من الصحابيات ( أم أيمن بركة الخبشية)

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وكفى , والصلاة والسلام على النبى المصطفى .

 

أما بعد ,

فيا أختى – المسلمة فى كل مكان , وكل زمان , وكل قطر وبلد , أقدم لك ذكرى , وعبرة حياة أم أيمن – رضى الله عنها.

لاينصرف الذهن فى تصور أم أيمن حيث الخلقة والتكوين إلى فتنة السحر والجمال , لقد كانت – رضى الله عنها – كما جاء وصفها فى بعض المراجع من كتب السيرة والتاريخ (شديدة السواد فطساء الأنف) ولكنها كانت من حيث الخُلق معدن بركة ويمن .

وكانت بحق مؤهلة لأن يشهد لها الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه إذ يقول (“من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة ،فليتزوج أم أيمن”)

أمهات الرسول: 1- آمنة أم ولادة

                2- حليمة أم رضاعة

               3-  أم أيمن أم تربية

لقد داهم المرض آمنة وهي في طريق عودتها من زيارة قبر زوجها ووافتها المنية ، ودفنت في الأبواء (مكان مابين مكة والمدينة) فبكاها طفلها الصغير محمد بن عبد الله – الذي لم يتجاوز السادسة من عمره فتلقفته بركة بكل ذرة حب وحنان في كيانها ، وترعاه وتخفف عنه ،فكانت في ذلك الحين فتاه صغيرة السن .

فأقامت معه في بيت جده عبد المطلب . وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول” لأم أيمن ياأُمه وكان اذا نظر إليها صلي الله عليه وسلم يقول”: (هذه بقية أهل بيتي )“وهي التي رافقته طفلا ،وعايشته شابا ، وآمنت به رسولا ونبيا وكانت في تلك المراحل نعم الحاضنة والأم والصحابية ) وهي معه أيضا في بيت عمه (أبو طالب) تقوم علي شئونه كلها.

وحين تزوج –النبي صلي الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها أعتق بركة .. اعتقها السببين :

1-   أن تاخذ سبيل الحياة الأسرية بالزواج.

2-   أنه صلي الله عليه وسلم قد وجد في خديجة الزوجة والأم أيضا.

أزواج ام أيمن :

وقدم إلي مكة رجل من أهل يثرب (عبيد بن زيد) من الخوارج – كان راغب في زوجة من أهل الحرم .

وشآءت إرادة الله أن تكون بركة هي الزوجة .

ولقد بارك الرسول صلي الله عليه وسلم هذا الزواج وفرح به ثم حملت وعاد بها زوجها عبيد إلي يثرب ، ولكنه هناك ، توفي ، ثم عادت إلي مكة

الزوج الثاني : قال رسول الله –صلي الله عليه وسلم في مجلسه مع الصحابة :”( من سره أن يتزوج إمراة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن )” فتزوجها( زيد بن حارثة ) رضي الله عنه – وبارك النبي صلي الله عليه وسلم هذا الزواج

ثم حملت أم أيمن من زيد بن حارثة فوضعت ذكرا أسمته (أسامة) الذي أصبح أثيراً محبباً عند النبي صلي الله عليه وسلم ، كأبيه من قبل .

هجرة أم أيمن :

هاجرت إلي الحبشة ثم بعد ذلك إلي المدينة ، وبذلك تكون جمعت بين الهجرتين

وفي أثناء هجرتها إلي المدينة حدث شئ :

لقد خرجت – رضي الله عنها من مكة وحيدة ليس معها من رفيق أو صاحب ، اللهم إن كانت تصحب معها طفلها ( أسامة بن زيد بن حارثة ) قليله الزاد من الطعام والمآء – وكانت صائمة وأنتم تعلمون شدة الحر في بلاد الحجاز فأدركها العطش الشديد في الطريق فما شعرت إلا بالدلو مدلى من السمآء بحبل أبيض – فشربت هذه الشربة جعلتها تعيش لعهد سيدنا عثمان بن عفان لا تعطش أو هذه من كرامتها التي طواها التاريخ عنا ولا نستكثر أن ينالها من الله تعالي هذه الكرامة 

وتحكي كتب السيرة واقعة :

روي أن النبي – صلي الله عليه وسلم مر يوماً على أيمن ومعه فتيان فى مثل سنه قد حلوا أوزارهم وجعلوها كالسياط وأخذوا يتضاربون بها في عنف وقسوة فغضب الرسول – صلي الله عليه وسلم من ذلك وقال مؤنبا ومؤدبا ( لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا ) .

