابية ما بين جريد – سعف – عظام – حجارة – جلود.

(3)إن ترتيب آياته وسورة لم يكن حسب ترتيب نزوله ، بل كان ترتيباً توقيفياً من الله لرسوله.

(4)إن النبى – صلى الله عليه وسلم – كان بصدد أن ينزل عليه الوحى بنسخ ما يشاء من الآيات.

جمع القرآن على عهد أبى بكر رضى الله

(1)          تولى أبوبكر – رضى الله عنه – الخلافة بعد ان أنتقل الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى الرفيق الأعلى وأستمر فى خلافته لمدة سنتين 11هـ – 13هـ ..

(2)          واجه فيها حروب الردة وموقعة اليمامة بين المسلمين ومسيلمة الكذاب سنة 12 هـ وكانت معركة شرسة استشهد فيها كثير من قُراء الصحابة وحفظة القرآن الكريم أكثر من خمسمائة على رأسهم (الصحابى الجليل سالم مولى أبى حذيفة).

(3)          دخل عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – على الخليفة وأخبره الخبر وأقترح عليه أن يجمع القرآن فى مكان واحد من الكتاب خشية الضياع بموت الحفاظ وقتل القراء ….

(4)          فتردد أبوبكر – رضى الله عنه – يخاف أن يجره التجديد إلى التبديل. وبعد أخذ ورد بينه وبين عمر تجلى له وجه المصلحة فى جمع القرآن وشرح الله صدره لذلك.

(5)          فندب لذلك شاباً من خيرة شباب الصحابة (زيد بن ثابت) رضى الله عنه.

(6)          فشمر عن ساعد الجد منتهجاً فى ذلك طريقة دقيقة وضعها له الشيخان واعتمد على مصدرين أساسيين:

(أ‌)              ما كتب بين يدى رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

(ب‌)        ما كان محفوظاً فى صدور من تبقى من حُفاظ القرآن من الصحابة

(7)          أبوبكر وضع عنده (الصحف) ثم انتقل إلى عمر من بعده ، ثم حفظتها أم المؤمنين حفصة بنت عمر عندها بعد وفاة أبيها حتى إذا استقرت الخلافة إلى عثمان رضى الله عنه صارت هذه الأمانة العظيمة إليه.

جمع القرآن على عهد عثمان

(1)          اتسعت الفتوحات فى عهد عثمان – رضى الله عنه – وكثر جند المسلمين من قبائل العرب وبطونهم ، ولكل لغته ولهجته.

(2)          أخرج البخارى فى صحيحه أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة ابن اليمان قدم على عثمان وكان يغازى أهل الشام فى فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق.

(3)          فأفرغ حذيفة اختلافُهم فى القراءة فقال لعثمان: (يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا فى الكتاب اختلاف اليهود واالنصارى).

(4)          فأرسل عثمان إلى حفصة.  أن أرسلى إلينا بالصحف لنسخها فى المصاحف ثم نردها إليك.

(5)          فأمر: (أ) زيد بن ثابت ، (ب) عبدالله بن الزبير ، (ج) سعد بن العاصى (د) عبدالرحمن بن الحارث بن هشام.

(6)          أما الجمع فى عهد عثمان كان عبارة عن نقل ما فى تلك الصحف فى مصحف واحد إمام واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية مع ترتيب سوره وآياته جميعاً (وأمر بما سواه فى القرآن فى كل صحيفة أو مصحف أن يحرق).

(7)          وقد استجاب الصحابة لعثمان – فحرقوا مصاحفهم واجتمعوا جميعاً على المصاحف العثمانية – حتى عبدالله بن مسعود الذى نقل عنه أنه أنكر أولاً مصاحف عثمان ، وأنه أبى أن يحُرق مصحفه – رجع وعاد إلى حظيرة الجماعة ، حين ظهر له مزايا تلك المصاحف العثمانية واجتماع الأمة عليها.

القرآن الكريم ومراحل نزوله

القرآن المكى:ما نزل فى مكة مطلقاً ، سواء أكان قبل الهجرة أم بعدها.

القرآن المدنى:  ما نزل فى المدينة.

وما كان فى غيرهما فينسب إلى المكان الذى نزل فيه كالذى نزل ببيت المقدس – والذى نزل بتبوك وغير ذلك.

الدليـل:ما رواه أبو أُمامه – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (أُنزل القرآن فى ثلاث أمكنة: مكة والمدينة والشام).

 

أولاً:  المرحلة المكية:

(1)          كانت الفترة المكية أطول من الفترة المدنية بثلاث سنوات.

(2)          ما نزل من القرآن الكريم من السور المكية أكثر مما نزل بالمدينة المنورة (مكة 86 سورة – بلغ عدد آياتها 4477 آية) ، بينما نزل بالمدينة المنورة (المدينة 28 سورة بلغ عددها 1759 آية).

علامات القرآن المكى:

(1)          كل سورة فيها آية سجدة فهى سورة مكية (ما عدا سورة الحج) فهى سورة مدنية – وبها آيتين سجدة.

عدد السجدات فى القرآن الكريم:

(1)          وهى (14) سجدة فى ثلاث عشرة سورة (الإعراف – الرعد – النحل – الحج بها اثنتان – مريم – الإسراء – الفرقان –السجدة – فصلت).

(2)          كل سورة فيها كلمة (كلا) فهى مكية ، فلا يوجد فى السور المدنية هذه  الكلمة وذكرت ثلاثاً وثلاثين مرة فى خمس عشرة سورة مكية.

(كلا إنها لظى) ، (كلا إن معى ربى سيهدين).

(3)          كل سورة يذكر فيها قصص الأنبياء إذا عالجت القصة موضوع التوحيد ودعوة أممهم إلى عبادة الله.  ونبذ الرذائل ..

(4)          كل سورة انفردت بنداء الناس (يا أيها الناس) وهى أربع سور (الأعراف – يونس – لقمان – فاطر).

أما إذا إجتمع فى سورة (نداء الناس ونداء المؤمنين معاً فهى مدنية وكذلك إذا انفردت بنداء المؤمنين فهى مدنية كذلك.

(5)          كل سورة ذكرت فيها قصة آدم مع إبليس فهى مكية إلا سورة البقرة…

(6)          كل سورة تبدأ بالحروف المقطعة.  (تسمى حروف التهجى وحروف التحدى)  فهى مكية ماعدا الزهراوين (البقرة وآل عمران) وعددهم خمس وعشرون سورة.

 

( والحمدلله رب العالمين )

 

 

اترك تعليقاً