تعاهدوا هذا القرآن .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،

فعن أبى موسى الأشعرى – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (تعاهدوا هذا القرآن ، فوالذى نفس محمد بيده ، لهو أشد تفلتا من الإبل فى عقُلها)  أخرجه البخاري.

القرآن الكريم كتاب هداية ومنهج حياة ، بين الله فيه للناس ما يجب لهم وما يجب عليهم ، وما يحل لهم وما يحرم عليهم.

مصداقاً لقوله تعالى فى سورة هود الآية (1):

(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)

وهو الكتاب المهيمن على سائر الكتب السماوية ، جمع ما تفرق منها ، وصحح ما حرفته الأيدى العابثة.

إن حفظ القرآن كله نعمة من أعظم النعم بعد الإيمان ، فمن منٌ الله عليه بحفظه فليتعهده بالتلاوة مع التدبر فى صباحه ومسائه وفى حله وترحاله ، فإن القرآن يتفلت من صاحبه على حين غفلة منه ، فلا يستطيع رده إلى ذاكرته إلا بمشقة بالغة.

ولهذا قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (تعاهدوا هذا القرآن).  جددوا العهد معه بملازمة قراءته.

من حفظ القرآن فهو فرض كفاية – بمعنى – إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

وحفظ بعضه بالقدر الذى تؤدى به الصلاة واجب على كل مسلم قادر على الحفظ.

شرح الحديث:  (لهو أشد تفلتاً)  أسرع إنصرافاً عن الذاكرة ، فهو نعمة من أجل النعم ، والنعمة تستدعى المحافظة عليها باستذكارها.

          وقد أقسم النبى – صلى الله عليه وسلم – على ذلك بالقسم الذى أعتاه فى توكيد كل أمر عظيم.  وهو قوله (والذى نفس محمد بيده) ولا يخفى ما فى هذا القسم من التسليم لله فى الأمر كله ، وإظهار الخضوع إليه والتواضع لعظمته ، وتمام الافتقار إلى خالقه ومولاه جل شأنه. 

          (والعُقُل) ضم العين والقاف وهو جمع عقال ، وهو ما يربط به البعير.

          وليس هناك ذكر أعظم من تلاوة القرآن، تنشرح به الصدور وتستنير به البصائر ، فهو أحسن الحديث على الإطلاق ، لأنه يملك على المرء نفسه وحسه ويتسلل نوره إلى أعماق القلوب.

          وهذا الحديث موافق – أيضاً – لقوله تعالى:  (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) سورةالقمر(17) – نفهم من هذه الآية أن الله – عز وجل – يسر القرآن لمن أراد تلاوته وأقبل عليه بقلبه.

          ونفهم من قوله:  (فهل من مدكر) الحث على تلاوته وتعهده بالحفظ والتدبر والإستذكار.

وأخـيراً:إنه لا موازنة ولا مفاضلة لا معادلة بين كلام الله وكلام البشر ، بل لا موازنة ولا مفاضلة ولا معادلة بين هذا الكتاب والكتب السماوية كلها ، فهو المعجزة العقلية الباهرة الخالدة إلى أبد الأبد.

 

( والحمدلله رب العالمين )

 

اترك تعليقاً