مقدمة فى الحج

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى أله وصحبه والتابعين ، ومن جآء بعدهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد،،،،،

بما يستعد المسلم للحج؟

          يستعد المسلم للحج (1) بصدق النية ، (2) والمال الحلال – كثير من الناس يذهبون إلى الحج وهم سياح فالفرق كبير بين السياحة والعبادة.  فالسياحة نزهة فيها الطاعة وفيها المعصية وفيها الحلال وفيها الحرام ، أما الحج فهى عبادة مقدسة إلى الأراضى المقدسة.

كيف يكون الحج نزهة؟

          أقول ما نشهده من صراع فى تكاليف يصل إلى مائة ألف أو خمسين ألف فيما نسمع – ماذا يصنع فى ذاهب إلى البيت الحرام – وكم من الوقت سيقضى وكم من الوقت سيصلى إنه فعلاً نزهة ضاق وقته وكثر ماله فهو يريد أن يتنزه فيتنزه فى رحلة الحج – ولا يستفيد منها شئ ويضيق على ضعفاء المسلمين وفقرائهم فلا يحصلون على أى درجة من درجات الخدمة والرعاية.

التعرف على أركان ومناسك الحج:

          بعض الناس يذهبون إلى الحج وهم لا يعرفون شيئاً عن أحكامه وأركانه هكذا تعود الناسُ ألا يكلُفوا أنفسهم تعلم أى شئ عن الحج ولا عن العمرة وتعود الناس أن يذهبوا مع الذاهبين ويفعلوا ما فعله السابقون عنهم ثم يفاجأ الواحد منهم أن الحجة باطلة لأنه جآء وترك الطواف مثلاً أو خرج من المسجد بعد الطواف ولم يسعى بين الصفا والمروة وهو لا يعرف وسافر إلى بلده وقد ترك ركناً من أركان الحج وهو (السعى بين الصفا والمروة).

          بالله عليكم لو طلب من الإنسان أن يعرف أو يتعرف على طعام سيأكله أو عمل سيعمله بعمله ويتعلمه أم يتركه؟  بالتأكيد سوف يتعلمه على أكمل وجه من أجل الحصول على المنافع.

          فلماذا يذهب الناس إلى الحج وهم جهلاء والعلم أمامهم كثير.

          ولماذا يتكاسل الناس عن حفظ مواقع المناسك وهى ليست كثيرة ولكن المألوف أن الشباب والشابات بالذات يحفظوا المدن التى سافروا إليها مثل روما – لندن – باريس ، ولكن لو سألتها متى يكون الوقوف بعرفة لا تعرف لأنها لم تكلف نفسها أن تعرف – وهذا حال غالب الناس فكيف يقبل منهم الحج.

          فالواجب على كل حاج وحاجة أن يقرأ مناسك الحج فى كتاب أو يجلس إلى شيخ فى المسجد يعلمه أو إلى زميل سبق له الحج فيشرح له – وهذا يجعل حجه مقبولاً ولا يكلفه الكثير.

          الأدب الذى يجب أن يلتزم به المسلم فى الحج عموماً وخصوصاً عند زيارة النبى – صلى الله عليه وسلم:

(1)     يلتزم فى الحج بالهدوء ، (2) والسكينة ، (3) والصدق فى القول والعمل ، (4)والتعاون المثمر مع أخوانه الحجاج ، (5) أن يحول أن يكون سمح – سهل ، (6) وإن سُئل عن شئ أجاب أن كان يعرف.

(1)     وإن ذهب إلى مسجد النبى – صلى الله عليه وسلم – فيصلى فى الروضة ركعتين (إن أستطاع) – فما بين القبر والروضة رياض من رياض الجنة.

(2)     وإن وقف أمام قبر النبى – صلى الله عليه وسلم – فيقف فى (1) خشوع ، (2)وأدب ، وأنت فى زيارة النبى – صلى الله عليه وسلم – أعلم أن النبى يجلس أمامك وأنك تخاطبه وتكلمه ، وأنه يرد عليك الكلام والسلام فكون فى قمة الخشوع والأدب وألقى السلام عليه كما علمك ولا تتجاوز الحدود بأن تسئل النبى – صلى الله عليه وسلم – ما لم يعلمُه لك كقول:  أشفى لى ولدى يارسول الله – أو زوج أبنتى أو أفعل كذا وكذا.

