ما قاله الشافعى فى مسجد الزعفران

 

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعــد ..

فهناك قصة توضح لنا النية وتكبيرة الإحرام فى بدأ الصلاة.

الإمام الشافعى – رحمه الله:  بعد أن انتهت مراحل تعليمه فى الحجاز مكة والمدينة المنورة ، واستوعب علم مالك.

وقال الإمام مالك:  “إن الشافعى هذا الغلام صار أفقه منى”.

وكان مالك يقول له:  اذهب أعطى الدرس بدلاً منى يا شافعى ، وكان الشافعى عنده طموح ، فقال لسيده ومعلمه مالك أريد أن أذهب إلى بغداد لكى أتزود بعلم أبو حنيفة وخصوصاً أن كتب أبو حنيفة موجودة وتلاميذه على قيد الحياة فدعى له مالك.

وعندما وصل الشافعى بغداد دخل مسجد الزعفران ورأى رجل عجوز يصلى صلاة سريعة ، ينقر الصلاة ليس فيها طمأنينة ، لأنه أشيع أن أبا حنيفة قال:  الطمأنينة ليست فرض أو ركن من أركان الصلاة.  فلما سلم الرجل جآء إليه الشافعى وقال له:  السلام عليكم.  رد الرجل:  وعليكم السلام.  قال الشافعى:  هذا الوجه الجميل الذى أرجو له من الله نضرة النعيم ، أرجو أن تحسن صلاتك ليحسن الله إليك . مع هذا الذوق الكامل الرجل غضب – وقال:  “غلام يعيب على صلاتى” 

ودخل الرجل على تلاميذ أبو حنيفة محمد أبو الحسن وأبو يوسف وكانا هم أعلم الناس فى العراق.  قال الرجل:  هل لاحظتم شئ فى صلاتي ؟  قالوا: اللهم لا.  وحكى لهم ما حدث – قالا له:  أذهب إليه وسأله (بما تدخل الصلاة؟) إذا لم يجاوب يكون رجل جاهل ليس عنده علم وأنت خير منه.  وكان الشافعى يومها لم ينبت له شارب كما قال وهو ابن 14 سنة.  قال الشافعى: أنا أدخل الصلاة بفرضين وسنة (أعطاه الجواب فى صورة لغز).  قال له:  أسأله ما هو الفرضين والسنة؟.  قال الشافعى: الفرضين: فرض باطنى وفرض ظاهرى والسنة عملية.  قالا:  التفسير أصعب.  قل له:  ماهو الفرض الباطن والظاهرى والسنة العملية ؟.  قال الشافعى:

الفرضين:   (1)  النية فى القلب:وهو أمر باطنى (لايعلمه إلا الله).

(1)          وتكبيرة الإحرام:وهو أمر ظاهرى.

(2)          السنة العملية:  رفع اليدين وأقول:  الله أكبر.

أفرض انت بتصل لم ترفع يدك فإن الصلاة صحيحة ولكن فاتك ثواب إتباع السنة.

قال أبو يوسف ومحمد أبو الحسن للرجل المسئ فى صلاته: “(هذا جواب من نظر فى العلم – قول له:  أحضر لتتحدث مع المشايخ.

قال الشافعى: “(العلمُ يُؤتى ولا يَآتى ويُزار ولا يزور)”.

قالا:  سبحان الله هذه عزة نفس لم نجدها فى العراق.

وكان الشافعى شكله وجسمه وحجمه صغير يستهان به.  قالا له: ما أسمك ؟  قال الشافعى:  (عبد من عباد الله).  قالا: من أين آتيت ؟.  قال الشافعى: (من بلاد الله).  وإلى أين تذهب ؟.  قال الشافعى: (إلى بلاد الله).  قالا:  هل رأيت مالك ؟  لا يستطيع الشافعى أن يكذب قال: من عنده آتيت.

قالا:  حضرت عليه العلم ؟  قال الشافعى:  ثمانية أعوام.  قالا:  رأيت كتاب مالك ؟  قال الشافعى:  حفظته.  قالا:  هذا الكتاب يُطلع عليه ويُقرء ..  فقام الرجل المسئ فى صلاته وجآء بالموطأ (كتاب مالك)، فقال قول فى باب الوضوء.

قال الشافعى:  حدثنى مالك عن نافع عن عبدالله بن عمر – رضى الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (“لا يقبلُ الله صلاة بغير طهور (الوضوء) ولا صدقة من غُلُول”).  قالوا له:  قول فى باب البيوع – باب الزواج – باب الطلاق.  هم يختبروه هل هو حافظ كتاب الموطأ أم لا.  فقال له واحد منهم:  أنت يا ابنى رأيت الشافعى ؟ قال:  أنا الشافعى.  هم سمعوا عن الشافعى من الحجاج الذين يزورون مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم – ويعلموا أنه مقيم مع الإمام مالك ، وهنا وجم الشيخان (حصل عندهم ذهول) ونظرا إلى الرجل المسئ فى صلاته وقالا له: فضحتنا مع شيخ العلماء فضحك الله.

خرج الشافعى من المسجد فوجد فرساً ملجماً مطهماً من أفخم ما يكون قال الشافعى:  لم أتعود ركوب الخيل – أذهب إلى البيت على رجلى ..

دخل الشافعى بيت أبا يوسف فوجد السقف مموهاً بمآء الذهب ، فبكى الشافعى بكاءً مُراً وقال:  “يا أهل العراق تدهنوا سقوفكم بمآء الذهب والفضة وإخوانكم فى الحجاز يمصون النوى من الجوع”.

قال له صاحب البيت:  هون على نفسك فإنها أموال دفعت زكاتها فنحن قوم نعرف حق الله.

قال الشافعى:  إن فى المال حق سوى الزكاة (هناك الصدقات – هناك المحتاجين).

ترك أبو حنيفة ثلاث كتب: الفقه الأكبر, والوسيط , والبسيط, وفيها أرائه كلها فى المذهب أحاديث وشرحها حسب وجه نظره تركوا هذه الكتب للشافعى.

أحدى بنات الرجل صاحب البيت قالت لأبيها: “لم أرى للشافعى إجتهاداً الليلة” ؟ قال لها أبوها:  هو متعب من السفر (إذا كان المسافر رفع الله عنه نصف الصلاة ورفع عنه الصوم).

ذهب الشافعى معهم إلى مسجد الزعفران لصلاة الفجر وبعد الصلاة بدأ الدرس – أبو يوسف صاحب البيت قرر حكم شرعى وقال:  هذا ما رأه أبو حنيفة”.  فقال الشافعى:  للذى يجلس بجواره قول له إن أبا حنيفة لم يقل هذا.  فقال الرجل:  يا سيدنا الشيخ هناك رجل يقول:  إن هذا لم يقله أبو حنيفة. 

قال أبو يوسف: من ؟  فرأى الشافعى ، فقال أبو يوسف : الضيف العزيز. 

قال الشافعى:  ( إن كاتم العلم يلجم بلجام من نار يوم القيامة ما تكلمت) عليك حق المشيخة ولكن لا أستطيع.  قال أبو يوسف:  وكيف عرفت علم أبو حنيفة ؟.  قال الشافعى:  أنا قرأت الأحكام الليلة (الأكبر).  قال أبو يوسف:  قرأت كل هذه الأحكام ومن ضمنها هذا الحكم.  قال الشافعى:  فى صفحة كذا من كتاب الفقه الأكبر.  ممكن كنت أنتظر حتى نرجع البيت ولكن قد يكون فى الناس المسافر الذى لا يرجع ويعمل بما قلت ، وهذا حرام علينا.  (وفى زلة العَالم زلة العًالم).  وكان لهذا هزة كبيرة جداً فى العراق.  قال أبو يوسف:  يا شافعى كيف تقرأ الكتب ؟  الكتاب 1000 صفحة – يأخذ 1000 ثانية.

فأقام عدة أيام أستوعب كل علم أبو حنيفة.

اسمه:     محمد بن ادريس بن عثمان بن شافع بن يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب.

 

 (والحمد لله رب العالمين)

 

اترك تعليقاً