قصة عُزير

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،

          فبعد موت سليمان ومرت الأيام على بنى إسرائيل فى فلسطين وانحرفوا كثيراً عن منهج الله عز وجل – ,اراد الله أن يجدد لهم دينهم فقد نسوا كثيراً من آيات التوراة فبعث إليهم عُزير.

عُزير:  نبى كريم من أنبياء الله أمره الله أن يذهب إلى القرية فوجدها خراب – ليس فيها بشر – فتعجب كيف أُرسل إلى بلد ليس فيها شئ؟  ووقف ينظر وينتظر أن يحيها الله عز وجل.

          يقول الله عز وجلفي سورة البقرة 259

          (أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عُرُوشها قال أنى يُحيى هذه الله بعد موتها).

          هذا سؤال تعجب وليس سؤال إعتراض.

          سميت القرية قرية لاجتماع الناس فيها ، وقالوا إن القرية المذكورة التى ذكرها الله ولم يذكر اسمها تكون بيت المقدس كما قال) عكرمة( وقد تكون قرية غيرها ، لما خربها بُختنصر البابلى وقف عُزير على القرية ورأى البيوت قد سقطت حيطانها على سُقُفُها فقال: (أنى يحيى هذه الله بعد موتها).

       (فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أوبعض يوم قال بل لبثت مائة عام).

          وكما يقولون نام عُزير وأسند رجليه على حائط فأستيقظ وهو على هذا الحال نام فى الصباح وأستيقظ فى العصر.

          من القائل: كم لبثت؟  قالوا الملائكة – وقيل: سمع هاتفاً من السماء يقول له ذلك – وقيل: خاطبه جبريل ، والأظهر أن القائل هو الله تعالى لقوله:  (وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسُوها لحماً) والله أعلم.

          يقول تعجباً من عظمة  الله

          يقال فى الإسرائيليات:

          أحى الله أولا:  عقله وقلبه وعينيه ، فأخذ يعقل ويفهم الأمور وينظر فلما نظر وجد عظامه مبعثرة فيستغرب وكيف يرجع.  نظر وإذا العظام تجمع بعضها على بعض ويظهر اللحم والأعصاب والجلد ثم وجد نفسه قائماً وقال الحمد لله.

          ولما أحياه الله أحياه فى سن الشباب الذى مات فيه وهو أربعين سنة.

          (فأنظر إلى طعامك) وهو التين الذى جمعه من أشجار القرية التى مر عليها.

          (وشرابك لم يتسنه) لم ينتن – أى لم تغيره السنون.

          (وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).البقرة (259)

          (وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)وانظر إلى اتصال عظامه وإحيائه جزءاً جزءاً ويروى أنه أحياه الله كذلك حتى صار عظاماً ملتئمة ، ثم كساه لحما حتى كمل حماراً ثم جاءه ملك فنفخ فيه الروح فقام الحمار ينهق ..  وعلى هذا أكثر المفسرين..

          (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ)دليل على عظيم قدرة الله تعالى على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم فى يوم آت لا ريب فيه.

          جآء شاباً على حاله يوم مات فوجد الأبناء والحفدة شيوخاً.

وكما يقول عكرمة:  وكان يوم مات ابن أربعين سنة.

ويقول على بن أبى طالب:  أن عُزيراً خرج من أهله وخلف امرأته حاملاً فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه فرجع إلى أهله ، وهو ابن أربعين سنة وله ولد من مائة سنة فكان أبنه أكبر منه بستين سنة.

وروى ابن عباس قال:  لما أحيا الله عُزيراً ركب حماره فأتى قريته فأنكر الناس وأنكروه –

فوجد فى منزله عجوزاً عمياء كانت أمةً لهم ويقال أُمهُ خرج عنهم عُزير وهى بنت عشرين سنة ، فقال لها أهذا منزل عُزير؟  فقالت:  نعم! ثم بكت – وقالت: فارقنا عُزير منذ كذا وكذا سنة – قال: أنا عُزير.

          قالت:  إن عُزيراً فقدناه منذ مائة سنة – قال: فالله أماتنى مائة عام ثم بعثنى.

          قالت: عُزير كان مستجاب الدعوة للمريض وصاحب البلاء فيُفيق فادع الله يرد على بصرى – فدعا الله ومسح على عينيها بيده– فقالت: أشهد أنك عُزيراً ثم أنطلقت إلى ملاء بنى إسرائيل وفيهم ابن لعُزير شيخ ابن مائة وثمانية وعشرين سنة – أولاد أولاده شيوخ.  فقالت: ياقوم ، هذا والله عُزيراً فقال له ابنه: كانت لأبى شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه – فنظرها فإذا هو عُزير.

          ثم قال كبير منهم:  لقد حُدثنا أنه منذ زحف بختنصر على بيت المقدس ومن وقت أن أحرق التوراة لم يكن على الأرض من يحفظ التوراة إلا قليل ومنهم عُزير ، فإن كنت عُزيراً فتُلُوا علينا ما كنت تحفظه منها ، فقرأها لهم لم يترك آية ولم يحرف جزءاً..

          (وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا)فأنظر إلى العظام كيف نرفعها من أماكنها من الأرض إلى جسم صاحبها للإحياء.

          أنظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض فى التركيب للإحياء لأن النشز الإرتفاع..

          تتجمع العظام وقفت العظام وتجمعت ثم العصب والعروق ثم ظهر اللحم ثم نظر الجلد ثم الشعر كل ذلك أمام عينيه

          أى إعجاز هذا ؟؟

        وقد أخذت القدرة العلية فى تركيب عظامه على النحو الذى كان عليه وإتمام خلقه.  وهو أمر لم يره أحد من قبله حتى إبراهيم عليه السلام فإنه لم يشاهد خلق الطير – ولكنه شاهدها وهى تأتى إليه سعياً.

وأخيراً:

          فألتف حوله أهل القرية وأجلوه وعظموه وتعلموا منه الكثير من العلم وتلقوا عنه التوراة مشافهة – ولكن اليهود قوم عادون لا تخلص عقيدتهم من الشبهات ، فقد زعم بعضهم:  أنه ابن الله.

          وظل الإنحراف فى اليهود يقدسون عُزير ويعتبرونه من السُلاله المقدسة ابن الله كما يقولون إلى اليوم  وهذا من شركهم لعنهم الله ..  مصداقاً لقوله تعالى فى سورة التوبة (30):

          (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).

          إن عُزيراً قال لبنى إسرائيل:  إن الله قد حفظنى التوراة (كرامة منه له) فجعلوا يدرسونها من عنده – وكانت التوراة مدفونة كان دفنها علماؤهم حتى أصابهم من الفتن والجلاء والمرض ما أصاب وقتل بُختنصر إياهم – ثم وجدت التوراة فإذا هى متساوية لما كان عُزير يدرس – فضلوا عند ذلك وقالوا:  إن هذا لم يتهيأ لعُزير إلا وهو ابن الله. (حكاه الطبرى فى جامع البيان).

          وأطلقت النصارى على أن المسيح إله وأنه ابن إله.

          (ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ) أنه لما كان قول ساذج ليس فيه بيان ولا برهان وإنما هو قول بالفم مجرد نفس دعوى.

          (يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ)

       يشابهون:  ثلاثة أقوال:

(1)      قولُ عبده الأوثان: اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.

(2)      قول الكفرة:  الملائكة بنات الله.

(3)        قول أسلافهم فقلدوهم فى الباطل واتبعوهم على الكفر.

          (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).

          لعنهم الله يعنى اليهود والنصارى ، لأن الملعون كالمقتول.

          وقال ابن عباس:  كل شئ فى القرآن قتل فهو لعن.

(  والحمدلله رب العالمين )

اترك تعليقاً