بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.
أما بعد،،،
إن الإسراء والمعراج ليس حدثاً فردياً أنتهى أوانه وانتهى أثره وإنما هو الدين كله.
الإسراء والمعراج يعيش الناسُ فى ذكراه العملية مدى حياتهم حتى يلقى المسلم ربه – فإن الإسراء قد بُدأ كما قال الله تعالى من المسجد وانتهى أيضاً من المسجد تحقيقاً لقوله تعالى فى سورة الإسراء الآية (1):
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
الله عز وجل لم يُنزل جملة ولا كلمة ولا حرفاً فى القرآن إلا وفيه حكمة لأنه (كتاب أُحكمت إياته ثم فُصلت من لدُن حكيم خبير) فى سورة هود (1).
فهذا الإله الحكيم الخبير أشار إلى المسجدية فى أول الإسراء وفى منتهاها.
إن الخير كله قد انحصر فى بيوت الله أوله المسجد وآخره المسجد ووسطه المسجد ولو فقه المسلمون رسالة المساجد على حقيقتها الإلهية الربانية التى أرادها الله عز وجل لسعدوا وأسعدوا – ولهذا كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يُعنى بالمسجد من أول لحظة وطئت قدمه الشريف أرض المدينة.
فأنتم تعلمون أنه بدأ أعماله فى المدينة ببنآء المسجد – وكان فيه بنفسه يحمل التراب – والتراب يملأ رأسه وجسده الشريف ولا يبالى – وكان الصحابة رضى الله عنهم يشاركونه العمل ويقولون: (لو قعدنا والنبىُ يعمل لذلك عمل مُضللُ).
وكان صلوات الله وسلامه عليه يرد عليهم ويقول: (اللهم إنا العيش عيش الآخرة … فأغفر للأنصار والمهاجرة).
ومن هذا المسجد الكريم الذى بناه الرسول – صلى الله عليه وسلم – أول ما عمل – ومن رحاب هذا المسجد انطلق الإسلام وانطلق إشعاعُه فى كل مكان فترتب على هذا المسجد الإخآء والتآلف بين المهاجرين والأنصار ونسى الناس أحقاد الجاهلية وحمية الجاهلية وعصبيتها وساروا إخوة مُتحدين مُتألفين وتحقيقاً لقوله تعالى فى سورة الحجرات الآية (10):
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
ومن رحاب هذا المسجد النبوى الذى أُسس عل التقوى من أول يوم تم للناس المسلمين دينهم ودنياهم – فيه تُتلى عليهم آيات الله فينطلقوا بها عملاً وسلوكاً – ونوراً يُقذف فى قلوبهم فيوصلهم بالحق.
وقد كان رسولُ الله بعد أطمئنانه على المسجد خط لهم سوق خاصاً بالمسلمين لأنه علم أن اليهود عليهم لعائن الله فى البر والبحر والجو يحتكرون الأموال فى المدينة ويظلمون العرب فى المدينة (المهاجرين والأنصار) ويدينون لهم بأعظم الديون حتى يستغلوهم ويستعبدوهم.
فرأى رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أن ينفع المسلمين فى دنياهم كما نفعهم فى دينهم – فذهب إلى مكان فسيح وخط لهم حدوداً وقال: (يامعشر المسلمين هذا سُوقكم لا يضرب عليه بالخراج ولا ينتقص من حدوده).
ونتيجة لذلك تعطل سوق بى قينُقاع وسوق مزاحم وكل أسواق اليهود فى المدينة لأن المسلمين تبعوا التعليمات المحمدية – كانوا لا يشترون إلا فى سوق المسلمين ولا يبيعون إلا فى سوق المسلمين ، فغيظ اليهودى كعب الأحبار من هذا المخطط الإلهى فذهب ليلاً وقطع حبال الخيام بالسوق وخلع أوتاده.
ولما علم النبى – صلى الله عليه وسلم – أراد أن يعالج الموضوع فى رحمة ولين دون أن يثير على الناس فتنة لا يعلم عُقباها إلا الله – وبخاصة وهو فى بداية أيامه فى المدينة. ماذا فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم؟
ذهب إلى مكان بين حى الأنصار والمهاجرين وخط لهم سوق أوسع وأوسع وقال: (يامعشر المسلمين هذا سُوقكم فدافعوا عنه) ، وراج السوق – وكان صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد وهو دين الناس ويدخل السوق وهو دنيا الناس – ويتعهد التجار ويقول لهم: (يامعشر التجار ، التجار هُم الفجار إلا من أتقى وبر وصدق ، ومن غش المسلمين فليس منهم).
وكان يتفقد أحوال التجار وينصحهم ورأى تاجراً يضع الطعام الناشف الجاف من فوق والرطب مخفياً تحت – فوضع يده من تحت فوجد الطعام الرطب فقال: (ماهذا – أتغش الناس – من غش أُمتى فليس منهم).
وأنزل الله عز وجل فى محكم كتابه سورة الفرقان الآية (20):
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ).
وما أرسلنا قبلك يامحمد أحداً من الرسل إلا وهم يأكلون ويشربون ويتجولون فى الأسواق للتكسب والتجارة ، فتلك هى سنة المرسلين من قبلك فلم ينكرون ذلك عليك؟ وهو جواب عن قولهم (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق).t
لأن الكفار عابوا عليه أن يمشى فى الأسواق وقالوا: ما لهذا الذى يزعم الرسالة يأكل الطعام كما نأكل ويمشى فى الأسواق لطلب المعاش .
والرد عليهم: ولولا لم يمشى فى الأسواق من ذا الذى يعلم الناس التجارة والبيع والشراء.
وهو لم يجئ لمجرد المسجد وإنما المسجد هو نقطة إنطلاق وإشعاع لدنيا الناس – ومن لا دنيا له لا دين له – ومن لا دين له لا دنيا له.
(1) تخرج من هذا المسجد قواد عظام هذه الأمة مثل أبو عبيدة بن الجراح – يزيد بن أبى سفيان – خالد بن الوليد – شرحبيل بن حسنة – عمرو بن العاص.
(2) وتخرج محدث هذه الأمة – وكل الفقهاء والمحدثين الذين خدموا الإسلام وتركوه كنزاً جاهزاً – هم خرجوا من مسجد النبى – صلى الله عليه وسلم.
فالمسجد ليس دير للرهبانية ولا زاوية للمعطلين إنما هو برلمان شورى وإنما هو مكان عبادة وإنما هو إشعاع وجمع الناس على الخير. كل هذا كله من آثار المسجد – وياآسفاه فقد ضاعت رسالة المساجد ، الآن لأن القآئمين على الأمور تركوه وأهملوه فلم يعطوا الناس معلومات ولا ثقافات تبين لهم خطورة هذه المساجد وقيمتها – وانصرف الناس عن صلاة الجماعة إلا قليلاً منهم – وانصرف الناس عن أداء الصلاة إلا قليلاً منهم.
( وهكذا:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا). سورة الإسراء الآية (1).
سبحان: تنزه وتقدس عمالا يليق بجلاله – براءة الله من السوء وتنزيه الله منه ، العلى الشأن الذى أنتقل بعبده ونبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – فى جزء من الليل.
(أسرى بعبده) قال علماؤنا: لو كان للنبى اسم أشرف منه لسماه فى تلك الحالة العلية به.
فى جزء من مكة المكرمة إلى بيت المقدس وسمى بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام – (ليلاً) – بلفظ التنكير لتقليل مدة الإسراء وأنه قطع به المسافات الشاسعة البعيدة فى جزء قليل جداً من الليل. (وكانت مسيرة أربعين ليلة) ، وذلك أبلغ فى القدرة والإعجاز ولهذا كان بدء السورة بلفظ (سبحان) الدال على كمال القدرة وبالغ الحكمة ونهاية تنزهه تعالى عن صفات المخلوقين – وكان الإسراء بالروح والجسد يقظة لا مناماً – (الذى باركنا حوله) بأنواع من الثمار والأنهار التى خص الله بها بلاد الشام – وبكونه مقر الأنبياء ومهبط ملكوت السموات والأرض – ماذا رأى صلوات الله وسلامه عليه ؟1- السموات العلى – (2) الجنة والنار (3) سدرة المنتهى (4) الملائكة – الأنبياء وغير ذلك من العجائب والآيات التى تدل على قدرة الله تعالى.
وهناك من يقول: (كيف يعرج النبى – صلى الله عليه وسلم – إلى السموات هناك قوانين للتنقل – وقوانين لضغط الهواء وقوانين لانعدام الوزن وقوانين للتنفس بالأكسجين فكيف يخرج إلى السموات وهو ليس معه شئ من هذا – إن هذا يتأتى إذا قلنا أن محمداً أسرى – ولكن الذى قال أسرى هو الله نفسه – الله خالق هذه القوانين ومنشأ هذه السُنن. ومادام الله هو الذى أسرى بعبده فمن الله أن يخالف هذه القوانين كما خالفها فى نار إبراهيم الخليل.(كما قال الإمام عبد اللطيف مشتهري إمام أهل السنة والجماعة )
حيث قال الله تعالى : فى سورة الأنبياء الآية (69 ، 70):
(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ(69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)(70).
وكما خالف القانون فى سكين اسماعيل التى مرها أبوه على عنقه ، فلم تقطع عرقاً ولم تخدش جلداً – هذه قوانين – وكما خرق الله البحر لموسى ، الآية (77) سورة طه:
(فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى).
لا تخافُ دركاً: لا تخشى إدراكاً ولحاقاً أو تبعه.
ولا تخشى: الغرق من الامام
فمن حق الله الذى خلق القوانين أن يخالفها إذا شآء ، ومن حق الله أن يعرج بنبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – فى لمح البصر – وأن يُسرى به إلى المسجد الأقصا فى لمح البصر – وقد ثبت فى التاريخ أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – حينما رجع إلى بيته وجد فراشه لم يبرد – لاتزال فيه حرارة النوم.
وكان البُراق قد أحتك ببعض أغصان الأشجار فى طريقه وعاد النبى من رحلته المباركة فوجد الغصن لم يهدأ بعد – لايزال يتحرك فهذا هو الله يجمعُ ما نجمعه نحن فى الآلاف السنين فى لحظة واحدة ، والله على كل شئ قدير – (سبحان الذى أسرى بعبده).
إنما عبر اللهُ بكلمة عبده حتى يُفيد للناس بأن الذى أُسرى به وعرج به ليس قريباً من الله من جهة النسب لا أبن ولا أخ ولا ولد ، وليس له مع الله نسب فهو عبدالله – فالعبودية ثابتة للنبى – صلى الله عليه وسلم – حتى فى أعز الليالى التى مرت عليه..
فقالوا هل ليلة القدر خير أم ليلة الإسراء؟؟
وأخيراً توصلوا إلى أن ليلة القدر أفضل فى حق الأمة أما ليلة المعراج فهى أفضل فى حق النبى محمد – صلى الله عليه وسلم – فهى الليلة التى رأى من آيات ربه الكبرى وأطلعه الله على الآيات العظام.
والعبودية كلما زادت عند الشخص وتحققت عبوديته لله كما زاده الله رفعة – (من تواضع لله رفعه الله).
قال علماؤنا: لو كان للنبى اسم أشرف منه لسماه الله فى تلك الحالة .
(بعبده ليلاً): إنما كان الإسراء بالليل فتنة للناس وإختباراً للإيمان حتى يعلم اللهُ من يؤمن بالغيب ممن ينقلب على عقبيه.
وليلاً: بالنكرة – لم يقل الله (الليل) ولكن قال ليلاً ليفيد أنه جزء صغير جداً من الليل – مما نحسبه نحن.
من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام أى القدس أى فلسطين التى هى الآن فى أيدى اليهود – ومن المُحزن والمقطع لقلوبنا نحن الدعاة أننا نتكلم عن الإسراء كل عام من غير وجود المسرى ، فالمسرى فى أيدى اليهود يلوثونه بالفواحش ويقيمون فيه الزنا – وكل ضلال من الشبان ، ومع ذلك نحتفل كما يحتفل الأب الجاهل وقد مات ابنه بعيد ميلاده.
إن القدس الذى هو مسرى النبى – صلى الله عليه وسلم – إذا كان عند المسلمين أدنى غيره لهبوا جميعاً مرة واحدة ، ودافعوا ولكن الإسلام الآن شئ والمسلمون شئ آخر لا غيره ولا حماس ولا اهتمام بحرمات الله ومقدساته والذى يفرط فى القدس ممكن يُفرط فى الكعبة وممكن تذهب الكعبة ويعتدى عليها كما أُعتدى على القدس ، ويعتدى على المسجد الحرام بالمدينة لأنها خطوة خطوة.
واليهود يُختطون من زمن.
وقد ثبت أنهم هاجروا من الشام إلى المدينة المنورة قبل ميلاد عيسى بـ 500 عام – وسألناهم لماذا هجرتم وسكنتم فى أعالى الجبال؟ قالوا: لأننا قراءنا فى التوراة كتابنا بأن نبياً سيظهر هنا ونرجوا أن نحيط به وأن نأخذه معنا لأنه سيكون من بنى إسرائيل.
ولما جآء النبى – صلى الله عليه وسلم – أرادوا أ، يطوهُ تحت أجنحتهم فخاب ظنهم ووجدوا الرسول – صلى الله عليه وسلم – ربانياً– صلباً – عنيداً فى الحق – لا تأخذه فى الله لومة لائم.
وكم عرضوا عليه أن يُطيعوهم فيما يحكون به ويسلموا على يده فقد أنزل الله فى سورة المائدة الآية (49 ، 50):
(وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(50).
وعن ابن إسحاق قال ابن عباس: اجتمع قوم من الأحبار منهم ابن صُوريا وكعب بن أسد وابن صلُوبا وشأس بن عدى وقالوا: اذهبوا بنا إلى محمد فلعنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر ، فأتوه فقالوا: قد عرفت يامحمد أنا أحبار اليهود وإن اتبعناك لم يخالفنا أحد من اليهود ، وإن بيننا وبين قوم خصومة فنحاكمهم إليك فاقض لنا عليهم حتى نُؤمن بك – فأبى الرسول – صلوات الله وسلامه عليه ، فأنزل الله هذه الآية (ولا تتبع أهواءهم) أحكم بين أهل الكتاب بهذا القرآن وأحذرهؤلاء الأعداء أن يصرفوك عن شريعة الله فإنه كذبه -كفره – خونة – فإن أعرضوا عن الحكم بما أنزل الله وأرادوا غيره فأعلم يامحمد أنما يريد الله أن يعاقبهم ببعض إجرامهم.
(أكثر المصائب فى الدنيا ناتجة عن بعض الذنوب) هذا من هداية الآيات واليهود هم أصل البلاء وأساس الشقاء فى الدنيا كلها ولو علمت مصر هذا وعلم طُلابها من الإبتدائى إلى الجامعة – وعلم قوادونا وعلم علماؤنا وعلم فلاحونا وتجارونا ونسآونا وبناتُنا – لو علمنا هذا لكان لنا مع إسرائيل أمر آخر – ولا استعملنا معهم معاملة أخرى (ولا تطبيع ولا غيره).
(من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا)
والعجيب أنه فى أيام الإسراء لم يكن هناك مسجد أقصى – لقد تحول إلى مزبلة صنعها اليهود وكانوا يلقون فيها المزابل.
