مناجاة الروح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

 

أما بعد،،،،

 

          فهناك أرواح عالية تُؤثر على من يُغسلها أو يكفنها أو يصلى عليها – يشعر براحة نفسية ويشعر بقرب من الله.  وكأن الجنة والنار أمام عينيه.

 

          وهذا يدل على صفاء روح الميت وقوة الروح قد أفاضت على المشيعين بعضاً من أنوارها فأحس الغاسل وأحس المشيع وأحس المصلى ببعض هذه الفيوضات والنفحات والبركات من قوة الروح.

 

          والعكس فيه بعض أرواح تمشى مع الجنازة تمنى أن تنشق الأرض وتبلعها وينتابك ضيق نفسى صعب وعسر وتجد أنقباض لأن الروح معذبة وكما ورد فى الحديث:  أو كما قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (إن الروح لما تكون طيبة ويسيرون بها إلى الجنة تنادى المشيعين أسرعوا بى فلو تعلمون ما أمامى لاسرعتم (وصلونى للقصور والحور والنور والكافور) أما إن كانت معذبة تقول (ياويلها يا ويلها أين يذهبون بها) مستعجلين ليه – على جهنم ليه).

 

       فى الفترة بعد طلوع الروح إلى الدفن:

 

        ماذا يحدث فى هذه الفترة؟

 

          إن الميت بعد خروج روحه يسلب منه عينيه وأذنه ولسانه ويده ورجله وجميع أعضائه – ويسلب منه أهله وولده وأقاربه وسائر معارفه وأحبابه وجيرانه وأصدقائه وشهواته ومعارفه – يسلب منه أملاكه وعقاره مصداقاً لقوله تعالى:  (وحيل بينهم وبين ما يشتهون).

 

          لا أكل ولا شرب ولا إتصال جنسى ولا مزاح ولا هزار ولا نور الشمس التى كان يتمتع بها ولا دفئ الشتاء ولا نسيم الصيف – ولا مياة الأنهار ولا الليل ولا النهار ولا الصحو ولا الأمطار ولا الخضرة ولا الماء الجارى ، كل ذلك يحيل بينه وبينهم حتى قال علماؤنا أن أقصى أية فى القرآن تنذر كل من سيموت هذه الآية.

 

          فإن كان له فى الدنيا شئ يأنس به ويستريح إليه فيعظم تحسره عليه بعد الموت ، بل يلتفت قلبه إلى واحد واحد من ماله وجاهه وعقاره حتى إلى قميص كان يلبسه مثلاً ويفرح به أو إلى عباية كانت تلبسها وتفرح بها ، وهذه الروح ينظر الله إليها عند الموت فإن كانت مشتغلة بهذه الأشياء اشتغالاً مشغوفاً مُتلهفاً فيا طول حسرتها عند الموت لأنها ستنزع إنتزاعاً من محبوباتها فيا حسرتها ساعة الفراق.

 

          وإن لم يكن يفرح إلا بذكر الله ولم يأنس إلا به عظم نعيمه وتمت سعادته إذ خلى بينها وبين محبوبها – لأن جميع أسباب الدنيا شاغلة عن ذكر الله. وهو كان يدوب بيتمتع بهذه الأشياء تمتع بسيط وهو عارف إنه سوف يترك أمواله للورثة فإذا جاءت ساعة الموت لا حسرة ولا ندم بل على العكس يقول له الملائكة:  (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون).

 

          وهناك روح لا يهمها إذا أكلت أم لم تكن نامت على السرير ، نامت على الأرض المهم يارب (إن لم يكن بك غضبُ على فلا أبالى) المهم يارب أن لا تكون غضبان على ، رب العزة يقول لهؤلاء (ولكم فيها ما تشتهى أنفُسُكم ولكم فيها ما تدعون). فصلت (31).

 

الأمر الثانى:

 

          بعد الموت ينكشف لها حقيقة كل شئ.

وهذه الحقائق موجودة فى الروح فى كتاب منشور فى داخل القلب (لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصُرك اليوم حديد).

 

          (كل صغير وكبير مستطر) (وكل شئ أحصيناه فى إمام مُبين).

 

          كل ذنب كبير وصغير مكتوب على عامله ليجازى به.

 

          وأول ما ينكشف له ما يضره وينفعه من حسناته وسيئاته.

 

          عند الموت ينكشف له جميع أعماله فلا ينظر إلى سيئة إلا ويتحسر عليها تحسراً ، يريد أن يدخل النار للخلاص من تلك الحسرة.

 

          (وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) سورة البقرة (223).

 

          (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) سورة البقرة (235).

 

 

 

(  والحمدلله رب العالمين  )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً