آداب الإستئذان وأثره فى صيانة الأعراض

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى ، وعلى خاتمهم سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد ..

 

فيا أيها الأخوة الأعزاء:

يقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النور 27 – 28:

يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون(27) فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم (.) وإن قيل لكم ارجعوا فأرجعوا هو أزكى لكم (ج) والله بما تعملون عليم“(28).

فى رحاب هذه الآيات الكريمات نستخرج الآداب الشرعية وقد عرف العلماء الآدب:  بأنه اجتماع خصال الخير فى العبد.  وقال ابن القيم:  والأدب هو الدين كله.

فقد قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس – رحمه الله – لنفر من قريش:  يا أبن أخى:  تعلم الأدب قبل ان تتعلم العلم“. 

وقال عبدالرحمن بن قاسم عن نفسه:

خدمت الإمام مالك بن أنس عشرين سنة ، فكان منها ثمانية عشر فى تعلم الأدب ، وسنتان منهما فى طلب العلم ، فيا ليتني جعلت المدة كلها فى تعلم الأدب“.

الأدب الأول:الإستئذان العام

يجب للزائر أن يستأذن ثلاث مرات ، فإن اذن له دخل ، وإن لم يؤذن له فلينصرف.

قال قتادة – رحمه الله: “أما الأولى:  فليسمع الحى ، وأما الثانية: فليأخذوا حذرهم ، وأما الثالثة: فإن شاءوا أذنوا ، وإن شاءوا ردوا“.

وقد ثبت فى الصحيحين:  أن أبا موسى الأشعرى قال:  سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:  إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف“.

ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره.

صفة دق الباب:

يجب أن يكون الدق خفيفاً بحيث يُسمع ، وقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يقرعون باب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالأظافر.

مصداقاً للحديث الذى أخرجه البخارى فى كتابه الأدب المفرد:

كانت أبواب النبى – صلى الله عليه وسلم – تقرع بالأظافر” كما رواه أنس بن مالك.

تعريف الزائر بنفسه:

وعلى الزائر أن يعرف بنفسه باسمه الصريح الذى يعرف به ، ولا يقل: أنا.

ففى الصحيحين (البخاري ومسلم)، عن جابر بن عبدالله – رضى الله عنهما – قال:  أتيت النبى – صلى الله عليه وسلم – فدققت الباب ، فقال النبى: من هذا ؟ فقلت: أنا ، فقال النبى – صلى الله عليه وسلم: أنا.  أنا ؟  كأنه كرهها.

الأدب الثاني:  غض البصر

يجب على الزائر – إذا أذن له بالدخول – أن يغض بصره عن حرمات البيت. 

قال عمر بن الخطاب – رضى الله عنه: “من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق“.

الأدب الثالث:  الإستئذان على المحارم

يجب الإستئذان على جميع المحارم:  الأم والأخت وغيرهما.

فقد روى البيهقى فى السنن الكبرى:

عن عطاء:أن رجلاً قال للنبى – صلى الله عليه وسلم –ءاستأذن على أمى ؟ قال: نعم.  أتحب أن ترى أمك عُريانة ؟  قال: لا.  قال: فاستأذن عليها.

الأدب الرابع:  الإستئذان على الزوجة

(1)          يستحب على الرجل أيضاً أن يستأذن على زوجته ، له حكمة بالغة عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود قالت:  كان عبدالله إذا جآء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه ، لإحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها.

(2)          وقال الإمام أحمد: “إذا دخل الرجل بيته استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعليه“.

 

 

الأدب الخامس:  التماس الأعذار

      ينبغى للزائر أن يلتمس الأعذار لمن يزوره مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النور الآية (28): “وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم…“.

قال قتاده:فإن شاءوا أذنوا ، وإن شاءوا ردوا ، ولا تقفن على باب قوم ردوك عن بابهم ، فإن للناس حاجات ، ولهم اشغال ، والله أولى بقبول العذر”.

الأدب الساس:  الأدب الإسلامي فى الزيارات العائلية

(1)          الفصل بين الرجال والنسآء ، مع مراعاة الاحتشام والتستر وحفظ حدود الله ، وعدم التهاون فى هذا الأدب حفاظاً على الأعراض.

وعلى كل أسرة أن تحافظ على هذه الآداب الشرعية.

فقد أمرنا الإسلام بتدريب الأطفال على أدب الإستئذان فقد تقع عين الطفل على عورة ، فتظل معلقة فى ذهنه طيلة حياته ، وقد تؤثر على سلوكياته فى مستقبل حياته.

مصداقاً لقوله تعالى فى سورة النور (58):

يا أيها الذينءَامنوا ليستأذنكم الذين ملكت إيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشآء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض (ج)  كذلك يبين الله لكم الآيات (ج) والله عليم حكيم“.

وفقني الله وإياكم إلى الإلتزام بأدب الإستئذان حباً فى الله عز وجل وحباً فى رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

 

( والحمدلله رب العالمين )

 

اترك تعليقاً