وكيف يارب نقول من المسجد إلى المسجد؟
الله سبحانه: هو مسجد فإن لم يكن مسجداً فى الواقع فهو عند الله مسجد بناه سيدنا يعقوب وجدده سيدنا سليمان بن داود عليهم السلام.
الإسراء كان فتحاً للقدس فتحاً روحياً ثم جآء عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – وفى عهده تم إفتتاح القدس – واشترط النصارى على عمر أن لا يسمح أن يسكن معهم اليهود فى القدس وأن يُجليهم – وكتب لهم عمر بهذا ..
فلنعلم أن: ليلة الإسراء نستطيع أن نسميها ليلة الله لأنه صاحب الإسراء والمعراج ، والرسول كان فقط مصاحباً وكان مكرماً فى هذه الليلة.
(2) ونستطيع أن نُسميها ليلة النبى – فهو الذى أُكرم وهو الذى إحتفيا به.
(3) ونستطيع أن نُسميها ليلة المؤمين.
فهى الليلة التى شُرع فيها الصلاة – والصلاة عماد الدين – ولم يرضى الله أن يُشرع الصلاة على الأرض كما شرع الحج والزكاة والصيام ، إنما دعى النبى – صلى الله عليه وسلم – إلى الأماكن العليا – وشرع خمسين صلاة ثم خُففت إلى خمسة – فهى خمس فى العمل وخمسين فى الأجر.
والصلاة لا تزال هى المحول الأول للمسلم عن الشر والدافع له إلى الخير ، (2)والصلاة فيها أكثر من 400 تكبيرة فى اليوم والليلة.
كل يوم المسلم يكبر الله فى الأذان وتكبيرات الإنتقال فى الصلاة وختام الصلاة الله أكبر – الله أكبر.
وكان الله يستطيع أن يشرع لنا بدلا منها لا إله إلا الله كما قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيين من قبلى لا إله إلا الله) أو سبحان الله – لما أختار الله سبحانه كلمة الله أكبر؟؟
عندما ننتقل من الإعتدال إلى السجود أوعندما نكبر للركوع أو حينما نقوم للركعة الثانية أو الثالثة – كله تكبير – وفى ختام الصلاة 33 تكبيرة – وعند النوم 34 تكبيرة – والآذان أوله تكبير وآخره تكبير لما كُلُ هذا؟
لأن الله يريد للمؤمن أن يعيش عزيز النفس أبى الضمير موفور الكرامة ولم يتحقق للمسلم هذه الأمنية إلا أن يعتقد إعتقاداً قلبياً جازماً يقيناً بأن الله أكبر من كل كبير – أكبر من أى إنسان ولو علا سلطانه وعز مُلكُه – أكبر من أى مشكلة – أكبر من أى عُقدة الله أكبر.
فى حديث صحيح:
(سبحان الله تملأُ الميزان والحمدلله تملأُ ما بين السمآء والأرض ، لا إله إلا الله تصعد إلى السمآء كأنها شرارة لا تقف دون العرش فيهتزُ لها العرش – فيقول الله أُسكن ياعرشى – فيقول: وعزتك وجلالك لا أسكن حتى تغفر لقائلى – الله أكبر تُطفأ غضب الله والحريق
وهذا هو الشاهد الله أكبر – كُل ذلك فى الصلاة – وهذا جزء من مليون جزء من أسرار الصلاة.
وعجبى من مسلم يكبر ربنا فى اليوم والليلة أكثر من 400 مرة ثم يخضع ويخنع ويضعف أمام الناس ويجبن ويبيع دينه بحطام الدنيا الذائل وعرضها الفانى.
وعجبى من مسلمة تدعى أنها تصلى صلاة مقبولة ثم تتهافت على هذه الدنيا وقد تبيع الغالى بالرخيص – أفهموا يامؤمنات سر الصلاة التى شُرعت ليلة المعراج فى السموات العلا وأدرسُوها وعلموها أولادكم واحملوا بناتكم وأمهاتكم وأخواتكم وكل أقاربكم على هذه الصلاة.
( والحمدلله رب العالمين)