وعلمت أم أيمن بذلك فغضبت وجعلت تترضى رسول الله صلي الله عليه وسلم وتقول له ” استغفر لهم يارسول الله وبعد جهد استغفر لهم ”

وكان لهذا التوجيه النبوي أثره في تربية أيمن وزملائه. بعد أن كان يضيع وقته في لهو الشباب وعبث الفتيان انصرف إلي الدين والجهاد )

مكانة أم أيمن عند رسول الله صلي الله عليه وسلم :

ولم تكن أم أيمن  من ذوي السيادة، أو بنات القصور وربات الخدور ، أو ذوات الحسب والنسب . ولكنها كانت من ذوات الفطرة خلقا وفضلا ووعيا ونضوجا .  “( فطرة الله التي فطر الناس عليها )” الفطرة التي يقول فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم :”( كل مولود يولد علي الفطرة افأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”) .

 وكان من عادة الرسول الكريم أن يزورها في بيتها كل يوم وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه قال ” كان النبي – صلي الله عليه وسلم يدخل علي أم أيمن فقربت إليه لبنا ،فإما كان صائما وإما قال لا أريد ” فأقبلت تضاحكه ) وكان إذا نظر إليها صلي الله عليه وسلم قال : “( هذه بقية أهل بيتي )”                   (“هذه أمي بعد أمي) “

ولقد كان كل الصحابه رضوان الله عليهم يعرفون ذلك ٍويقدرونه.

 وبعد موته صلي الله عليه وسلم :

كان أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما – يحرصان علي زيارتها وبراً بها وبراً برسول الله صلي الله عليه وسلم .

فانطلقا إلي بيت أم أيمن ، فلما دخلا عليها بكت .. فقالا : مايبكيك فما عند الله خير لرسوله وهذا وعد الله سبحانه . ” (انك ميت وانهم ميتون )”

قالت : أنا لا أبكي علي موت رسول الله “( كل نفس ذائقة الموت) ” ولقد علمت أن رسول الله سيموت – ولكن أبكي علي الوحي الذي رفع عنا ، وانقطاع بركات السمآء وكان وجود جبريل عليه السلام في الأرض بركة وأمان لأهل الأرض فبكي أبو بكر وعمر معها .

كانت بركة (أم أيمن ) فقيه وبعيدة النظر :

1-   لما قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكت أم أيمن وقالت “( اليوم وهن الإسلام )”  ضعف سلطانه وشأنه .

2-   . وكان الصحابة يحبوا أن يسمعوا كلام أم أيمن لأنها كانت من بقية السلف وكانت كبيرة وكانت كلماتها معدودة .

وصدقت أم أيمن فيما قالت : فقد أطلت الفتنة برأسها في عصر عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ثم زادت في عصر علي – رضي الله عنه .

وفي عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه كان حفيد أم أيمن( حسن بن أسامة بن زيد ) قال ابن ابي الفرات لحفيد أم أيمن : اسكت ياابن بركة .يريد أن يفكره ان جدته كانت أمة (جارية) فعز علي الحسن حفيدها وذهب الي عمر بن عبد العزيز .

قال الحسن : ياأمير المؤمنين أنا عيرت بأمي .

قال عمر : من الذي عيرك ياابن بركة ؟

قال الحسن : ابن أبي الفرات .

فأرسل عمر بن عبد العزيز إلي ابن أبي الفرات وقال له : ماذا قلت له ؟

قال ابن أبي الفرات : ياابن بركة .

قال عمر : أنت قلتها له للتصغير والتحقير ، والله لأجعلنك نكلاً غضبا لرسول الله لأن أم أيمن هي أم تربيه للرسول الكريم ، فضربه سبعين سوطاً.

وفاة أم أيمن ( بركة بنت ثعلبة بن عمر بن حصين ):

قاربة سفينة حياة أم أيمن من النهاية ، في رحاب الله عز وجل وها هي تستعد للقاء النبي صلي الله عليه وسلم .

 ولكل أجل كتاب فلما كانت خلافة عثمان بن عفان – رضي الله عنه . لحقت برسول الله – صلي الله عليه وسلم .

رضى الله عن بركة ( أم أيمن ) مولاة رسول الله – صلي الله عليه وسلم وحاضنته ، وأمه ، وأسكنها الله فسيح جناته .

* حياة أم أيمن وغيرها من الصحابيات نماذج حية لكل مسلمة . ونأخذ منهن الحكمة والموعظة الحسنة – وللأسف الأن هوى متبع وضلالة عمياء ، وتقليد أعمي للغرب.

 

( ولاحول ولا قوة الا بالله )

اترك تعليقاً