غزوة بدر (أول غزوة مع المشركين

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.

أما بعد،،،،

باقي أحداث السنة الثانية للهجرة:

          نحن في أحداث العام الثاني الهجرى غزوة بدر الكبرى ، أنها أول غزوة فاصلة في الإسلام ، بهذه الغزوة أعز الله الإسلام وأهله وأذل المشركين قُتل منهم 70 وأُسر منهم 70 ونصر دين القرآن – أعلى أهل الإيمان.

          وصارت بهذه الغزوة للمسلمين دولة واستقلال وعزة وكرامة وسمى الله هذا اليوم الكريم بيوم الفرقان – لأن فيه فرق فيه بين الحق والباطل.  وفرق بين الضعف والقوة ، وفرق فيه بين الهدى والضلال – وسجل هذا الاسم الكريم في سورة الأنفال المسماة بسورة بدر الآية (41):

          (إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ).

          قامت هذه الغزوة المباركة على أمرين:  (1) التدبير والفكر ، (2) العناية الإلهية.

          ثم فتح الله لهم كل باب – فسعوا في الأسباب ثم توكلوا على رب الأرباب – فجآءتهم العناية من رب البريا وكم من مفاجآت؟

          وهم لم يخرجوا في هذه الغزوة باسم معركة – ولكنهم خرجوا باسم العير وباسم أن يستردوا بعض ما سُلب منهم من أموال أستولت عليها قريش ولكن الله حول المسألة فجآة من العير إلى النفير ..  سورة الأنفال الآية (7 ، 8):

(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)(8).

          واذكروا حين وعدكم الله يا أصحاب محمد – إحدى الفرقتين أنها لكم غنيمة إما العير أو النفير.

          (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم).

          وأنتم تحبون أن تلقوا الطائفة التى لا سلاح لها وهي العير لأنها كانت محملة بتجارة قريش.

          وعندما أعلمهم الرسول – صلى الله عليه وسلم:  إن العير قد مضت على ساحل البحر – وهذا أبوجهل قد أقبل – فقالوا يارسول الله:  عليك بالعير ودع العدو فغضب رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته).

          يظهر الدين الحق وهو الإسلام بقتل الكفار وإهلاكهم يوم بدر (ليحق الحق) بنصر دين الإسلام وبعزه (ويبطل الباطل) وهو الشرك والكفر (ولو كره) ذلك (المجرمون) أى المشركون الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك – ومنع غيرهم من الإسلام.

          لما فر العير (تجارة قريش) قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  ماشآء الله فعل – لازم تكون هذه معركة  (إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين) العير أو النفير – فقال الرسول: اشيروا على أيها الناس – وكان أول من يشجع الرسول – صلى الله عليه وسلم  (1)أبوبكر الصديق فتكلم أبوبكر وأحسن – ثم قام عمر بن الخطاب تكلم بكلام من أحسن وأعظم ما يكون في الإستعداد للمعركة – (3) ثم قام المقداد بن عمرو قال: يارسول الله – أمضي لما أراك الله فنحن معك – فوالذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (الحبشة) لسرنا معك ، (2) والله لا نقول لك ما قال بنو إسرائيل لموسى:   اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون – ولكن أذهب أنت وربك فقاتلا إنما معكما مقاتلون.  فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم – خيراً ، ودعا له – ثم قال:  (أشيروا علي أيها الناس) – إنما يريد الأنصار (تنبيه) ثم قال له سعد بن معاذ :  والله لكأنا تريدنا يارسول الله؟  قال النبى: نعم – قال له سعد بن معاذ:  (1) قد ءامنا بك وصدقنا ، (2) وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، (3)وأعطيناك على ذلك عهودنا وموثيقنا على السمع والطاعة لك – فامضى يارسول الله لما أردت – فنحن معك – فوالذى بعثك بالحق – لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك – ما تخلف منا رجل واحد إنا لُصُبر في الحرب – صدق عند اللقاء – لعل الله يريك منا ما تقر به عينك – فسر على بركة الله – فامضي.

          فسر رسول الله – بقول سعد – ثم قال:  (سيروا وابشروا فإن الله وعدني إحدى الطآئفتين) ، ومادامت العير رحلت.     ربنا سوف يرضينا فى الحرب.

          والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.

          قوموا يا مهاجرين ويا أنصار – جآء في الأرض التى سوف تقام فيها المعركة ، وقال:  (هنا سُيقتل أبوجهل – هنا سيُقتل شيبة بن ربية ، هنا سيُقتل عتبة ، هنا سيُقتل أمية بن خلف – هنا سُيقتل الوليد).

          قال راوي الحديث:  (والله ما تعد واحد منهم مصرعه الذى حدده).

          عسكر المسلمون في أدنى مآء من بدر ، فجآء الحُباب بن المنذر إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقال:  (أرأيت هذا المنزل ، أمنزلاً أنزلكه الله ، ليس لنا أن نتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟)

          قال الرسول – صلى الله عليه وسلم:  (بل هو الرأي والحرب والمكيدة!)  قال الحباب بن المنذر: فإن هذا ليس بمنزل – امضى بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فنعسكر فيه ثم نبني عليه حوضاً فنملأه مآء ، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون – فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (لقد أشرت بالرأي.  ثم أمر بإنفاذه).

بدأت المعركة:

          كان لهم عادة في المعركة قبل الزحف – أولا المصارعة المبارزة فأخرج كفار قريش ،

 (عتبة بن ربيعة – شيبة بن ربيعة – الوليد بن عتبه) ، فطلع لنا يا محمد ثلاثة يبارزوا هؤلاء.

          قال الأنصار:  يارسول الله نحن الذين نخرج إليهم – أنتم ضيوف عندنا – وندافع عنكم – ووقفوا أمام بعض ..

          قال كفار قريش:  انتسبوا (بمعنى أنتم مين)؟  قال: نحن من أنصار رسول الله ، قال كفار قريش: نحن لا نعرف حاجة أسمها أنصار ، نحن نريد رجال أكفاء من بني قومنا من المهاجرين.  لما نقتلكم لا يكون لنا شرف – وأنتم لو قتلتمونا تكون ذلة لنا.

          قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (أطلع ياحمزة بن عبدالمطلب – علي بن أبي طالب – ياعبيد بن الحارث) – ابن عم رسول الله – ناس أكفاء ومن صميم بني هاشم – (وحدوا الله).

          بارز حمزة شيبة فصرع خصمه الذى أمامه – (2) وبارز علي الوليد بن عتبه وصرعه – (3) وبارز عبيد بن الحارث عتبه وأخذ يضرب في خصمه وخصمه يضرب فيه – علي وحمزة هجموا على الكافر الذى يريد أن يقتل عبيد فقتلوه – وظل عبيد بن الحارث جريح مدة ثم أستشهد بجراحه ..

          وهنا حمى الوطيس وأشتد غبار المعركة.

          مادام الدم سال – هجموا ..  الرسول – صلى الله عليه وسلم:  أخذ حفنة من الرمل ورمى بها الكفار في المعركة وقالت: (شاهت الوجوه لا يهزم الله إلا هذه المعاطس) الأنوف فما تركت الرمية واحد من الكفار إلا أصابته على رأسه.

          يقول سبحانه وتعالى في سورة الأنفال الآية (17):

          (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى).

          وما رميت في الحقيقة أنت يا محمد أعين القوم بقبضة من تراب. لماذا؟

          لأن كفاً من تراب لا يملأ عيون الجيش الكبير ، فأذهلتهم وحيرتهم بل وعوقتهم عن القتال وسببت هزيمتهم – إذ لو ترك الرسول لقوته لما وصلت حفنة التراب إلى أعين الصف الأول من المقاتلين المشركين.

          وفعلاً جآء المدد من السمآء وكان في أول الأمر ألفاً ثم  ثلاث الآف ثم إلى خمسة الآف حيث يقول الله تعالى في سورة الأنفال الآية (9):

(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ).

          مردفين:  متتابعين  – متلاحقين – يتبع بعضهم بعضاً.

          وفي سورة آل عمران الآية (124- 126):

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)(126).

          إذ تقول يا محمد لأصحابك أما يكفيكم أن يعينكم الله بإمداده لكم 3 آلاف من الملائكة منزلين لنصرتكم ثم يزدكم الله مدداً من الملائكة معلمين على السلاح ومدربين على القتال.

          وهذا يدل على أنهم في أول الأمر كان ألف ثم لما ازداد الخوف من الصحابة أمدهم الله 3 آلاف ثم 5 آلاف والكفار كلهم ألف.

          ولم تحارب الملائكة إلا في موقعة بدر – كانوا ينزلون في غيرها من المعارك الأخرى عدداً فقط ويتشبهوا بالرجال ويملأوا المكان لكي يرعبوا الكفار لما يرى العدو هذا العدد الزائد – ولكن في معركة بدر أشتركت الملائكة في هذه المعركة فعلاً وضربوا فيها وهذه هى أول مرة عمليا – وكانوا (الملائكة) لا يعرفون كيف يقتلوا إنساناً؟  الملائكة هم من سكان الملأ الأعلى لا يعرفون القتل ولا سفك الدماء – فعلمهم الله في سورة الأنفال الآية (12):

(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ).

          كل بنان:   أطراف اليدين والرجلين حتى يعوقهم عن الضرب والمشي.

          الله سبحانه وتعالى علم الملائكة كيف يقتلون الكفرة – اضربوا الرأس والأصابع.

          الله كان مع المؤمنين بالعون والنصر – (2) أوحى إلى الملائكة ثبتُوا المؤمنين وقووا أنفسهم على أعدائهم – (3) سأقذف في قلوب الكافرين الخوف والفزع حتى ينهزموا.

          فكان الملك يسير أمام الصف في صورة الرجل ويقول:

          سيروا فإن الله ناصركم ، ويظن المسلمون أنه مهم.

          قال سهل بن حُنين:  وكان من أصدقاء سيدنا علي:  (كنا يوم بدر نشير بأسلحتنا إلى الكفار فتسقط الرؤوس قبل أن تصل إليها سيوفنا) الله أكبر – وهذه عناية من الله ليس بعدها – وهذا من أكبر الأدلة أن الرب وله المثل الأعلى قد أشترك في المعركة بنفسه.

             كان لله مهمة:

          وكان للملائكة مهمة:

          وفعلاً تم هذا وهذا – قرآن – وكل حرف من القرآن واقع فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (أبشروا ألم تعلموا أن الملائكة تقاتل معكم).

          وأنزل في سورة الأنفال أيضاً الآية (17):

          (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى).

          إن المؤمنين المحاربين لم يقتلوا المشركين على الحقيقة وإنما الذى قتلهم هو الله فهو الذى أقدرهم وأعانهم ولولاه ما قُتل أحد ولا مات ، وحتى رميت رسول الله للمشركين – وصلت إلى كل أعين المشركين في المعركة فأذهلتهم وحيرتهم بل وعوقتهم عن القتال وسببت هزيمتهم – كان الله تعالى هو الرامي الذى أوصل الرمل إلى أعين المشركين.

          وذلك أن جبريل عليه السلام قال للنبى – صلى الله عليه وسلم:  (خذ قبضة من التراب) فأخذ قبضة من التراب فرمى بها وجوههم فما من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه بالتراب.

          وهنا لابد أن نجد سؤال – لابد أن نعيش في هذه المعركة بواقعنا الحاضر المؤلم المؤسف – المرير.

          إذا كان الأمر كذلك ونحن الآن نحارب إسرائيل منذ سنة 1947 حوالي 68 سنة – أفغانستان خرج الروس جآء الأمريكان – أرتيريا مع الشيوعية – الجمهوريات الإسلامية في روسيا – 5 جمهويات قضت عليهم – أين الملائكة؟  أين عون الله؟ السبب في نزول الملائكة أيام الرسول – صلى الله عليه وسلم (1) كان هناك مستويات عليا في الإيمان ، (2) كان هناك أرضية شريفة نظيفة طاهرة تستحق أن تنزل عليه الملائكة ، (3) الملائكة لا ينزلون إلا على الأطهار الأبرار.

          العلماء قالوا ما هو الوحي؟  هو إمداد في موضع إستعداد.

          (نوحد رب العباد ونصلي على نبى الرشاد) – ومادام العناية الإلهية إمداد في موطن إستعداد – فهل أنت اليوم تستطيع أن تقر وتعترف أن بلاد المسلمين الآن مستعدة لنزول عناية الله؟  أبداً – موطن إستعداد المسلمين الآن قذارة وفسق – وفجور – هذه مواطن نزول الشياطين – البيئة التى نحن فيها الآن تتناسب مع الشياطين الفسق – العرى والزنا كشف العورة والدعارة والربا – وتعطيل الحدود (عدم إقامة حد الله) هذا مجال الشياطين.

قال تعالى في سورة الشعراء الآية (221 ، 222):

(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(222).

          فهل تنزل الملائكة وهم عباد مكرمون في هذا الدنس.

          الملائكة منزهون الأطهار يأتون يساعدوننا هل هذا يعقل؟

          يساعدوا من؟  أشرار على أشرار.

          في غزوة بدر نزلوا يساعدوا أبرار على كفار – يساعدوا أطهار على أشرار.

          بعض الناس يصلوا في المساجد فإذا خرجوا يصطدموا بالواقع المؤلم – واقع الكفر لا يوجد أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر…

متى تنزل الملائكة وتساعدنا في قتل الكفار واليهود؟

          تنزل الملائكة – بل حتى تكون في بيوتنا وربنا ينزل الطاعون على إسرائيل – وعلى الكفرة ومن ولاهم كلهم في روسيا والفلبين ويموتوا كلهم بالطاعون – وربنا يتولى عنا ذلك – ربنا ممكن يرجع يوم بدر ونشاور بأيدينا إلى الكفرة يقعوا صرعى .. متى؟ لما نكون نحن أهل لإمدا الله تعالى – النصرُ إمداد في موطن إستعداد – نكون مستعدين – ولكن نحن الآن ليس مستعدين والإستعداد الذى يتبعه الإمداد بالنصر يكون بغض البصر وحفظ الفرج وكف الأيدى ..

          هذا اليوم لا تزال آثاره لحد اليوم (يوم بدر) قال الإمام النووي الذى يسمونه الشافعي الصغير إحتراماً للشافعي الكبير إمام المذهب – من غزارة علمه وكثرة مؤلفاته. (مجموع النووي – شرح المهذب للنووي – الروضة).

          قال النووي:  (كل من مر على أرض بدر التى حدثت فيها المعركة بعد نصف الليل يسمع فيها دقات الطبول – لطبول أهل الفرح – وما ذاك إلا فرح الملائكة بنصر الإسلام والقرآن – تدق الطبول إلى يوم القيامة).

قال النووي:  فوالله لكنتُ أسمعها من الحجاج وأنا صغير فأتعجب ، فلما كبر سنى ومكنني ربي من الذهاب للحجاز – عرجت مع أخلائى على المكان وانتظرنا نصف الليل وإذا بي أسمع دقات الطبول كأنها أفراح في السمآء – قال النووي:  هل تسمعون؟ قالوا: هل تسمع؟  كنا نسمع ..  قال النووي:  فعلمت هذا بعين اليقين بعد أن كان علم اليقين.

          ودخل الرسول – صلى الله عليه وسلم – العريش وأخذ يدعو ويستنصر:

          (اللهم أنجز لي ما وعدتني ، (2) اللهم نصرك ، (3) اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض) أبوبكر:  قال له:  إن الله منجز ما وعدك به.

