حديث مهم جداً في حياتنا “لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،،

فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال:  قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: 

” لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحبُ لنفسه “   أخرجه البخاري ومسلم والترمذي

فلو أن الناس أخذوا بهذا الحديث لكنا في حال آخر ، (1) الذى يلفت النظر أن أصحاب النبي عليهم رضوان الله كانوا متحابين ، متناصحين متعاونين ، متضامنين ، متباذلين ، متزاورين ، فتحوا المشرقين والمغربين ورفرفت راياتهم في أنحاء الأرض ، الآن نحن مليار وثلاثة مائة مليون مسلم ليست كلمتهم هي العليا ، مقدراتهم ليست في أيديهم ما الفرق؟ ما الذى حصل؟

صور الدين قائمة مساجد ، كتب ، محاضرات ، مؤتمرات ، مكتبات ، كل شئ موجود ، لكن (1) هذا الحب مفقود ، (2) هذا التناصح مفقود ، فالحديث أصل من أصول الدين.

مثال1:  أنت تاجر ، (1) أن تحب لنفسك هذه البضاعة ، (2) هل تحب أن تعامل هذه المعاملة ، (3) هل تحب أن تُغش ، (4) هل تحب أن يبخس حقك ، (5) هل تحب أن يبتز مالك؟  لا تحب – إذاً لا تفعل ذلك مع الناس.

          لو طبق الناس الحديث وحده لكانت كلمتنا هي العليا ، ولكانت مقدراتنا بأيدينا ، ولكنا أعزة ، ولمكننا الله في الأرض ، ولأستخلفنا.

سؤال كبير ما الفرق بيننا وبين أصحاب رسول الله؟  صور الدين هي هي ، بل الآن أرقى بكثير – مسجد رسول الله – سقفه من سعف النخيل ، وأرضه من الرمل ، انظر إلى مساجدنا اليوم ، (2) ما في كتب ، كُتب المصحف على جلود ، على رقاع ، انظر إلى مصاحفنا شئ مذهل الأناقة الألوان ، الصفحات الورق ، أنظر إلى مكتباتنا ملايين الكتب فيها ، مؤتمراتنا ، كل شئ إسلامي صارخ ، لكن هذا الحب ، هذا التناصح لا يوجد.

          نحن الآن (1) لا في تجارتنا مسلمين ، (2) ولا في بيعنا وشرائنا مسلمين ، (3) ولا في أفراحنا مسلمين ، (4) ولا في أتراحنا مسلمين ، (5) ولا في سفرنا مسلمين ، (6) ولا في إقامتنا مسلمين ، هذا الذى ينقصنا الحب ، والحب يتبعه العمل.

          إلا أن هذا الحديث يفسره المفسرون على طريقتين ، طريقة متشددة.

          والله أنا معهم!  ” لا يؤمن أحدكم “.

          نفي عنه أصل الإيمان ، بمعنى:  أنت مؤمن أن لهذا الكون خالقاً وأن هؤلاء الناس جميعاً عبيده ، (1) فكيف تستسيغ لنفسك أن تُسئ إليهم والله عز وجل يراك ، (2) آمنت بوجوده ، لكنك تؤذي عبادُه ، وكيف تستطيعين أن تُقبل على الله؟

          لا والله لا تستطيع أن تتصل بالله عز وجل ، تكون مقطوع عنه ، لأنك مسئ إلى عباده.

وبالمثال يتضح المقال:  لو أن أحدنا ضرب طفلاً بلا مبرر ، ثم ألتقى بأبيه ، هل يستطيع أن يقبل على أبيه؟  وأن يصافحه بحرارة؟  لا يستطيع ، أما لو وجدت طفلاً على وشك الغرق وأنقذته وألتقيت بأبيه في اليوم التالي لك وجه أبيض وتصافحه بحرارة لماذا؟ لك عمل طيب مع أبن هذا الرجل ، أما لو أسأت إليه في حجاب بينك وبينه.

