بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،
فإن النبى – صلى الله عليه وسلم – خرج على أصحابه ذات يوم فسمعهم يتذاكرون أمر الساعة ، كانوا رضى الله عنهم دائماً مشغولين بالله وبما أخبر فى كتابه عن القيامة ومقدماتها وقيامها وما يحدث فيها فقال موجهاً ومعلماً (بادروا بالعمل الصالح قبل ست ولا تطلع الساعة عليكم قبل ست)
الست آيات هم:
( 1 ) طلوع الشمس من مغربها. ( 2 ) نزول الدخان من السمآء.
( 3 ) خروج الدابة. ( 4 ) خروج المسيح الدجال.
( 5 ) نزول سيدنا عيسى عليه السلام. ( 6 ) يأجوج ومأجوج.
الحديث الثانى:
عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناسُ آمنوا أجمعون. وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبلُ أو كسبت فى إيمانها خيراً) أخرجه أحمد والشيخان وأبود
مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الأنعام الآية (158):
(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).
لا ينفع الإيمانُ نفساً كافرة لم تكن آمنت من قبل ولا ينفع نفساً مؤمنة توبتها من المعاصى – وعليه فإغلاق باب التوبة عام فى الكافر والمؤمن العاصى.
أول العلامات: طلوع الشمس من مغربها:
تطلعُ الشمس من الشرق لأن الكورة الأرضية تدور حول نفسها دورة كل يوم وليلة حتى يتولد الليل والنهار ، ودورة الأرض حول الشمس فى العام مرة واحدة حتى يتولد الفصول الأربعة الخريف والشتاء والربيع والصيف هذا هو النظام الحالى.
أما إذا أراد الله أن يُقيم الساعة فنظام الكون هذا سوف يختل الذين يؤمنون بالطبيعة أو الوجود بين العلمانيين يقولون: الطبيعة
– يجدوا أن معاد الفجر قد حضر والآذان لم يؤذن فى المسجد الذى بجواره وينتظر شوية وينظر إلى ساعته ثم إلى ساعة ابنه وساعة البيت يجد أنها ماشية.
(2) يطلع يلاقى الدنيا مظلمة – يطرق الباب على جاره يقول له إن الفجر قد جاء موعده منذ نصف ساعة – يصحى الناس كلهم.
المؤمن الواعى يقول: يا ناس استغفروا الله العظيم وارتقبوا الحدث الجلل.
(3) وبينما هم منتظرين الشمس من شرقها فإذا صارخ يصرخ إن الشمس قد طلعت من الغرب.
والحديث يقول:
(المكثُ بتاعها فى أول يوم كالسنة وثانى يوم كالشهر وثالث يوم كالأسبوع ورابع يوم كأيامكم هذه)
تمكث سنة كاملة فى الطلوع من الغرب.
واحد من الصحابة يسأل النبى – صلى الله عليه وسلم – عن اليوم الأول لطلوعها من الغرب كالسنة كيف نصلى فيه ، قال صلى الله عليه وسلم: (أُقدرُوا له قدره) بمعنى: الوقت بين الفجر والظهر 4,45 : 12 يبقى 7,25 يصلى الصبح وينتظر سبع ساعات ونصف ساعة ويصلى الظهر وينتظر 3 ساعات ويصلى العصر وينتظر ثلاث ساعات ويصلى المغرب وينتظر 1,5 ويصلى العشاء وينتظر 10 ساعات ويصلى الفجر..
ثانياً: نزول الدخان من السماء:
مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الدخان الآية (10،11):
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ(10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)(11).
ارتقب انتظر يا محمد بهؤلاء الكفار يوم تأتى السماء بدخان مبين أنه من أشراط الساعة وأنه يمكث فى الأرض أربعين يوماً يملأ ما بين السماء والأرض ، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكمة (الزكام) وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ، ومنخره ، وعينيه ، وأذنيه ، ودبره – وأما الكافر والمنافق فتشوى رأسه وتصبح الدنيا كبيت نار وكما قال ابن عباس: (وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه النار).
وقال ابن مسعود: هو عبارة عما أصاب قريشاً من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان – إجابة لدعاء النبى – صلى الله عليه وسلم – عليهم بسنين كسنى يوسف لعدم اتباعه – (وهى من شدة الجوع يحدث له فقر الدم) ، (وهذا ليس حقيقى ولكن عينيه مزغللة).
ولكن ظاهر القرآن قال تعالى: (فارتقب يوم تأتى السمآء بدُخان مُبين) أى دخان بين واضح يراه كل واحد (يغشى الناس) أى يتغشاهم ويغميهم ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه (يغشى الناس) (يشملهم ويحيط بهم
عن النبى – صلى الله عليه وسلم – أنه يمكث فى الأرض أربعين يوماً … ويحتمل أنهما دخانان (للجمع بين الآثار).
الرأى الراجح أنه من علامات القيامة.
العلامة الثالثة من علامات الكبرى خروج الدابة
مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النمل الآية (82):
(وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ).
حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون ، ووجب الغضب عليهم ولا يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر وجب السخط عليهم.
الدابة: ذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب فانفتح له حجر فدخل فى جوفه ثم انطبق عليه فهو فيه حتى يخرج بأذن الله عز وجل – وهذه الدابة هى الجساسة المذكورة فى حديث الدجال.
حديث أبى هريرة: أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام فتخطم أنف الكافر بالعصا وتجلو وجه المؤمن بالخاتم حتى يجتمع الناس على الخوان يُعرف المؤمن من الكافر) أخرجه أبو داود الطيالسى – الترمذى – الحاكم.
وحديث حذيفة بن أسيد الغفارى أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (يكون للدابة ثلاثُ خرجات من الدهر ، فتخرج خرجة بأقصى اليمن فيفشو ذكرها فى البلاد ثم تكمُن زمناً طويلاً ثم تخرج خرجة أخرى قريباً من مكة فيفشو ذكرها فى البادية ويدخل ذكرها القرية. فبينما الناسً يوماً فى أعظم المساجد على الله حرمة – (المسجد الحرام) لم ترُعهم إلا وهى فى ناحية المسجد تدنو ما بين الركن والمقام – تنفض عن رأسها التراب فمرت بهم فجلت وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدُرية ثم ولتُ فى الأرض لا يدرُكها طالب ولا يفوتها هارب – فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر ياكافر).. أخرجه أبوداود وابن كثير.
بمعــــــنى:
معها عصى موسى وخاتم سليمان فتضرب الكافر والمنافق على منخيره فتختم عليه بالسواد – والمؤمن بالخاتم على وجهه يكون أبيض من القمر – ويمكثوا وقت من الزمن يتعارفون مؤمن وكافر وينقطع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى تخرج بإجماع العلماء فى صدع (فى شق) فى جبل الصفا أو فى غيره .. (هى الجساسة وهى التى تدل بعض العرب عن المسيح الدجال) ، ويقولون إن هذه هى الفصيل ناقة صالح.
وقال ابن عمرو بن العاص: (لو شئت أن أضع قدمى على موضع خروجها لفعلت).
كيف تكلمهم؟
(1) تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام.
(2) تكلمهم بما يسوءهم.
(3) تكلمهم بصوت يسمعه من قُرب وبُعد.
وتقول: (ألا لعنة الله على الظالمين).
العلامة الرابعة من علامات يوم القيامة الكبرى خروج الدجال:
الدجال: هو الكذاب.
وسمى المسيح لماذا؟ لأنه يمسح الأرض ويقطعها فى أربعين يوماً.
ما معنى المسيح: لأن الله مسح عينيه فهو أعور عينيه طافية ، شعره مجعد كأنى أشبهه بعبد العزى بن قطن – ومكتوب بين عينيه كافر .. يراها المؤمن.
وقال القرطبى: وقد جآء أنه يخرج من خراسان ومن ناحية أصبهان ثم يخرج إلى الحجاز فيما بين العراق والشام.
لماذا يرسل الله المسيح الدجال فى آخر الزمان؟
ابتلاء من الله تعالى كما يبتلينا بالأمراض والحشرات والذباب لأنها دنيا.
إن المتاعب والمشاكل فى البيت وخارج البيت هذه لمصلحتك والله يزعزك ويشكشك لكى تتذكر لقائه – وعلى الأقل ساعة لما تموت تموت نظيف – الله سبحانه يقول للملائكة ها حسابه خلصان أحنا خلصنا بحقنا – كان عليه بعض ذنوب أخذ بها بعض المصائب والحديث: (لا تزال المصائب بالعبد المؤمن حتى يمشى على الأرض وليس عليه خطيئه) وتقول الملائكة هذا هو الطاهر الشريف.
وفهمها عمر بن عبدالعزيز وعندما مرض قال: اللهم إذاكان عندك فى الدوسيه حاجات مخفية من الذنوب – زدنى أوجاع وأمراض حتى أخلص بها فى الدنيا ، ومهما فعل الله بك فى الدنيا لا تساوى شيئاً أنت اليوم فى الدنيا بتشم هواء وجالس مع الأولاد ولكن أقل ضغطة فى القبر تعتبر قدر مصائب الدنيا مائة ألف مرة.
الحديث الدال على الدجال:
(روى) عامر بن شراحيل الشعبى عن فاطمة بنت قيس قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: إن تميماً الدارى كان رجلاً نصرانياً فجآء فبايع وأسلم ، وحدثنى حديثاً وافق الذى كنت أُحدثكم عن المسيح الدجال: حدثنى أنه ركب فى سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من نخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهراً فى البحر ، ثم أرفئوا إلى جزيرة فى البحر حين مغرب الشمس فجلسوا فى أقرُب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابةُ أهلبُ كثيرة الشعر لا يدرون ما قُبُله من دبره من كثرة الشعر. فقالوا: وتلك ما أنت؟
فقالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل فى الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق فانطلقنا سراعاً فدخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقاً ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك من أنت؟
قال: قد قدرتم على خبرى. فأخبرونى ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ، ركبنا فى سفينة بحرية فصادفنا البحر حين (اغتلم) هاج وجاوز حده المعتاد فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه ، فلقيتنا دابة أهلبُ كثيرة الشعر ، لا يُدرى ما قُبُلُه من دُبره من كثرة الشعر. فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قلنا: وما الجساسة؟ قالت: أعمدوا إلى هذا الرجل فى الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعاً فقال: أخبرونى عن نخل (بيسان) قلنا: عن أى شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يُثمر؟ قلنا له: نعم. قال: أما إنه يوشك ألا يُثمر. قال: أخبرونى عن بحيرة (طبرية) هل فيها مآء؟ قلنا: نعم هى كثيرة الماء.
(1)بحيرة طبرية: بحيرة عظيمة طولها عشرة أميال وعرضها 6 أميال وهى عميقة تجرى فيها السفن ويصطاد منها السمك وماؤها حلو فرات.
قال: أما إن مآءها يُوشك أن يذهب. قال: أخبرونى عن عين (زُعر) هلى فى العين ماء؟ وهل يزرع من مآئها. قال: أخبرونى عن نبى الأُميين ما فعل؟ قلنا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم؟ قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه. قال: ذاك خير لهم أن يُطيعوه ، وإنى مُخبركم عنى، أنا المسيحُ الدجال ، وإنى أُوشك أن يُؤذن لى فى الخروج ، فأسيرُ فى الأرض فلا أدعُ قرية إلا هبطتُها فى أربعين ليلة غير مكة وطيبة (المدينة) فهما محرمتان على كلتاهما، كلما أردتُ أن أدخل واحدة منهما، استقبلنى ملك بيده السيف يصدنى عنها ، وإن على كل (نقب) منهما ملائكة يحرسونها (نقب): الطريق فى الجبل. ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وطعن (بمخصرته) فى المنبر ، هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناسُ: نعم ، قال: فإنه أعجبنى حديثُ تميم الدارى إنه وافق الذى كنتُ أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة. ) أخرجه أبو داود والترمذى – وأخرجه مسلم وابن ماجه.
يخرج إليه كل منافق وكل فاجر ويصدقه فيما زعم بأنه هو الله.
وينص الحديث:
(ومعظم ما يخرجون إليه من النسآء حتى أن المؤمن يذهب إلى بيته فيربط امرأته وأمه وبنته برباط مخافة أن يؤمنوا به).
ومعه جبال مملوءة طعام ويمشى بحركة غريبة كأنه السحر وخيرات الأرض تتبعه كما يتبع النحل الملكة ويقول للأرض انبتى تنبت ويقول للبهائم الدروع تنزل لبن وفعلا تنزل لبن ويقول للبهائم التى لم يؤمن أصحابها به أنشفى تنشف – الأرض أخربى تخرب.
وكان فيه مجاعة والناس فى جهد جيهد والناس تتمنى أكل العظم الميت فما بالك بأنه معه جبال من الطعام ويقول المسيح الدجال الذى يطاوعنى أدخله الجنة والذى لا يطاوعنى ندخله النار.
فكيف بالمؤمنين يأكلوا من أين هم وأولادهم؟
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
(طعام المؤمنين يوميذ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل فيشبعهم الله يوميذ) ، وهذا من أعلام النبوة
مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الكهف الآية (1 ، 2):
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا(1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا)(2
لمن يكون الدجال فتنة؟؟
يكون فتنة لمن لم يتفقه فى الدين.
يكون فتنة لمن لم يؤمن برب العالمين.
يكون فتنة لمن لم يتصل بالقرآن العظيم.
وعن ابن عمر – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (ما بعث الله من نبى إلا أنذر أمته الدجال ، وإنه يخرج فيكم قما خفى عليكم من شأنه – فليس يخفى عليكم أن ربكم ليس بأعور ، وأنه أعورُ العين اليمنى كأن عينيه عنبه طافية).
(أخرجه الشيخان البخارى ومسلم).
(وعن حذيفة) أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (إن مع الدجال إذا خرج ماء ونار فأما الذى يرى الناس أنه نار فماء عذب ، وأما الذى يرى الناس أنه ماء فنار تُحرق. فمن أدرك ذلك منكم فليقع فى الذى يرى أنه نار فإنه ماء بارد عذب
أخرجه الشيخان.
فيفر المسلمون إلى جبل بالشام فيأتيهم الدجال فيحاصرهم فيشتدُ حصارهُم
ويجهُدهم جهداً شديداً ، ثم ينزل عيسى بنُ مريم فينادى من السحر فيقول: يا أيها الناس: مايمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل جنى فينطلقون فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم. فتقام الصلاة. فيقال له: تقدم يارُوح الله. فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم فإذا صلوا صلاة الصبح ، خرجوا إليه ، فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملحُ فى الماء (يدوب)، فيمشى إليه فيقتله ، حتى إن الشجرة والحجر ينادى يا روح الله هذا يهودى فلا يترك ممن كان يتبعه أحداً إلا قتله. (أخرجه أحمد بسند رجاله).
هذه الأحاديث التى ذُكرت فى قصة الدجال من إحياء الميت الذى يقتله وإظهار زهرة الدنيا وخصبها وجنته وناره وإتباع كنوز الأرض له ، وأمره السماء أن تمطر فتُمطر والأرض أن تنبت فتنبت ، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يُعجزه الله تعالى ، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم (ويثبت الله الذين آمنوا).
العلامة الخامسة من علامات القيامة الكبرى نزول سيدنا عيسى عليه السلام وقتله الدجال:
دلت السنة وأجمعت الأمة على أن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل قرب الساعة ويقتل الدجال ويحكم بشريعة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – ويمكث فى الأرض ما شاء الله أن يمكث ثم يموت ويصلى عليه المسلمون.
مصداقاً للحديث الذى رواه أبوهريرة – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (والذى نفسى بيده ليُوشكن أن ينزل فيكم ابنُ مريم حكما مُقسطا ، فيكسر الصليب – ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها. (أخرجه أحمد والخمسة إلا النسائى).
ليُوشكن: ليقربن سريعاً نزول عيسى عليه السلام حاكماً بهذه الشريعة المحمدية فإنها باقية لا تنسخ.
مُقسطاً: عادلاً.
ينزل عيسى بن مريم مصدقاً بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملته ، (فيكسر الصليب): حقيقة. لماذا يكسره؟
المراد بكسره (الصليب) هو إظهار كذب النصارى حيث أدعوا أن اليهود صلبوا عيسى عليه السلام على خشب ، فأخبر الله فى كتابه العزيز بكذبهم وافترائهم فقال سبحانه وتعالى:
(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم).
