قصة ولدي آدم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله مقلب القلوب وغفار الذنوب , وستار العيوب , ومفرج الكروب , والصلاة والسلام علي سيد المرسلين , وجامع شمل الدين وعلي آله الطيبين الطاهرين , وسلم كثيراً”

 

أما بعد:

فكنا نتحدث في الدرس الماضي عن قصة آدم عليه السلام وكيف كانت المعصية الأولى لله عز وجل حيث رفض إبليس عليه لعنه الله أن يسجد لآدم رغم أن الله أمره سبحانه وتعالي صراحة مصداقاً لقوله تعالي: “( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّتَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) أصل هذه المعصية الكبر والغرور , وكذلك كررها إبليس عدة مراتأَنَاْخَيْرٌ مِّنْهُ , أَنَاْخَيْرٌ مِّنْهُ.) لماذا؟ (“خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)

أما آدم عليه السلام لما عصى تلقى من ربه كلمات فتاب عليه اجتباه ربه فتاب عليه , آدم ما أصر علي المعصية حيث قال كما أخبرنا القرآن الكريم “       ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ“)

وهذا فرق هائل بين إبليس وآدم

إبليس أصر علي المعصية ولكن آدم تاب وأستغفر , ولذلك يقول العلماء رحمهم الله :”( لاصغيرة مع إصرار , ولا كبيرة مع أستغفار)”

أنت أيها الأخ الكريم وأنت أيتها الأخت الكريمة: إذا عصيت فأعترف وأستغفر وأرجع إلي ربك فيجتبيك ربك ويرضي عنك.

ورأينا كيف هبط آدم وزوجته إلي الأرض وعاشا فيها وكان آدم عالماً ليس فقط في أمور الدين , بل كان عالماً في أمور الدنيا , وعلم الله سبحانه وتعالي آدم الأسماء كلها , علمه صنعة كل شئ كان مكسياً “ليس عريانا” .

(وبث الله منهما رجالاً كثيراً ونسآءً) , في بعض الروايات أن آدم عاش حوالي ألف سنة , ورأى من ذريته وأحفاده وأحفاد أحفاده أعداداً هائلة قالوا: إنها وصلت إلي 40 ألف.

فقصة ولدي آدم كما ستري من خلال عرض القرآن لها عرض للإنسانية كلها من جانبيها:-

الطيب والخبيث – المشرق والمظلم – الملائكئ والشيطاني . ولكن هذه القصة تتميز عن سائر القصص القرآني بعرضها لأول جريمة وقعت في الأرض بين أخوين وكان الدافع علي وقوعها الحسد والحقد الدفين.

ولنبدأ القصة: إن قابيل كان في طبيعته خشونة وشدة وكان قابيل يعمل بالزراعة, أما هابيل فكان يعمل برعي الغنم وهذا العمل يحتاج إلي رحمة وعاطفة (رحمة الحيوان) .

آدم عليه السلام كان رسول , وكان من شرعة: أن الأخ لايتزوج أخته التوأم ويتزوج توأم أخيه.

السبب الأول للحقد والحسد: أن قابيل لم يعجبه هذا الشرع ويقال أن توأم هابيل كانت ليست جميلة.

السبب الثاني: آدم عليه السلام شرع لهم تقديم القرابين

القربان: هو هدية تهدى إلي الله مثل الهدي, ذبيحة تذبحها وتفرقها علي الفقراء والمساكين ولكن النية أنها لله سبحانه وتعالي .

كان لهم شرع القرابين, وكان عندهم علامة علي قبول القرابين أنه تأكله النار (تأتي صاعقة تأخذ هذا القربان)

فهذا علامة أن الله سبحانه وتعالي قبله, والتي لم تأكله النار غير مقبول .

فقدم هابيل أفضل المواشي عنده وقدمه قرباناً , أما قابيل فجآء بزرع نتن غير صالح للأكل وقدمه قرباناً,

وقال ابن عباس: كان في قربان قابيل حزمة من سنبل, ثم إنه وجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأكلها.

فلما تقبل قربان هابيل , لأنه كان مؤمناً, قال له قابيل: أتمشي علي الأرض يراك الناس أفضل مني (لأقتلنك)

جآء دور الشيطان:  ووسوس له الشيطان وقال له أقتل أخاك فعزم قابيل علي ذلك, وما كان القتل معروفاً, وكانت هذه أول جريمة قتل في التاريخ مصداقاً لقوله تعالي في سورة المائدة الآية 27: 30 “( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَبِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْيُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَايَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَلِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّيأَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَبِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءالظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُفَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ()30

وقال عبد الله بن عمرو: وإيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلي أخيه.

عن ابن مسعود قال, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (“لا تقتل نفس ظلماً إلا كان علي ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل)”

وقد أخرجه الجماعة سوى أبي داود.

وفعلاً في ليلة سوداء بينما كان هابيل نائماً جآء قابيل بصخرة وهشم بها رأس أخيه فقتله. أول جريمة في التاريخ جريمة قابيل في قتله لهابيل.

وأحتار ماذا يفعل بأخيه, أول واحد يموت ولا يعرفوا ماذا يفعلون؟

ماذا حدث بعد قتل هابيل؟

حمل قابيل جثة هابيل علي ظهره وبدأ يمشي بها, وبينما هو كذلك إذ أنزل الله سبحانه وتعالي غرابان يتقاتلان, ومات الغراب أمام قابيل , ثم إن الغراب الحي بدأ يحفر في التراب ودفع بحثة الغراب الميت ثم حث عليه التراب.

فتعلم قابيل من الغراب كيف يدفن أخاه, فحفر في الأرض ووضع أخيه في التراب وغطي عليه التراب وأصبح نادماً كيف فعل ذلك, فندم ولكنه لم يستغفر.

التوبة النصوح لايكفي فيها الندم ولكن لابد من أن يستغفر الله ويطلب المغفرة من الله. هذه القصة كما جآء بها القرآن الكريم.

وكما أخبرنا القرآن العظيم في سورة المائدة الآية 31 🙁قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِيْ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِيْنَ“)

لماذا بعث الله الغرابين؟

بعث الله الغراب حكمة, ليري ابن آدم كيفية الدفن وهو معني قوله تعالي

“(“ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ“) فصار فعل الغراب سنة باقية في الخلق.

الحديث الأول: روي الإمام أحمد , وأبو داود والترمذي عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه قال عند فتنة عثمان بن عفان قال: أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: “إنها ستكون فيها فتنة القاعد فيها خير من الساري – ءآريت إن دخل علي بيتي في وقت الفتنة فبسط إلي يده ليقتلني, فقال النبي صلي الله عليه وسلم:(” كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل”) 

الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (“لاتقتل نفساً ظلماً إلا كان علي ابن آدم الأول (قابيل) كفل من دمها)”

إنها ليست قتل هابيل فقط, ولكنه جعلها سنة.

(“من فعل سنة سيئة فعليه إثمها وإثم من عمل بها إلي يوم القيامة”)

هرب قابيل ولم يستطع مواجهة آدم:

أخذ معه زوجته وفر وعاش في السهول, وكان آدم يعيش في الجبال, وانقطع قابيل عن ءآدم وبدأت تتناسل ذريته.

ماذا فعلوا ؟

1    مخالفة شريعة آدم عليه السلام .

2-    قلت التقوي بينهم فنتشرت الفواحش .

انقسم الناس صنفان:

1-    أهل الخير مع آدم وأبناء آدم الآخرين

2-    أهل الشر مع قابيل

عاش آدم 960 سنة لأنه أُخذ من عمره 40 سنة, وهذا في أحاديث كثيرة, يرويها لنا الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلي يوم القيامة وجعل بين عينين كل إنسان منهم وبيص (علامة) من نور ثم عرضهم علي آدم, فقال: أي ربي من هؤلاء؟

 فقال : هؤلاء ذريتك

 فرأي آدم رجالاً من بين هؤلاء الذرية أعجبه وبيص مابين عينيه- أي ربي من هذا؟

فقال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود, فقال ربي : كم جعلت عمره؟ قال: 60 سنة , فقال: أي ربي ذده من عمري أربعون سنة

الله سبحانه وتعالي بقدرته فعل ذلك, فلما انقضي عمر آدم جآءه ملك الموت , والأنبياء يعرفون أعمارهم وكان عمره 960 سنه في ذلك الوقت, فقال لملك الموت: أو لم يبقي من عمري 40 سنة؟

فقال ملك الموت: أو لم تعطها لابنك داود, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فجحد (أنكر) فجحدت ذريته.

فصار الإنكار في ذريته فنسي فنسيت ذريته وأخطأء آدم فأخطأت ذريته”

مافعل ذلك عمداً , كان نسياً لكن صار من طبيعة البشر “يجحد وينكر ويخطئ” وهذا من النسيان ولذلك سمي إنسان لأنه كثير النسيان.

 

                                                    

                                                             (والحمد لله رب العالمين)

اترك تعليقاً