          أنا لا أفهم أن إنسان يغش الناس وله إتصال بالله ، يغشهم في بضاعتهم ، يغشهم في معاملتهم ، يبتز أموالهم بلا سبب ، يوهمهم ، يحتال عليهم ، ويصلي ، كيف يصلي؟؟

أنا الذى أراه:   أن أصل الصلاة أن يكون لك عمل صالح بين يديك أمام الله عز وجل لا يستطيع أي إنسان أن يتصل بالله الإتصال الذى أراده الله ، الإتصال الذى يرضى الله عنه ، الإتصال التى شُرعت الصلاة من أجله ، إلا إذا كانت أعماله طيبة مع الخلق وينصحهم.

مثال1:  الآن لو إنسان وقف مع بائع ، وقال له:  إنصحني ، ينصحه بالبضاعة الكاسدة ، ينصحه بأسوأ شئ عنده ، وتجده دائماً يقول:  “لا إله إلا الله ، الله يغفر لنا ، الله يرحمنا”.

          مادام في عمل سئ هذه الكلمات لا تقدم ولا تؤخر ، ولا ترفعك عند الله إطلاقاً.

          ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه “

          لو أن عدوك استنصحك مصداقاً لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (6):

          (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ(6))

بمعنى:  من الذين أمرتك بقتالهم سألك الجوار (أمانك وذمامك) فأعطه إياه ليسمع القرآن ويفهم أحكامه وأوامره ونواهيه ، فإن قبل أمراً فحسن ، وإن أبي فرده إلى مأمنه ، وهذا غاية في حسن المعاملة وكرم الأخلاق.

          إذا التفسير المتشدد ينفي النبي – صلى الله عليه وسلم – أصل الإيمان عن الذى لا يحب لأخيه في الإنسانية ما يحب لنفسه.

مثال1:  إنسان جآء ليشترى حاجة (معطف) تُعطيه قماش قابل للإنكماش؟ لبسة واحدة وهو موظف دخله محدود ، دفع ثمن هذا المعطف يساوي خُمس دخله ، ثم بعد حين لا يصلح لأن يرتديه ، خيوط سيئة جداً خيوط معاد تصنيعها هو لا يعرف أنها سيئة لأن مظهرها جيد.

          فلما الإنسان يبني عمله على غش ، هذا ليس مؤمناً ، لا يستطيع أن يقول يارب إلا إذا كان عمله طيباً للخلق.

مثال2:   يحكى أن شخص 96 سنة عمره ، قال:  أنا عملت من يومين تحليل ما في شئ إطلاقاً تحاليل نموذجية ، الذى يسمع فوجئ.  ياترى ما السبب؟  قال الرجل:  والله ما أكلت قرش حرام بحياتي ، ما معنى هذا الكلام؟.

          معاملته طيبة للناس ما غشهم أبداً ، لا في بضاعتهم ولا في تعاملهم.

معلومة مهمة جداً:    (1) لا يمكن أن يحبك الله إن أذيت خلقه ، (2) إن غشتهم ، (3) إن إحتلت عليهم ، (4) إن خوفتهم.

مثال1:  موظف صغير يكبر المشكلة لدرجة أن المواطن لا يستطيع أن يقف على قدميه ، يعطيه رقم للضريبة ثم يخفضها عنه شيئاً فشيئاً مقابل شئ له – أنت خوفته بهذا التصرف.

          كم بيت في مشكلة؟  كم بيت في إنهيار؟  كم أسرة شُردت؟  فهذا الموظف ليس في قلبه رحمة ، ” والله لو صلى قيام الله كل يوم ، والله لو صام كل يوم طوال العمر ، مادام في قلبه قسوة ، مادام يعامل الخلق بقسوة ، من دون رحمة ، لا يهمه سعادتهم ولا بسلامتهم ، ولا بإستقرارهم ولا بدخلهم “.

 مثال 2:  الإنسان لما يحتكر بضاعة ، ويرفع سعرها ، ماذا فعل؟؟  كم من موظف محدود الدخل حرم هذه البضاعة ، وحرم زوجته وأولاده ، دون أن يشعر هذا التاجر.  بعد رفع سعر البضاعة الذى ينتفع بها الأغنياء فقط.

          والذى هو بعيد عن الإيمان يفرح بإرتفاع الأسعار لكي يحقق ربح كبير ، وهو لا يدري ماذا فعل في المجتمع؟

          المجتمع إنشطر شطرين شطر محروم ، وشطر مترف ، وهذا وضع غير صحي ، وضع مرضي.
          تجدي عُرس كلف 16 مليون جنية و500 ألف شاب لا يجدون غرفة يسكنوها.

