فتاوي علماء السلف والخلف بالمولد النبوي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله رب السموات والأرض ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.

 

أما بعد ،،،

فتاوي العلماء في عمل المولد

أولاً:  فتاوي علماء السلف:

قال أبوالفضل أحمد بن حجر العسقلاني (عن عمل المولد):  أصل عمل المولد بدعة ، لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة.

فتاوي الإمام السيوطي:     ونحن عندما نحتفل بالمولد النبوي الشريف هذا الفعل شكر لله تعالي وأى نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبى – نبي الرحمة في ذلك اليوم – والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة (قراءة القرآن الكريم).

وعن أنس بن مالك – رضي اله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عق عن نفسه بعد النبوة ، ومع أنه قد ورد أن جده عبدالمطلب عق عنه سابع ولادته والعقيقة لا تعاد مرة ثانية.  فيُحمل ذلك على أن الذى فعله النبى – صلى الله عليه وسلم – إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمه للعالمين وهو تشريع لأمته.

فيستحب لنا:  (1) إظهار الشكر بمولده بالإجماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات.

فتوى الإمام ابن الجزاري:  شيخ القراء رحمه الله تعالى:

أن عمل المولد – أمان في ذلك العام (أي في العام الذى يُقام فيه عمل المولد) وبشرى عاجلة بنيل البُغية والمرام.          ( راجع سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد.)

وكما نرى في السنة الماضية لم نحتفل بمولد النبي فكيف كانت السنة الماضية؟

فتوى العلامة أبى شامة شيخ الإمام النووي:

          قال عن عمل المولد النبوي الشريف وما يقدم فيه من أطعمة ومبرات ، وما يُجمع لأجله من أحتفال.   قال عنه:  (مثل هذا الحسن ينُدب إليه ، ويُشكر فاعله ويثني عليه).              (كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث)

فتوى ابن الجوزي – رحمه الله تعالى:

          قال عن عمل المولد والإجتماع له:  (لو لم يكن في عمل المولد إلا إرغام الشيطان وإدعام الإيمان لكفى).

          (راجع سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد)

فتوى الإمام الحافظ ابن كثير:

          تظهر كذلك فتوى الإمام إبن كثير في عمل المولد من ثنائه على السلطان:  محمد التركماني فى عمله للمولد النبوي الشريف ومدحه بذلك وغيره من أعمال الخير.

          (وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ، ويحتفل به إحتفالاً هائلاً ، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً ، وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية – فيخلع عليهم ..  وقد جمع له ابن دحية كتاب المولد (السيرة النبوية المختصرة) فأعطاه ألف دينار ، وكان متواضعاً خيراً سُنباً.

       وكان يصرف على المولد في كل سنة مائة ألف دينار – وعلى الحرمين والمياة بدرب الحجاز 30 ألف دينار (ثلاثين) سوى صدقات السر رحمه الله تعالى.

        (راجع البداية والنهاية للحافظ ابن كثير) ج3  صــ  136

فتاوي علماء الخلف

(1)            فتوى الشيخ محمود خطاب السبكيأول من أسس الجمعية الشرعية ، قال رضي الله عنه:  (واعلموا ياسادة أن مجلس الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ، هذا مجلس علم وعبادة ، لا مجرد قراءة قصة المولد كما جرت به العادة ، ولكن المقصود منه الإفادة والإستفادة ، كما كان يصنع رسول الله – صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام عليه الصلاة وأبهى السلام).

(2)            فتوى الشيخ صالح محمد صالح الجعفري في عمل المولد:  قال:  (وإذا سأل سائل:  مافائدة الإحتفال بالمولد؟  وما الذي يعود على الأمة منه؟؟

الإجابة  على هذا السؤال كما قاله الإمام الجعفري – رضي الله عنه:

أما سمعت البوصيري – رحمه الله تعالى يقول:

دعُ ما أدعتهُ النصارى في نبيهم  …   واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم.

النصاري يقولون عيسى ابن الله!!  وهو برئ

والأمة الإسلامية بعد مئات السنين – تحتفل بأنه – صلى الله عليه وسلم – وُلد – وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – مخلوق لله – وولدته امرأة من إماء الله – وأن النبى – صلى الله عليه وسلم – مولود ومخلوق – فهذا يشرفه عند الله وأنه من خلق الله ، ونحن نحتفل بمولده ، لا نحتفل بشئ آخر – (نحتفل بأنه وُلد).

          الله تعالى أراد لنبيه (1)  أن يولد صغيراً ، (2)  وأن يربى بمكة ، (3)  وأن يخرج إلى الناس بشيراً ونذيراً – وحفظ أمته أن تقول فيه ما قالته النصاري في عيسى عليه السلام – لماذا؟  لأنه  دعا الله تعالى كما قال الإمام مالك في الموطأ أنه يقول:  (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد من بعدي).

