اتق الله حيثُما كنت .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله أولاً وآخراً ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه اجمعين.

أما بعد،،،

          عن أبى ذر جُندُب بن جُنادة – رضى الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:  (اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن)  رواه الترمذى.

          هذه وصية رسول الله  – صلى الله عليه وسلم -إلينا تحتوى على حقوق لله وحقوق للعباد فإن حق الله على عباده أن يتقوه حق تقاته ، وهذه وصية للأولين والآخرين ، مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النسآء الآية (131):

(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ)

ما معنى التقوى:

(1)مراقبة الله فى السر والعلانية ، (2) الخوف من ذنوبه ، (3) التوبة من الذنوب على الدوام.  (كما قال الدكتور محمد بكر إسماعيل فى كتابه).

أنواع الناس فى التقوى:

(1)نوع يقتصر على فعل الواجبات وترك المحرمات ، (2) نوع يؤدى الواجبات ويتجنب المحرمات والمكروهات ، (3) ونوع يزهد فى الدنيا فيقتصر على ما يسد الرمق ويستر العورات.

          وقد أمر الله تعالى بالتقوى فى آيات كثيرة فى سورة الحشر الآية (18):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

          إذاً التقوى أصل أصول الدين ، فهى من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، فمن قال: (لا إله إلا الله) لزمه أن يتقى الله ، فالتقوى برهان على صحة إيمانه.

من هو أتقى الناس؟

(1)           محمد – صلى الله عليه وسلم – كما جآء فى الحديث الذى أخرجه البخارى (أما إنى أتقاكم لله وأخشاكم له).

(2)           صاحبه أبوبكر الصديق – رضى الله عنه – وفيه نزل قوله تعالى فى سورة الليل الآية (17 – 21):

(وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى(17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(18) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى(19) إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى(20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى)(21).

(3)           أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم التابعين.

ولهذا أمرهم الله – عز وجل – بالتقوى فقال فى سورة آل عمران الآية (102):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

بمعـنى:  إلزموا طاعة ربكم لزوماً تاماً ، ولا تقصروا فى شئ أمركم الله به و لا تقربوا شيئاً نهاكم الله عنه ، ولا تحوموا حول الشبهات – وازهدوا فى الدنيا – وارغبوا فى الآخرة – واخشوا ربكم فى سركم وعلانيتكم –قال ابن مسعود–رضى الله عنه – فى تفسير هذه الآية: أن يطاع فلا يعصى ، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى.

ومعنى الحديث:  (اتق الله حيثما كنت)

          أتق الله فى عموم المواطن ، ومختلف الأحوال ، ومع كل الناس ، وفى جميع أمور دينك وشئون دنياك – وراقب ربك فى جميع تصرفاتك وحاسب نفسك على كل صغيرة وكبيرة حساباً يبعدها عن المعاصى –(واتبع السيئة الحسنة تمحها).

          إذا وقعت منك سيئة فافعل فى مقابلها حسنة.

          وفى الصحيحين عن ابن مسعود – رضى الله عنه:  (أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ثم أتى النبى – صلى الله عليه وسلم – فذكر ذلك له ، فسكت النبى – صلى الله عليه وسلم – حتى نزلت هذه الآية: (وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) سورة هود الآية (114).

          الوصية الثالثة فى الحديث كانت حقاً للعباد بعضهم على بعض وهى: (وخالق الناس بخُلُق حسن).

بمعـنى:  (1) عامل الناس معاملة مرضية ، (2) وعاشرهم بالمعروف معاشرة طيبة ، (3) وشاركهم آمالهم وآلامهم بروح تعاونية ، (4) وجاملهم فى الأمور التى تحسن فيها المجاملة ، (5) وتسلح فى معاملتهم بالصبر والحلم ، والعفو والصفح ، (6) وأحسن لمن أساء إليك إبتغاء وجه الله تعالى.

فضل الخُلق الحسن:  عن عائشة – رضى الله عنها – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (إن المؤمن ليدرك بحُسن الخلق درجات الصائم القائم).  أخرجه أحمد وأبو داوود.

          كما قال عليه السلام:  (ما من شئ يوضع فى ميزان العبد أثقل من حُسن الخُلق ، وإن صاحب حُسن الخُلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة).  أخرجه الترمذى عن أبى الدرداء.

الحديث الثالث:عن عبدالله بن عمرو – رضى الله عنهما – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال:  (ألا أخبركم بأحبكم إلى الله وأقربكم منى مجلساً يوم القيامة؟)  قالوا: بلى ، قال: (أحسنكم خُلقاً).

          وأخيراً:  التقوى هى:  طاعة الله والخوف منه.

          كما قال عليُ – رضى الله عنه – فى تعريف التقوى:

(1)           الخوف من الجليل.

(2)           والعمل بالتنزيل.

(3)           والرضا بالقليل.

(4)           والإستعداد ليوم الرحيل.

 

( ونسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق )

 

 

 

 

اترك تعليقاً