بر الوالدين فى الإسلام

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                                أما بعد ،،،

        فلقد أمر الإسلام ببر الوالدين فى نصوص كثيرة من القرآن والسنة منها:

أولاً: مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النسآء الأية (36):

((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))

الخطاب هنا للمؤمنين ، أطيعوا الله فى أمره ونهيه مع غاية الذل والحب والتعظيم له عز وجل. ولا تعبدوا مع الله غيره واستوصوا بالوالدين براً وإنعاماً وإحساناً وإكراماً ، وذلك بطاعتهم فى المعروف وإسداء الجميل لهم ودفع الأذى عنهم.

ثانياً: قوله تعالى فى سورة الإسراء أية(23) ، أية(24):

((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا* (23)))

وقد أوصى الله تعالى بالوالدين ( وهما الأب والأم ) ببرهما كيف؟؟

بإيصال الخير إليهما ، وكف الأذى عنهما ، وطاعتهما فى غير معصية الله تعالى- ولما يبلغ الأب أو الأم أو الإثنين معاً سن الكبر عندك يجب عليك:

1-أن تخدمهما خدمتهما لك وأنت طفل صغير فتغسل لهما بولهما وتطهر نجاستهما وتقدم لهما ما يحتاجان إليه.

2-ولاتتضجر أو تتأفف من خدمتهما كما كان يفعلان ذلك معك وأنت طفل صغير تبول وهما يغسلان وينظفان ولا يتضجران أو يتأففان.

3-ولا تزجرهما بالكلمة العالية النابية ، وقل لهما قولاً جميلاً سهلاً لينا يشعران معه بالكرامة والحب.

ثالثاً: قوله تعالى فى سورة لقمان الآية(14):

((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* (14)))

بمعنى: عهدنا إلى الإنسان ببر والديه ، وأمرناه أمراً جازماً مؤكداً بالإحسان إلى الوالدين.

فمن الناس من ينفذ هذه الوصية ومنهم من يهملها ولا ينفذها.

 لقد حملته أمه ضعفاً على ضعف ، وشدة على شدة وهى الآلآم وأتعاب الحمل والولادة ، فلهذا تأكد برها  فوق بر الأب ثلاث مرات للحديث الصحيح فى البخارى:

عن أبى هريرة – رضى الله عنه قال : جآء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال : (أُمك) ، قال : ثم من ؟ قال : (أُمك) ، قال : ثم من ؟ قال : (أُمك) . قال : ثم من ؟ قال : (ثم أًبوك) وبذلك نرى أن الأم تستحق على الولد الخط الأوفر من البر . وكذلك الرضاعة من أول ساعة له فى الدنيا إلى أن يتم عامين كاملين – ثم شكر الرب على نعمة الإسلام والإيمان والإحسان وشكر الوالدان على نعمة التربية .

 ثم بعد ذلك إلى الله المرجع والمآب فأجازى المحسن على إحسانه  والمسيئ على إساءته (كما اخبر الله تعالى) كل هذه الآيات وغيرها تدل على عظم حق الوالدين ولقد أعلى الإسلام منزلة بر الوالدين وبين فضله والإشادة به.

تفضل بر الوالدين على الجهاد فى سبيل الله

الدليل:- عن عبد الله ابن مسعود قال : سألت النبى – صلى الله عليه الصلاة أى عمل أحب الى الله ؟ قال النبي (الصلاةُ لوقتها ) قلت : ثم أى ؟ قال : (بر الوالدين) قلت : ثم أى ؟ قال : (الجهاد فى سبيل الله) رواه البخارى ومسلم فى هذا الحديث يدل على تقديم منزلة بر الوالدين على الجهاد فى سبيل الله.

الدليل الثانى : جآء رجل إلى النبى – صلى الله عليه وسلم يستأذنه فى الجهاد فقال : آحي والداك؟) قال : (ففيهما فجاهد)(رواه البخارى ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص)

قال العلماء : إن استئذان الوالدين فى الجهاد – إذا كان الجهاد مندوباً أما إذا تعين كالنفير العام : إذا هوجمنا  أو كان وجوده فى الجيش ضرورياً لإتقانه استعمال نوع من السلاح مثلاً ، لم يكن هناك داع إلى استئذانهما.

