حديث (إياكم والشُح)

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبى المصطفى.

أما بعد،،،

          فعن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال:  (إياكُم والشُح ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشُح ، أمرهم بالبخل فبخلوا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا).

          يحذرنا النبى – صلى الله عليه وسلم – من الشُح ، ويبين لنا سوء عواقبه ، فيقول: (إياكم والشُح) أحذروا الشُح كل الحذر ، وخلصوا أنفسكم منه ، ولا تستجيبوا له إذا دعاكم البخل بما في أيديكم ، أو الطمع فيما في أيدى غيركم ، أو إلى تقطيع أرحامكم وأواصر الصداقة فيما بينكم ، أو أمركم بالتخلي عن واجباتكم الدينية والدنيوية ، فإن الشُح داء وبيل يصحبه الخسران المبين في الدنيا والآخرة.

          مصداقاً لقوله تعالى في سورة التغابن الآية (16):

          (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

بمعنى:  أنه من لم يتق شح نفسه فهو من الخاسرين.

الشُح:  البخل والحرص والطمع.

          وهو البخل الشديد مع الحرص على طلب الدنيا والإستماتة في جمع المال ، والطمع فيما فى أيدى الناس.

معنى الشُح:  غريزة في الإنسان تحمله على البخل والحرص والطمع والحقد ، والحسد والقطيعة والفجور ، بدليل ما جآء في هذا الحديث ، فقد قال النبى – صلى الله عليه وسلم:  (فإنما هلك من كان قبلكم بالشُح ، أمرهم بالبخل فبخلوا).

          الشُح أوسع دائرة من البخل ، فالبخل هو منع الحقوق الشرعية أو التى تقتضيها المروءة ، والشُح مركب من مجموعة آفات ، كل آفة أكبر من أختها.

1ــ  فالبخل داء عضال لا يستطيع المرء أن يتخلص منه إلا بمشقة بالغة وربما أدى الحرص بصاحبه إلى تقديس ما يحرص عليه ، حتى يكون منه بمنزلة السمع والبصر ، فيجعله مبلغ همه ، ومنتهى أمله ، فيصير عبداً له وينسى معه الوظيفة التى خلقه الله من أجلها ، فلا يقيم الصلاة فى أوقاتها حرصاً على العمل الذى يدُر عليه الرزق الكثير ، والخير الوفير.

2ــ  ولا يؤت الزكاة التى افترضها الله عليه إعتقاداً منه أن الزكاة تنقص المال.

3ــ  ولا يؤت ذوى القربى حقهم بل ولا يذهب لزيارتهم كيلا يسألوه حاجة من حوائجهم ، أو كيلا يحسدوه على ما عنده من خير فيزول هذا الخير بسبب حسدهم.

4ــ  وربما دفع به حرصه إلى الفجور ، وهو أرتاب ما لا يحل شرعاً ، من أجل البقاء على ما في يديه ، والطمع في زيادته وتنميته بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة ، فهو عبد لما ملك ، وعبد لما يطمع في تملكه.  وهذا هو الخسران المبين في الدنيا وفي الآخرة.

          مصداقاً لقوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذى أخرجه البخاري.

          قال:  (تعس عبد الدينار ، وعبد الدرهم وعبد الخميصة ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش).

          الخميصة:  ثوب نفيس له أعلام.

          إذا شيك:  إذا أصابته شوكة لا يجد من ينقشها له (يخلصه منها).

          والحرص على جمع المال وتنميته ليس مذموماً في كل حال ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يقل تعس طالب الدرهم والدينار ، بل قال:  (تعس عبد الدرهم والدينار).

          وهو الذى يؤدي به الحرص إلى ما ذكرنا من التقصير في حق الله وحق الناس وحق نفسه أيضاً.

          وقد أهلك الشُح الأمم قبلنا فلا ينبغي أن نكون مثلهم فنحذوا حذوهم ، ونحن خير أمة أعزها الله بكتاب مُهيمن على سائر الكتب السماوية (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)  وأكرم الله عز وجل الأمة الإسلامية بنبي هو أكرم الأنبياء ، خُلقاً وأرفعهم مقاماً ، فلابد أن نعرف ما تعرضت له الأمم السابقة من عقوبات فلا نتعرض لها بتقلدهم في أخلاقهم وسلوكهم الذى أدى بهم إلى ما أصابهم.

 

((  والحمد لله رب العالمين  ))

 

 

 

 

اترك تعليقاً