[:ar]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أما بعد ،،،
فسيدنا عمر كان مع سيدنا عبدالرحمن بن عوف في طرف المدينة فرأءا قافلة قد أستقرت في أطرافها قال له: تعال يا عبدالرحمن نحرس هذه القافلة ، جلس عملاق الإسلام مع سيدنا عبدالرحمن يحرسان هذه القافلة فبكى طفل صغير ، لما طال بكاؤه ذهب عمر إلى أمه وقال: أرضعيه فأرضعته فسكت ، ثم بكى ثانية ، فقال: أرضعيه فأرضعته فسكت ، ثم بكى الثالثة وكان سيدنا عمر عصبي المزاج قال: يا أمة السوء ألا تُرضعيه؟ قالت له بحده: وما شأنك بنا أنت؟ إنني أفطمه. قال: ولما تفطميه؟ قالت: لأن عمر لا يعطينا العطاء إلا بعد الفطام ، فضرب جبهته وقال: (يا عمر كم قتلت من أطفال المسلمين؟) وحينما صلى بأصحابه الفجر ما أستطاع أصحابه أن يفهموا قراءته من شدة بكائه. قال: (يارب هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي أم رددتها فأعزبها).
فالإنسان يصيب ويُخطئ يحاسب نفسه حساباً عسيراً ، يتهم نفسه دائماً فسيدنا عمر هذا الإنسان العظيم الذى أثني عليه النبي والذى بشره بالجنة جآء إلى سيدنا حذيفة قال: (يا حذيفة أُناشدك الله أ أسمى مع المنافقين؟ لأن رسول الله أعطى حذيفة أسماء المنافقين الذين كانوا في المدينة ، وكان أمير سر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكلما أرتقى مقامك عند الله تحاسب نفسك أشد الحساب.
مثال1:
(1)لعل هذه الإبتسامة كان فيها سخرية ، (2) لعل هذه الكلمة فيها إعتزاز ، (3) لعل هذا التصرف جرح شعور فلان ، (4) لعل عدم تلبية هذه الدعوة أنكمش لها فلان.
المؤمن يتقلب في اليوم الواحد بأربعين حالاً ، بين أن يرضى وبين أنه لا يرضى عن نفسه بين أن يستبشر وبين أنه يخاف.
فإن هذا الوضع الحريص على رضاء الله والحريص على طاعة الله ، والحريص على أستقامته مع الله ، هذا الحرص الشديد يجعله بحالة محاسبة نفسية شديدة.
هذا الذى يُحاسب نفسه حساباً شديداً أثني الله عليه حيث قال:
(لا أُقسم بيوم القيامة ولا أُقسم بالنفس اللوامة).سورة القيامة 1،2
(2)ورد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي: “والذى نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفُر لهم”.
إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تأخذوا هذا الحديث على ظاهره.
المعنى الدقيق:
والمعنى العميق الذى أراده النبي من هذا الحديث: إنك إن لم تشعر بذنبك فأنت ميت والدليل: إذهب إلى إنسان مات حديثاً وأمسك بسكين وإجرحه ، فلا يتألم ولا يصيح ، ولا يسحب يده ، ولا يعترض ، ولا يلومك.
فإذا الإنسان إرتكب ذنباً وقال لك: ما فعلت؟ ماذا حدث؟
هذا الإنسان ميت. مصداقاً لقوله تعالى في سورة النحل الآية (21):
(أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)
علامة حياة قلبك أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً ، أحياناً كلمة قاسية لا تنام الليل ، أحياناً موقف غير مدروس من مؤمن قد تبكي طوال الليل ، فهذا الذى يبكي ويتألم ، ويحاسب نفسه حساباً عسيراً ، يخشى الله عز وجل ويخشى ألا يكون الله راضياً عنه ، ويخشى إلا يكون متبعاً لسُنة النبي – صلى الله عليه وسلم – (هذه نفس طيبة طاهرة أنعم بها من نفس) جعلنا الله من هؤلاء.
(( والحمدلله رب العالمين ))
[:]