          ( فالدين قضية كبيرة جداً ).

          الناس يظنون الدين صلى ، جاء على المسجد ، شئ مضحك ، ولكن الدين كل تصرفاتك واحد واحد – كلماتك كلمة كلمة ، معاملاتك معاملة معاملة.

          هؤلاء العباد جميعاً عباد الله ، ولهم رب يدافع عنهم ، ولهم رب يأخذ حقهم منك ، انتبه قبل أن تبيعهم بضاعة سيئة ، بضاعة مغشوشة.

مثال 1:  إذا كان واحد بعيد عن منهج الله حك الصلاحية عن الدواء ويقول لك:  الدواء ثمنه 300 جنية ، يقول:  والله لا أرميه يمحى إنتهاء الصلاحية ، ماذا يحصل؟

          أنت بعت دينك كله بــ 300 جنية ، أنت بعت آخرتك بـ 300 جنية ، والدواء بعد إنتهاء مدة الصلاحية يكون مُضر جداً.

          المؤمن لا يفعل هذا ، فالمستقيم لا يمكن أن يؤذي.

سُؤال مهم جداً – كيف كان الصحابة؟  متناصحين ، متحابين ، متوادين ، متباذلين ، متعاونين ، متضامنين ، متزاورين.

          كان الصحابي بعد سبعين مرة قبل أن ينطق بكلمة ، لعلها تُؤذى إستقامتهم على مستوى.

مثال 1:  السيدة عائشة قالت للنبى الكريم:  قصيرة عن أختها صفية (ضرتها) قال:  “ياعائشة لقد قلت كلمة لو مُزجت بمياة البحر لأفسدته”.

          السيدة عائشة قالت عن أحد من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين جاهدوا معه:  قولوا لفلان إنه أبطل جهاده مع رسول الله.

          والله يا أخوتي ليس من باب التشاؤم في أعمال إذ الإنسان عملها يضع صلاته وصيامه وحجه في صفيحة القمامة ، وإنتهى عند الله عز وجل ، ولا أحد ينتبه.

          كما جآء في قوله تعالى في سورة النسآء الآية (142):

          (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ (142))

بمعنى:  يفعلون ما يفعل المخادع من إظهار الإيمان وإبطان الكفر والله يجازيهم على خداعهم ، لأن وبال خداعهم راجع عليهم.

          يخدع الله ، ويصلى له ، ما بقى عليه (صلاة الجمعة) وهو ناصب على الناس.

المؤمن وعلاقته بالجامع:  في المسجد يتلقى التعليمات ويقبض الثمن بالصلاة بالجامع ، دينك بدكانك ، دينك بصيدليتك ، دينك بعيادتك ، دينك بالسوق ، دينك بالطرق ، دينك  في بيتك ، الجامع مجال لأخذ التعليمات فقط ، وكل هذه الأماكن مجال للتطبيق.

          الله عز وجل أتيت بيته ضيفاً (1) أعطاك شحنة روحية ، (2) وتعليمات ، إنطلق وطبقها في عملك.

          إن الدين سلوك متكامل ، الدين منهج تقريباً فيه مئة ألف بند ، بأكلك ، بشربك ، بجلوسك بعلاقة مع زوجك ، مع أولادك ، بطريقك ، بغض بصرك ، بضبط لسانك ، بضبط أذنك.

مثال 1:  أخ مؤمن عنده محل حلويات فرضاً أو محل بسكوت ، هذا إذا لم يراقب الله عز وجل وأحضر أفضل المواد ، لأن الذى سيأكل هذا المسلمون وأولاد المسلمين ، فإذا لم ينصحهم في نوعية هذه المواد كيف يرضى الله عز وجل عنه؟

          مادة منتهى صلاحيتها (مفعولها) مادة مسرطنة ، مادة كيميائية كلها – هذه كلها مواد ضارة – يجب على المؤمن أن يتوخى أرقى المواد في معمله.

مثال 2:  سمان وجد بالزيت فأرة ، ينزعها ويبيع الزيت ، يقول لك:  لا تدقق – الشاري أمنك أشترى منك زيت دفع فيه أعلى سعر ، هذا الزيت كله نجس.

مثال 3:  كم فرخة ميتة تُوضع مع الفراخ؟  مواطن يشتهي أن يأكل (فرخة) وفقير – اشترى فرخة طلعت ميتة.

          بعد أن يرتكب المعاصي يذهب لكي يصلي ، هذه أصبحت فلكور الصلاة ، شئ من التقاليد والعادات ، وهذه ليست الصلاة التى أرادها الله عز وجل.

          ففي أعمال سيئة جداً هذه تكون حجاب بين العباد وربهم.

          أما لو كان الحديث مطبق لكنا في حال غير هذا الحال.  لا يؤمن أحدكم ……   الله أعزنا ، رفع مكانتنا ، إستخلفنا في الأرض – مكنا في الأرض. 

مصداقاً لقوله تعالى في سورة النور الآية (55):

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ (55))

          وعد الله المؤمنين المخلصين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح بميراث الأرض وأن يجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم.

          وحقيقة الحال أنهم كانوا مقهورين فصارون قاهرين ، وكانوا مطلوبين فصاروا طالبين فهذا نهاية الأمن والعز.

          الآن عملياً لا في إستخلاف ولا فى تطمين ، ولا فى تمكين ، ولكن في قهر ، وفى ضيق ودائماً يفسروا الأمور تفسير غلط:

(1)إنه في شح بالمياة بالعالم – إذاً في حرب مياة.

(2)إنه في شح بالمواد الغذائية – إذاً في شح غذاء.

          إن الله هو الرازق ذو القوة المتين  58 الذاريات.

          الله إذا أعطى أدهش ، هذا كله كلام فارغ – ماله معنى إطلاقاً.

مثال 1:  حبة قمح واحدة أنبتت 35 سنبلة ، أخذت سنبلة فرطها ، وعددت قمحها خمسين حبة من وحبة واحدة (إذا الله أحب يعطى) كانوا أجدادنا يزرع الشوال القمح يأخذهُ مئة شوال.     الآن الشوال يعطي ثلاث شوالات أو شوالين.  هذا عقاب من الله.

          “قال:  ياربي كم عصيتك ولم تعاقبني.  قال الله:  عبدي عاقبتك ولم تدرى”

          أنت تتعامل مع الله بإخلاص وصدق تجد وضعك إختلف إختلاف كلي ، لذلك الدين بعملك ، وبيتك ، وبالطريق ، والدين بالجامع لتلقى التعليمات ، حينما نفهم هذا صناعتنا صلحت ، زراعتنا صلحت.

مثال 1:  مزارع في مواد هرمونات محرمة دولية ممنوع إستيرادها – يأتي بالهرمون تهريب ، يبخ مكان العقد تخرج البطاطس كبيرة – ولونها غامق ومغرية جداً ولكنها مسرطنة.

          مرض السرطان إرتفع بالمئة عشرة أضعاف – شئ محير.

          يأتي معمل غذاء مسموح له أن يضع واحد بالألف بنزوات الصوديوم يضعهم ثلاثة بالألف – حتى يضمن سلامة البضاعة – الثلاثة أصبحت مسرطنة ، لا يهمه موضوع الناس ولا صحتهم.

          أحدث إحصاء كل ثمانية نسآء واحدة معها سرطان بالثدي ، ما السبب؟

(1)في خطأ بغذائنا ، في خطأ بالتلوث ، في خطأ بمائنا.

          فهذا الحديث أساسي من أسس الدين (لا يؤمن أحدكم حتى يحب ….. ) أي أخ؟  في الإنسانية مجوسي – أليس عبد إلى الله؟  دعه يرى معاملة راقية ، حتى يحب الإسلام.

          إذا كان المسلمون محسنين متقين يدخلون الناس في دين الله أفواجاً ، وإن كانوا بالكذب والغشي والإحتيال ، خرجوا منه أفواجاً.

          هذا أعلى أنواع الأحاديث.

          وفي رواية ثانية ( حتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه )

الحديث الآخر:  ” عامل الناس كما تحب أن يعاملوك “

نخرج من هذا كله:

          إذا أنت عاملت الناس كما تحب أن يعاملوك ، وأحببت لهم ما تُحب لنفسك ، قطفت ثمار هذا الدين وتكون على إتصال بالله دائم.

 

 

((والحمدلله رب العالمين))               

اترك تعليقاً