متى يُغلق باب التوبة

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد:

متى يغلق باب التوبة ؟

(1)                      يُغلق بابُ التوبة عند حشرجة الموت – وعندما تصل الروح إلى الحلقوم ، مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النساء الآية (18):

(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ)

بمعنى:  وليس قبول التوبة ممن ارتكب المعاصى واستمر عليها حتى إذا فاجأه الموت تاب وأناب فهذه توبة المضطر وهى غير مقبولة.

… فهى توبة المضطر – توبة الذى يتوب لأنه لم يعد لديه متسع لإرتكاب الذنوب وهذه لا يقبلها الله لأنها لا تنشئ صلاحاً فى القلب ولا فى الحياة.

فقد سوى الله عز وجل بين من يتوب عند موته ومن يموت بغير توبة فى عدم قبول تبوته ، والنبى – صلى الله عليه وسلم يقول:

      (إن لله يقبلُ توبة العبد ما لم يغُرغر).

      مثلاً لمن ءامن فى آخر لحظة من عمره.

      ولما قال فرعون عند الغرق:

      مَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)سورة يونس الآية (90). 

      قال الله تعالى فى سورة يونس الآية (91):

(آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)

وروى الترمذى عن ابن عباس أن النبى – صلى الله عليه وسلم قال: (لما أغرق الله فرعون قال آمنت أنه لا إله إلا الذى ءامنت به بنو إسرائيل قال جبريل يا محمد فلو رأيتنى وأنا آخذ من حال البحر فأدسه فى فيه مخافة أن تدركه الرحمة)  (حديث حسن)      فيه:  فمه.

(2)                      كما يغلق باب التوبة كذلك أمام الخلق كلهم عند طلوع الشمس من مغربها مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الأنعام الآية (158):

(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)

قال العلماء: وإنما لا ينفع نفساً إيمانُها عند طلوعها من مغربها لماذا ؟  لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تُخمدُ معه كل شهوة من شهوات النفس وتفترُ كل قوة من قوى البدن ويصير الناس كلهم فى حال من حضره الموت لإيقانهم بدنو القيامة.

الأحاديث الدالة على طلوع الشمس من مغربها لا تنفع التوبة عندها.

الحديث الأول:  عن أبى هريرة – رضى الله عنه قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (لا تقُومُ الساعةُ حتى تطلع الشمسُ من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناسُ أجمعُون فذلك حين: لا ينفعُ نفساً إيمانُها).  (رواه الترمذى)

الحديث الثاني:الذى رواه مسلم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يبسُط يدهُ بالليل ليتوب مُسئُ النهار ، ويبسُط يدهُ بالنهار ليتوب مُسئُ الليل ، حتى تطلع الشمسُ من مغربها).

الحديث الثالث:  الذى رواه مسلم

عن أبى هريرة – رضى الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (من تاب قبل أن تطلع الشمسُ من مغربها ، تاب اللهُ عليه).

(والتوبةُ لها مبدأ ومنتهى)

فمبدؤها الرجوع إلى الله عز وجل بسلوك صراطه المستقيم بقوله تعالى:

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) سورة الأنعام الآية (153). 

      (وإن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه …..)

ونهاية التوبة الرجوع إليه فى المعاد ، وسلوك صراطه الذى نصبه موصلاً إلى جنته فمن رجع إلى الله فى دار الدنيا بالتوبة ، رجع إلى الله فى المعاد بالثواب مصداقاً لقوله تعالى فى سورة الفرقان الآية (71):

(وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا)

أى من تاب عن المعاصى وأصلح سيرته فإن الله يتقبل توبته ويكون مرضياً عند الله تعالى:..  ومحبوب إليه – ومقرب إليه سبحانه وتعالى.

 

( والحمدلله رب العالمين )

اترك تعليقاً