وذلك أنهم لما نصبوا خشبة ليصلبوه عليها ، ألقى الله شبه عيسى على الشخص الذى دلهم عليه واسمه يهوذا وصلبوه مكانه وهم يظنون أنه عيسى.
وقتل الخنزير: إنما قتله لحرمة اقتنائه وأكله لأنه نجس لا ينتفع به شرعاً.
ويضع الجزية: أى يسقطها عن أهل الكتاب ولا يقبل منهم إلا الإسلام وقد أخبر النبى – صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث الصحيح بنسخ قبول الجزية بنزول عيسى عليه السلام.
لماذا يكثر المال؟ بسبب العدل وعدم الظلم وحينئذ تُخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات فى إقتناء المال – لقصر الآمال وعلمهم بقرب الساعة فإن نزول عيسى عليه السلام علم من أعلام الساعة الكبرى، ولذا تكثر رغبتهم فى الصلاة وسائر الطاعات ….
س1: لما تظهر العلامات الكبرى لا ينفع الكافر إسلامه ولا العاصى إيمانه فكيف بتكثر رغبتهم فى الصلاة وسائر الطاعات؟؟
الرغبة شئ – وما يأذن الله به شئ آخر.
ولكن هيهات أن يقبل منهم الطاعات.
فقالت أم شريك بنت أبى العسكر:
(يارسول الله فأين العرب؟ قال: (هم قليل وجُلُهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم يصلى بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم عليه السلام فيرجع ذلك الإمام ينكفى القهقرى ليتقدم عيسى يصلى بالناس فيضع عيسى عليه السلام يده على كتفه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أُقيمت فيصلى بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب فيفتح ووراءه الدجال ومعه سبعون ألف يهودى كلهم ذو سيف محلى وسلاح فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح فى الماء وانطلق هارباً ، ويقول عيسى عليه السلام: إن لى فيك ضربة لن تسبقنى بها فيدركه عند الباب اللد الشرقى فيضربه فيقتله فيهزم الله اليهود ولا يبقى شئ مما خلقهُ الله يتوارى به يهودى إلا انطق الله ذلك الشئ ولا حجر ولا شجر ولا حائظ ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق إلا قال: ياعبدالله المسلم هذا يهودى فتعالى فاقتله.
النفر: جماعة 1 :
الغرقدة: كيف تنطق؟
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
(فيكون عيسى عليه السلام فى أُمتى حكماً وعدلا وإماماً مقسطاً يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة ، وترفع الشحناء والتباغض ويدخل الوليد يده فى الحية فلا تضره ويكون الذئب فى الغنم كأنه كلبها ، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله ، وتضع الحربُ أوزارها ، وتكون الأرض تُنبت نباتها حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويكون الثور بكذا وكذا من المال ويكون الفرس بالدريهمات).
قيل: يارسول الله وما يرخص الفرس؟
قال: لا يركب الحرب أبداً. فقيل يارسول الله وما يغلى الثور؟
(تحرث الأرض كلها)
عن أبى هريرة – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (يمكث عيسى فى الأرض بعد ما ينزل أربعين سنة ثم يموت ويصلى عليه المسلمون ويدفنونه). مسند الطيالسى.
قال كعب الأحبار: ذكر المفسرون (إنه يحج ويحج معه أصحاب الكهف ، إن عيسى عليه السلام يمكث فى الأرض أربعين سنة ويكثر الخير على يديه وتنزل البركات فى الأرزاق حتى إن العنبة ليأكل منها الرجل حاجته ويفضل ، والقطف من العنب يأكل منه الجمع الغفير والخلق الكثير ، حتى إن الرمانة لتثقل الجمل – ثم يقبض الله روح عيسى وتذوق الموت ويدفن إلى جانب النبى – صلى الله عليه وسلم (وقيل: إنه يدفن بالأرض المقدسة مدفن الأنبياء مع أمه).
ويموت خيار الأمة ويبقى شرارها فى قلة من المؤمنين فذلك قوله عليه السلام: (بدأ الأسلامُ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ) صحيح مسلم
ســـؤال: فما الحكمة من نزول عيسى فى ذلك الوقت دون غيره وقت (المسيح الدجال)؟
الجواب:
أن عيسى عليه السلام وجد فى الإنجيل فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم حسب ما قال الله وقوله الحق: (ذلك مثلهم فى التوراة والإنجيل) فدعا الله عز وجل أن يجعله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فأستجاب الله تعالى دعاءه ورفعه إلى السماء إلى أن ينزله آخر الزمان مجدداً لما درس من دين الإسلام دين محمد عليه الصلاة والسلام فوافق نزوله خروج الدجال فقتل
واختلفوا حيث يدفن:
(1) فقيل بالأرض المقدسة.
(2) يدفن مع النبى – صلى الله عليه وسلم – فى حجرته.
معنى كلمة المسيح فى اللغة:
قطع الفضة وكذلك المسيحة: القطعة من الفضة وكذلك كان المسيح ابن مريم أبيض مشرب حُمرة من الرجال عريض الصدر.
وقال الحافظ أبو نعيم فى كتاب دلائل النبوة:
(سُمى ابن مريم مسيحاً لأن الله مسح الذنوب عنه ، وقال أيضاً: لأن جبريل عليه السلام مسحه بالبركة ، وهو قوله تعالى: (وجعلنى مُباركاً أين ما كنت).
العلامة السادسة من علامات الساعة الكبرى خروج يأجوج ومأجوج:
من هم يأجوج ومأجوج:
روى أبوهريرة – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (ولد لنوح سام وحام ويافث – فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك الصقالية ولا خير فيهم ، وولد حام القبط والبربر والسودان) (ذكره ابن كثير والألوسى).
وذكر الله عز وجل فى كتابه الكريم قصة يأجوج ومأجوج مع ذى القرنين فى سورة الكهف الآية (94 : 97):
(قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)(97).
كان ملكاً عادلاً لا نبياً على الصحيح ، وكان عبداً أحب الله وأحبه الله وناصح الله فناصحه الله.
لماذا سمى بذى القرنين؟
لقب بذلك لأنه بلغ قرنى الشمس مشرقها ومغربها كما فى تفسير الشوكانى.
ما معنى يأجوج ومأجوج؟
أنها مشتقات من شدة الحر وتوقده ومنه أجيج النار.
ما شكل ياجوج ومأجوج؟
قال وهب بن منبه: (1) رآهم ذو القرنين وطول الواحد مهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخالب فى مواضع الأظفار ، (2) وأضراس وأنياب كالسباع ، (3) وهم هُلبُ عليهم من الشعر ما يواريهم ، (4) وكل واحد منهم أذُنان عظيمتان يلتحق إحدهما ويفترش الأخرى.
ومن الأحاديث الشريفة التى تتحدث عن يأجوج ومأجوج ماروى فى الصحيح عن أبى هريرة – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه) (إن يأجوج ومأجوج يخرقون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم: ارجعوا فستخرقونه غداً فيعيده الله كاشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتها وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال
بلغت مدتها وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم: ارجعوا فستحفرونه إن شآء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس).
وعن ابن مسعود – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (لقيتُ ليلة أُسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها ، فلم يكن عنده منها علم ، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم ، فرُد الحديث إى عيسى بن مريم: فذكر خروج الدجال وقال: فأنزل فأقتلُهُ ، فيرجع الناسُ إلى بلادهم فيستقبلُهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فلا يمرون بمآء إلا شربوه ، ولا بشئ إلا أفسدوه فيجارون إلى الله فأدعو الله أن يميتهم ، فتنتُن الأرضُ من ريحهم ، فيجأرون إلى الله فأدعو الله فيرسل السمآء بالماء فيحملهم فيُلقيهم فى البحر ، ثم تُنسف الجبالُ وتمد الأرض مد الأديم. (أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم).
من كل حدب ينسلون: من كل جهة يأتون ويتحركون.
الأديم: الجلد كناية عن مدى سيطرة الله على الأرض ، يمد الأرض بسرعة كمن يمد الجلد.
اللهم اجعل آخرتنا من دنيانا ، وأن تجعل دنيانا وسيلة للفوز فى أُخرنا ، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائه تعالى.
( والحمدلله رب العالمين