من العطايا المسنونة: النفقة

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،،،،

          فالنفقة هى من أبواب البر والعطاء – فلمن تجب وعلى من تجب؟

(1)من أهل العلم (مالك):   من ضيق حدود وجوب النفقة فى الأقارب فجعلها فى الأصول والفروع فقط.

          أى أن نفقة الوالد واجبه على ولده ونفقة الولد واجبة على والده (تجب على الولد لأبويه المباشرين (الأم والأبن- وعلى الأب لولده المباشر).

الدليـــل:  قوله تعالى عز وجل وهو أصدق القائلين:

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) سورة الإسراء الآية (23).

 قضى:  أمر وألزم وأوجب (جامع البيان).

          أمر الله سبحانه وتعالى بعبادته وتوحيده وجعل بر الوالدين مقروناً بذلك – من السنة النبوية المشرفة:  فى صحيح البخارى – عن عبدالله مسعود قال:  سألتُ النبى – صلى الله عليه وسلم –أى العمل أحبُ إلى الله عز وجل؟  قال:  (الصلاة على وقتها) ، قال:  ثم أى؟ قال:  (ثم بر الوالدين) ، قال:  ثم أى؟  قال:  (الجهاد فى سبيل الله) ، فأخبر عليه الصلاة والسلام أن بر الوالدين من أحب الأعمال بعد الصلاة التى هى أعظم دعائم الإسلام.

الدليل الثانى على النفقة:  مصداقاً لقوله تعالى فى سورة لقمان الآية (15):

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).

ومن السنة:

          قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  (أنت ومالك لأبيك)  وهى نصوص دالة على وجوب نفقة الوالدين فقط.

          ويقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لهند زوج أبى سفيان:  (خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف).

          عندما اشتكت إليه بخل زوجها فى النفقة عليها وعلى أولادها.  مما يدل على وجوب نفقة الولد المباشر على الأب والأم.

الرأى الثانى:

          ومن أهل العلم من توسط فجعل القرابة تشمل الأصول والفروع والعصابات فشمل نفقة الوالد والولد ونفقة الإبن وابن الإبن ونفقة الأخ وإبن الأخ.

بمعـــنى:  أن النفقة تجب على الأصول لفروعهم وعلى الفروع لأصولهم – فتشمل الأجداد وإن علا وأولاد الأولاد واستدل بما استدل به الإمام مالك….

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) سورة الإسراء الآية(23).

الرأى الثالث:  أبوحنيفة

ومن أهل العلم:  من توسع فجعلها تشمل جميع الأقارب الذين لهم حق الإرث فكل من ورث له أن يعطى إن طلب منه وتجب لهم نفقة إن إحتاج.

بمعـــنى:  تجب نفقة الأصول على الفروع ونفقة الفروع على الأصول كما تجب النفقة على باقى الأقارب المحارم كالإخوة والأعمام والأخوال والخالات.

الدليـــل:  قوله تعالى فى سورة النسآء الآية (36):

(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى).

الدليل الثانى:  قوله تعالى فى سورة الروم الآية (37 – 38):

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى)(38). 

المعـــنى:  أن الله يوسع الخير فى الدنيا لمن يشآء أو يضيق فلا  يجب أن يدعوهم الفقر إلى القنوط (اليأس).

          وأمر بإتياء ذى القربى لقُرب رحمه وخير الصدقة ما كان على القريب وفيها صلة الرحم وقد فضل رسول الله – صلى الله عليه وسلم:  الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب – فقال لميمونة قد أعتقت وليدة (جارية) الأمة:  (أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك).  أخرجه البخارى فى كتاب الهبة.

          ومن خلال ذلك يتبين لنا أن الرعاية الإجتماعية والتكافل الإجتماعى لم تعرفه البشرية ولم تعرفه الدنيا إلا من خلال تشريعات الإسلام التى أرساها وعلمها لنا النبى محمد – صلى الله عليه وسلم – من القرآن الكريم ومن السنة النبوية المشرفة.  عظمة الإسلام وأنه دين الرحمة ودين يدعو إلى الترابط الإجتماعى والحفاظ على حقوق ذوى القربى.

وأما النفقة:  فإنها عطية أمر الله بإعطائها لمستحقيها من المحتاجين وتتميز النفقة عن غيرها من سائر العطايا بأنها تنقسم إلى قسمين: 

( أ ) نفقة مفروضة             (ب) ونفقة مسنونة.

فأما النفقة المفروضة: 

فهى النفقة المفروضة من الولد لوالديه عند احتياجهما وعجزهما وهى النفقة المفروضة كذلك من الوالد لولده لصغره وعجزه.

أما النفقة المسنونة:  

فهى إنفاق بقدر الحاجة على القريب المحتاج وعلى ما يحبسه الإنسان من حيوان فى بيته سواء أنتفع به أم لا.

          وتتميز النفقة عن سائر العطايا أنها عطية القريب لقريبه سواء كانت مفروضة أو غير مفروضة.

 

(   والحمدلله رب العالمين  )

 

 

 

اترك تعليقاً