ومن طريف ما يحكى هنا ما رواه البيهقى فى كتابه (المحاسن والمساوئ) أن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – لما وجه جيشاً إلى اليرموك قام إليه (أمية بن الاشكر)الكنانى – فقال : يا أمير المؤمنين هذا اليوم من أيامى لولا كبر سنى ، فقام إليه ابنه (كُلاب) وكان عابداً زاهداً فقال : لكنى يا أمير المؤمنين أبيع لله نفسى ، وأبيع دنياى باَخرتى ، فتعلق به أبوه وقال : لا تدع أباك وأمك شيخين ضعيفين ، ربياك صغيراً حتى إذا احتاجا إليك تركتهما فقال كلاب : نعم أتركهما لما هو خير لى ، فخرج غازياً بعد أن أرضى أباه.

 الأب يبكى والأم كذلك – والأب يقول شعر حزناً على إبنه فبلغت هذه الأبيات عمر – فأرسل إلى أبى موسى الاشعرى برد كُلاب , وصل االى عمر بن الخطاب – فقال له : بلغنى أن أباك وجد بفراقك وجداً شديداً فبماذا كنت تبره ؟ قال كُلاب : كنت أوثره وأكفيه أمره.

وكنت أذا أردت ان أحلب له لبناً أعزل ناقة فى إبله فأسمنها وأربحها ، وأتركها حتى تستقر ، ثم أغسل أخلافها حتى تبرد ، ثم أحتلب له فأسقيه ، فبعث عمر إلى أبيه ، فجاءه ، فدخل عليه ، وهو يتهادى ، وقد انحنى فقال له عمر : كيف أنت يا أبا كُلاب ؟ قال الرجل : كما ترى يا أمير المؤمنين . فقال عمر : هل لك من حاجة ؟ قال الرجل : نعم ، كنت أشتهى أن أرى كُلاباً ، فأشمه شمة ، وأضمه ضمة ، قبل أن أموت.

فبكى عمر ، وقال : ستبلغ فى هذا ما تحب إن شاء الله تعالى .

ثم أمر كُلاباً أن يحتلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ، ويبعث بلبنها إليه ، ففعل ، وناوله عمر الإناء ، وقال : اشرب هذا يا أبا كُلاب . فأخذه ، فلما أدناه من فمه قال : والله يا أمير المؤمنين إنى لأشم رائحة يدى كُلاب.

فبكى عمر ، وقال : هذا كُلاب عندك حاضر ، وقد جئناك به ، فوثب الرجل إلى ابنه وضمه إليه ، وقبله.

فجعل عمر والحاضرون يبكون ، وقالوا لكُلاب : إلزم أبويك .

 وكان كُلاب من خيار المسلمين ، وقتل مع على بن أبى طالب فى موقعة صفين .

.وتذكرنا هذه القصة بحب يعقوب ليوسف عليه السلام وحزنه عليه عند فقده ، وعندما ورد قميصه إليه شم رائحته على بعد، وعاد إليه بصره، مصداقاً لقوله تعالى فى سورة يوسف الآيات (96 : 94):

(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (94)* قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ(95)* فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ*(96))

مما يدل على أهمية بر الوالدين فى الاسلام:

تقديمه على الصلاة النافلة وغيرها من نوافل الطاعات .

الدليل : قصة (جُرَيج) الذى كان عابداً ، فاتخذ صومعة ، وآتته أمه وهو يصلى ، فنادته فلم يرد عليها ، فقال : يارب أمى وصلاتى، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، وكررت ذلك فى يومين متتالين ، فلما يأست من إجابته دعت عليه ألا يميته الله حتى يرى وجوه المومسات.

 ثم حدث أن بنى إسرائيل دبروا له تهمة وقوعه على جاربة وولادتها منه ، مع أن راعياً هو الذى وقع عليها.وفى نهاية القصة نطق المولود بأن أباه هو الراعى وليس جُريجاً ،( رواه البخارى ومسلم.)هذا الحديث يقدم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها

قال العلماء :وإن الرجل إذا صام تطوعاً ، وسأله أبواه أو أحدهما أن يفطر فله أجر البر والصوم إذا أفطر (غذاء الألباب)

وقال المالكية والشافعية :ينبغى أن يجيب والديه ولو كان فى االصلاة النافلة.

بل قال إمام الحرمين : ويجيبهما حتى ولو كان فى الفريضة – ما دام فى الوقت متسع لها – ويفتى القاضى أبوالوليد أن ذلك الحكم خاص بالأم دون الأب (منبر الإسلام)

أمر الله ببر الوالدين الكافرين فى قوله تعالى (وصاحبهما فى الدنيا معروفاً)

أمثلة:

ولقد أذن الرسول – صلى الله عليه وسلم– لأسماء بنت أبى بكر أن تبر والدتها عندما قدمت عليها المدينة وهى مشركة . (رواه البخارى ومسلم)، وكان ذلك فى فترة الهدنة المشروطة فى صُلح الحديبية.

