حديث ستر عورات المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد ،،،

          فستر عورات المسلمين والنهى عن إشاعتها لغير ضرورة هذا منهج الإسلام ، هذا جزء من الدين.

          مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم:  (لأن يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة).                    أخرجه مسلم

          الستار من أسماء الله الحسني ، والمؤمن المتصل بالله يشتق من هذا الإسم صفة الستر ، لا يحب أن تشيع الفاحشة.  يستر حتى لو طلق امرأته لأسباب قاهرة ، لا يفضحها ، يقول:  ليس هناك نصيب ، أطباعنا مختلفة ، أرجو الله أن يرزقها زوجاً خيراً مني – هكذا ، أما لأتفه خلاف بين الخاطب وبين بيت المخطوبة تنتشر الفضائح ، ينشر الغسيل على الحبال وتذكر أدنى التفاصيل ، والله عز وجل قال في سورة النور الآية (19):

          (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19))

          هذه الآية قوية جداً ، ما فعل شيئاً – ما أشاع فاحشة ، الذين يريدون أن ينتشر الفعل القبيح كإشاعة الرذيلة والزنى وغير ذلك من المنكرات في المؤمنين الأطهار لهم عذاب موجع مؤلم في الدنيا بإقامة الحد ، وفي الآخرة بعذاب جهنم.

قال الحسن:  عني بهذا الوعيد واللعن المنافقين فأنهم أحبوا وقصدوا إذاية الرسول – صلى الله عليه وسلم – وذلك كفر وملعون صاحبه.

          (واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون).

          الله عز وجل عالم بالخفايا والنوايا وأنتم لا تعلمون ذلك الإمام الفخر الرازي قال:  محبة القلب كامنة ونحن لا نعلمها إلا بالأمارات – أما الله سبحانه فهو لا يخفى عليه شئ والرسول الكريم يقول في الحديث الذى رواه أبو الدرداء:

          (وأيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برئ يرى أن يشينه بها في الدنيا كان حقاً على الله تعالى أن يرميه بها في النار) ، ثم تلا هذه الآية:

          (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا ……………).

          إنه أحب إشاعة الفاحشة – لو أشاعها جرم أكبر – لمجرد أنك مرتاح لهذه الفاحشة التى تنتشر ، لمجرد أنك سعيد بهذه الفضيحة التى ظهرت بين المؤمنين.

          التفسير دقيق ، ولا يوجد أم على وجه الأرض تفرح بفضيحة أبنتها ، أبداً على الإطلاق ، فإذا رأينا أما تفرح بفضيحة أبنتها بقول:  هذه ليست أمها قولاً واحداً.

          حينما يتمنى الإنسان أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا هو ليس مؤمناً – هو في صف المنافقين لأن الله عز وجل يقول في سورة آل عمران الآية (120):

          (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا)

          لمجرد أن تفرح لمصيبة ألمت بمؤمن ، لا سمح الله ولا قدر الله فيجب أن يعد الإنسان نفسه مع المنافقين ، وهذه أوضح علامة من علامات النفاق ، أن تتألم إذا أصاب المؤمن خير أن تفرح إذا أصاب المؤمن شر.

          كل العداوة قد ترجى إفاقتُها

                                                إلا عداوة من عاداك من حسد

          أما إذا رأيتم مجتمعاً بأكمله قائماً على التحاسد وعلى البغي والعدوان ، وكل إنسان أن يسحق أخاه ، لينفرد وحده بالغنيمة هذا مجتمع يستحق سخط الله عز وجل.

          لذلك:  حينما يهون أمر الله على المسلمين ، يهونون جميعاً على الله.

          واقع المسلمين اليوم أنهم يصلون ، ويصومون ، ويحجون ولكنهم لا يتخلقون بأخلاق الإسلام ، في غيبة ، نميمة – فحشآء إشاعة فحشآء ، حسد – بغي – عدوان ، وكلهم يصلون ، لذلك:  لا يقيم الله لهم وزناً يوم القيامة.

          الإسلام يحض على الستر ، أما عند الغربيين حينما تقع فاحشة ينشرونها في أوسع وسائل النشر.

          مثل – امرأة أوروبية تعقد مؤتمراً صحفياً يبث على عشر محطات فضائية يشاهده خمسمائة مليون ، تقول هذه المرأة:  أنا في المكان الفلاني زنيت مع فلان (ديانا) وهي تعتبر ملكة وفي المكان الفلاني زنيت مع فلان ، وفيمرة بالأسطبل زنيت مع سايس الخيل ، هكذا صراحة وقاحة جهاراً.

          هذه المرأة حينما ماتت بحادث في باريس ، مشى في جنازتها ستة ملايين من البشر ، وبكى معظم رؤساء العالم لموتها وحينما إغتصبت خمسة وثلاثون ألف امرأة مسلمة في البوسنة ما بكى أحد.

          وحينما يُقتل عشرات الألوف كل يوم من المسلمين ، لا يبكى أحد ، ولكن يرسلون مبعوثاً لتقصى الحقائق.  كما قال الدكتور محمد راتب النابلسى.

          انظرى آداب الإسلام ، ليس الذى أشاع الفاحشة ، الذى أحب أن تشيع الفاحشة ، أحب فقط ، تمنى – ما فعل شئ ما تكلم ، ما أشار ، ما غمز ، ما لمز ، لكنه تمنى أن تشيع الفاحشة ، له عذاب أليم في الدنيا والآخرة.

          يقول النبى – صلى الله عليه وسلم:  (ومن تتبع عورة أخيه ، تتبع الله عورته حتى يفضحه في عقر بيته).

          هناك أشخاص يتتبعون أخبار الناس ، ويستمتعون برواياتها ويمضون السهرات على التندر بفضائحهم وانحرافاتهم والله عز وجل يعاقبهم بأن يفضحهم في عقر بيتهم.

          ولا يوجد إنسان يملك أن يمنع قضاء الله وقدره.

 

قصة جميلة:

          إنسان رأى النبى – صلى الله عليه وسلم – وقال له:  قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة.

ما هذه البشارة؟

          فطرق باب جاره ، وأستحلفه بالله أن يقول له ماذا فعلت مع الله حتى يقول النبى عنك إنك رفيقه في الجنة؟

          امتنع الجار عن أن يتكلم ، بعد ما ألح عليه قال له:  (والله تزوجت امرأة مضى على زواجنا خمسة أشهر وجآءها المخاص في الشهر الخامس ، قال:  ممكن أفضحها ممكن أطلقها ممكن أسحقها ، وممكن ، وممكن ، ولكن أحتسبت عند الله سترها ، فجآء بقابلة ولدتها وأخذ الولد بعد أن نوى الإمام صلاة الفجر ووضعه وراء الباب ، وصلى مع الناس كإنسان عادي ، فلما إنتهت الصلاة – بكى الصغير ، تحلق الرجال حوله – عمل نفسه غريباً لا يعلم شئ قال لهم:  ما الأمر؟ – قالوا:  تعالى أنظر ، قال:  أعطوني إياه ، أنا أكفله ، فأخذه وأرجعه إلى أمه وسترها والله يحب الستر ، لا يحب الفضيحة).

          والستر توجيه من النبى – صلى الله عليه وسلم – (استر ولا تفضح) لا تعير إنساناً ولا تكشف ماضيه ، هذا ليس في صالحك ، والمؤمن ستير.

          وقد وصف النبي الكريم الزوجة الصالحة:

          (ستيرة عزيزة في أهلها ، ذليلة مع بعلها ، ودود ولود,).

 

(والحمدلله رب العالمين)

 

 

اترك تعليقاً