          فأجاب الله دعوته – فهذه الأمة لا تعبد نبيها حتى تقوم الساعة ، فإلي قيام الساعة تزوره أمته – صلى الله عليه وسلم – وهذا ببركة دعاء سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد روي البخاري عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال :

          (لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ……..)

          فهذه الأمة تُعصم بسبب الإحتفال من الوقوع في الشرك حيث تقول بلسان الحال إنه مولود.                 (درس الجمعة بالأزهر للشيخ صالح الجعفري).

فتوى الدكتور القرضاوي:

          لقد سُئل الدكتور عن ما حكم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وما واجبنا تجاه الحبيب – صلى الله عليه وسلم؟؟

قال القرضاوي:   ونحن نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يحتفلون بمولد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا بالهجرة النبوية ولا بغزوة بدر لماذا؟

          لأن هذه الأشياء عاشوها بالفعل ، وكان يحيون مع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – حياً في ضمائرهم ، لم يغب عن وعيهم.

          كان سعد بن أبي وقاص يقول:  (كنا نروي لابناءنا مغازي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما نحفظهم السورة من القرآن)  بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد ، وفي غزوة الخندق ، وفى غزوة خيبر ، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم – فلم يكونوا إذن في حاجة إلى عمل مولد وذكر فيه هذه الأشياء.

ثم جآء عصر نسى الناس هذه الأحداث ، (1) وأصبحت غائبة عن وعيهم ، (2)وغائبة عن عقولهم ، (3) وضمائرهم ، فأحتاج الناس إلى إحياء هذه المعاني التى ماتت والتذكير بهذه المآثر التى نُسيت.

صحيح اتُخذت بعض البدع في هذه الإحتفالات ولكنني أقول:  إننا نحتفل بأن نذكر الناس بحقائق السيرة المحمدية ، فعندما أحتفل بمولد الرسول – فأنا أحتفل بمولد الرسالة ، فأنا أذكر الناس برسالة رسول الله وبسيرة رسول الله.

وفي هذه المناسبة أذكر الناس بهذا الحدث العظيم (مولد النبى الكريم) وبما يُستفاد به من دروس ، لأربط الناس بسيرة النبى – صلى الله عليه وسلم.

(لقد كان لكم في رسول الله أُسوُة حسنةُ لمن كان يرجُو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً).                   سورة الأحزاب الآية (21).

لنضحى كما ضحى الصحابة:  ( أ )  كما ضحى علي حينما وضع نفسه موضع النبى – صلى الله عليه وسلم ، (ب)  وكما ضحت أسماء وهى تصعد إلى جبل ثور – هذا الجبل الشاق كل يوم ، (ج)  لنخطط كما خطط النبي للهجرة ، )لنتوكل على الله كما توكل عليه حينما قال له أبوبكر:  (والله يارسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا).

فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (يا أبابكر ما ظنكُ في اثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا).    نحن في حاجة إلى هذه الدروس.

فهذا النوع من الإحتفال تذكير الناس بهذه المعاني ..  ليأخذوا منه الأسوة والقدوة ، أما الأشياء التى تخرج عن هذا فليست من الإحتفال ، ولا نقر أحداً عليها.

فتوى الشيخ سعيد حوى:     أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا

          يقول الشيخ سعيد

(1)            إن يُعتمد شهر المولد كمناسبة يُذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفضائله.

(2)            وأن يُعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

(3)            وأن يُعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

(4)            فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب.

فتوى الشيخ الكُبيسي:

          وكان المسلمون الأوائل إذا ذكروا الرسول أصفرت وجوههم.  أحد الصحابة كان إذا ذكر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد موته تأخذه العبرات ولا يستطيع أن يكمل ، وكان الإمام مالك يدرس الفقه ، وكان عندما يدخل درس الحديث يغتسل ويتطيب.

          ويروى الحديث بكل خشوع وسكينة ، وفي إحدى المرات كان يجلس قربه عبدالله بن المبارك من المجاهدين – وكان من أتباع الإمام مالك – فرأى مالكاً يرتعش ولم ينقطع عن الحديث ، فلما انتهى من الدرس وذهب الإمام إلى بيته ، تبعه عبدالله فسأله:  مالك اليوم؟  لست لعادتك ، فقال:  ياعبدالله وأنا جالس لدغتني عقرب 10 – 12 مرة فاستحييت أن أقطع حديثي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

          عندما ضعفت الأمة وتفرق أمرها وبدأ المسلمون يفقدون الثقة بدينهم ، قال الصالحون فلنجعل من مولد النبى – إحتفالاً حتى يعود المسلمون إلى دينهم ومحبتهم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فصار المولد النبوي الشريف والإحتفال به موسماً لتجديد الأفراح والإيمان والإخاء.

          إن الإحتفال بمولد النبى – صلى الله عليه وسلم – أصبح اليوم واجباً لأجل هذا التفرق الذى نحن فيه:

(1)            فهل سمعتم أن من المسلمين من أرتد؟

(2)            وهل سمعتم أن كُتباً تكتب تهاجم النبى وتشتمه وتصفه بأسوأ الصفات؟

(3)            وهل سمعتم أن مصحفاً طبع في دولة غربية وطُبع على غلاف كل مصحف حذاء؟

(4)            وهل سمعتم أن بعض الناس يشككون في القرآن والأحاديث؟

(5)            وهل سمعتم أن التبشير استشرى الآن؟

وهناك من يطعن فى الرسول – فهذا الوقت الذى نحن فيه يجعل الإحتفال بالنبي – صلى الله عليه وسلم – واجباً.

     أن نُذكر (1) أخلاقه ، (2) حياته ، (3) صفاته ، (4) آثاره ، (5) معجزاته ، (6) سُنته (7) وما نُسى من سُنته.

               فيجب علينا أن نحي سُنة من سُنن الرسول التى نُسيت مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:  (من أحيا سُنة أُميتت من بعدي فكأنما أحياني).

               فإذا كان مدح النبى – صلى الله عليه وسلم – يغفر الذنوب جميعاً.

               وفي رواية أن حسان بن ثابت الذى كان ممن خاضوا في حادثة الإفك عذبه الله تعالى بالعمى وهو عذاب عظيم.

               شتمه أحدهم أمام عائشة – رضى الله عنها – فقالت:  لا تقع فيه فقد غفر الله له ذنوبه ببيت من الشعر مدح به رسول الله ….

 

              الوضع الذى نحن فيه يحتاج إلى نفحة عاطفية ن والقرآن بيننا والأحاديث بيننا والمسلمون انفرط عقدهم – فما هو الذى يجعلهم يتماسكون؟؟               

الإجابة:  شخصية النبى – صلى الله عليه وسلم.  وننطلق من هذا الإحتفال إلى أن نستذكر سيرة المصطفى بطرح جديد موافق لطبيعة العصر – ونزيل عنها كل ما شابها – (2)ونجعل من هذه المناسبة (مولد النبى) فرصة كي نتجمع ونحتشد – حول الرسول – – صلى الله عليه وسلم.

هذه الأمة الإسلامية مُكرمة ، فضلها الله تعالى على العالمين مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس).

ويجب علينا أيضاً أن نعتني بهذا المولد عناية كُبرى ليثبتوا الناس عل ما ينبغي أن يثبتوهم عليه – وهذا التذكير والتثبيت من كرم الله تعالى – والإحتفال ببدر والإسراء والمعراج ، والمولد تجديد للعلم والفكر والإيمان.                   (هذا كلام الشيخ الكبيبي)

فتوى إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوي – رحمه الله تعالى:

          (إذا كنا نحتفل بميلاد خير الخلق – صلى الله عليه وسلم – فإنما نحتفل به في إطار قول الله تعالى:  (وذكرهم بأيام الله).

          وأيام الله تعالى تكون نصراً لدينه وخذلاناً لأعدائه.

          إذا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هو الخاتم ، وإذا كان رسول الله لا معقب بعده على منهج من مناهج السمآء – فإننا نعتبر (1)  البعثة يوماً – اي من ايام الله ، (2)والهجرة يوماً – (3) والنصر في كل غزوة يوماً ، ولكن هذه الأيام كلها فرع عن يوم الميلاد.    …  فيوم الميلاد هو الأصل الأصيل الذى تتفرع عنه سائر الأيام التى نذكر الناس بها.

فتوى الإمام الدكتور عبدالحليم محمود  شيخ الأزهر السابق – رحمه الله:

          الإحتفال بالمولد النبوي سُنة حسنة من السُنن التى أشار إليها الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقوله:  (ومن سن سُنة حسنة فله أجرها وأجرُ من عمل بها ومن سن سُنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها).

          لماذا لم يحتفل السلف الصالح بمولده – صلى الله عليه وسلم؟

          لأن السلف الصالح كان عندهم (1) من اليقظة الدينية ، (2) وحب النبي الكريم ما يُغنيهم عن التذكير بيوم مولده للإحتفال.

كيف نحتلف بيوم ميلاد النبي – صلى الله عليه وسلم؟

          يكون بإستعراض سُنته والتذكير بدعوته والاسترشاد بهديه – وأن يكون بالإكثار من العبادة والذكر والصدقة فى سبيل الله.

أنواع من الإحتفالات؟؟

(1)            فمنهم من يحتفل بتهيئة طعام خاص لا يألفونه في مجرى عاداتهم الغالبة – تتناوله الأسر في ليلة الثاني عشر من الشهر فرحة مسرورة حول مائدة واحدة.

(2)            ومنهم من يحتفل باصناف من الحلوى ذات أشكال وصور مخصوصة – يصنعها الباعة لتلك المناسبة، وتلك ذكراهم لميلاد الرسول.

(3)            ومنهم من يحتفل بالدعوة إلى إجتماعات تفتتح بتلاوة من آيات الذكر الحكيم وكثيراً ما يتحرى القارئ الآيات التى تعرض لذكرى الرسول بإسمه ووصفه ، ثم تتلى قصة المولد الشريف بما أودع فيها من الأوصاف الخلقية.

(4)            أقلام  الكتاب والسنة المتحدثين بالمقالات والأحاديث ينشرونها ويذيعونها على الناس يذكرونهم فيها بعظم محمد وشمائله التى فطر عليها.

ولكن الإحتفال المذموم:كالرقص والطبل وما إلى ذلك والإختلاط بين الرجال والنسآء.

وأخيراً:  الإحتفال بذكرى مولده – صلى الله عليه وسلم – من افضل الأعمال وأعظم القربات لماذا؟؟   لأنه تعبير عن الفرح والحب له – صلى الله عليه وسلم ، ومحبة النبي – صلى الله عليه وسلم – أصل من أصول الإيمان ، مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:  (والذى نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبُ إليه من والده وولده).         أخرجه البخاري في صحيحه ج 1  صــ 14  ومسلم.

          محبة النبي – صلى الله عليه وسلم – من أصول الإيمان وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل ، وقد قرنها الله تالى بها ، وتوعد من قدم عليها محبة شئ من الأمور المحببة طبعاً من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (24):

(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).

          وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس الهجري على الإحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه بإحياء ليلة المولد بأنواع شتى من القربات (1) من إطعام الطعام ، (2) وتلاوة القرآن ، (3) الأذكار ، (4) وإنشاد الأشعار ، (5) والمدائح في رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

        ونحن نحتفل بمولده – صلى الله عليه وسلم:  لأننا نحبه وتحُبه كل الكائنات.  فهذا الجذع وهو جماد أحب النبى – صلى الله عليه وسلم ، وتعلق به اشتاق إلى قربه الشريف – بل وبكى بكاء شديداً تشوقاً للنبى – صلى الله عليه وسلم.

          وروي عن أكثر من صحابي من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه عندما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخطب قائماً معتمداً على جذع نخل ولما كثر عدد المصلين صنع له الصحابة منبراً – فلما خرج – صلى الله عليه وسلم – من باب الحجرة الشريفة يوم الجمعة يريد المنبر – وجاوز الجذع الذى كان يخطب عنده إذا بالجذع يصرخ صراخاً شديداً ، ويحن حنيناً مؤلماً حتى ارتج المسجد وتشقق الجذع ، ولم يهدأ حتى نزل النبى – صلى الله عليه وسلم – عن المنبر فوضع يده الشريفة عليه ، ومسحه ، ثم ضمه بين يديه إلى صدره الشريف حتى هدأ – ثم خيره بأن يكون شجرة في الجنة تشرب عروقه من أنهار الجنة وبين أن يعود شجرة مثمرة في الدنيا.   فأختار الجذع أن يكون شجرة فى الجنة.

          فقال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (أفعل إن شآء الله ثلاث مرات).

          فسكن الجذع ، ثم قال صلى الله عليه وسلم:

          (والذى نفسي بيده لو لم ألتزمه لبقى يحن إلى قيام الساعة شوقاً إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم).          أخرجه البخاري وأحمد – الترمذي

          وورد عن أبي موسى الزرهوني:     أحد العلماء الفضلاء

          أنه رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما يرى النائم ، فسأله عن عمل المولد النبوي الشريف والولائم التى تكون فيه ، هل هذا أمر يعجب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويسر به ويرضيه أم لا؟

          فأجابه – صلى الله عليه وسلم:  (من فرح بنا فرحنا به).

          (سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد – صلى الله عليه وسلم)

          ومعلوم أن رؤيا النبى – صلى الله عليه وسلم – في المنام حق.

          فإن الشيطان لا يتمثل به كما ورد في الصحيح.

          ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أحباب النبى – صلى الله عليه وسلم

          وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً