نصيحة لكل البشر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وكفي , والصلاة والسلام علي النبي المصطفي.

 

أما بعد,

فصاحب هذه الحكمة رجل مؤمن , رجل واعي ومدرك وفاهم بأنه سيموت ويلقي الله وعرف ما هى طبيعة الدنيا الذي هو عايش فيها وعرف أيضاً المصير الذي سوف يذهب إليه ما هو شكله، فهو ينصح إخوانه المسلمين بالنصيحة الغالية التي جمعها هو مما فهم من حكم الدين ونصائح الدين وأظهرها لنا في هذه الصورة الطيبة:-

1-    أعمل لله بقدر إحتياجك إليه

2-    أعمل للنار بقدر صبرك عليها

3-    أعمل للدنيا بقدر بقاءك فيها

4-    أعمل للآخرة بقدر مقامك فيها

 

أولاً: أعمل لله بقدر إحتياجك إليه :

(“هُوَالْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌالحديد )الآية 3

(الأول) الذي ليس قبله شئ (الآخر) الذي ليس بعده شئ (الظاهر) الذي ليس فوقه شئ (الباطل) الذي ليس دونه شئ إنما له ميراث السماوات والأرض – علمه محيط بكل شئ ولا يغيب عن علمه شئ ولو كان مثقال ذرة في السماوات والأرض ولو لم يقل لنا إلا هذه الكلمة” أعمل لله بقدر إحتياجك إليه” لكانت كافية , كناسوف نكتفي بهذه الكلمة لأن احتياجنا لله إحتياج دائم وسرمدي أبدي لا أنتهاء له

قولوا لي : من منا ممكن أن يستغني عن الله؟

وأسهل حاجه أنت محتاج إليها وهو النفس(الشهيق والزفير) لو أن الله قال لهذا النفس انقطع خلاص حياتك راحت وجآء الموت وانتهت هذه الدنيا” أعمل لله بقدر إحتياجك إليه” وأنت محتاج لله في كل شئ .

محتاج لله إحتياج دائم, فأعضائك الباطنية ” كل واحد منا له أعضآء” وكما قال الله تعالى في سورة لقمان الآية20 أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً أوسع وأتم عليكم نعمة ظاهرة وهي الصحة وكمال الخلق وتسوية الأعضاء.

وباطنة: مايجده المرء في نفسه (المعرفة والعقل)

من الذي أمر الجهاز التنفسي أن يعمل الله

من الذي قال للجهاز الهضمي من أول لعاب الفم إلي المعدة وعصارة المعدة لكي تهضم الأكل ؟ الله

من الذى قال للجهاز الدموي القلب أن يعمل سواء أكنت أنت نائماً أم مستيقظاً أو مشغولاً لاهياً  أو متذكر؟ الله 

فالكافرة لها هذه الأجهزة(جهاز التنفس – جهاز الهضمي – جهاز دموي – جهاز تناسلي – كل هذه الأجهزة تعمل وأنت لاتدري.

الله سبحانه وتعالي هو الذي مد الأحياء بما هم في حاجه إليه أن حتاج هو شئ منهم” أعمل لله بقدر إحتياجك إليه”

2- أنت محتاجة لله أشد وأشد في أمور الغيب المغيب عنك وراء ظهرك “( قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ“) سورة الأنبياء 42 يكلؤكم : يحفظكم ويحرسكم لا حافظ لكم بالليل إذا نمتم وبالنهار إذا قمتم وتصرفتم في أموركم من الذي يحفظ عيالك وهم نائمون وممكن في الصيف والشباك مفتوح يدخل أي ثعبان أو عقرب علي أولادك أو عليك من الذي يصونك ويصون أولادك وزوجتك وأبوك وأمك ؟ الله

من الذي يصون لك الأرض؟ الأرض التي أنت ماشي عليها لو أذن الله للأرض لمادت” تحركت” وذهبت في الفضاء وتلاشت وأنت من ضمنها .

من الذي أمر السمآء أن تستقر في مكانها ؟ الله

 والنجوم التي تزين السمآء وفيها بعض الضياء بالليل . من الذى أمر الشمس أن تطلع في مواعيدها مواعيد ثابته بحيث أن رجال الأرصاد(علم الفلك) أتطمئنوا لسنة الله   فيكتبوا شروق الشمس والظهر والعصر والمغرب والعشاء الساعة كذا بالدقة والتحديد من قبلها بسنة (النتيجة الخاصة بالسنة القادمة) تعرفي أن الشمس لما تطلع عليك يكون الصبح قضي والظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر نحن محتاجين لكل هذا .

 غير احتياجنا لله عند الموت وهذا هو الإحتياج الأكبر .

 

 

 

و احتياجنا لله في القبر وجعله روضة من رياض الجنة وليس حفرة من حفر النار.ثم بعد  إنتهاء القبر يأتي البعث – محتاجين الي الله في أن يبعثنا أمنين مطمئنين النشر والصراط  والميزان …

ورد في الحديث : إن جبريل عليه السلام : هو الذي يتولي الوزن إن كفت الحسنات رجحت ينادي جبريل في الخلائق كلهم (ألا إن فلان ابن فلان قد سعد سعادة لايشقى بعدها أبداً”) وهذه هي أسعد لحظة تمر علي المؤمن في دنياه وفي أخراه أن تسمع هذا النداء من جبريل ..

والعكس : ألا إن فلان ابن فلان قد شقي شقاوة لايسعد بعدها أبداً (كفت السيئات قد رجحت).. فأنت محتاج لله في الدنيا ومحتاج لله في الأخرة . أنت محتاج إلي الله لك وللأعضائك الظاهرة والباطنة التي تشتغل وأنت نائمة (القلب والرئتين) ولأولادك والديك وجيرانك وزوجك ولأقاربك ” أعمل لله بقدر احتياجك إليه” يقول الله تعالي في سورة فاطر الآية 15 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُإِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )” إن عبادة الناس لربهم تعود عليهم فتكمل أخلاقهم وأرواحهم ويسعدون في دنياهم وآخرتهم وأما الله جل جلاله فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية وهو الغني عن كل ماسواه (الحميد) المحمود بنعمة فكل نعمة بالعباد موجبة له الحمد والشكر . (أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم) الذى يعرف هذا أن احتياجه لله دائم ونحن فقراء إلي الله ولاشك أنه يعمل كل شئ طيب لله مثل مالله يعمل لك أنت تعمل لله ونحن مهما اجتهدنا في العبادة لانقدم لله عشر عُشر عُشر معشار مايستحق الله من إجلال وتكبير وتحية وعبادة.

ثانياً :وأعمل للنار بقدر صبرك عليها : والله لو كنت قوى وعندك جلد للنار جرب في الأول في سيجارة مشتعلة خليها تلمس أصبعك وهذه أضعف نار في الدنيا , ثم أحضر شمعة يا ترى كم من الوقت أنت سوف تصبر علي الشمعة الضعيفة ؟ مع أن نار الآخرة أشد من نار الدنيا سبعين مرة والحديث يقول : ” إن ناركم هذه التي تشعلونها يابني آدم جزءُ من سبعين جزءً من نار جهنم” قالوا: والله إن نار الدنيا كانت كافيه والله يارسول الله إن نار الدنيا حاجة شديدة قال : لا إن نار الآخرة فضلت عليها بتسعة وستون جزءاً كلهن مثل حرها” بقدر صبرك علي النار أعمل معاصي . هذا محال , المحال لأنه خلاف طبع الأدمي لأن الإنسان خلق ضعيفاً فكيف تتحمل النار نحن مخلوقون من ضعف كيف نتحمل نار الله في الآخرة..

ثالثاً: أعمل للدنيا بقدر بقاءك فيها: يا ترى كم من الوقت سوف تعيش ؟ وأنت محتاج لأي شئ مع أن الدواب والحشرات والهوام والحيوانات كلها علي الله رزقها ولا يوجد كلب يموت جائع ولا قطة تموت من الجوع ولادودة في الحجر ولا حشرة ولاثعبان . الكل الله متكفل به ابن آدم كما  قيل في الحديث 0(” حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه , فإن كان لابد أكلاً فثلث للطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه” أيام الدنيا تمر بسرعة , والأيام ليس فيها بركة.

الأطفال هم الذين لايدركون سرعة الأيام بعكس الناس الكبار والحديث انبأنا بهذا ” لاتقوم الساعة تذهب البركة من الأوقات فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالأسبوع ويكون الأسبوع كاليوم , , ويكون اليوم كالساعة . وتكون الساعة كالسعفة” وهي الخوص الذي يوجد في النخلة النشفة جداً ساعة مالنار ماتأتي علي السعفة في لحظة تخلص عليها ننظر الي الدقيقة تضيع الساعة (60 دقيقة) والساعة تضيع اليوم (24 ساعة) اليوم يضيع الأسبوع ونري الجمعة جآءت والشهر جآء .. قال الله تعالي في سورة الأنبياء الآية 1 جزء 17 (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ“)

بمعني : دنا وقرب وقت حسابهم علي أعمالهم خيرها وشرها (وهم في غفلة) عما ينتظرهم من حساب وجزاء (معرضون) عما يدعون إليه من التأهب ليوم الحساب ويترك الشرك والمعاصي والتزود بالإيمان وصالح الأعمال (غفلة) : عما هم صائرون إليه

وروي أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يبني جدار, فمر به آخر في يوم نزول هذه السورة, فقال الذي كان يبني الجدار ماذا نزل اليوم من القرآن؟ فقال الآخر: نزل ” أقترب للناس حسابهم ” فنفض يده من البنيان وقال: والله لابنيت أبداً وقد اقترب الحساب وأنتم كما تعلمون أن كل آت قريب والموت لامحاله آت وموت كل إنسان قيام ساعته والقيامة أيضاً قريبة بالإضافة إلي مامضي من الزمان, فما بقي من الدنيا أقل مما مضي ” وأعمل للدنيا بقدر بقاءك فيها”

تري نفسك وانت صغير تلعب مع أصحابك أمام منزلك اليوم أصبحت موظف كنت عندك 3 سنوات والآن عمرك 33 سنة ثم أصبحت 50 سنة موظف كبير ثم أبيض شعرك شعره شعره دب الشيب في شعرك

” ألا ليت الشباب يعود يوماً                                فأخبره بما فعل المشيب ”  

وتجد العمر يحسب والعداد الخاص بالعمر عمال يحسب لايحسب باليوم ولكن يحسب بالنفس الخارج والنفس الداخل

رابعاً: وأعمل للأخرة بقدر مقامك فيها :

العيشة في الدنيا مرحلي مؤقت أما الأخرة فهي الباقية وهي الدائمة ” الآخرة : وعد صادق يحكم فيها ملك عادل” يقول الله عز وجل في الحديث القدسي ” أعددت النار لمن عصاني ولو كان شريفاً قريشاً ، وأعددت الجنة لمن أطاعني ولو كان عبداً حبشياً”

بمعني إن الجنة لو كان عبد أسود ولكنه مسلم وصالح والعكس إذا كان من عائلة النبي صلي الله قريش وعاصى يبقي علي النار ليس عند الله خواطر كان الرسول صلي الله عليه وسلم يأتي بفاطمة ابنته وعمه العباس وعمته صفيه أقرب الناس له ويقول” يافاطمة اتقي الله وأعملي فاني لا أملك لك من الله شيئاً. ياعباس عمي : أعمل واتقي الله فلن أغني عنك من الله شيئا  ياصفية عمتي : أعملي وأتقي الله فلن أغني عنك من الله شيئاً يا بنى عبد مناف أعملوا لن أغني عنكم من الله شيئاً” إذا كان النبي صلي الله عليه وسلم لايستطيع أن يعمل شيئا لعائلته فكيف بنا نحن.

الرسول صلوات الله وسلامه عليه يوصينا ويقول” فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن كل أم يتبعها ولدها”

 (قولوا معي ) : ” اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا علي عهدك ووعدك ما أستطعت أعوذ بك من شر ماصنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ”

(والحمد لله رب العالمين)

اترك تعليقاً