          إن مهمتك أن تلقى (1) السلام ، (2) والتحية على النبى – صلى الله عليه وسلم – وإن سألت فسأل الله.  هذا هو أدب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهذا خلقه وهذا ما يكون عليه المسلم فى الحج.

فريضة الحج:

          هى الفريضة الخامسة من فرائض الإسلام ، والشعيرة الرابعة من شعائره ، ونهنئ الذين منَ الله عليهم بسماع الآذان القديم الذى أطلقه أبونا إبراهيم فى صحراء مكة عند البيت الحرام إستجابة لأمر الله رب العالمين حيث قال له فى سورة الحج الآية (27):

(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

          قال إبراهيم:  يارب وما عسى أن يبلغ صوتى.  فقال له ربه:  يا إبراهيم عليك الآذان وعلينا البلاغ.  فأسمع الله كل من كتب له الحج صوت إبراهيم فى عالم الأرواح.

          هذه الرحلة المباركة الفريدة فى عالم الأسفار والرحلات ، إنها رحلة وإن تعبت فيها الأجسام وقاست فيها الأبدان ، فقد هدأت فيها النفوس ، وهامت فيها الأرواح ، وحلقت فيها مع الملأ الأعلى.

          إن هذه الرحلة من أجل الأعمال وأفضلها ، فعن أبى هريرة – رضى الله عنه قال:  (سُئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أى الأعمال أفضل؟  قال: ( إيمان بالله ورسوله ، قيل: ثم ماذا؟  قال:  ثم جهاد فى سبيل الله ، قيل:  ثم ماذا؟  قال:  حج مبرور).

ماهو الحج المبرور:

          والحج المبرور هو الحج الذى يحرص فيه الحاج على أداء المناسك على أكمل وجه، مع تجنب اللغو والرفث ، والبعد عن الإثم والذنب فإذا عاد إلى بلده وأهله كان أكثر رغبة فى الآخرة ، وأكثر زهداً فى الدنيا.

          فعن عائشة – رضى الله عنها – إنها قالت: يارسول الله نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد؟  قال صلى الله عليه وسلم:  (لكن أفضل الجهاد حج مبرور).  وعنها – رضى الله عنها – إنها قالت:  يارسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم؟  قال صلى الله عليه وسلم: (لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج المبرور).  قالت عائشة:  فلا أدع الحج بعد إذ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

          فعن أبى هريرة – رضى الله عنه قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) ، ومعنى لم يرفث أى تجنب المعاشرة الزوجية فى أثناء إحرامه بالحج ، ومعنى لم يفسق أى تجنب الذنوب والمعاصى ، فمن كان حجه خالياً من هذه التجاوزات رجع وقد غُفرت ذنوبه ومحيت خطاياه وآثامه كأنه مولود جديد لا ذنب عليه.

          الذين يحجون قد وفدوا على الله وزاروا بيت الله ، وطافوا بكعبة الله ، وأدوا مناسك الله ، وحقاً على المزور أن يُكرم زائره ، والكرامة تكون على قدر من زُرتموه وطفتم ببيته، وإننا لا نستطيع أن نتخيل حجم هذه الكرامة ، ويكفى إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد أشار إلى مايقربها لنا ، (فالله سبحانه يلبى لهم كل طلباتهم ، ويستجيب لهم كل دعواتهم ، ويحقق لهم كل رغباتهم ويمحو عنهم كل سيئاتهم.

          فعن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال:  (الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن أستغفروه غفر لهم).

          هنيئاً لكم هذا الأجر فى الدنيا ، ثم هنيئاً ما أعده الله عز وجل لكم فى الآخرة ، إنه الفوز ، إنها النجاة ، إنها الرحمة ، إنها الجنة التى عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.

          يقول صلى الله عليه وسلم:  (…..  والحجُ المبرورُ ليس له جزاءُ إلا الجنة).

هنيئاً …  هنيئاً …   هنيئاً

(والحمد لله رب العالمين)

( والحمدلله رب العالمين )

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً