بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد:
فالناس تنقسم إلى ثلاث أمام ذكر الموت:
(1) منهمك. (2) تائب مبتدئ. (3) عارف منته.
أما المنهمك:
فلا يذكر الموت – وإن ذكره فيذكره للتأسف على دنياه ، ويشتغل بمذمته – وهذا يزده الموت بعداً من الله.
أما التائب:
فإنه يُكثر من ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية وتفى بتمام التوبة وربما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التوبة وقبل إصلاح الزاد (زاد الآخرة) ، وإنما يخاف لقاء الله لقصوره ، وهو كالذى يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغل بالإستعداد للقائه على وجه يرضاه.
وأما العارف:
فأنه يذكر الموت دائماً لأنه موعد لقائه بحبيبه والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب – والعارف يستبطئ مجئ الموت ويحب مجيئه ليتخلص من دار العاصين وينتقل إلى جوار رب العالمين.
مثــــال1:
كما روى عن حذيفة: أنه لما حضرته الوفاة قال: اللهم إن كنت تعلم أن الفقر أحب إلى من الغنى والسقم أحب إلى من الصحة والموت أحب إلى من العيش (فسهل على الموت حتى ألقاك).
وأعلى منهما رتبة من فوض أمره إلى الله تعالى فصار لا يختار لنفسه موتاً ولا حياة ، بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه وبذلك يكون قد انتهى بفرط الحب والولاء إلى مقام التسليم والرضا وهو الغاية والمنتهى.
ويجب عند ذكر الموت أن يكون القلب فارغ من شهوات الدنيا فإذا كان القلب مشغول بشهوة الدنيا فلا ينجح ذكر الموت فى قلبه – فالطريق فيه أن يفرغ الإنسان قلبه عن كل شئ إلا ذكر الموت الذى هو بين يديه – مثــال1: كالذى يريد أن يسافر ويركب البحر فإنه لا يفكر إلا فى البحر وخطر البحر وكذلك ذكر الموت ، وكذلك الموت فهو المعبر الحقيقى والممر إلى الدار الآخرة أم جنة وأم نار.
بعض المقدمات السريعة العاجلة قبل نزول الموت وخروج الروح:
وهذا أمر يجب أن نستعد له إستعداداً كاملاً حتى نعلم كيف يلقى الناسُ ربهم وكيف تنوعوا واختلفوا (1) فمنهم شقى ومنهم سعيد ، (2) ومنهم من هو ثابت عند الموت ومنهم من هو حائر ، (3) ومنهم فرح ومنهم مغموم ، (4) ومنهم من يُنادى أخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان ورب راضى عنك غير غضبان ، ومنهم من ينُادى عليه يا أيتها النفسُ الخبيثة أخرجى إلى سخط من الله وغضبه.
وحيث أننا ميتون – وعن الدنيا مرتحلون وحيث إن الموت يعُمنا والقبر يضمُنا والقيامة تجمعنا والله يحكم بيننا.
(والحمد لله رب العالمين)