          وبدأ الهجوم من قبل المشركين ، إذ هجم الأسود بن عبد الأسود على الحوض الذى بناه المسلمون قائلاً:  أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه.  فتصدى له حمزة بن عبدالمطلب فضربه ضربة أطارت نصف ساقه ، ومع ذلك حباً إلى الحوض يبغى الشرب منه – وتبعه حمزة يقاتله حتى قتله فيه.

          فدخل النبى – صلى الله عليه وسلم – لكي يبر بقسم أبى بكر – فحفق خفقه.

بمعنى:  نام نوم لمدة لحظة وهو جالس كنوم الطائر ثم أنتبه فقال:

          (يا أبابكر أبشر هذا أخى جبريل نزل إلى المعركة وعلى ثناياه النقع).

          النقع:   الغبار     في سورة العاديات الآية (4):

(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا).

بمعنى:  من شدة جرى جبريل بالفرس الغبار جآء على أسنانه (وحدوا الله) في هذه المعركة يروى لنا ابن اسحاق وهو أقدم من ألفوا فيها:

          (إن رجلاً من جيش الكفار يسمى (قتادة) وكان له ابن عم جآء معه في صف الكفار ليقاتلوا المسلمين – وهم في الطريق جآءت لهم فكرة ، قال قتادة لأبن عمه:  والله لنعلمن أن محمداً على حق وأن دينه الحق وإنما خدعنا قومنا – فهل ترى معي أن نعتزل المعركة – ونعتزل الفريقين حتى يتبين علي من تكون الدائرة (الهزيمة) لا نشترك مع محمد ولا مع قومنا قريش – من ناحية المشاركة فنحن آتين معهم وعندما تبدأ المعركة نطلع الجبل فإذا انتصر المسلمين إنضممنا إليه وإذا انتصر قومنا فنحن آتين معهم طبيعي.

          قال قتادة:  فصعدتُ وابن عم لي على جبل يشرف على أرض بدر.

          قال قتادة:  ونحن ننتظر إذ وجدنا عجباً

أولاً:  الوقت ليس وقت مطر ولكن وجدنا السمآء تمطر رزازاً طيباً مباركاً على معسكر المسلمين وحدهم فتثبت به الأقدام – لأن الرمال تنزلق فيها الأقدام.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة الأنفال الآية (11):

          (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ).

          الواقع أن سورة الأنفال موسوعة عظيمة جداً وكذلك القرآن كله موسوعة من أراد أن يأخذ التاريخ الصحيح يقرأ ويفهم.

             إن المطر خفيف وهواء نسيم عليل في معسكر المسلمين وفي جانب الكفار تحول الهواء إلى عاصفة في وجه الكافرين – حتى أن أعينهم عميت.

ثانياً:  وجدوا السمآء الدنيا صيف فيها سحابة كأنها التُرس – يتوسط أرض المعركة وسمعوا فيها صوت مثل حمحمة الخيل كأن الخيل تجرى في السمآء (والعاديات ضبحاً) صوت نفس الخيل.

قال قتادة:  ثم سمعنا صوتاً مزعجاً في جوف السحابة (أقدم حيزوم) فمن شدة وقع الصوت ابن عمي فقد أنخلع نيات قلبه فصعق ومات ، وأما أنا فقد أُغمى علي فدحرجت من مكاني وما أشعر إلا وأنا بجانب معسكر المسلمين وقد جردوني من السلاح ، فلما أفقت قالوا لي: من أنت؟  ومن أين أتيت؟.

          قال قتادة:  أين أنا؟  قالوا:  أنت عند المسلمين.

          قال قتادة:  (أشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).  فرحوا المسلمين به – وقال قتادة:  اذهبوا بي إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – لأجدد إسلامي ثم ذكر لهم ما حدث.

          قال النبى – صلى الله عليه وسلم: (الحمدلله الذى نجاك من النار وهداك على يدي) ما سمعته أنت بحمحمه الخيل فهذا مدد السمآء الثالثة – يشاركونا في المعركة.

 

((  والحمدلله رب العالمين  ))

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً