سلطان الزاهدين (إبراهيم بن أدهم)

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وكفى , والصلاة والسلام علي النبى المصطفى.

 

أما بعد ,

فهناك رجل عظيم من رجال الإسلام عالم وعامل ومجتهد من خيار التابعين ، ويسمي الإمام إبراهيم بن أدهم – رضي الله عنه ليس لنا دعوة برجال الصوفية الذين ينسبوا إليه أشياء ما أنزل الله بها من سلطان .

نتكلم عن الناحية العلمية الصحيحة فيه .

إبراهيم من العراق ، من بيت ملك أبوه كان ملك من الملوك وابنه إبراهيم ولي العهد ، وسيكون ملكاً بعد أبيه . إلا أن الله أراد له الخير فجآءته  نزعه دينية حملته علي أن يلقي بهذا العهد (الولاية ) في الأرض ويستغني عنه ، ويطلع سائحاً في البلاد يجأر إلي الله .

أبوه حاول معه وأعمامه وأقاربه .. أنت ولي العهد .

فقال إبراهيم : هذا لاينفع عند الله ، وقد يشغلني الملك عن ربي وطلع من العراق . وقد استعار من أحد أصحابه عصا وعكاز وإبريق للوضوء . وقد خلع ملابسه وأعطاه له وخرج ، وهو خارج من القصر قال كلمة يخاطب فيها الله ” نرجو أن نعيها جيداً :

 

1- هجرتُ الخلقَ سراً في هواكَ  =     وأيـتـمـتُ الـعـيـالَ كي أراكَ  2=ولو قطعتني في الحب إرباً  =  لما حن الفؤادُ إلى سواكَ -= 3 تجاوز عن ضعيف قد أتاك = وجاء راجياً يرجو لقاكَ = 4 وإن يكُ يامُهمينُ قد عصاك =                 فـلـم يـسـجـد لـمـعـبـودٍ سـواك

 

انظر كيف يقول وكيف خرج من الملك ؟

كان يبيت في المساجد ، وكان عنده مال حلال يشتري الضروري ليأكل منه ومعظم أيامه صائم.

في إحدي الليالي أصرف في أكل الرومان ، فتكاسل عن قيام الليل وراحت عليه نومه ولم يقم الليل .

فلما الفجر أذن وعرف أن الرمان كان سبب تأخيره عن قيام الليل قال : “( اللهم إني أعدك لا أذوق الرمان ماحيت” لعل هذا بعض العقاب الذي أعمله في نفسي لعلك تغفر لي ).

 

كانوا (الصحابة والتابعين) يسموا السنن واجبات ، وليس مثلنا نقول هذه سنن اترك هذه وهذه وبذلك لا يوجد عندنا ستبن لكي يرقع  الله بها الفرائض يوم القيامة .

هو عاهد الله أن لايذوق الرومان. وسار في الحياة، وبعد مدة من الزمن بشهرين تقريباً وهو سائح في بلاد الله يتعظ من غيره ويعتبر بالآيات .

يري الفقير فيعتبر بفقره ويقول لو شآء الله لجعلني كذلك ويري الغني فيعتبر بغناه – ويرى آيات الله في المآء الجاري والمآء الراكد – والسمآء ونجومها ، والشمس وشعاعها ، والأرض وأقطارها ، والبحار وأمواجها ، والفصول وأزمانها ، وفيما غاب وحضر ، وفيما خفي واستتر.

وفي جلسة من هذه الجلسات نفسه قالت له أنا عايزه أكل رومان “( نفسي في الرمان) قال: (لقد عاهدت الله أن لا أذوق الرومان ) والنفس كالطفل.

ثم وجد إلحاح غريب لعله إمتحان من الله عز وجل .

يحاول إبراهيم أن يصرف نفسه عن الرومان بالصلاة أو بالقراءة في الكتب أو بالصيام أو بتلاوة في كتاب الله والنفس تقول : الرومان ، أريد الرومان.

وفي ليلة من الليالي قال إبراهيم وهو يناجي ربه “( اللهم إنك تعلم أني انصرفت عن الرومان شهرين – ثلاثة ، وها هي نفسي عوقتني عن العبادة وتريد الرومان، ربي اغفر وأرحم واعفوا عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم)”

فسار فوجد حديقة من الحدائق ، ورجل يسقي الزرع قال إبراهيم : أعطني فص رومان . قال الرجل: بدرهم فأعطاه إبراهيم الدرهم ، ففتحه إبراهيم ووجد الفص مدود قال له : ادفع فلوس وأكل رومان مدود قال الرجل : ده أول مرة والله يوجد في الحديقة رومان فيه دود . ثم أعطاه فص ثاني ففتحه إبراهيم وجده مسوس. قال للرجل : الفص مسوس ثم أعطاه فص ثالث . فوجده معطوب من الداخل .

 إبراهيم كان مبسوط في قلبه لعل الله لايريد أن يقع في نقض العهد .

قال الرجل : خذ الدرهم وامشي من هنا والله لو طلبت رومان مرة ثانية لأُكسرن رأسك أنت تخرب الحديقة كلها . ثم سار وقال لنفسه : شايفه المعصية أثارها إيه؟ شايفه نقض العهد . وبعدها قالت له نفسه :( أنا أريد الرومان)

قال إبراهيم : لما نجد حديقة أخرى . وهو ماشي في الطريق سمع همهمة – والطريق خالي ليس فيه غيطان ولا بيوت ، فوجد الهمهمة هذه في وسط أعشاب طلعة علي شاطئ النهر ، والتي نسميها النجيلة

قال : هل من أحد ؟ فعرج علي المكان فوجد رجلاً مازال فيه الروح ويديه ورجليه مقطوعين والدبابير الحمر تنهش في لحمه ولقد حُرم من وسائل الدفاع كلها .

فقال إبراهيم : لماذا أنت راقداً هكذا؟

قال الرجل: ياإبراهيم أرمي السلام قبل الكلام .

قال إبراهيم : ياهووو أنت عرفت أني إبراهيم وتقول لي أرمي السلام قبل الكلام.

قال الرجل: نعم  – قال إبراهيم : السلام عليكم.

قال الرجل : وعليكم السلام ياإبراهيم ورحمة الله وبركاته .

قال إبراهيم : من الذي عرفك أني إبراهيم ؟

قال الرجل : لايوجد داعي لذلك . أدخل في الموضوع علي طول.

قال إبراهيم: جالس تعمل ايه هنا؟

قال الرجل : أنا بأحمد ربنا .

 قال إبراهيم  : على أى شئ تحمده؟ لا يوجد بلاء إلا لما أعطاه لك .

 كل أنواع البلاء والمصائب ويديك ورجليك متقطعة ، والدبابر تقرض فيك ، نحن لا نطييق ولا نتحمل نملة أو ناموسة تقرضنا ، وأنت تحمد الله ؟

قال الرجل : نعم أحمد الله.

قال إبراهيم : علام تحمده ، وعلي أي شئ تحمده ؟

قال الرجل :( ياإبراهيم نهمش الدبابير في الأبدان وأهون عند الله من طاعة النفس في شهوة الرومان)”

بمعىى : مصيبتي أنا أخف منك ، الدبابير تقرض ، والثعابين تلدغ والحيات تقرض مش مهم أنا مصيبتي في دنياي ، أما أنت فمصيبتك في دينك (” ولاتجعل مصيبتنا في ديننا)”

قال إبراهيم : أنت عرفت حكاية الرمان ، وتركته وانصرف.

 

 

(والحمد لله رب العالمين)

اترك تعليقاً