 

ثانياً : القرآن الكريم يحكى تلطف إبراهيم عليه السلام فى دعوته لابيه آزر وحرصه على إيمانه – ولما يئس منه وعد بالإستغفار له ، على الرغم من تهديده له بقوله :(مريم 46):

(قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا(46)*)

قال الله تعالى على لسان إبراهيم  : ( مريم 47):

(قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)*)

ثالثاً :

والنبى – صلى الله عليه وسلم– كان باراً بعمه أبى طالب ، وكان بمنزلة والده عنده ، لأنه عاش فى كفالته بعد موت جده عبدالمطلب – وكان حريصاً على إسلامه حتى أخر لحظة من حياته – وقد طلب له المغفرة من الله – ولكن الله لم يقبل منه ذلك بقوله فى سورة (التوبة 113):

(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ  (113)*)

رابعاً :

وكان أبوهريرة  باراً بأمه ، على الرغم من عدم إسلامها، وكان كلما عرض عليها الإسلام أسمعته ما يكره ، ولما شكى للنبى – صلى الله عليه وسلم– مايلقاه  منها وطلب منه أن يدعو لها ، فاستجاب الله الدعاء.

فرجع أبو هريرة فوجدها تغتسل ، إستعداداً للإسلام ، وأسلمت ثم دعا النبى – صلى الله عليه وسلم- لها ولإبنها أن يحبب الناس إليهما – وأن يحببهما إلى الناس فكان ذلك ، كما فى صحيح مسلم.

خامساً:

جآء فى صحيح مسلم أن أم سعد بن أبى وقاص حلفت ألا تكلمه ولاتأكل ولا تشرب حتى يكفر بدينه (بدعة الإضراب عن الطعام والشراب حتى تجاب المطالب قديمة وليست جديدة)

وقالت له : زعمت أن الله وصاك بوالديك ، وأنا أمك ، وأنا آمرك بهذا ، ومكثت ثلاثاً حتى غشى عليها من الجهد – فقام إبن لها يقال : عمارة فسقاها ، فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل ( لقمان 15):

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)*)

ما هى آثار بر الوالدين ؟ ما الذى يعود على من بر الوالدين؟:

بر الوالدين له آثار دينية ودنيوية – تظهر عاجلاً فى الدنيا ، كما تظهر آجلاً فى الآخرة.

أولاً : – عندما يمتثل الإانسان بأمر الله فى بر الوالدين –وهذا يحقق فيه وصف المطيع لله (لأنه أطاع الله فيما أمر)

ثانيا :-تشرفه باتصافه بما وصف به يحيى (وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً) وعيسى (وبراً بوالدتى ولم يجعلنى جباراً شقياً) وغيرهما من الأنبياء الذين بروا والديهم.

ثالثا :- إرتياح ضميرك بأداء الواجب ، ورد الجميل إلى الوالدين.

رابعاً :-سوف تتمتع بالانسجام مع الأسرة ، وتبادل التقدير والعطف بينك وبين والديك.

خامساً :- سيرتك العطرة على ألسن الناس وتقديرهم لك.

وقد ورد فى الصحيح ان أويساً القرنى كانت الناس تسعى إليه ، وتطلب منه الدعاء والاستغفار تنفيذاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم– وذلك لأنه كان يبر أمه – فكان يحمل أمه على عاتقه ، ويحج بها كل عام على ظهره.

 عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – قال عندما رأى أويساً : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم– يقول :(يأتى عليكم أويس بن عامر مع أمداد من أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، فإن إستطعت أن يستغفر لك فإفعل) فاستغفر لي ، ثم قال عمر : أين تريد ؟ قال الكوفة ، قال عمر : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال : اكون فى غبراء الناس أحب لى . (رواه مسلم)

سادسا :- من آثار بر الوالدين البركة فى العمر ، كما ورد فى الحديث : (من سره أن يمد له فى عمره ، ويزداد فى رزقه ، فليبر والديه ، وليصل رحمه)(رواه احمد عن انس)

نحن نعلم أن الآجال والأرزاق مقدره لا تزيد ولا تنقص (فأذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)

الزيادة هنا يكون بالبركة فى عمر – والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه فى الآخرة – وصيانة الأوقات عن الضياع فى غير ذلك.

مثالا :- ما روى عن البقرة التى أُمر بنو إسرائيل بذبحها ليضرب ببعضها القتيل – فقد كانت عجلة لشيخ كبير أطلقها فى الغابة مستودعا الله إياها لولده الصغير وكان براً بوالديه ، وبعد وفاته شبت وكبرت وكانت على الصفة المطلوبة للذبح (البقرة 68:71):

(قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ(68)* قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ(69)* قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ(70)* قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ(71)*)

فباعها بملىء جلدها ذهباً – وكان هذا أثراً من آثار بر الوالدين

سابعاً :- إجابة دُعاء من بر بوالديه:

تفريج الكربات ، وإستجابة الدعاء ، ويظهر ذلك من حديث الثلاثة الذين إنطبقت عليهم الصخرة ، ودعا كل منهم بأحب الأعمال إلى الله – فانفرجت ، وكان من دعاء أحدهم : أنه كان له والدان كبيران – لا يسقى اللبن أحداً قبلهما من أولاده – فنأى به طلب الشجر يوماً ، فتأخر عن العودة من الرعى إليهما حتى ناما – فحلب لهما ، فوجدهما نأئمين ، فكره، أن لا يشرب قبلهما أهلاً ولا ولداً،  فلبثت القدح على يده ، ينتظر إستيقاظهما – حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا (رواه البخارى ومسلم عن عبدالله بن عمر)

ثامناً :

من أثر بر الوالدين – بر ولده به – جزاء بالمثل – ففى الحديث (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم) (رواه الطبرانى عن ابن عمر)

تاسعا :  من آثار بر الوالدين كفارة الذنوب:

الدليل :-

ففى الحديث أن رجلاً قال للنبى – صلى الله عليه وسلم : أنى أذنبت ذنباً عظيماً – فهل لى من توبة ؟؟ فقال : (هل لك من أُم ؟)قال : لا ، قال : (فهل لك من خالة ؟) قال : نعم ، قال : (فبرها) (رواه الترمذى عن ابن حبان فى صحيحه)

وروى عن الإمام احمد بن حنبل: أن بر الوالدين يكفر الذنوب الكبائر ، وكذلك قال ابن عبدالبر ..

عاشراً : بر الوالدين سبب رضوان الله ، كما فى الحديث :

(رضا الله من رضا الوالد وسخط الله فى سخط الوالد) (رواه الترمذى عن عبدالله بن عمرو)

إحدى عشر :-مفتاح دخول الجنة – فقد ورد أن رجلاً قال : يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما ؟

 قال : (هما جنتك ونارك)

الدليل الثانى :-

وعن معاوية بن جاهمة ، أن جاهمة جآء إلى النبى – صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو – وقد جئت أستشيرك ، فقال : (هل لك من أُم ؟) قال : نعم ، قال : (فالزمها فإن الجنة تحت رجلها) (رواه ابن ماجه والنسائى)

ثانى عشر :

من آثار بر الوالدين  رفع الدرجات عند الله – فقد ورد فى الحديث : (دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : حارثة بن النعمان) قال النبى – صلى الله عليه وسلم : (كذلكم البر ، كذلكم البر) وكان حارثة أبر الناس بأُمه(رواه البغوى فى مصابيح السنة)

ثالثا عشر :

:ومن آثار بر الوالدين النجاة من خطر دعاء الوالدين عليه ، فإن دعاءهما لا يرد ، جآء فى الحديث : (ثلاث دعوات لا شك فى إجابتهن ، دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر – ودعوة الوالد على الولد) (رواه الترمذى عن أبى هريرة)

الدليل على ذلك :

ما حدث لجُريج حين دعت عليه أمه بقولها :(اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات)

يقول النبى – صلى الله عليه وسلم : (ولو دعت عليه أن يفتن لفُتن) وقد أُجيبت دعوتها – فأُتهم

أربعة عشر :

ومن آثار بر الوالدين يكون له ثواب عتق رقبة وجاء فى الحديث : (إذا نظر الوالد إلى ولده نظرة كان للولد عدل عنق نسمة) (رواه الطبرانى عن ابن عباس)

المعنى :.إن نظر الى ولده البار به كانت نظرته إليه سروراً ببره – فالله يكافئ الولد على السرور الذى أدخله إلى قلب والده بأن يكون له ثواب عتق رقبة).

والحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً